في مشهد بديع من فيلم ديك فونتين الوثائقي المغمور »هل يتفضّل نورمان ميلر الحقيقي بالنهوض؟» (1968)، نجلس داخل حانة نراقب حشدًا يُشاهد نورمان ميلر في برنامج ميرف جريفين. يبدو اللقاء في الظاهر حول روايته الأخيرة »لماذا نحنُ في فيتنام؟»، لكن لأنّ الكتاب ليس عن فيتنام بالضبط؛ هكذا ميلر ليس في مُجرّد لقاء تلفزيوني. إذْ يُتيح جريفين للكاتب المُلاكم الفرصة أمام الكاميرا ليوجِّه الاتهامات هنا وهناك بشأن الحرب، في حين يُخاطب اللاعب الفطري الجمهور الحقيقي. لا يكترث زبائن الحانة بالحديث. كما نفعل تمامًا أثناء مشاهدة التلفاز إلا حين يفوز [فريق البيسبول شيكاجو] كابس في النهائيات، أو حين يُعلن الرئيس أنّ القصف قد بدأ. في النهاية، يتململ الحاضرون من غضب ميلر فيطفئ الساقي التلفاز. هكذا يُجبر مثقف أمريكا الشهير علي السكوت. يرتبط الفيلم علي نحوٍ ما بكتاب ميلر غير الروائي ،جيوش الليل، وهو نوع أدبي سبق له أن استخفّ به حين حاول خصمه اللدود في عالم المشاحنات والمراوغات الأدبيّة المتلفزة؛ ترومان كابوتي، الكتابة فيه. الكتاب يدور حول تجربة الاعتقال والمشاركة في مسيرة احتجاجيّة عام 1967 إلي البنتاجون، ومثل فيلم فونتين السّاخر وشبه الهزلي عن الشهرة والأصالة، لا يضطلع كتاب ميلر بمهمة التوثيق للحدث بقدر ما هو نكتة مُنحرفة عن مشاركته المزهوّة.لكن ما يشفع لجيوش الليل؛ علي الرغم مِما فيه من تحليلات كئيبة وغير ناضجة للخطيئة والنزعة العسكريّة الأمريكيتين تسطع بين الحين والآخر، هو رواياته الحيّة المصفاة التي لم يهتم فيهابالسرديات المعلّبة، من خلال حساسيّة ميلر التي مرّنها عبر سنوات من غضبه المستعر ضد الطغيان الّذي يزحف علي الحياة الأمريكيّة. من الأفضل قراءة الكتاب مع كتاب ميلر الأساسي الآخر، ميامي وحصار شيكاجو، الصادر ضمن مجموعة ميلر-آنا الجديدة من مكتبة أمريكا: نورمان ميلر: الستينيات. تتوالي عبارات الكتاب القوية، عبر ألف وأربعمائة صفحة في مجلدين؛ وهو حجم ضخم يُشبه متتالية تضم لقطات من لقاءات ميلر المتلفزة بعينيه الداكنتين اللمّاعتين وشعره المنكوش،كأنّها رصاصات الرصاصة تلو الأخري إلي أنّ ترفرف الراية البيضاء. لكنّ التحديد بعقد الستينيات لا يبدو مفيدًا علي نحو خاص؛ لأنّه يفرض إضافة روايتين أخريين لميلر؛ أكثر ضجيجًا وأقل حجمًا. قضي ميلر أغلب حياته في الكتابة بعد الحرب في محاولة لنيل الاعتراف به كروائي، رغم ذلك، لم تنجح أي من رواياته النجاح الّذي اشتهاه كما حدث لروايته الأولي الهامّة صالعاري والميتش. في حين كانت احلم أمريكيب 1965 رواية صاخبة آنذاك مُربكة الآن؛ وهي فوضي محمومة عن ستيفن روجاك بطل الحرب الّذي يتحوّل إلي أستاذ فلسفة وسياسي يعجز عن توريط نفسه في المتاعب- بكلمات أخري، شخص يقرأ بشكل هادف كأنّه تكبير لكل طباع ميلر (يجب ألا ننسي أنّه ترشّح آنذاك لمنصب العمدة أمام جيمي بريسلن.) لا يهدر روجاك وقتًا بعد أن يقتل زوجته، فيضاجع خادمتها ومطربة في ناد ليلي، ناهيك عن قتل عشيق المطربة وصداقته مع الشرطي الّذي يُحقق معه. ثمّة مفاجآت بالنسبة لأسلوب ميلر تتناثر هنا وهناك (اتشبّع الهواء بالكثافة الذكورية الفارغة المُحيطة بشبّاك الصرّافب). لكن عناصرها الشعبوية الهزلية تثير السخرية، كما أنّ بطلها المضاد الطنّان الّذي يتأمّل ميله المشؤوم لإسباغ مسحة رومانسية علي الغرباء العنيفين، يخلف مذاقًا لاذعًا. أمّا بالنسبة لروايته الأخري في المجموعة؛ »لماذا نحنُ في فيتنام؟» (1967)، فهذه المهزلة التي تحاكي بيكاريسك [ويليام] بوروز عن التبجّح الذكوري الأمريكي، تسعي إلي موضعة نفسها كتعقيب علي الحرب والجنس البشري، لكنّها تراوح مكانها بطريقة مضنية. أتفهّم سبب رغبة الجميع آنذاك في معرفة لماذا بدا الكتاب الّذي يشير إلي الحرب في كل عباراته بشكل مباشر، مثل بناء مضجر لمزحة غير مضحكة؛ يُشبه [رواية فيليب روث] »شكوي بورتنوي» دون خِفّة الظل. كان كتاب ميلر غير الروائي- دفعة مبكّرة مِما جُمع عام 1959 بكتاب »إعلانات لأجلي»- الّذي يترنّح تحت وطأة أفكار ربّما تتعدي طاقتهم علي التحمّل؛ وحافلة بالموت، ما لبّي له ولسمعته في نهاية المطاف ما لم ينجح محتوي رواياته الفاضح في تلبيته. نري ميلر في مفتتح »جيوش الليل» في أوج تقديره لألمعيته وتناقضاته. يعتبر نفسه شخصيّة في رواية- الروائي أو ميلر ببساطة- يسير بخطي مترددة نحو اجتماع تمهيدي للمسيرة في العاصمة واشنطن، ويثمل غير آبه مصدرًا تعليقات شريرة حول أدباء مسيرة السلام أمثال دوايت ماكدونالد وروبرت لويل. يتلو ذلك خطاب طويل بمسرح الأمباسادور يروي تفاصيله في الكتاب كنوع من فنّ الأداء اللفظي، في حين يبدو في فيلم فونتين مبتورًا وهراءً عنصريًّا بين الحين والآخر. سضحك حين قرأ القصة حمراء الحواف في التايم، والتي تدور حول أدائه المنفرد في مسرح الأمباسادور- ضحك لأنّه كان يعرف أنّها كانت تحفِّز قضيته. أي قضية قصد تحديدًا؟ في الحقيقة، هو لا يتعرّض للحرب نفسها علي الإطلاق. يتحوّل الكتاب؛ حين ينتزعه ميلر بعيدًا عن تأملات »ميلر» إلي عمل تكتيكي حول طريقة تشكّل وتبعثر وتجمّع المحتجين مرّة أخري في مسيرتهم إلي البنتاجون؛ البناء الّذي تجعل مساحته الكبيرة أي مواجهة أو محاولة لتطويقه ضربًا من المستحيلات. (ثمّة مفارقة هنا؛ إذ كان ميلر قد اشتكي منذ عدة سنوات من رواية جيمس جونز »الخطّ الأحمر الرفيع» والتي قورنت بروايته عن الحرب العالمية الثانية في المحيط الهاديء؛ »العاري والميت»، قائلًا عنها أنّها: مفرطة التقنية؛ »إذ يحتاج القاريء إلي عشرات الخرائط الطوبوغرافية لتعقّب الأحداث.») في تاريخ ميلر الشّخصي جِدًّا، ما من زخم يدل علي جسارة كبيرة. بل مشاجرات فوضويّة تتزاحم فيها دفعات من الشباب والمثقفين الطائشين، إلي جانب كتيبة الناشطين الحقيقيين شديدي الصرامة، لتنفيذ مهمّة قبيحة ومسالمة دون أدني فكرة عن طبيعة النصر المُنتظر. هذا ما يفعله ميلر بالضبط حين يُحلل »الحدث الملتبس» من مسافة تكفي لنزع سمة الرومانسية عنه. ثمّ تتخلل التحليل ملاحظة حزينة حين يقتلع عينيه عن نفسه، ملؤه القلق من فظاعة احتمال أن تكون العدمية هي الردّ الوحيد علي التوتاليتارية. ويستعرض الموقف كلّه كأنّه رجل تكتيكات عسكرية يتفحّص كتابًا متربًا عن المعارك: »سرعان ما تجمّعوا، وسرعان ما أجهزوا بالهجوم.» تبرز الاستراتيجيات واضحة للعيان أيضًا في كتابه »ميامي وحصار شيكاجو» وهو كتاب أكثر تكثيفًا وغضبًا من كتاب الجيوش؛ حيثُ يصادف ميلر في هيئة أنحف. يواصل ميلر، وقد ترك خلفه بعض تلك الدمي التي أصابت كتابه الأول بالفوضي، الكتابة عن نفس الموضوع دون أن يتخلّي عن صوته العالي من خلال سرد في لقاءين عن أمّة محكوم عليها بالفشل فيما يبدو: اللقاء الأول أثناء مؤتمر الحزب الجمهوري بميامي أوائل أغسطس عام 1968، والثاني أثناء مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاجو بالشهر نفسه. صوت ميلر مبالغ فيه لكنه غير مازح؛ كأنّه بلغ النهاية عقب اغتيال بوب كينيدي قبل شهرين: »مثل شظايا من لحم تناثرت نتيجة انفجار القنبلة، هكذا ترددت أصداء رعب اغتيال كينيدي في كل مكان.» »نيكسون في ميامي» نصّ كلاسيكي من الصحافة الجديدة؛ نصّ شائك مفعم بالاستعارات ومثقل باللغة المترفة السوداء (ذكريات تلك الغابة الغاضبة التي تتلبّس شاطيء ميامي في جو خانق.) يولِّد السخرية بكمّ هائل فيما يتسكّع ميلر حول ركن القراصنة البلاستيكيين، يسيل منه العرق في حُلّة المراسل الصحافي وهو ينقل كافّة تفاصيل المنافسة بين ريتشارد نيكسون العنيف وهاديء البال البارع نيلسون روكفلر، في انتخابات كان يُنظر إلي نتيجتها علي أنّها تحصيل حاصل: »ما لم يكن المرء يعرف السياسي جيدًا... فلا فائدة من إجراء لقاء صحافي معه.» من ناحية، يستهدف ميلر السخرية من موسيقيين سود يعزفون لحشد من البيض، ويُطلق عليهم اسم [نهر] جانج حقيقي للعم طومز. هذه العنصرية تتشابه مع الكثير من اللحظات الأخري في هذه المجموعة من الكُتب. تأمّل ملاحظاته في كتابه جيوش عن السود المشاركين في المسيرة مِمّن يعتقد أنّهم ينأون بأنفسهم: »فريق أسود ينجرف في تزاحم أورينتالي من الرموز السريّة.»، أو بعد أن أُلقي القبض عليه، يري »مُلوّن مُخادع يحمل سمات حيوان برّي شرير ربّما ينقض علي طرف المعسكر.» وكما في »جيوش الليل»، بالتباس تكتيكاته وأهدافه، يصل ميلر في بداية حصار شيكاجو إلي بلدة كمعارض لمؤيدي الحرب من الهيبيين الفاشيين، لكنه يستغرق بعض الوقت قبل أن يصطف وراء المحتجين. يغالي ميلر في رسم صورة لنفسه كحفيد فريد مزعوم من نسل »يساري مُحافظ»؛ من خلال التنقيب في أساليبه القديمة العاشقة للذات، كأنّ لا وجود لملايين من الأمريكيين مِمّن كانوا يكرهون الحرب والمواقف الرجعية لداعميها، ورغم ذلك لا يزالون يرفضون القيام بشيء حيال نرجسية الشبيبة الدوليّة اليوتوبيّة رثّة الثياب وبني جلدتهم. لكنّ المُحارب القديم الّذي تساءل في البداية عمّ إذا كان هؤلاء الأطفال غريبو الأطوار غير المهذبين حلفاء علي نحوٍ ما مع مَن تمنّي قتالهم، يتحوّل حين يشهد»كابوس» شغب الشرطة في جادّة ميتشجان، ويري تماسك المحتجين المُصابين الّذين واجهوا الاعتداءات: »كان بعضهم يتحوّل من طلاب جامعيين إلي ثوّار.» يطرح ميلر نفسه كمثقّف فاعل قد يصادف قضية مشتركة مع دعاة اضطراب سياسي دون أن يتورّط معهم. بعض هذه السجايا هي تعبير عن استياء مثير للشفقة لرجل في منتصف العمر(كان في أربعينياته أثناء مشاركته في مسيرة البنتاجون؛ إذ ولد عام 1923). كما أنّ جزءًا من تلك الصورة المُركّبة هو بقايا من ذلك التجرّد الّذي حاول تعريفه في كتابه »الزنجي الأبيض» (1957). لكن خلال الستينيات تغيّرت بعض الأمور؛ إذْ كان ميلر قد قرر التخلّي عن المخدرات، وزاد احتقاره للمؤسسة الليبرالية لا سيما بعد وصولها للسلطة خلال إدراتي كينيدي وجونسون. زاد عدد مرّات الطلاق والأطفال ومعها الفواتير، واستمرّت الصحافة المدفوعة في ضخّ الدولارات أكثر من الكتابات المنشقة أو الروايات التي لم تحقق النجاح الّذي كان يصبو إليه. هكذا واصل الظهور في التلفاز لتحريك الماء الراكد والحفاظ علي تواجده، كما تابع العمل في المقالات التي تشغل المجلّد الثاني من هذه المجموعة. كما في أي مجموعة كتب لميلر، فإنّ هذه الدفعة هي في جزء منها حكمة مبتسرة، أمّا الجزء الآخر فثرثرة. البعض منها يحتوي الأمرين بغزارة؛ ف »عشرة آلاف كلمة في دقيقة» المُفترض أنّها عن مباراة الملاكمة من الوزن الثقيل بين باترسون وليستون عام 1963 في شيكاجو، تضمّ مادة ممتازة عن المباراة نفسها وقصيدة غنائية نصف هزلية عن المراسلين الرياضيين رثّي المظهر الّذين ينقرون بشكل محموم علي آلاتهم الكاتبة، وجميعها مشغول في مناجاة عن الزنوج والأمّة وأيّما شيء آخر مرّ برأس ميلر المرهق آنئذ. أحيانًا يصبّ تركيزه علي شخص بعينه وتكون النتيجة غير جيدة علي الإطلاق، كما نري في أمسية مع جاكي كينيدي والتي تضم أكثر العبارات حماقة: »بعد ذلك قد يتساءل المرء عمّ أراده منها، وكانت الإجابة أنّها تقدِّم نفسها لنا علي طبيعتها.» لكنّه آنئذ كان يكتب عن امرأة، والنساء كُنّ يُحيّرن ميلر. خُذ مثلًا مقال »قضية مكارثي»، وهو نصّ أخرق طويل كان يُفترض أن يكون مراجعة لكتاب ماري مكارثي »المجموعة». لم يحقق الكتاب أعلي مبيعات فحسب؛ الشيء الّذي أغضب ميلر، بل كتبته امرأة عن نساء، وهو ما أحنقه أيّما حنق.مقال ميلر عبارة عن مُحاكمة مترهلة تعلن بغي الكاتب، يدور فيه كطاحونة هواء محمومة، وحتّي حين يعترف ببراعة الكاتبة يستشيط غضبًا ويتعطّف علي هذه السيدة التي تجرؤ علي تسلّق جبل أولمب الكتّاب الذكور، ويخاطبهاب البلهاء وماري (لم يناد بوروز بوليام قطّ)، متصوّرًا أنّها صاحبة »محل ثياب صغير علي الشارع الرئيس»، وينتهي إلي أنّها »ليست جيدة بما يكفي لكتابة رواية عظيمة». في حين كان هو رجلًا جيدًا بما يكفي لطعن زوجته الثانية آديلي بمدية قبل ثلاث سنوات من كتابة هذا المقال. ويُقال أنّها ردّتعليه بقولها أنّه ليس ببراعة دوستوفيسكي. ناهيك عن كراهيته الشديدة للنساء، تمتليء نصوص ميلر بمقارعات أدبية من النوع الّذي لم يعد القاريء يصادفها أبدًا. فخلال هجومه العنيف علي [رواية جيمس بالدوين] بلاد أخري يُعبّر عن امتنان رائع وبارع للكاتب قائلًا أنّه: »ما من كاتب أكثر أناقة من بالدوين ككاتب مقالات، كما أنّ لا أحد مِنّا تعلّم منه شيئًا عن هذا الفنّ.»، قبل أن يُدير مديته مرّة أخري للتسلية لا أكثر: »رغم ذلك، يعجز حتّي عن توفير نثر جيد يكتب به روايته». من المفيد كذلك، في وقت كان الاستحسان يُصبّ صبًّا علي ج. د. سالينجر، أن نقرأ هذا التقييم الصحيح والرافض: »لا شيء في صفاني وزويش يُمكنه منع الكتاب من التحوّل إلي مسلسل تلفزيوني من الطراز الأول.» ليست الاستطرادات متفشيّة، كما هي العادة، بل هي جزء من الجاذبية. ففي منتصف مناظرة مع ويليام بوكلي يجد ميلر الوقت للقيام برحلة إلي آفة القرن. كانت العمارة منذُ خمس وعشرين عامًا، علي سبيل المثال، تستطيع أن تُخبرنا شيئًا عن مبني ما وعمّا يجري فيه. اليوم، من يقدر علي التمييز بين مدرسة ومستشفي حديثتين، أو بين مستشفي وسجن، أو بين سجن ومشروع إسكاني؟ تبدو المطارات كأنّها فنادق فاخرة؛ فنادق فاخرة يستحيل تفرقتها عن مكتب رئيس لشركة ما؛ إذْ تُشبه مدينة مُكيّفة الهواء في قلب نفق علي سطح القمر. مرّة أخري، ماذا كان يقصد؟ هل كان شيئًا ما عن الاستلاب واليمين وانفصالنا عن الواقع والمسؤولية خلال جنون ما بعد الحرب. لا يهمّ- ذلك أنّه كان علي صواب دائمًا حتّي وإن لم تكن لديه أي فكرة علي الإطلاق عن فنّ العمارة. كان ميلر وكتاباته ضرورة بالنسبة لعصره؛ لأنّه صرّح بذلك. فيما بعد، مع تحوّل المثقف الجماهيري إلي الروايات الغازية (شبح هارلوت، وأمسيات عتيقة) وانسحابه من الاشتباك المستمر الّذي كان تستلزمه الكتابة غير الروائيّة، لم تعد الأمور كما كانت. لكنّه خلال الستينيات، غرس نفسه في الشوارع وفي الصفحات حيثُ كانت تندلع المعارك؛ فكتب ما رأي، وأعلن موقفه. عن: ذا ميليونز