الفيلم الياباني الحائز على السعفة الذهبية أسدل الستار علي الدورة ال71 من مهرجان »كان» السينمائي لعام 2018، وطويت فعالياته ونشاطاته، وكالعادة أجاد المشاهير لعبة خطف الأنظار بإطلالاتهم، وإثارة المواقف الجريئة المثيرة للجدل. منذ سبتمبر 1939، يستضيف هذا المهرجان شخصيات من عالم الفن، وأهم ما يميز »كان» هو الريد كاربت، التي أصبحت رمزية ثقافية واجتماعية مع الوقت، ودائما شهدت جنون نجمات هوليوود، وكانت آخرهن وقبل الختام الممثلة الأمريكية الشابة، كريستن ستيوارت التي كسرت قواعد وبروتوكول المهرجان وسارت حافية القدمين. في حفل قدمه الممثل إدوار باير. وعرض خلاله فيلم الاختتام »الرجل الذي قتل دون كيشوت» للبريطاني تيري جيليام، فاز الياباني هريكازو كوري إيدا بالسعفة الذهبية للدورة 71 للمهرجان عن فيلم »مسألة عائلية». في »مسألة عائلية»، تعترض طريق أوسامو وابنه طفلة مهملة في الشارع. بعد تردد في تبنيها، تقبل زوجة أوسامو التكفل برعاية البنت لا سيما حين تدرك أن الصغيرة كانت تتعرض للعنف داخل عائلتها. عائلة أوسامو تنتمي للطبقة الفقيرة، ولأن معاشاتهم ضعيفة، يعتمد أفرادها علي عمليات سرقة واحتيال صغيرة لتوفير حاجياتهم. رغم الفقر، تبدو العائلة سعيدة لكن حادثة تفجر أسرارها الرهيبة.وقال كوري إيدا عند تسلمه الجائزة »السينما مكان مليء بالشجاعة ففيه يمكن للعوالم المتنازعة أن تلتقي». وقرر المهرجان منح سعفة ذهبية خاصة للسويسري الفرنسي جان لوك جودار تكريما لمسيرته المهنية. وشارك جودار في المسابقة الرسمية بفيلم »كتاب الصورة» وهو عمل تجريبي غامض لكن يتضمن في طياته رسالة. أما الأمريكي سبايك لي الذي عاد إلي المهرجان بعد عشرين عاما من الغياب بفيلم »بلاك ككلانسمان» الذي فاز بالجائزة الكبري، ثاني أكبر جوائز المهرجان. ويسرد الفيلم قصة (مستوحاة من الواقع) رون ستالورث أول شرطي أسود ينجح في نهاية سبعينيات القرن العشرين في الانضمام إلي شرطة كولورادو. سريعا ما ينطلق الشاب في مهمة مخابراتية تتمثل في اختراق منظمة »كو كلوكس كلان»! تؤمن هذه المنظمة التي تعمل فروعها حتي اليوم، بتفوق العرق الأبيض ومعاداة السامية وكراهية السود. وفي الفيلم معاني انتقاد لاذع ومباشر لسياسة الرئيس دونالد ترامب، ومواد وثائقية تحيل علي أحداث »شارلوتسفيل». اللبنانية نادين لبكي الملقبة بطفلة »كان» المدللة تحرز جائزة لجنة التحكيم بعد 27 عاما علي فوز زميلها المخرج اللبناني مارون بغدادي بها، فازت نادين عن فيلم »كفر ناحوم» بجائزة لجنة التحكيم، وهو أول عمل لبناني منذ 27 عاما نافس علي السعفة الذهبية، بعد مشاركة الراحل مارون بغدادي عام 1991. وقالت لبكي عند تسلم الجائزة »السينما ليست فقط للترفيه وللحلم بل للمساعدة والتفكير». والطفولة المهمشة، واللاجئون السوريون، وعاملات المنازل من إثيوبيا والفلبين المهضومة حقوقهن، وزواج القاصرات كل هذه المواضيع جمعت في الفيلم فكان حقا »كفر ناحوم» بمعني فوضي عارمة. وتابعت لبكي »الطفولة المهمشة هي سبب الشر الذي يسود العالم». أيضا فازت الإيطالية أليس روهفاشر، وهي أيضا إحدي النساء الثلاثة المشاركات في المسابقة الرسمية نحو السعفة الذهبية، إلي جانب نادين لبكي والفرنسية إيفا هوسون ، بجائزة أفضل سيناريو عن فيلم »سعيد مثل لازارو» بالتساوي مع الإيراني جعفر بناهي عن فيلم »ثلاثة وجوه». وفاز بجائزة أفضل إخراج البولندي بافل بافليكوفسكي عن فيلم »حرب باردة». وكان المخرج قد فاز بأوسكار عام 2014 عن فيلم »إيدا». عاد بافليكوفسكي ليصور بالأبيض والأسود، معلما بارعا في تركيب شكل كلاسيكي يعد درسا في السينما. طغي علي »حرب باردة» لون رمادي من خمسينيات القرن العشرين، ولون الأحزان العاطفية، فالقصة تتناول حبا مستحيلا. وفازت الممثلة سامال يسلياموفا وهي من كازاخستان بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم »أيكا» للمخرج الروسي سيرغي دفورتسيفوي. وتلعب دور أيكا وهي عاملة فقيرة من قرغيزستان تضطر إلي العمل في موسكو لتسديد ديونها وتضطر للتخلي عن مولودها حتي لا تخسر عملها. أما جائزة أفضل ممثل فكانت من نصيب الإيطالي مارسيلو فونتي، الذي تقمص دور »مصفف شعر الكلاب» في فيلم مواطنه ماتيو غارون الذي يحمل نفس العنوان. مارسيلو رجل طيب يحبه الجميع، يرفق بالحيوانات التي يعتني بها في محله الصغير. يخرج المجرم سيموني، صديق مارسيلو، من السجن ليبث من جديد الرعب في الحي ويجره ليورطه معه في عمليات سرقة. مارسيلو فونتي تميز بأداء مرموق لشخصية انزلقت في دوامة عنف المافيا وولدت داخلها غريزة الانتقام. وسلط المهرجان الضوء هذا العام علي النساء والمساواة بين الجنسين وترأست الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت لجنة التحكيم والتي نم قرار اختيارها عن عزم إدارة المهرجان علي دعم جهود مكافحة التحرش الجنسي منذ تفجر فضيحة هارفي واينستين التي هزت قطاع السينما. هكذا شاركت ثلاثة نساء هذا العام في السباق نحو السعفة، وهن الفرنسية »إيفا هوسون» بفيلمها »بنات الشمس»، واللبنانية نادين لبكي بفيلم »كفر ناحوم» والإيطالية اليس روهفاشر بفيلم »سعيد مثل لازارو». خلال أيام المهرجان أثارت الممثلة الأمريكية الشابة، كريستن ستيوارت، جدلا علي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مخالفتها لقواعد مهرجان »كان» السينمائي الدولي.والتقطت عدسات المصورين صورا لستيورات (28 عاما) بطلة سلسلة أفلام »توايلايت» الشهيرة، وهي تخلع حذاءها ذا الكعب العالي، علي السجادة الحمراء في المهرجان، أثناء حضورها العرض الخاص لفيلم BlacKkKlansman» واشتهر مهرجان »كان» علي مدار سنواته الأخيرة، بإلزام الممثلات بارتداء الزي العالي، وهو ما جعل مجموعة من النساء الثائرات في عام 2015، بالتعبير عن غضبهن من هذه السياسة، لرغبتهن في ارتداء الأحذية المسطحة والمريحة لهن، وفقا لصحيفة »ذا جارديان» البريطانية.