مريض: الطبيب يجبرني علي دفع مبالغ كبيرة للمراكز الخاصة تسود حالة من السخط بين العديد من المواطنين بسب متاجرة بعض الأطباء بآلام البسطاء.. حيث يتعرض كثيرون من المرضي داخل المستشفيات الحكومية والجامعية إلي الابتزاز والمتاجرة بآلامهم من قبل أطباء يوجهونهم إلي عياداتهم الخاصة أو لمراكز طبية -خارج المستشفي- لعمل أشعة وتحاليل معينة بتكلفة مالية باهظة، فرغم أن غالبية المرضي من الفقراء ومحدودي الدخل إلا أن أولئك الأطباء يلزمونهم بدفع أموال يدخل جزء منها إلي جيوبهم الخاصة، مستغلين عملهم في المستشفيات العامة. »أخبار اليوم» قامت بجولة علي عدد من المستشفيات الحكومية والجامعية، واتخذت من القصر العيني نموذجا كونه أكبر هذه المستشفيات التي يلجأ إليها البسطاء. عن كم الألم والمعاناة، تحدث أشرف عبد الله -أحد المرضي- وتغلبه دموع القهر، مستغيثا بمن ينجده، بعدما أجهده طبيب الأوعية الدموية في مستشفي القصر العيني، لإجباره علي دفع 1200 جنيه لأحد مراكز الآشعة الخارجية، رغم أنه يعاني من أمراض كثيرة، وليس لديه مصدر دخل ثابت ينفق منه علي معيشته أو علاجه، وجاء إلي المستشفي باحثا عن تكلفة أقل للعلاج. وأوضح أشرف، أن لديه مشكلة كبيرة تتعلق بالأوعية الدموية في ساقه، وتوجه إلي مستشفي القصر العيني ومعه أشعة وتحاليل عملها منذ وقت قريب، وهناك طالبه الطبيب بعمل نفس الآشعة -التي أحضرها معه- في مركز بعينه خارج المستشفي كلفته 550 جنيها، وعندما جاء بالأشعة إلي الطبيب طالبه بعمل استكمال آخر في نفس المركز، وهذه المرة طلب منه مركز الأشعة 650 جنيها، ولم يكن معه هذا المبلغ فذهب يستفسر من مركز أشعة آخر فوجد التكلفة 240 جنيها فقط، ورغم أن المركز الآخر أحدث بكثير من الذي وجه إليه الطبيب ولديه نفس الأجهزة، إلا أن الطبيب نهره وقال إنه لا يعترف بهذه الأشعة وأنه يجب عليه إعادتها في المكان الذي حدده له.. وأضاف أشرف، أنه يتردد علي طبيب القصر العيني منذ شهر ونصف الشهر دون أي استفادة، وخلال هذه المدة تضاعفت آلام أخري في الخصية تتطلب عمليه جراحية سريعة، فقرر الانتهاء من العملية ومن ثم القيام بالبحث عن مكان آخر يستكمل فيه علاج الأوعية الدموية لأن أطباء القصر العيني لا يعترفون إلا بآشعة المركز الذي يوجهون له الكثير من حالاتهم، مؤكد أن هناك تربحا ماديا يعود عليهم، خاصة أن إحدي الحالات أخبرته بأن مدير المركز صديق لأحدهم. من جهة أخري، تقول محاسن علي -موظفة-، إنها شعرت بوجع شديد بأسنانها فقررت الذهاب إلي أحدي المستشفيات الحكومية لرخص ثمن الكشف بها عن العيادات الخاصة، لكنها فوجئت بقول طبيب الأسنان -بعد أن قام بالكشف عليها- إنه من الأفضل أن تذهب لعيادته الخاصة حتي يستطيع أن يعالجها بشكل أفضل، متحججا بأن عيادته مجهزة أكثر وأحدث من المستشفي، وبالفعل حدد لها موعدا وذهبت للعيادة، وهناك صدمت بثمن الكشف الذي يجب عليها دفعه، كما صدمت مرة ثانية بعد أن قام الطبيب بالكشف عليها وأخبرها بأنها تحتاج إلي خلع ضرس وحشو آخرين وهو ما سيتطلب منها زيارة العيادة أكثر من مرة وبالتالي دفع أضعاف ما كانت ستدفعه في المستشفي الحكومي. ويروي خيرالله أحمد -عامل باليومية- أنه شعر بانتفاخ في بطنه فذهب إلي أحد المستشفيات الحكومية وبعد قيامه بالحجز في عياده الباطنة وانتظاره اكثر من ثلاث ساعات، كشف عليه الطبيب وطلب منه عمل »سونار» علي البطن في مركز آشعة وتحاليل محدد -خارج المستشفي-، وعندما ذهب وسأل عن تكلفة السونار في هذا المركز وجد أنها 300 جنيه، فقرر الذهاب لمركز آخر يكلف فيه السونار 100 جنيه فقط، إلا أنه عندما عاد للمستشفي رفض الطبيب النظر إلي الآشعة، وقال إنه لن ينظر للسونار إلا اذا كان من المركز الذي دله عليه. ومن جانبه أكد د. محمد عز العرب، المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء، أن »بزنس» الأطباء مع مراكز الأشعة واستغلالهم لمواقعهم في المستشفيات الحكومية لصالح عياداتهم الخاصة أصبح ظاهرة سيئة، يجب أن تحاربها الجهات الرقابية بكافة السبل، قائلا: ما يحدث يخالف القانون واللوائح العامة المنظمة للعمل، إذ لا يجوز استغلال مكان العمل الرسمي في التربح أو لمصالح شخصية، ولكن للأسف الشديد هذه الظاهرة لا يمكن أن نحكمها بشكل كامل دون وعي المرضي، مشيرا إلي أن وعي المواطنين هو الحل الأمثل لمحاربة الفساد، لأنه إذا حدث توجيه من الطبيب لمكان محدد فهذا يعني أن هناك علاقة ربحية مع هذا المكان، بالإضافة إلي ضرورة أن تقوم الدولة بدور أكثر فاعلية لضبط الخارجين ومراجعة الجودة، والرقابة الدورية علي مراكز التحاليل والآشعة.