الله سبحانه وتعالي يريد أن يطمئن عباده أنهم إذا أصابهم ظلم في الدنيا، فإن هناك يوما لا ظلم فيه، وهذا اليوم الأمر فيه لله وحده بدون أسباب، فكل إنسان لو لم يدركه العدل والقصاص في الدنيا فإن الآخرة تنتظره. ويوم الدين موجود في علم الله سبحانه وتعالي. بأحداثه كلها بجنته وناره.. وكل الخلق الذين سيحاسبون فيه.. وعندما يريد ان يكون ذلك اليوم ويخرج من علمه جل جلاله إلي علم خلقه.. سواء كانوا من الملائكة او من البشر أو الجان يقول: كن.. فالله وحده هو خالق هذا اليوم.. وهو وحده الذي يحدد كل أبعاده.. واليوم نحن نحدده ظاهرا بأنه اربع وعشرون ساعة.. ونحدده بأنه الليل والنهار.. ولكن الحقيقة أن الليل والنهار موجودان دائما علي الارض.. فعندما تتحرك الارض، كل حركة هي نهاية نهار في منطقة وبداية نهار في منطقة اخري.. وبداية ليل في منطقة ونهاية ليل في منطقة اخري.. ولذلك في كل لحظة ينتهي يوم ويبدأ يوم.. وهكذا فإن الكرة الارضية لو أخذتها بنظرة شاملة لا ينتهي عليها نهار أبدا.. ولا ينتهي عنها ليل أبدا.. إذن فاليوم نسبي بالنسبة لكل بقعة في الارض.. ولكنه في الحقيقة دائم الوجود علي كل الكرة الارضية. والله سبحانه وتعالي يريد أن يطمئن عباده.. أنهم إذا أصابهم ظلم في الدنيا.. فإن هناك يوماً لا ظلم فيه.. وهذا اليوم الامر فيه لله وحده بدون أسباب.. فكل انسان لو لم يدركه العدل والقصاص في الدنيا فإن الآخرة تنتظره.. والذي اتبع منهج الله وقيد حركته في الحياة يخبره الله سبحانه وتعالي ان هناك يوماً سيأخذ فيه أجره.. وعظمة الآخرة أنها تعطيك الجنة.. وهي نعيم لا يفوتك ولا تفوته. ولقد دخل أحد الأشخاص علي رجل من الصالحين.. وقال له: أريد أن أعرف.. أأنا من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة؟.. فقال له الرجل الصالح.. ان الله أرحم بعباده، فلم يجعل موازينهم في أيدي أمثالهم.. فميزان كل انسان في يد نفسه.. لماذا؟.. لأنك تستطيع أن تغش الناس ولكنك لا تغش نفسك.. ميزانك في يديك.. تستطيع أن تعرف أأنت من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة. قال الرجل كيف ذلك؟ فرد العبد الصالح: اذا دخل عليك من يعطيك مالا.. ودخل عليك من يأخذ منك صدقة.. فبأيهما تفرح؟.. فسكت الرجل.. فقال العبد الصالح: اذا كنت تفرح بمن يعطيك مالا فأنت من اهل الدنيا.. واذا كنت تفرح بمن يأخذ منك صدقة فأنت من أهل الآخرة.. فإن الانسان يفرح بمن يقدم له ما يحبه.. فالذي يعطيني مالا يعطيني الدنيا.. والذي يأخذ مني صدقة يعطيني الآخرة. قول الحق سبحانه وتعالي: »مالك يَوْمِ الدين».. هي قضية ضخمة من قضايا العقائد.. لأنها تعطينا أن البداية من الله، والنهاية إلي الله جل جلاله.. وبما أننا جميعا سنلقي الله، فلابد أن نعمل لهذا اليوم.. ولذلك فإن المؤمن لا يفعل شيئا في حياته إلا وفي باله الله.. وأنه سيحاسبه يوم القيامة.. ولكن غير المؤمن يفعل ما يفعل وليس في باله الله.. وعن هؤلاء يقول الحق سبحانه: »والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَآءً حتي إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ والله سَرِيعُ الحساب» »النور: 39». وهكذا من يفعل شيئا وليس في باله الله.. فسيفاجأ يوم القيامة بأن الله تبارك وتعالي الذي لم يكن في باله موجود وانه جل جلاله هو الذي سيحاسبه. وقوله تعالي: »مالك يَوْمِ الدين» »4« هي أساس الدين.. لأن الذي لا يؤمن بالآخرة يفعل ما يشاء.. فمادام يعتقد انه ليس هناك آخره وليس هناك حساب.. فمم يخاف؟.. ومن أجل مَنْ يقيد حركته في الحياة. ان الدين كله بكل طاعاته وكل منهجه قائم علي أن هناك حسابا في الآخرة.. وأن هناك يوما نقف فيه جميعا أمام الله سبحانه وتعالي.