لا يولد العنف في أي مجتمع من فراغ فهو لا يهبط من السماء أو تنشق عنه الأرض ولكنه كأي شيء تغرس له بذور فينمو ويترعرع والبذور دائما تكون بالغرس في تربة الوطن، وهم النشء الذين ينمون وهم يسقون إما بماء صالح عذب وإما بماء فاسد ضار، ومن هنا يلقي علي عاتق كل المؤسسات المسئولة عن تربية النشء وتعليمهم مسئولية جسيمة فيما تقدمه لهم من فكر ليس فقط في المناهج التعليمية ووسائل التربية والتوجيه ولكن أيضا في الانشطة الترفيهية علي اختلاف انواعها وهذه المؤسسات تبدأ بالاسرة وتنتهي بالمدرسة والاعلام والثقافة بصفة عامة. أقول هذا بسبب بعض الممارسات العجيبة والشاذة التي بدأت تظهر في المجتمع مؤخرا في الافراح والاحتفالات خاصة الشعبي منها وهي عبارة عن مشاهد تمثيلية يقوم فيها البعض بتمثيل ذبح العنق وقطع الايدي وتساقط الدماء بحجة أنها فقرات سحرية ترفيهية، والطامة الكبري هي خروج هذه الممارسات العنيفة من جدران الافراح الشعبية ودخولها ساحات المدارس وهذا ما حدث في الاحتفال بيوم اليتيم في مدرسة المعصرة الابتدائية المشتركة بمركز بلقاس في محافظة الدقهلية والمضحك المبكي ان هذه الممارسات حدثت علي موسيقي أغنية »يا حبيبتي يا مصر» !! الأمر الذي دعا النائبة آمال رزق الله عضو مجلس النواب إلي تقديم طلب إحاطة حول ما وصفته بالمشاهد الكارثية التي تشكل خطراً كبيراً علي الاطفال وفق مناهج علم النفس فتلك المرحلة العمرية لهؤلاء الاطفال تسمي مرحلة المراهقة وفيها يقوم الاطفال بتقليد كل ما يروق لهم. إن مواجهة العنف والإرهاب لا يمكن ان تكون مواجهة أمنية فقط وإلا سيصبح الأمر كمن يحرث في البحر، لأن المواجهة الحقيقية تستلزم تعاون منظومة التربية والتعليم والثقافة والاعلام كلها مع الأمن، لا يعمل أحدهما بمعزل عن الآخرين فلا يعقل ان ينشر الاعلام يوميا نجاحات الأمن في مواجهة الإرهاب ومدي خطورة الفكر الداعشي ثم تحتفي مدرسة من المدارس بهذا الفكر في مشاهد تمثيلية أمام الاطفال فأي تناقض هذا الذي نوقع فيه أبناءنا وهل نعيش في جزر منعزلة، الأمن في جزيرة والتعليم في جزيرة والثقافة والدعاة في جزيرة. أرجوكم لا تحرثوا في البحر.