ارتفاع الدولار الأمريكي اليوم الاثنين 15-9-2035.. وتأرجح بقية العملات الأجنبية عالميًا    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. أعلى شهادة في البنوك حاليًا    أسعار الأسماك والخضروات واللحوم اليوم 15 سبتمبر    الاستعلام عن الأسماء الجدد في تكافل وكرامة 2025    كوريا الشمالية ترفض مطالب الولايات المتحدة بنزع أسلحتها النووية    عمرو أديب: الأهلي في مرحلة صعبة ويحتاج تغييرات شاملة    «بيفكر في بيزيرا».. رضا عبدالعال يهاجم زيزو    مقابل 120 مليون دولار.. المبعوث الأمريكي الخاص يبيع حصته في شركته العقارية    تفاصيل جديدة عن حياة المتهم بقتل الناشط تشارلي كيرك.. ما هي؟    استشهاد شخص وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان    "هناك أمر غير مفهوم".. تعليق قوي من نجم الأهلي السابق على تعادل الفريق أمام إنبي    25 صورة للفائزين في حفل توزيع جوائز إيمي 2025    نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية 2025 دبلوم تجارة نظام 3 سنوات،97.67% للتجارة و96.9% للسياحة والفنادق    قضي الأمر.. وزير العمل: لا يوجد فصل تعسفي بعد تطبيق القانون الجديد (فيديو)    خلال ساعات.. نتيجة تنسيق رياض الأطفال المرحلة الثانية في القاهرة 20262025 (رابط الاستعلام الرسمي)    بيان هام من جامعة الأزهر حول البرامج المميزة.. مؤشرات تنسيق 2025 علمي وأدبي بنين وبنات (رابط)    حمزة نمرة: أغنية «شمس وهوا» دمها خفيف وحققت نجاحًا كبيرًا    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    «زي النهارده».. توصل ألكسندر فلمنج لعقار البنسلين في 15 سبتمبر 1928    طريقة عصير الرمان.. الرحلة من اختيار الثمرة لمشروب منعش    ترامب يعتزم حضور مراسم تشييع تشارلي كيرك    ساعر يهاجم رئيس الوزراء الإسباني بسبب دعمه للتظاهرات المؤيدة لفلسطين    آمال ماهر: تشبيهي بأم كلثوم حمل ثقيل لكنه جميل    فايا يونان تتألق في أحدث ظهور لها من إيطاليا    قائد منتخب مصر لكرة القدم للساق الواحدة يكشف كيف حول الابتلاء إلى قصة نجاح    النيابة الإدارية تحيل مراقب وزارة المالية بأحد مستشفيات القليوبية وآخرين للتأديبية    العراق والسعودية يطيحان باثنين من كبار تجار المخدرات الدوليين    استئناف محاكمة عنصر إخواني بتهمة التجمهر في عين شمس| اليوم    توقعات الأبراج اليوم الاثنين 15-9-2025.. حظك اليوم برج السرطان: أمامك فرص لتحسين وضعك المالي    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 15 سبتمبر    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025    القانون يضع شروط لترقية الموظف في قانون التعليم.. تعرف عليها    ترامب: فنزويلا تُرسل لنا مخدرات وعصابات وهذا غير مقبول    ميج ستالتر تظهر ببنطال جينز على السجادة الحمراء لحفل إيمي (فيديو)    "عم عموم الناس".. عصام الحضري يرد على إشادة محمد أبو تريكة به    أشخاص يحق لهم إدخال المريض النفسي المصحة إلزاميًا.. تعرف عليهم    عاجل- أنصار الله تعلن تنفيذ هجوم نوعي ب4 مسيرات استهدفت مطار رامون    السيطرة على حريق داخل دار رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة بأكتوبر دون إصابات    الشاشة وقوة البطارية والإمكانات.. مقارنة بين «آيفون 17 برو ماكس» و«سامسونج جالاكسي S25 ألترا»    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية تاريخية في الدورى الإسباني    كأس الإنتركونتيننتال.. موعد مباراة بيراميدز وأهلي جدة السعودي    5 مصريين يتأهلون لربع نهائى بطولة مصر المفتوحة للاسكواش    عمرو أديب: حرام أن يعمل إنسان بأقل من الحد الأدنى للأجور.. عندنا في مصر كارثة حقيقية    الجيزة تُعلن إعادة تشغيل مدينة الطلبة بإمبابة لاستقبالهم للعام الجامعي المقبل    حصيلة متصاعدة.. 53 شهيدًا في غزة خلال يوم من القصف الإسرائيلي المكثف    ريهام عبدالغفور في أحضان والدها بمساعدة الذكاء الاصطناعي    قائد منتخب مصر لكرة القدم للساق الواحدة: حولت الابتلاء إلى قصة نجاح وأمل    عمرو أديب: الإصلاحات الاقتصادية تعبير دمه خفيف وظريف جدًا لزيادة الأسعار    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيامه وعيد الفطر المبارك    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    «شغلوا الكشافات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    لا تقترب من السكر والكربوهيدرات المكررة.. 5 أطعمة تساعدك على التخلص من ترهل الذراعين    إليك هم النصائح لنوم منتظم يساعد الأطفال على الاستيقاظ بنشاط وحيوية    ما حكم عمل المقالب في الناس؟.. أمين الفتوى يجيب    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن فعلا شعب متدين؟


د. عالية المهدى تكتب :
هذا السؤال فرض نفسه في كثير من الحوارات التي دارت وتدور حول التحولات الحادثة في شخصية المواطن المصري في العقود الأخيرة. فصورة المجتمع والمواطن المصري سواء في واقعه أو مسلسلاته تشير إلي انتشار مظاهر التدين الخارجي مثل الحجاب، النقاب، اللحي، والجلباب، البرامج والقنوات الدينية ونجوم الدعاة الشباب والكبار، اللقاءات والندوات الدينية.. إلي آخر ذلك من ظواهر تنم عن حدوث تحول سريع في الواقع المحيط بنا انعكس علي ملامح شخصية المواطن مقارنة بعقود سابقة مثل الأربعينيات، الخمسينيات، الستينيات من القرن الماضي.. وفي إطار مناقشة هذه التحولات تثار العديد من التساؤلات لعل أهمها: ما هي العوامل التي دفعت وتدفع لإحداث هذه التغيرات السيكولوجية، الدينية والاجتماعية للمصري؟ وما القوي التي تسرع من خطي التوجه في هذا المسار؟ هل انعكست هذه التغيرات بصورة إيجابية علي سلوكيات الأفراد؟ وبمعني آخر هل ترتبط هذه المظاهر بتغير سلوكي حقيقي يتسق ويتفق مع ما يدعو إليه ديننا الحنيف؟
لعل السؤال الأخير هو مربط الفرس في هذا المقال.
المتابع للمشهد في الشارع المصري والحياة اليومية وسلوكيات النسبة الغالبة من المواطنين لابد أن يصاب بحالة اندهاش شديد من فرط المفارقات الواضحة ما بين الشكل والجوهر في سلوكيات الأفراد، فعلي حين تتجه النسبة الغالبة من المواطنين للمبالغة في الاهتمام بشكل الملبس، فإنها لا تبالي بنفس الدرجة بمدي استقامة سلوكياتها واتساقها مع ما يدعو إليه الدين الإسلامي السمح وباقي الأديان بوجه عام.
ولا يملك المرء إلا أن يتذكر مقولة الإمام محمد عبده حين ذهب إلي أوروبا ثم عاد إلي مصر في نهاية القرن التاسع عشر «حين كانت أخلاقيات المواطنين في مصر مختلفة عن اليوم تماما»، حيث علق الإمام مقارنا سلوكيات الأفراد في أوروبا والشرق، قائلا: وجدت في الغرب إسلاما من غير مسلمين، ووجدت في الشرق مسلمين من غير إسلام»، وهذا الرأي هو دليل واضح علي أن الكثير من الأفراد في مجتمعنا ليس لهم من التدين إلا القشور الخارجية، وقد يكون تفسير هذا التعليق أنه وجد في أوروبا أناسا تتمسك بكثير من طيب أخلاقيات التعامل التي يطالبنا بها ديننا وسائر الأديان الأخري من الالتزام بالصدق في المعاملات والأمانة في العمل الذي يوكل للفرد عدم الكذب وتجنب النميمة والنفاق، حسن معاملة الكبار والصغار والمرأة والرفق بالحيوان، والعطف علي المحتاج والضعيف واليتيم، بينما لم يكن أهل الشرق حينذاك يلتزمون ببعض من هذه الأخلاقيات وغيرها.
---
الآن وبعد مرور أكثر من مائة عام، فإن الصورة قد تبدلت، فبالنظر إلي سلوكياتنا سواء في المنزل أو الشارع أو العمل أو أي تجمعات اجتماعية أخري يؤكد مقولة الإمام محمد عبده بصورة أكثر قوة في كل مناحي حياتنا.
ففي المنزل كثيرا ما تجد الأم تنصح ابنها عند ذهابه للمدرسة: «اللي يضربك اضربه»! كأنما المدرس المربي قد انتفي دوره في المدرسة، وكأنما الحق لا يؤخذ سوي باليد والعدوان وليس بالحسني والأخلاق الحميدة.
والحديث عن التربية يذكرني بواقعة قيام إحدي الأمهات بإملاء ابنها وغيره من الطلبة إجابات الامتحان بالميكروفون من الشارع أمام المدرسة، وحين اعترضت أم أخري علي هذا التصرف الخاطئ غير التربوي كانت النتيجة تعدي الأم «ذات الميكروفون» ومجموعة من الأهالي المؤيدين لها علي الأم المعترضة، بما اضطرها للشكوي في القسم، ومن ثم تم عرض هذا الموضوع في التليفزيون.
كذلك تذكرني هذه الواقعة بقصة قيام أحد المراقبين الملتحين علي امتحان مادة من مواد الشريعة في أحد المعاهد الدينية بإملاء إجابات الامتحان النموذجية من كراسة طالبة متفوقة لباقي الطالبات المنقبات وغيرهن وقبولهن فكرة الغش! كما قامت مراقبة أخري في ذات المعهد بإملاء الطالبات الإجابات، مع كل ما في ذلك من إساءة لتفسير الآية الكريمة «وتعاونوا علي البر والتقوي» صدق الله العظيم.
فهل هذا هو نمط السلوك الذي يود أو يقبل بعض الأهالي غرسه في عقول أبنائهم «فلذات أكبادهم»؟! وهل هذا سلوك مقبول من أي شخص متدين وملتزم؟!
انظر إلي أطفال المدارس كيف يتعاملون في المدرسة مع الأدوات المدرسية من مكاتب وكراسي وسبورات ودورات المياه.. وحين يخرجون من مدارسهم ظهرا، كيف يعتدون علي الأشجار القليلة في الشوارع، أو الحيوانات الصغيرة المسكينة التي يشاء حظها العاثر أن تقع في أيديهم، أو السيارات القابعة علي جنبات الطرق، معظم تصرفاتهم تنم عن عدوانية غير مبررة وقيم مفتقدة سواء في المنزل أو المدرسة أو حتي في دور العبادة.
أما في الطريق إلي العمل فإن الجهد يهدر حتي قبل أن يصل الفرد إلي عمله ما بين معركة قيادة السيادة أو ركوب الميكروباص، وبعد أن كنا نسعد ببداية يوم جديد علي أغنية أم كلثوم «يا صباح الخير يللي معانا»، أصبح من الضروري قبل أن ننزل صباحا للعمل أن ندعو ربنا أن يعدي هذا اليوم الجديد علي خير قائلين: «استعنا علي الشقا بالله»، فقد ضاق الخلق وأصبح الناس أقل تسامحا تجاه بعضهم البعض.
فلم يعد السلوك المتحضر جزءا من أبجديات تعاملنا مع بعضنا، فالكل في الطريق يتسابق ويلعن ويشتم وكأننا في أرض معركة، ولسنا في سبيلنا للسعي للرزق، ويزداد الأمر صعوبة في شهر رمضان الكريم، فتصبح الأخلاق أشد حدة والأصوات أعلي والاستعداد للخناق والعراك أسرع والقدرة علي التسامح أقل.
ولم يعد شهر رمضان شهر التقشف والإحساس بالفقراء، بل تجد أن كثيرا من الأسر الميسورة وبعض الأسر المتوسطة تحول الشهر الفضيل لاحتفالية غذائية مبالغ فيها، وسهرات رمضانية لا طائل منها، مهملة جوهر الدين من العبادات ومساعدة المحتاجين والإحساس بالفقراء.
أما في أماكن العمل فحدث ولا حرج، فالقلة القليلة هي التي تلتزم بأداء عملها بدقة وإتقان وأمانة لوجه الله، وجزء ولو صغير من وقت العمل ضائع ما بين مناقشات لا علاقة لها بالعمل، أو خلافات زملاء، أو مضايقات للعملاء أو المتعاملين أو عرقلة لسير العمل بحجج مختلفة، وكثيرا ما يرتبط خروج صاحب العمل لقضاء مصلحة بانصراف العاملين لديه عن إنجاز العمل بذمة وأمانة كما هو مفترض، ولن أتحدث هنا عن الفساد الذي يعد واقع انتشاره وحده انعكاسا لعدم التزام أخلاقي وديني يسود ما بين أبناء الطبقات الاجتماعية المختلفة.
في اعتقادي أننا تمسكنا بالشكل في معظم تصرفاتنا وأهملنا جوهر الدين فيما يتعلق بالأخلاق والمعاملات، فطغت الشكليات المضحكة أحيانا والمبكية كثيرا علي الأخلاقيات القويمة والمعاملات السوية، فقد خلف هذا الإهمال أجيالا من الآباء والشباب والأطفال الهشة غير المتعلمة وغير المسلحة بأسس الأخلاق الحميدة، فكيف لهؤلاء الآباء الشباب أن يربوا أبناءهم علي أسس سليمة؟ إن فاقد الشيء لا يعطيه.
---
لقد آن الأوان لأن نراجع أنفسنا ولنتجاوز إهمالنا في تنشئة أبنائنا لعقود طويلة، وليكن أحد أهم مشروعاتنا الأساسية هو تنشئة جيل من الشباب الطموح، المتعلم، المثقف والملتزم بأخلاقيات التعامل الراقية.
وتحقيق هذا الهدف يتطلب أولا وأخيرا تضافر جهود علماء الاجتماع والنفس، والأسرة والمدرسة والمعلم، وأجهزة الإعلام ودور العبادة، في منظومة ترسم الخطوات الواجب اتباعها لتقويم وضع مقلوب يلزم تصحيحه حتي يكون عندنا أمل في أن الأجيال المقبلة سوف تتحمل مسئولية بناء مصر علي أسس سليمة.
أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.