القصة الكاملة لمذبحة «المقاولين العرب» فى الوقت الذى تبدأ أولى جلسات محاكمة قاتل المقاولين العرب غدا الأحد، حصلت «روزاليوسف»على القصة الكاملة للمذبحة وتفاصيل الخناقة الطويلة بين الجانى والمجنى عليهم حول التنقيب عن الآثار تحت منازلهم من خلال نص التحقيقات الذى توصلنا إلى نسخة منه، وتكشف التحقيقات ضمن أسرارها الجديدة أن القاتل فكر فى عدة اقتراحات لجريمته للانتقام من الذين لم يتوقفوا عن الاستهزاء به لركونه وعدم استطاعته الوقوف فى مواجهتهم وهم يحفرون أسفل منزله تنقيبا عن الآثار، وكانوا يسبونه فى وجهه ويدعون عليه بالموت..الجانى تردد عدة مرات فى الاعتراف بالجريمة أو نفيها ،لكنه استقر على الاعتراف رغم خوفه على أسرته حتى يعرفوا أن الحليم إذا غضب يفعل أى شىء من أجل كرامته، خاصة لو كان صعيديا! وتفاصيل التحقيقات تشمل اعترافات القاتل وشهود العيان والناجين وتقرير الطب الشرعى وتقرير الآثار ورسما كروكيا للأتوبيس، وتبدأ قبل 500 متر من مقر الشركة، حيث كان يقل السائق الجانى محمود طه سويلم -56 عاما- العاملين للشركة فى «أبوالنمرس»، وفجأة أوقف الأتوبيس على جانب الطريق وأغلق أبوابه وبدأ فى إطلاق الأعيرة النارية، ليستمر هذا المشهد الدموى حوالى 3 دقائق، بين أصوات الشهادة ودعوات الاستغاثة ومحاولات الإقناع للقاتل بالعدول عن جريمته. وقال المتهم - الذى يقف فى قفص المحاكمة من الغد- أنه بالفعل حاول إنكار الجريمة لكنه رأى أنه ما باليد حيلة ولن يفيده الإنكار، وكانت محاولة التمويه على سير التحقيقات برواية لم يصدقها وكيل النيابة، حينما قال له: أثناء توصيلى للموظفين وقبل الوصول بحوالى 2 كيلو متر فوجئت بشخصين قادمين من مشتل إلى يمين الطريق ونام أحدهما على الأرض وهو شاب يبلغ من العمر حوالى 15 عاما ويرتدى بنطلون جينز وله شارب، فقمت بإيقاف الأتوبيس حتى لا أصطدم به ففاجأنى الثانى بالصعود للأتوبيس وإطلاق الأعيرة النارية على المجنى عليهم! وحكى السائق قصة حياته قائلا: أنا من مواليد أسيوط مركز القوصية قرية بنى زيد وانتقلت، وأنا عندى 24 سنة إلى عرب غنيم بحلوان وأقمت بها ومن وقتها وأنا أعمل بشركة المقاولين العرب سائقا، ومنذ 3 سنوات بدأ بعض جيراني فى التنقيب عن الآثار، وحارة كاملة انهدمت بسبب التنقيب ومن هؤلاء المنقبين عن الآثار مصطفى أحمد المجنون وأحمد صعيدى وشهرته أبوهشام وآخر يدعى أحمد تاجر قماش، ومصطفى كان شغال موان وساب الشغل من أجل التنقيب عن الآثار وعرضوا على التنقيب أسفل منزلى مقابل تقسيم الغنيمة من بيع المساخيط، وأنا رفضت وقلت لهم من ينقب أسفل منزلى سيكون مصيره الموت، وقمت بتحرير محضر لهم برئاسة حى حلوان. وأرسل الحى مهندسين من الإدارة الهندسية لمعاينة المنطقة أكثر من 3 أيام وكنت أحاول تخويف المنقبين عن الآثار بأنى وضعت أسلاك كهرباء، فأتوا بأسطوانات بوتاجاز أسفل عقارى لتهديدى وترويعى أنا وأولادى، وأنا سكت خوفا على أولادى فقمت بشراء السلاح الآلى الذى قتلت به زملائى الستة وأصبت مثلهم، من أمين شرطة يدعى حمادة شحاتة ب7 آلاف جنيه. ودفعت ثمن السلاح من تعويض قدره 30 ألف جنيه حصلت عليه عن حادثة لسيارة قامت بصدم ابنى أمام مدرسته والذخيرة جاءت لى مع السلاح ودفعت 200 جنيه أخرى على ثمن السلاح. أضاف سويلم: إن الحفر كان يبدأ من الساعة 12 ليلا حتى أذان الفجر وأنه حاول أكثر من مرة التشاجر معهم إلا أن زوجته وأولاده منعوه ومنذ حوالى 3 شهور وأمام بوابة الشركة سمع زميلا له يدعى إبراهيم بالعلاقات العامة يتكلم مع زميل آخر بالشركة عن موضوع الآثار، فطلب منه المتهم مساعدته وقص عليه ما يحدث أسفل جدران منزله، فعرض عليه شراء بعض القطع الأثرية من أسفل عقاره إلا أنه رفض ذلك وأنه ليست له علاقة بالتنقيب. فقام زميله بالاستعلام عن عنوان المتهم وأرسل زميلا آخر يدعى عبدالناصر مندوب مشتريات بالشركة واتفق مع جيرانه وهم مصطفى المجنون وأحمد الصعيدى ومحمد أحمد الصغير واستكملوا عمليات الحفر ثم حضر زملاء آخرون وهم عبدالفتاح التتلى وعماد الدين محمود والمهندس إبراهيم مصطفى بيومى وأخذوا ينقبون أسفل عقار المتهم وأحضروا عمالا ويوميا يقومون بعمليات الحفر بجوار عقارى وأسفله ثم أمسك المتهم بسكين وحاول قتل زميله المدعو عماد الذى ينزل آخر راكب من أتوبيس الشركة فقال عماد للمتهم «على الطلاق من حريمى الاثنين إن عبدالفتاح التتلى والمهندس إبراهيم جمعة هما اللى بينقبوا عن الآثار أسفل عقارك، ثم بدأ مسلسل السخرية من المتهم بعبارات شديدة منها: إن شاء الله البيت هيقع عليك وعلى أولادك وكمان هنفصلك من الشركة، خلاص كده هو هيقلع البنطلون وكمان حيبيع جرايد فى الشارع، وهنعدى عليك وننفعك ونشترى منك،وقال المتهم أنه مرض من هذه العبارات وظل طوال الليل فى حالة تعب نفسى وأنه قام بإحضار السلاح ووضع به الذخيرة ووضعه فى الصباح الباكر أسفل كرسى الأتوبيس. وطوال الطريق خايف من استفزازهم ليدفعنى لارتكاب الجريمة وكنت أود ألا يسخروا منى، ولكنهم لسوء الحظ استمروا فى السخرية فضربت فرامل وسحبت السلاح من الشنطة اللى جنبى ووجهت السلاح ناحيتهم. والركاب قالوا حاسب يا عم محمود إيه اللى إنت حتعمله فقلت لهم: أنا عايز عبدالفتاح 4 مرات وهو ساعتها نزل واستخبى أسفل الكرسى. فقمت من كرسى القيادة ومشيت داخل الأتوبيس أبحث عنه فوجدته يمسك بقدمى فأطلقت عليه النيران، فوجئت بزميلى محمد سعد يمسك السلاح من خلفى فخرجت منى دفعة واحدة وذهبت إلى الشركة وسلمت نفسى للأمن. كما أكد المتهم أن عمال الشركة من زملائه المجنى عليهم كانوا يكذبون على أهالى منطقة عرب غنيم أنهم يقومون بأعمال الحفر الخاصة بشركة المقاولين العرب، كما أكد المتهم أن عبارات الاستهزاء دفعته إلى ارتكاب الجريمة وخاصة من زميله عبدالفتاح التتلى وعماد الدين محمود، وذكر من هذه العبارات «هو البيت وقع ولا لسه، وإمتى الخبر ييجى ونخلص من الراجل ده خليه يبعد عننا ويغور من وشنا». وأكد أنه لم يقصد قتل وإصابة المجنى عليهم وإنما أعد العدة وعقد العزم والنية على قتل زميله عبدالفتاح كثير الاستهزاء والسخرية منه وتحريض زملائه على السخرية، والذى قال عنه المتهم إنه سبب البلاوى كما قال أن ذنب المجنى عليهم فى رقبة عبدالفتاح، مما أكد على أنه لم يسبق له ارتكاب أى جرائم أو جزاءات فى عمله وأنه لا يعانى من أى أمراض نفسية، وأجاب عن سؤال النيابة عن توضيح معلومات عن حياته الشخصية وحياته الخاصة قال: إنه نشأ فى أسرة متوسطة فى أسيوط وأنه كان يعمل مع والده الفلاح فى الأرض ثم سافر إلى حلوان وعمل بشركة المقاولات، وأن علاقته جيدة بكل الناس وبكل من تعامل معه ولكن الاستفزازات والمعايرة السبب الرئيسى لارتكاب الجريمة. أقوال الشهود وقال محمد حلمى «37 عاما» مندوب مشتريات بالشركة كنت فى انتظار سيارة العمل واتأخرت ربع ساعة وكان معى زملائى وعندما حضر السائق المتهم رفض أن يركبنا فى البداية واعتقدنا أن العربة بها عطل، فضغطنا عليه وركبنا وبعد حوالى كيلو فوجئت بالسائق قام من الكرسى وسحب سلاحا آليا من خلف الكرسى وقال: أنا حعرفكم إزاى الصعيدى ينضحك عليه. رد عليه الأستاذ جمعة الذى يجلس بالكرسى الأول قائلا: اهدى يا محمود ،لكنه فوجئ به يبادره بطلقة نارية. واستكمل: أول ما شفت هذا المنظر رميت نفسى تحت الكرسى وطول ما أنا على الأرض سمعته بيقول: اطلع يا عبدالفتاح. فبصيت لقيت زميلى أحمد درويش بيقوم من مكانه وبيقوله معلش راح موجه اليه السلاح وضربه فاستخبيت تانى على الأرض، فوجدت دم زميلى أحمد درويش مغرق الأرض فنظرت من شباك الأتوبيس فوجدت المدير المالى تبعنا يسير بسيارته بجوارنا وبيقول لى: فى إيه هل تعطلت السيارة؟ قلت له: لا يا أستاذ مصطفى السائق بيضرب علينا نار فاتصل بإدارة الشركة. وأوضح الشاهد أن علاقته بالمتهم جيدة وأن المتهم قليل الكلام وأضاف أنه كان يجلس فى الكنبة الأخيرة وأن المتهم ظل يضرب لمدة 3 دقائق فقط. وبسؤال الشاهد محمد سعد «56عاما» مدير مالى بالشركة قال بعد ما قام المتهم بإطلاق النيران قمت بالإمساك بالبندقية من بين يديه وكانت شديدة السخونة، لدرجة أنها أحرقت يدى اليمنى وأصابتها وأضاف: إن المتهم كان هادئا وسلوكه طيبا لكنه لاحظ فى الفترة الأخيرة أنه بدأ يسرح وكان غير طبيعى. وبسؤال الشاهد نميرى عبدالتواب «40 عاما» فنى متابعة بالشركة أكد صحة الواقعة وقال شفت زميلى أحمد لما ضربه المتهم بالنار أثناء إطلاقه عشوائيا، وشفت أجزاء من دماغه وهى بتطير، حاولت أهرب من الشباك فوجدت طلقة أخرى على جسد زميلى أحمد فسقط على الأرض، فقمت بالقفز من الشباك وكسرت يدى الشمال وجريت على أمن الشركة وقلت لهم:كلموا المباحث. ولما حضر المتهم أمسك به الأمن وكتفوه ووضعوه فى غرفة السائقين وبعدها توجهنا للمستشفى وأضاف أن المتهم كان عصبيا وقت الجريمة، وكان وجهه أحمر وكأنه شخص آخر وقال حوالى 4 مرات: فيه اثنين عارفين نفسهم لازم ينزلوا والناس كلها ابتدت تقول له فيه إيه يا عم محمود لكننى كنت مرتبكا وصمت ولم أعرف أقول شيئا، وقال أنه أول مرة بدأ يضرب طلقات على الأرض للتخويف لكنه بعد ذلك ظل يضرب طلقات عشوائيا وابتدى صوت الصراخ يرتفع. وبسؤال عماد الدين محمود «54 عاما» مدير الوحدة الهندسية بإدارة مشروعات الصرف الصحى بالشركة قال: كنت نائما فى الأتوبيس وصحيت فجأة ووجدت السائق واقفا فى أول الأتوبيس وبيده رشاش يضرب النار ووجدت دما ينزل من يدى اليمنى وسمعته وهو بيقول: خلاص كده أنا عايز اثنين فين هم عارفين أنفسهم. وجرى ودخل جوه فنزلت لكى أختبئ تحت الكرسى ووجدت زميلى جلس بجوارى وقلنا: «لا إله إلا الله» بعدها دخل السائق بالأتوبيس للإدارة وأوضح أن السيارة تستغرق أكثر من ساعة لحين الوصول لمقر الشركة. وبسؤال أحد المصابين قال: منذ أكثر من 6 شهور كان المتهم دائما يحكى لى مشاكله فى البيت أنه كان عايز يركب سيراميك وأن حد عامله عمل وأنا كنت أنصحه على قد سؤاله، ذلك فى آخر النهار أثناء توصيلى فأنا آخر الركاب. وأضاف قائلا: وقد حكى لى المتهم أيضا أنه متضايق من وجود أشخاص بتحفر تحت الأرض تبحث عن الآثار وقلت له أرسل شكوى للنائب العام. أكد الشاهد أشرف صلاح أمين خزينة إدارة المبانى بالشركة والذى كان يجلس بجوار المجنى عليه عبدالفتاح التتلى أن المتهم قبل الوصول إلى مقر الشركة فرمل مرة واحدة ثم سأل عن المتهم عبدالفتاح الذى يجلس بجواره، فنزل عبدالفتاح أسفل الكرسى وأمسك بقدم المتهم الذى أطلق عليه النيران فقام الشاهد بالقفز من شباك السيارة وقام بعض الموظفين بالقفز من النوافذ، وقال الشاهد أنه أخذته سنة من النعاس دون النوم وأن السائق المتهم كان يشغل إذاعة القرآن الكريم داخل الأتوبيس. وقال عدد من الشهود أن بعضهم اختبأ أسفل الكراسى والبعض الآخر قفز من النافذة والبعض أخذته حالة فزع عالية فلم يستطع التحرك من مكانه. بينما أكد شهود آخرون أن المتهم قال: أنا هربيكو يا أولاد الكلب. وقام بالنداء على عبدالفتاح وشخص آخر وقال يخرجوا أو أقتلكم جميعا. وبمعاينة بيت القاتل، تبين أنه كائن بتقاطع شارع سالم بكر مع شارع غنيم محمد بمنطقة عرب غنيم بدائرة قسم شرطة حلوان، ومكون من طابقين علويين خلاف الطابق الأرضى، والطابق الثالث غير مكتمل، ومدخل العقار يقع بشارع سالم بكر، وبالدور الأرضى محل حدايد وبويات باسم المحمدية يطل على شارع غنيم محمد. وتبين للجنة المعاينة أن العقار رقم 37 شارع غنيم محمد خاص بالمدعو مصطفى، مكون من ثلاثة طوابق متكررة فوق الأرضى والطابق الأرضى به مخزن مواد بناء وصيدلية وملاصق مباشرة لعقار المتهم ويفصل بينهما جدار، وقد سبق لمحمد حلمى هاشم كبير مفتشى آثار حلوان والمعادى أن ترأس لجنة من آثار حلوان لمعاينة العقار رقم 37 شارع غنيم محمد ،وبناء على ورود إشارة لمنطقة آثار حلوان الصف وأطفيح منذ سنة ونصف من نيابة حلوان، وتبين أن العقار مازال على وضعه منذ المعاينة السابقة منذ عام ونصف، ويرجح أن تكون أعمال الحفر قد تم ردمها، خاصة لسابق الإبلاغ عن وجود أعمال حفر فى هذه المنطقة خشية المسئولية على مرتكبى أعمال الحفر خلسة. وبالتجول بمسطح الواقعة تبين عدم وجود أى شواهد أثرية ظاهرة على السطح أو وجود أى نواتج لأعمال حفر سابقة ،وأن الموقع لا يخضع لقانون حماية الآثار.