محافظات المرحلة الثانية من انتخابات النواب وعدد المرشحين بها    «متحدث الوزراء»: تركيب وعاء ضغط مفاعل الضبعة حدث تاريخي لمصر    «الزراعة»: تحصين 6.5 مليون جرعة ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع    ارتفاع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 20 نوفمبر 2025    توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج في المنيا    فرنسا تطالب جيش الاحتلال بالانسحاب من الأراضي السورية واحترام سيادتها    المجر تطالب أوكرانيا بتقرير عن الفساد في كييف    انتظام لاعبي الزمالك الدوليين في التدريبات استعدادًا للقاء زيسكو بالكونفدرالية    وزير الرياضة: نمتلك 55 محترفاً في دوري كرة السلة الأمريكي NBA    ضبط المتورطين في مشاجرة بالأسلحة بالشرقية    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    الموسيقار عمر خيرت يتعافى ويغادر المستشفى    ناني سعد الدين: تنبأت ل هاجر أحمد بالنجومية.. وسابتني أول ما اتشهرت    وزير الصحة يبحث مع سفير المملكة المتحدة تعزيز السياحة العلاجية بمصر    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    بعد تعرضها لوعكة صحية، أبرز المعلومات عن الإعلامية ميرفت سلامة    بعد قرعة الملحق الأوروبي.. جاتوزو يحذر من أيرلندا الشمالية ويكشف مشكلة كييزا    الإحصاء: 2.4 مليار طفل حول العالم عدد السكان الأقل عمرًا من 18 سنة    عراقجي: اتفاق القاهرة بين إيران والوكالة الدولية لم يعد ساريا    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    بعثة زيسكو تصل القاهرة لمواجهة الزمالك في الكونفيدرالية    رئيس الوزراء: مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا بعد تشغيل محطة الضبعة    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    غدًا.. انطلاق عروض الليلة الكبيرة بالمنيا    رصاصة طائشة تنهي حياة شاب في حفل زفاف بنصر النوبة    الرئيس الكوري الجنوبي يزور مصر لأول مرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    بيتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار وسط ضبابية البنك الفيدرالى    بعد فرض رسوم 5 آلاف جنيه على فحص منازعات التأمين.. هل تصبح عبئا على صغار العملاء؟    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: أمطار على هذه المناطق    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو كنت رجلاً
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 10 - 07 - 2010

لو كنت رجلاً، في هذا المجتمع، المتضخمة لديه غدة الذكورة الآسنة، الممتلئة بالغرغرينا الفكرية، والسموم الجنسية تجاه النساء.. «لأعلنت» منذ البداية عدم انتمائي.. واستيائي.. واشمئزازي.
لو كنت رجلاً، في هذا المستنقع الذكوري، الذي تحوم حوله، الحشرات ذات الشوارب المتحفزة للتحرش بالمرأة، والطيور بمخالبها المتعطشة لدم النساء.. ل«أصبح» هدفي الأساسي، «استئصال»، و«بتر» الغدة الذكورية.. و«ردم» المستنقع الذكوري، بكل أنواع المبيدات بضمان أبدي مجانًا.
لو كنت رجلا في بلد يقول لي واحد من الرجال بغطرسة تبعث علي الغثيان، «أنا كل يوم باغير الستات بالضبط زي ما بأغير الجوارب والأحذية».. أو واحد آخر مقتنع قناعة مقدسة: «أن الست اتخلقت عشان تمتع وتخدم، وتسمع كلام الراجل وتجيب عيال تربيهم وبس»، أو راجل فاكر إن عقله أحسن من عقل الست.. وإنه طاهر والست نجسة.. وإنه اتخلق عشان يأدب المرأة المعووجة المخلوقة من ضلعه، ويمشيها علي صراطه الذكوري»، لو كنت رجلا في بلد هذه بعض نماذج الرجال فيه، لأنشأت جمعية اسمها «يا رجالة اختشوا».
ويكون هدف هذه الجمعية هو إعادة بناء شخصية الرجل.. وإعادة طرح مفاهيم إنسانية، عادلة، في نظرته للمرأة، وعلاقته، «المختلة».. «المخجلة».. «المريضة»، مع المرأة.
ولسان حال الجمعية مجلة أسميها «الرجولة الفالصو.. والرجولة الحقيقية».. ويكون شعارها: «عايزها تحبك.. سيبها علي حريتها».. و«استرجل.. وحرر المرأة»..
لو كنت رجلاً، وسط ذلك الكم الخرافي من العفن الذكوري الموروث آلاف السنوات لأصبحت «عدو المجتمع».. و«عدو النساء» و«عدو البلد».. و«عميل للغرب».. و«ضد العرف والتقاليد والطبيعة والأوامر الإلهية في كل الأديان».. وذلك بالنسبة إلي «الرجالة الفالصو».. الذين يعتبرون أن «الرجولة»، هي السلطة علي المرأة.. هي امتلاك كل شيء في المرأة.. هي ضرب وسب المرأة.. هي المطرقة الحديدية، التي تطيح بإنسانية المرأة، وجسدها، وطموحها، ومصيرها، هي حتمية تفوق الرجل علي المرأة.. حتي لو كان جاهلاً بالأبجدية، وهي تحمل الدكتوراة في الهندسة الوراثية.
لكنني كنت سأكون هدفا للإشاعات، والبذاءات، والاتهامات، أيضاً، من أغلب الفتيات والنساء وليس فقط من أصحاب الرجولة «الفالصو».
أغلب الفتيات والنساء يفكرن تمامًا، مثل الرجال الفالصو.. إن لم يكن، في أحيان كثيرة يفكرن ألعن منهم.. ويرتدين من الأزياء الذكورية أكثر بكثير، من الذكور.
لو كنت رجلا في هذا الوطن، الذي لا يلعب مع النساء إلا «ضربات الجزاء».. ولا يظهر لهن إلا «الكروت الصفراء»، ثم «الكروت الحمراء»، ثم «إخراجهن نهائيًا» من ملعب الحياة، واستاد الوجود، ودون اللجوء إلي حكم عادل.
لو كنت رجلاً في مثل هذا المناخ، وحاولت، كمحاولاتي، مع «الرجال الفالصو»، أن أخترق الجدار الذكوري في أدمغة النساء.
كنت سأشرح لهن، كيف بالعبارات المعسولة، والأسماء البراقة، وشغل الثلاث ورقات، واستخدام الدين، والطبيعة، ومصلحة المرأة، ومصلحة الأسرة، يتم تغييب عقولهن وإرهابهن، من غضب الله.. لأن طاعة الذكور من طاعة الرب.
لو كنت رجلاً في مثل هذا المناخ،ركوب الأمواج الذكورية التي توصلني إلي شاطئي بسلام.. لكنها تغرق النساء.
لو كنت رجلاً، لما سمحت لأخلاقي، أن تستخدم ازدواجية المقاييس الأخلاقية الذكورية.. أخلاق الرجال تبيح لهم الخيانات الزوجية.. والنزوات الجنسية.. والفرفشة والدردشة علي المقاهي وفي الحانات عن مفاتن النساء.. ومغامراتهم العاطفية «الدكاكيني».. وكيف يستمتعون مع عشيقاتهم في أماكن خاصة.. وكيف يستمتعون، في غفلة من زوجاتهم، بينما النساء، تنحصر أخلاقهن في حماية غشاء البكارة والطاعة.
وبما أنني كاتب وشاعر فسوف يكون قلمي متورطًا بشراسة في قضايا تحرير المرأة.. والعدالة الكاملة في الكرامة الإنسانية والطموح ومقياس الأخلاق.
لو كنت رجلاً في هذا المستنقع الذكوري لحار الجميع في أمري، وتصنيفي.
كيف الرجل، الذي ينادي بالحرية المطلقة دون سقف للنساء، مستقيم الأخلاق.. ليس له مغامرات مع المرأة.. ولا يستغل فساد أخلاق الرجال المقننة، المقنعة بألف قناع، في خطأ واحد، مغتفر مسبقًا..؟!
لو كنت رجلاً وسط هذا الخراب الذكوري لأصبحت حياتي هي الكتابة.. والشعر، والسباحة، ومشاهدة الأفلام غير العادية.. والنوم مبكرًا.. وعدم السهر.. وعدم التدخين.. والاستيقاظ مبكرًا، مع البلابل، والعصافير، وشجن الكروان.
وهذا النمط من الحياة، الخالي من النساء، شيء طبيعي جدًا.. منطقي جدًا.. ويناسبني جدًا.
فأنا أعجز عاطفياً، وجنسياً، مع امرأة، تعتقد أنها «أدني».. وناقصة عقل ودين.. وأن «الطاعة» هي وظيفتها.. وفضيلتها الكبري.. وأنها خلقت لتكون «مفعول بها» دائمًا، وليست «فاعلة» في أي شيء.. إلا إمتاع الرجال، وخدمتهم.. والتجمل لهم.. والدوران في فلكهم.
لو كنت رجلاً، في هذا الجو الذكوري، الملبد بالفساد.. (الفساد يبدأ حينما تكون هناك تفرقة)، سوف أكون سعيدًا، بوحدتي.
لا أتصور أن أحب، امرأة، تؤمن أنني ملزم بالإنفاق عليها.. مقابل الطاعة، والطبخ وغسل جواربي وملابسي الداخلية.
لا أتخيل، أنني أقيم علاقة مع امرأة «تعبد نصوص» الأديان، وتهمل «الجوهر»، وتعتقد أنها بذلك ترضي الرب، وبالتالي ضمنت مساحة في الجنة الموعودة.. وأن «التدين» عندها يزداد، بزيادة أمتار القماش التي تخفيها عن عيون، الذكور الذئاب.
لو كنت رجلاً- لن أنكر ذلك- ولماذا أنكره.. فالكون، هو امرأة، ورجل.
لو كنت رجلاً، بالطبع، سأبحث عن امرأة، تتناغم مع أفكاري.. امرأة حرة.. تنفق علي نفسها.. ترفض أن تطيعني.. عقلها متسائل دائمًا.. لها قضية نبيلة تعيش من أجلها.. وليست تعيش من أجل رجل.. امرأة لا يستطيع أحد، أن يمتلك عقلها.. أو جسدها.. أو مصيرها، أو طموحها.. امرأة مبدعة.. متجددة مع الحياة.. لها رياضة تمارسها بانتظام.. امرأة لا تخفي سنها.. ولا تخفي تجاعيد التقدم في العمر.. امرأة غاضبة مثلي، علي الفكر الذكوري.. امرأة لا تحب أن تكون بشرتها ناعمة. ولا تحب أن تلفت نظر الذكور.. ولا تهدر وقتها، في الثرثرة التافهة والفرجة علي المحلات.. امرأة جادة جدًا.. وفي الوقت نفسه، تعشق الدعابات، وتحب السخرية.. وتبادر بالنكات.
امرأة تحب الفلسفة.. والموسيقي، والغناء.. لا تضع خواتم، أو أساور.. أو أقراطًا.. ولا تتعطر إلا برائحة الصابون، والتمرد، وعدم ستر الحقيقة.
لو كنت رجلاً، ووجدت تلك المرأة المستحيلة، سوف يتحرك قلبي، وعقلي، وأصبح عاشقًا.. فقط مع هذه المرأة، تتحرك عواطفي.. وقبل عواطفي، احترامي لها، علي تحدي العفن الذكوري.. وشجاعتها، في استعدادها لأن تخسر كل شيء، «حتي أنا» ولا تخسر نفسها.
ولكن لأنني رجل واقعي، أعرف أنني لن أجدها.. فالخرابات لا تخرج منها الورود.
لو كنت رجلاً.. لأنفقت كثيرًا علي النساء والرجال، الذين اخترقتهم الفيروسات الذكورية.. ولا يريدون الشفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.