بيننا يعيش ويدرس المئات من طلاب دول حوض النيل الحاصلين علي منح دراسية بالأزهر الشريف، وكان من المهم استطلاع آرائهم والحديث معهم فيما يجري بحكم اطلاعهم علي الأوضاع في بلادهم من ناحية، واحتكاكهم بالشعب المصري من ناحية أخري، في الوقت الذي يدور الحديث فيه عن أن شباب دول المنبع هم الذين يقودون الضغط لتغيير الواقع في النيل . نقلنا الصورة كما يرونها، ومن سبب هذا الخلاف وحتي تصاعده المستمر والذي قد نتحمل جزءا منه، وتسيطر عليه لغة المصالح. الطلاب الأفارقة أجمعوا علي أن ما دفع دول المنبع إلي إثارة موضوع مياه النيل في الوقت الحاضر هو استخدامها كورقة ضغط علي مصر من أجل تقديم مساعدات لشعوبهم، كما كشفوا عن تواجد إسرائيلي وأوروبي في هذه الدول وهو ما لفت نظر هذه الدول إلي أهمية استخدام مياه النيل كورقة ضغط لتحقيق مصالح شخصية. عبدالأول - أوغندي - يدرس في كلية أصول الدين قال إن الدول الأفريقية تطورت كثيرا عن الماضي ومن وحقها أن تستخدم لغة المصالح من أجل خدمة شعوبها وتحقيق مصالحها باستخدام كل ما تملكه من أوراق ضغط.. وأضاف: نهر النيل أحد أهم هذه الأوراق حيث لابد للدول المستفيدة أو دول المصب علي حد تعبيره - أن تقدم لدول المنبع بعض المساعدات مثل توجيه الاستثمارات أو القروض حتي تستمر في الاستفادة من مياه النيل! أما عزيز أحمد وهو من أوغندا، أيضا ويدرس في كلية الدعوة فاعترف بأن إسرائيل موجودة بشكل قوي في دول أفريقيا وخاصة دول حوض النيل وتقدم مساعدات لبعض هذه الدول، وأن هذا العامل لابد أن يشكل ضغطا علي الجانب المصري من أجل الدفاع عن مصالحها مع هذه الدول والذي يأتي في مقدمتها الحفاظ علي حصتها من مياه النيل. عزيز قال: مصر تنعم في الرخاء الاقتصادي في حين تعاني شعوب دول حوض النيل من الفقر والغلاء، وأشار إلي أن هذا الرخاء بسبب سيطرتها علي الحصة الأكبر من مياه النيل. وتابع أن أسرته في أوغندا تدفع ما يعادل 800 جنيه مصري شهريا مقابل فاتورة الكهرباء في حين يسكن هو في شقة بالقاهرة ولا يدفع أكثر من 60جنيها شهريا وأن لتر البنزين هناك ب7 جنيهات في حين يحصل عليه المصريون ب 2 جنيه فقط. وأضاف قائلا: الدول المستفيدة من مياه النيل لابد أن تساند الدول الفقيرة مثل أوغندا التي تمتلك مساحات أرض شاسعة ولا تجد من يستثمر في زراعتها ،وأن مصر لو ساعدت أوغندا في زراعة جزء من هذه المساحات علي أن يستفيد كل من الطرفين سيكون ذلك جيدا في نفوس الشعب الأوغندي وأنه سينسي مسألة مياه النيل. (رمضان).. وهو أيضا أوغندي يقول: إن الشعب المصري ينظر إلي الشعوب الأفريقية بنوع من التعالي وأنهم يتعرضون لمضايقات من جانب الشباب المصري في الوقت الذي من الممكن أن يتعرضوا للقذف بالحجارة من جانب الأطفال في الشوارع، وهو ما ينعكس سلبا علي صورة المصري عند الشعوب الأفريقية، وبالتالي علي أي قرارات تتخذها هذه الدول فيما يتعلق بمصالح مصر. (سعيد) الطالب بكلية الشريعة من بوروندي وهي إحدي دول حوض النيل التي لم توقع علي الاتفاقية حتي الآن لكنها أعلنت عن نيتها في ذلك يقول: مصر تأخذ 95% من مياه النيل وأبرمت الاتفاقية المتعلقة باستغلال مياه النيل مع دول أوروبية كانت تحتل دول أفريقيا. وأضاف: سبب تفجير قضية مياه النيل في الوقت الحالي يرجع إلي بعض الأخبار المتعلقة بنية قيام أثيوبيا ببيع مياه النيل لإسرائيل، بالإضافة إلي احتياج هذه الدول لمياه النيل في الوقت الحالي لخدمة المشروعات الاستثمارية التي تعرض عليها من جانب العديد من الدول الأوروبية. واستكمل موضحا أنه علي الرغم من أنهم يحصلون علي جميع أنواع الدعم والمساعدة من جانب الحكومة المصرية إلا أنهم يشعرون بالاضطهاد، وخاصة أنه حاول أن يفتح مشروعا خاصا به عبارة عن محل كمبيوتر إلا أنه فوجئ بأن القانون المصري يحظر امتلاك الأفارقة لأي مشروعات خاصة باسمهم. «صالح شعبان» من تنزانيا - وهي إحدي الدول التي وقعت علي الاتفاقية ويدرس في كلية الشريعة والقانون ويعيش في مصر منذ خمس سنوات أوضح أن بلاده لا تحتاج إلي استخدام مياه النيل وهي ليست في حاجة إليها، لكن لغة المصالح هي التي دفعتها للتوقيع علي الاتفاقية، خاصة أن مصر لم تقدم لبلاده أي نوع من الدعم أو المساعدة فيما عدا إنشاء معهد أزهري، في حين أن دولا مثل تركيا والصين تقدم مساعدات مثل المشروعات والمدارس وإنشاء ملاعب لكرة القدم وأن هذه الأشياء يعلمها الشعب التنزاني، لذا فهو يشعر بالتعاطف مع هذه الدول بصرف النظر عن اختلافه أو اتفاقه معها. وتابع قائلا «علي الرغم من أنه لا يختلف أحد علي أن رئاسة بوش لأمريكا كانت أسوأ فترات الرئاسة الأمريكية للعرب والمسلمين لكن ما فعله بوش في تنزانيا شيء يعترف به الشعب هناك عندما زار تنزانيا في وقت انتشار مرض الملاريا وقدم دواء لهذا المرض قضي علي 50% من المرض وهو شيء لا ينكره الشعب التنزاني، وقال إنه علي الرغم من العلاقات الطيبة علي مستوي الرئاسة في مصر وتنزانيا وكذلك المعاملة الطيبة لهم كطلبة في مصر إلا أن الشعب التنزاني لايعلم شيئا عن ذلك. '«داود» من جمهورية الكونغو الديمقراطية ويدرس في كلية الشريعة والقانون قال أنه لايريد أن يتحدث في السياسة، خاصة أنه موجود للدراسة فقط لكنه استطرد قائلا: لو أن هناك علاقات طيبة بين دول حوض النيل، خاصة بين مصر وهذه الدول لما وصل النزاع علي مياه النيل إلي هذا الحد، خاصة أن معظم الدول الأفريقية لديها بدائل لنهر النيل سواء وجود أنهار أخري أو مصادر مياه طبيعية. وأضاف أنه كان من الأولي أن تهتم مصر بعلاقتها مع هذه الدول بدلا من الاهتمام بعلاقتها بدول أوروبا، وقال إن الرئيس مبارك من أفضل الرؤساء في أفريقيا وأنه قادر علي احتواء رؤساء هذه الدول وتدعيم علاقة مصر بهم.