بعد تعليق «مصر للطيران» الرحلات إلى الخليج.. ما الخطوات التي يجب على الركاب اتباعها؟    طلعت مصطفى تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    خامنئي بعد الهجوم على قاعدة العديد الأمريكية: لن نخضع لاعتداء من أيٍّ كان    باريس سان جيرمان يتقدم على سياتيل ساونديرز بهدف نظيف في الشوط الأول    «لا نخشى أحد».. مدرب الترجي يتحدى تشيلسي قبل جولة الحسم    محلل الأهلي السابق يكشف سبب خروج علي معلول من حسابات الأحمر    السرعة الزائدة السبب.. التحريات تكشف ملابسات انقلاب سيارة ميكروباص بأكتوبر    رامي جمال يستعد لطرح أغنية «روحي عليك بتنادي»    فرقة طنطا تقدم عرض الوهم على مسرح روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم    وزير التعليم العالي: تجهيز الجامعات الأهلية بأحدث الوسائط التعليمية والمعامل    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان    الأردن والمفوضية الأوروبية يؤكدان أهمية العودة للمفاوضات لحماية المنطقة    على خلفية النزاع فى الشرق الأوسط.. أمريكا تعزز عمليات الإجلاء وتحذيرات السفر    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    مدبولي: الأحداث تتغير كل ساعة والحكومة تعمل على وضع سيناريوهات لمختلف التداعيات    اتحاد التأمين: ورشة إعادة التأمين توصى بالاستعانة بمؤشرات الإنذار المبكر في الاكتتاب    لاعب الهلال يقترب من الرحيل بعد المونديال    وزيرة التخطيط تُشارك في الاحتفال ب «اليوم الأولمبي» وتُكرم لاعبة مصر بعد فوز منتخب السيدات بالميدالية البرونزية    أسعار الأسهم بالبورصة المصرية اليوم الاثنين 23-6-2025    حادث مروع على طريق دمو بالفيوم يودي بحياة شاب ويصيب آخر بإصابات خطيرة    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة أجرة ميكروباص بالوادى الجديد    محافظ المنيا يوجّه بإخلاء عاجل لعمارة آيلة للسقوط بمنطقة الحبشي ويوفر سكن بديل ودعم مالي للمتضررين    وزيرة البيئة تستقبل محافظ الوادي الجديد لبحث الاستثمار في تدوير المخلفات الزراعية    تزامنا مع الذكرى الثلاثين لرحيله.. "عاطف الطيب" على "الوثائقية" قريبا (فيديو)    خبير: إيران فى مأزق الرد.. ونتنياهو يجرّ الشرق الأوسط إلى مواجهات خطيرة    أسامة عباس: أواظب على صلاة الفجر في موعدها ومقتنع بما قدمته من أعمال    نادى سينما الأوبرا يعرض فيلم أبو زعبل 89 على المسرح الصغير.. الأربعاء    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    دار الإفتاء توضح بيان سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    الرعاية الصحية تطلق الفيديو الخامس من حملة «دكتور شامل» لتسليط الضوء على خدماتها لغير المصريين    وزير الصحة يؤكد التزام مصر الكامل بدعم الجهود الصحية في إفريقيا    الكنيسة تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي زفتى وريف المحلة الكبرى    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    "حقوق إنسان النواب" تطالب بتعزيز استقلالية المجلس القومي وتنفيذ توصيات المراجعة الدولية    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    عبدالصادق يبحث تعزيز التعاون بين جامعتى القاهرة وشاندونغ الصينية - صور    سوكوف: رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60% خطوة سياسية لا تكتيكية    مصرع عامل وإصابة اثنين آخرين في انفجار غلاية مصنع منظفات بأسيوط    انتهاء رفع أنقاض "عقار شبرا المنهار".. ولا ضحايا حتى الآن | فيديو وصور    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    وزير الخارجية الإيطالي يجري محادثات هاتفية مع نظيريه الإيراني والإسرائيلي    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهم الخلاص ببطل افتراضى :الزعيم يتهته
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 03 - 04 - 2010

«فى انتظار جودو».. و«الكراسى» مسرحيتان شهيرتان ل«صموئيل بيكيت» و«يوجين يونيسكو» تنتميان إلى مسرح العبث.. ذلك المسرح الذى لا يرى فى الوجود طائلاً يرجى، فالفناء والعدم هما المصير الحتمى لكون خال من الجدوى والمعنى والقيمة والهدف.. والإنسان كائن عابر يعانى من الحيرة والعجز والوحدة.. وعدم القدرة على التواصل أو التكيف مع الآخر.. وثمة يد عمياء تعبث بالأحياء وتطيب لها تعاستهم..
أى أن الإنسان ليس سوى مخلوق عاجز عن فعل الحب والإيمان والتفكير والتفاعل والتأثير.. خلق ليموت.. «وباطل الأباطيل، الكل باطل وقبض الريح، ولا جديد تحت الشمس» والضجر الوجودى والإحساس الطاغى بالغربة والحياة فى إطار من العزلة والجمود هى صفات أصيلة لصيقة بالإنسان حيث رتابة العالم وتكرارية الوجود والمعانى.. والقيم الجاهزة.. والزمن يعدو ويتكرر ولا ينبثق منه جديد يرتقب أو يبدل من يقين الأشياء وجوهرها. وفى مسرحية «فى انتظار جودو» يفتح الستار عن شخصين بائسين فى حالة ترقب وانتظار لبطل «افتراضى» أو «احتمالى» يودعانه أحلامهما.. ويتوقان إلى أن يكون فى وجوده خلاص لهما من معاناتهما الإنسانية.. أو إنفاذ لروحهما من ذلك المأزق الوجودى الذى انزلقا إليه.. و«جودو» الذى حتماً سوف يأتى قيل إن «بيكيت» قد استوحى اسمه حينما التقى تجمعاً من الناس يقفون مترقبين على أحد المفترقات فى سباق الدراجات المشهور فى «فرنسا» وقد سأل بعضهم: ماذا تنتظرون؟!.. وكان معظم المتسابقين قد عبروا فأجابوا: إننا ننتظر « جودو».. وكان «جودو» هذا من المتسابقين المتخلفين نظراً لتقدم عمره.. لكن «بيكيت» ينفى ذلك تماماً.. بل ينفى أى معنى أو رمز يقصده ويؤكد: لو عرفت من هو «جودو» لكنت أعلنت ذلك.. وبالتالى فإن المتلقى المثقف لابد أن يصل به ذكاؤه إلى أن «جودو» هو اسم يدل على «اللاشىء».
إن الشخصين البائسين «فلاديمير» و«أستراغوان» ينتظران «جودو» دون أن يتأكدا من زمان ومكان الموعد.. وكل ما لديهما بهذا الشأن مجرد تلميحات وتكهنات. «ماذا تريد أن تقول؟!.. هل أخطأنا المكان؟! - لم يقل قولا حاسما بأنه سوف يأتى - وإذا لم يأت؟!.. نرجع غدا؟!.. وإذا لم يأت غدا؟!.. نرجع بعد غد؟!» بل إنهما لايذكران ما وعدهما به «جودو» وما طلبا منه.. هل وعدهما بالتغيير؟!.. بالحرية والعدالة والديمقراطية والإصلاح.. هل طلبا منه غدا أفضل.. حياة أجمل؟!.. مستقبلا مشرقا؟!.. أوبرا وتماثيل رخام على الترعة؟!.. هل وعدهما وعدا محققا أم أنه سوف وماطل فى الأمر؟! (ماذا طلبنا منه؟! - ألم تكن هناك؟! - لم أعر ذلك اهتماما - لم يقل شيئا محددا أو دقيقا - قال أنه سوف يرى - لا يستطيع أن يعد بشىء - وأن عليه أن يفكر بروية وهو خالى البال صافى الذهن - إنه يريد أن يستشير عائلته - مريديه وأنصاره وأتباعه - إنه محنك معاصر لا يحزم أمره فى التو بل يطلب فسحة من الوقت والتفكير والاستشارة).
ثم إنه لن يتورط فى قيادة السفينة الآن.. لابد أن نتغير نحن أولا قبل أن نطالبه بالتغيير.. تعاد تربيتنا من جديد.. فدرر الملهم لا تلقى هكذا على قارعة الطريق للسوقة والرعاع وأبناء السبيل.. لابد أن نؤمن به قبل أن نحبه.. لا أن نحبه ثم نؤمن به.. لابد أن نبذل جهدا خارقا حتى نصبح جديرين بزعامته.. ومن ثم حنوه علينا ورعايته.. لابد أن نتوسل إليه.. نستجديه.. نهرع إليه بالتوقيعات والتوكيلات والتنازلات فى الشهر العقارى وبمواصلة الهتافات والأهازيج.. تلك الهتافات التى تذكرنا بقصة رمزية رائعة للفيلسوف الألمانى «نيتشه» عن مجموعة من المساجين يجتمع بهم أحدهم فى فناء السجن.. ويؤكد لهم فى ثقة وكبرياء أن بإمكانه أن يخلصهم من أغلالهم ببساطة بالغة.. فقط عليهم الاعتراف به باعتباره المخلص ابن الإله وليس مجرد سجين مثلهم فما يلبث أن يكون رد فعلهم السخرية منه.. ويدوسونه بالأقدام وهم يصيحون ضاحكين.
وهم فى سبيلهم إلى هدم سور السجن والهروب: مرحى.. مرحى يا ابن الإله.. إن «جودو» الذى طال انتظاره يوفد أخيرا رسولا.. هو صبى متعثر وواجف ليخبرهما أن «جودو» لن يأتى اليوم.. وربما يأتى غدا.. ويبدو «جودو» من خلال الحديث الدائر بينهما وبين الصبى كائنا ساديا يستخدم الصغار ويتعسف بهم، فالصبى ليس سوى بائس يمثل الغباء والحيرة والخوف والعبودية.. أما مسرحية «الكراسى» «ليونيسكو» فإنها تمثل مجموعة كبيرة من الكراسى المتراصة فى مواجهة منصة صغيرة خالية.. ورغم الدعوة لحضور خطاب مهم سوف يلقيه عظيم.. فإن الكراسى تظل فارغة دون وجود فعلى لجمهور المتلقين.. وحينما يبلغ ضجر الانتظار بالكراسى مداه.. يأتى فى اللحظة الأخيرة الخطيب العجوز.. لكنه ما إن يعتلى المنصة ويشرع فى الحديث.. حتى يعجز عن النطق.
يحاول مرارا وتكرارا فى عناء ومكابدة وجهد وعذاب والعرق يتفصد من جبينه.. فتخرج الكلمات من فمه أشبه ما تكون بأصوات عجماء.. حشرجات عاجزة متنافرة مخنوقة متفرقة.. فحيح ولهاث وعواء.. أطراف حروف غائمة متكسرة غامضة لا تكتمل.. ثأثأة وفأفأة سجينة لسان مبتور يعكس أزمة اللغة ومحنة التعبير واختفاء المعنى، وعبث الحضور، وحتمية الانصراف.. فلا يجد مفرا من أن يشنق نفسه.
وفى عرض معاصر للمسرحية تتغير النهاية بالفرار مرة أخرى إلى المطار.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.