تناولت جميع أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة، والمرئية.. داخل مصر وخارجها وكذلك منظمات المجتمع المدنى، وبخاصة جمعيات حقوق الإنسان وما أكثرها والمجالس القومية النسائية والجمعيات النسوية، ونظمت المظاهرات على أعتاب مجلس الدولة اعتراضا وسخطا على القرار الصادر عن الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة، والذى سانده تأييدا وتعضيداً المجلس الخاص بمجلس الدولة.. الذى يضم أقدم أعضاء المجلس، بالإضافة إلى المستشار - رئيس المجلس - بشأن إرجاء قبول طلبات تعيين خريجات كليات القانون من الحاصلين على درجة امتياز وجيد جدا فى الالتحاق بالعمل فى مجلس الدولة فى وظائف المندوب المساعد المعلن عنها وهى أول درجات السلم الوظيفى فى مجلس الدولة.. وتبارت الأقلام والحناجر طعنا على هذا القرار. وطالب البعض بضرورة أن تقيم النساء الدنيا ولا تقعدها لإجبار مجلس الدولة على التراجع عن هذا القرار، الذى اعتبروه مخالفا للدستور الذى يحظر التمييز بين المواطنين بسبب الجنس.. كما نعت واأسفاه البعض شيوخ القضاة فى مجلس الدولة والصفوة المختارة من أعضائه بالتطرف تارة، والجمود تارة أخرى مما يعد وبحق قصفا وسبا فى حق هيئة قضائية لها كل الاحترام والإجلال والتقليل من شأنها وإهانة رموزها، مما يوهن من الثقة والإجلال الذى يحظى به قضاة هذا الصرح الشامخ.. وعوداً على بدء، فإن قرار مجلس الدولة فى شأن تولى المرأة القضاء وعلى غير المتواتر الآن كان منذ عام 1949 مع حق المرأة فى تولى القضاء عندما قبل مجلس الدولة برئاسة أفضل فقيه قانونى عرفته مصر عبر تاريخها المرحوم « عبد الرازق السنهورى» باشا أوراق الخريجة « عائشة راتب » الحاصلة على ليسانس الحقوق بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف للعمل كمندوب مساعد بمجلس الدولة.. وأدرج اسمها ضمن كشوف المقبولين بالمجلس، وأرسل القرار إلى مجلس الوزراء لاستصدار القرار باعتبار أن مجلس الدولة كان يتبع مجلس الوزراء فى هذا التوقيت، غير أن مجلس الوزراء رفض إصدار القرار وعزاه إلى أن ظروف المجتمع المصرى آنذاك لا تتقبل هذه الخطوة المتقدمة، فطعنت عائشة راتب على القرار الإدارى أمام مجلس الدولة الذى حكم منذ أكثر من 60 عاما بأحقية المرأة فى التعيين بمجلس الدولة. وتقدمت بعض خريجات كلية القانون لشغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة واجتمع أعضاء المجلس وتدارسوا الأمر وانتهوا إلى أن الظروف التى حالت دون قبول المرأة عام 1946 حتى الآن مازالت قائمة.. وهى وجهة نظر قد نتفق أو نختلف حولها.. ولكن علينا واجب احترامها.. فأهل مكة أدرى بشعابها ولا يجوز أن نحمل الأمر بأكثر مما يحتمل أو نورد أسبابا وافتراضات لهذا الإرجاء.. وغير ما ذكره بيان مجلس الدولة.. ونأمل فى المستقبل القريب أن تتهيأ الظروف المناسبة بالاستفادة الكاملة من نصف المجتمع بعد زوال البطالة واحتياج المجتمع لكل القوى والموارد البشرية للإسهام فى الإنتاج فى جميع المجالات.. كما يتعين أن نذكر من ينسى أن مجلس الدولة الذى تكال له الاتهامات هو الذى أنصف المرأة فى حقها للسفر بالخارج بغير إذن زوجها وهو الذى حكم بارتداء المرأة النقاب أو الحجاب متى شاءت باعتبار أن ذلك من الحقوق للإنسان التى لا يجوز الانتقاص منها أو الاختلاف عليها.. كما لا ينسى أنه تصدى أيضا لكثير من القضايا العامة التى تتعلق بنشاط الإدارة.. الإدارى والاقتصادى، والاجتماعى عدا أعمال السيادة.؟