في الوقت الذي تصاعدت فيه حرب قرارات العلاج علي نفقة الدولة بين كل أطرافها المتورطة فيها.. حكوميا وبرلمانيا.. أثبت وزير الصحة أنه خبير في المناورات السياسية والمالية باستخدامه كل ما لديه من أوراق في التوقيت المناسب، مما يزيد آلام ضرباته المفاجئة شدة، وأخرها القوائم الثلاثية التي عتم علي تفاصيلها ومنع كل رجاله من الخوض في تفاصيلها إلا في حينه، كما كان أداؤه في قوائم ال174 نائباً، ويبدو أن في جعبة الجبلي الكثير ليكشف من يزايد علي البسطاء، ويتربحون بآلامهم ثم يزايدون عليها مع اقتراب مولد الانتخابات. روزاليوسف استطاعت التوصل إلي تفاصيل من القائمة الأحدث ثلاثية الأبعاد أو أباطرة قرارات الملايين التي تقسم النواب إلي الحاصلين علي قرارات بأكثر من 20 مليون جنيه، والثانية من 3 إلي 10 ملايين، والثالثة مليون أو أقل قليلا، وتضم القائمة د.شمس الدين أنور وهو طبيب عيون من دائرة شبراخيت- البحيرة- وحصل علي قرارات ب27مليون جنيه، خلال أربعة شهور فقط، بأسماء جماعية دون تقديم شهادات طبية تثبت مرض المنتفعين من القرار ودون عرض علي اللجان الثلاثية المختصة خاصة أن هناك سقفاً لكل علاج، وكان قد حصل نفس النائب علي قرارات خلال دورة الانعقاد بأعوامها الأربعة السابقة والخامس الجاري علي قرارات ب277 مليار جنيه. وتشمل القائمة المليونية المثيرة عمران مجاهد، نائب الغد السابق والدستوري الحالي، من دائرة الزرقا بدمياط، وقد حصل علي قرارات ب 3 ملايين جنيه شهريا، وكذلك السيد عزب وطني فلاح من كفر شكر بالقليوبية، والذي حصل علي 24 مليون جنيه مقابل شراء أطراف صناعية، ويصر علي شراء الكرسي المتحرك ب 12 ألف جنيه، وإبراهيم أبو شادي من مركز إيتاي البارود بالبحيرة، ومحيي القطان من مركز قلين بكفر الشيخ، ومحيي الزيدي عضو مجلس الشوري من الصف بالجيزة، وجلال سعد جلال من مركز الأربعين بالسويس، وتتراوح القرارات المليونية في هذا السياق من 36 إلي 48 مليون جنيه. هذه الأسماء وغيرها من أصحاب القرارات المليونية مطالبة الآن بتجهيز كل الأوراق الخاصة بها، لأن كثرة القرارات في وقت قصير لا تعني أن النائب نشيط في أغلب الحالات، وبالذات لو علمنا أن هناك مستشفيات خاصة يتعامل معها هؤلاء النواب في تنفيذ القرارات أو حتي عامة أو استثمارية، وبالتالي فإن المسئولية غير ملقاة علي المسئولين الحكوميين فقط علي مخالفتهم للقانون بالطبع، ولكن أيضا علي النواب الذين حصلوا علي هذه الأرقام الخيالية علي فترات قصيرة، باستغلال نفوذ، يحرم مصريين مرضي في دوائر غير دوائرهم من العلاج بل ويعرضهم للموت، إن لم يموتوا بالفعل. ويبدو أن الأزمة لن تهدأ رغم محاولات تهدئتها من بعض الأطراف المتورطة فيها، لكن لايزال النواب يحاولون ابتزاز الوزير الجبلي، بدفعه لرفع سقف القرارات عن ال50 الف جنيه، لكل نائب في الشهر، وعدم التشديد علي الإجراءات معهم في إصدارها، أي أنهم يريدون عودة الأمور إلي مجاريها، قبل إثارة الأزمة التي حاولوا بها زيادة مخصصاتهم رغم أن ديون العلاج علي نفقة الدولة قاربت مليار و600 مليون رغم أن ميزانية الصحة أساسا لا تتجاوز ال7 مليارات جنيه. -- وعلي هامش هذه الأزمة ماتزال هناك معركة مثارة بين وزارتي الصحة والمالية، وعلي خلفية أزمة تمويل التأمين الصحي الذي يرتبط أساسا بالعلاج علي نفقة الدولة حيث يلغيه تدريجيا مع توفير البديل، وفي هذا السياق علق د.محمد عابدين رئيس المجالس القومية المتخصصة إن وزارة المالية شككت في حجم الديون التي من المفترض تسديدها للمستشفيات التابعة للتأمين الصحي، وقالت إن بها قدرًا من المبالغة ، مشيرًا إلي أنها تبحث تقليص حجم هذه الديون للنصف.. وأشار عابدين إلي أن وزارة الصحة مدينة للمستشفيات التابعة لها بمبالغ مالية كبيرة إضافة إلي 76 مليون جنيه لمعهد ناصر و73 مليوناً لمعهد القلب و55 مليوناً لقصر العيني الفرنساوي وغيرها، واعترف عابدين بأن العلاج علي نفقة الدولة شابته العشوائية والمجاملات، وهو ما دفع 12 عضوًا بمجلس الشعب لاحتكار قرارات العلاج علي نفقة الدولة، مشيرًا إلي أنه سيتم تطبيق نظام كودي جديد بحلول مارس المقبل للحد من هذه الظاهرة. والملاحظ من الأوراق أن قرارات العلاج علي نفقة الدولة التي حصل عليها النواب، تشير إلي أن غالبية النواب يتعاملون مع مستشفيات خاصة بعينها، فمثلاً نائب شبراخيت حصل في الأربع سنوات علي مبلغ 277 مليون جنيه قرارات علاج، وحصل في الأربعة شهور الماضية من 1/9/2009 وحتي 30/12/2009 علي مبلغ 27 مليوناً و305 آلاف جنيه، ويتعامل مع مستشفي الممر الخاصة بالبحيرة، وأوضح النائب مصطفي بكري في طلب إحاطة قدمه في هذا النطاق أن نائب شبراخيت أرجع 400 قرار علاج لا أساس للأسماء الواردة في كشوف قرارات العلاج التي تقدم بها من قبل، والصحة ترصد أسماءً في كشوفات القرارات لمتوفين. وأشار بكري إلي أنه وصل إلي رئيس مجلس الشعب قرار يتضمن أسماء 27 نائباً حصلوا في الأربعة شهور الماضية علي ما قيمته 253 مليون جنيه، مشيرًا إلي أن عدد الأعضاء المتحصلين علي مبالغ تفوق المائة مليون جنيه بلغ 12 نائبًا من القائمة.. وأيده د.فتحي سرور رئيس المجلس في كلامه. وفي هذا السياق لم يظهر جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات مرة أخري في الصورة بعد الإعلان عن لجنة أعضاء الإدارة المركزية للرقابة المالية لمراجعة وفحص قرارات العلاج علي نفقة الدولة في الداخل والخارج. فيما بدأ يتساقط الفاسدون الذين ينهبون حتي أموال علاج المرضي من الشعب الفقير، بعد إحالة 5 مسئولين بالصحة للنيابة بتهمة التلاعب بالقرارات. -- كما أكد لنا د. حمدي السيد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب ونقيب الأطباء أن القرارات التي وضعتها وزارة الصحة هذا الأسبوع بتحديد قيمة محددة شهرية لكل نائب من قرارات العلاج عن دائرته الخاصة فقط، ربما يحد من إهدار هذا الكم من القرارات كما أن العلاج لابد أن يكون داخل المستشفيات الحكومية وليس الاستثمارية مع استثناء المحافظات التي ليس بها تخصصات طبية معينة كجراحات المخ والأعصاب، مشيرا إلي أننا ندرس حاليا الدوائر التي تفتقر هذه التخصصات. وأضاف إن مشكلة سداد المديونية المتأخرة علي الوزارة للمستشفيات في طريقها للحل خاصة أنه تم الاتفاق علي نظام جديد سينظم منح هذه القرارات بعد تحديد القيمة الشهرية لكل نائب، فضلا عن تشكيل لجنة وزارية للموافقة علي القرارات التي تزيد قيمتها علي 5 آلاف جنيه. وأشار إلي أننا حاليا نسعي لأن تكون كل محافظة بعيدا عن نواب دوائرها لها حصة من المخصصات المالية المقررة للعلاج علي نفقة الدولة، وبذلك يحصل جميع أهالي تلك المحافظات علي الرعاية المتكاملة. وعلمت روزاليوسف أن اللجنة الثلاثية التي شكلها الجبلي من بعض أعضاء نواب لجنة الصحة بالشعب والشوري سوف تستبعد مرضي الأورام والفشل الكلوي والكبدي من السقف اليومي لإصدار قرارات العلاج علي نفقة الدولة، وماتزال الأزمة مستمرة!