السيطرة على حريق بمصنع كريازي في العبور (صور)    السيطرة على حريق بمصنع "كريازي" في العبور    السيطرة على حريق أعلى سطح منزل في البلينا دون إصابات    ردا على الأهلي، ماذا فعل الزمالك مع زيزو قبل لقاء القمة؟    حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا في هذه الحالة، والتتويج أمام الزمالك أسعد لحظاتي    تنسيق الكليات 2025، الحدود الدنيا لجميع الشعب بالدرجات والنسب المئوية لطلبة الثانوية بنظاميها    شركة مياه الجيزة تكشف لتليفزيون اليوم السابع موعد عودة الخدمة.. فيديو    بعد 26 ساعة من العمل.. بدء اختبار الكابلات لإعادة التيار الكهربائي للجيزة    الداخلية: وفاة نزيل عقب نقله من محبسه إلى المستشفى بالدقهلية    بحضور 4 آلاف مشاهد.. افتتاح المهرجان الصيفي للأوبرا في الإسكندرية بحضور وزير الثقافة والمحافظ    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    مقتل 4 على الأقل إثر خروج قطار يحمل نحو 100 راكب عن مساره جنوب ألمانيا    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    تمارا حداد: الهدنة الإنسانية.. خطوة سياسية تكتيكية لشرعنة الحصار واستمرار الحرب على غزة    مستشار ترامب ل "الفجر": إيران تلقّت ضربة عسكرية مباشرة بأمر من ترامب بسبب برنامجها النووي    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب البيطري 2024 المرحلة الأولي بالنسبة المئوية    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    الصفاقسي التونسي يعلن تعاقده مع علي معلول.. والتفاوض مع لاعب الزمالك    جدول مباريات الزمالك في الدور الأول من الدوري المصري الممتاز موسم 2024-2025    الغندور يعلن رحيل نجم الزمالك.. ويكشف وجهته المقبلة    خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء.. " كامل الوزير" يستعرض خطة تطوير الطريق الدائري الإقليمي    وزير الزراعة: تجاوز صادرات البطاطس 1.3 مليون طن للمرة الأولى    وزير السياحة: ارتفاع معدل إنفاق السائحين... وتوقعات بتجاوز حاجز 18 مليون زائر بنهاية العام    الحوثيون يعلنون عن خطوات تصعيدية جديدة ردا على الحرب فى غزة    الأرصاد تحذر من ارتفاع الأمواج في عدد من الشواطئ (تعرف عليها)    إصابة 5 أشخاص بحادث انقلاب سيارة في البحيرة    صور حادث تصادم قطار خط المناشي بجرار زراعي في البحيرة    رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر "حلّ الدولتين" فرصة للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    «اللي بيتكلم مجنون».. مدحت شلبي يهاجم مسؤول في الأهلي بتصريحات قوية    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    سعر الدولار فى التعاملات الصباحية اليوم الاثنين 28-7-2025 فى البنوك    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد 4 فلسطينيين فى قصف الاحتلال على خان يونس.. هزات أرضية وصلت ل3.8 درجة بمقياس ريختر فى ميانمار.. مقاتلون سابقون فى طالبان نقلوا لبريطانيا حفاظا على سلامتهم    طه عزت: الموسم المقبل بلا تأجيلات.. وهناك تنسيق مع حسام حسن بسبب الأجندة الدولية    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    «قالوا لي إني ميتة».. أنوار تروي مأساة 9 سنوات انتهت باختفاء الزوج ووقف المعاش    حددت شروطا للظهور به وارتدته وخلعته قبل 11 عاما.. قصة سما المصري مع الحجاب بعد «فيديو البكاء»    دفاع أحد ضحايا سفاح المعمورة بعد الحكم بإعدامه: طالبنا بتعويض مدنى مليون جنيه    مدرب بيراميدز عن موعد مباراة دجلة: اللعب فى حرارة 45 درجة تهديد لصحة اللاعبين    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ الوادي الجديد ينعى مدير الأمن الراحل إثر حادث سير بالمنيا    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    شاهد.. توجيهات الرئيس السيسي اليوم ل3 وزراء بحضور مدبولي    جامعة أسيوط تشهد فعاليات اللقاء العلمي "GEN Z ANALYSTS" بكلية التجارة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    تخفيض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام في الغربية إلى 225 درجة    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعد الرئيس وصحة الناس

أصعب معركة تواجهها البلد هى تحقيق العدالة الاجتماعية
بينما كان عدد من أعضاء مجلس الشعب يواصلون الضغط على وزير الصحة حاتم الجبلى لكى يرضخ لمزيد من الطلبات التى يقدمونها، بدون سقف أو ضابط، كانت هناك اجتماعات متواصلة تعقد لمزيد من دراسة منهج قانون التأمين الصحى الجديد.. الهادف إلى إنهاء الحالة التى يستفيد منها نواب وغيرهم.. وأن تتوافر الخدمة الصحية لكل من يحتاجها..
فى الوقت الواجب. عدد من النواب يستغل الوضع الحالى فى تحقيق فائدة سياسية. يوهم الفقراء أنه قادر على أن يوفر لهم فرص العلاج على نفقة الدولة من فم الحكومة.. فى حين أن هذه الخدمة متاحة للمواطن عمليا بدون وسيط.. بدليل أن معدلات إصدار القرارات قد ارتفعت من ألفى قرار فى اليوم إلى نحو سبعة آلاف قرار فى اليوم فى غضون عامين تقريبا.
وعدد من الأشخاص، ولا أريد أن أقول النواب، يستغلون الوضع الحالى، وبعض قيود البيروقراطية التى تهدف إلى التدقيق أكثر من كونها تهدف إلى التضييق، يستغلونه فى تحقيق فائدة مالية، مقابل العمل كوسطاء وسماسرة فى استصدار القرارات.. التى بدأت فى مواجهة أزمة عدم تغطيتها ماليا فى بعض المستشفيات.. فامتنعت مؤسسات صحية عن تقديم الخدمة للمرضى المحتاجين.. حتى لو كانت القرارات فى أيديهم؛ لأن الحكومة تأخرت بعض الوقت فى تسديد قيمة قرارات العلاج.
وخلال وقت وجيز من الأسبوع الحالى، يذهب وزير الصحة إلى مجلس الشعب، حيث من المتوقع أن يواجه ضغوطا حادة من النواب، إذ سوف يصر على أن يخضع قرارات العلاج التى يطلبها النواب لضوابط صارمة تمنع التسرب المالى الهائل فى اتجاهات غير واجبة.. وقد تواجه الحكومة ما هو أقسى من ذلك ممثلة فى وزير الصحة.. لكنه وفق ما أعتقد لن يتراجع عن القيود الواجبة على إصدار القرارات.. حتى يضمن أن العلاج على نفقة الدولة يذهب إلى من يستحق بدون وسيط سياسى أو مالى.
إن النواب الإخوان على سبيل المثال ينتهزون هذا الدعم المتوافر والمتاح من خزانة الدولة ويبيعونه للناس على أنه إنجاز ذاتى حققوه.. أو انتزعوه.. كما لو أن المليارات التى تنفق فى هذا الاتجاه لا تصل إلى المرضى المحتاجين إلا بعد جهد جهيد.. ومن ثم فإن الصحف التى تروج للإخوان إنما تذهب فى حملاتها إلى تضخيم استفادة الشخصيات العامة من العلاج على نفقة الدولة.. كما لو أنهم يحتكرون الأموال الطائلة، ولذا فإنها تُحجب عن الفقراء.. وهو كلام غير دقيق بالمرة.
بشكل عام تواجه المنظومة اختلالا رهيبا، يعبر عن مشكلات نظام التأمين الصحى القائم فى المجتمع، الذى يغطى نحو نصف المواطنين، أو كما قال أحد المسئولين واصفا تلك الحالة: (نحن أمام وضع لايرضى أحدا رغم النفقات الطائلة عليه.. لا المشترك فى نظام التأمين الصحى يشعر بالرضا.. ولا غير المشترك لديه إحساس بالأمان الصحى).. هذا التلخيص لاينفى حقائق أخرى وتشويهات عديدة.
ومن ثم فإن البرنامج الانتخابى للرئيس تضمن تعهدا واضحا ومركزيا حول هذا الأمر.. واستهدف إصدار قانون جديد للتأمين الصحى.. فى إطار السعى إلى منظومة صحية تحقق بعدى العدالة والتوازن.. من جانب.. وتجسد من جانب آخر بعدى الإتاحة والجودة.
وفى خطابه أمام مجلسى الشعب والشورى فى بداية الموسم السياسى الحالى ذكر الرئيس النواب بتعهده.. وطالبهم بالعمل على الأجندة التشريعية التى تؤدى إلى إصدار القانون.. لكن عددا كبيرا من النواب كان منشغلا باستحلاب آخر ما فى عيوب النظام الحالى غير العادل من ثغرات.. بدلا من أن يعين الدولة على إحداث نقلة نوعية فى منظومة علاج المواطنين.. تلك التى بدأت فى عام 1964 بنظام شمل التأمين على 140 ألف مواطن.. فى حين يتجاوز عدد المؤمن عليهم الآن 44 مليون مواطن.
انتقال صعب
لكن الانتقال من نظام إلى آخر، خاصة إذا كان الجديد يمثل نقلة نوعية وتاريخية، لن يكون سهلا، والقوانين ليست هى وحدها التى تصنع التغيير حتى لو خلقت أوضاعا جديدة، وحتى لو كانت نوايا حسنة تماما، فهى لكى تحقق الهدف يجب أن يكون من الممكن تطبيقها.. وألا تتعثر لسبب أو آخر.. وحتى لو كان المستهدف هو تطبيق نظام التأمين الصحى الجديد بالتدريج.. وعلى مدى سنوات.. وفى محافظات قبل غيرها.. فإن توخى الدقة ينبغى أن يحيط بمشروع القانون لكى يؤتى ثماره.
بالتالى فإننى أتفهم التريث المتعمق فى دفع القانون إلى مجلس الشعب، وإصرار مجموعة من الأطراف الحكومية والحزبية على الاستغراق فى نقاش مشترك فى إطار الحزب على عقد اجتماعات مستمرة ومجهدة تقضى ساعات طويلة مرتين على الأقل أسبوعيا.. لكى يتم الوصول إلى صيغة عملية برامجية - ولا أقول فقط صياغات للنصوص- تصل بمشروع القانون إلى أهدافه. إن معضلة القانون الجديد تكمن فى أمرين على الأقل:
هل سيكون النظام التأمينى ملبيا لتغطية جميع المواطنين بلا استثناء؟
كيف يمكن تغطية الفجوة التمويلية ما بين تكلفة العلاج على نفقة النظام المستهدف.. وبين قيمة الاشتراكات التى يدفعها المواطنون؟
تلك الفجوة التى قدرها رقم سمعته من مصدر فى أحد اجتماعات مجلس الوزراء بأنه يصل إلى 17 مليار جنيه.. فى وقت لاتحتمل فيه الميزانية أى قدر جديد من العجز الذى يؤدى إلى مزيد من التضخم والإعاقات المالية المتنوعة.
واستهداف تحسين الخدمة الصحية باعتباره مقصدا اجتماعيا واقتصاديا حيويا، وهدفا يسعى إليه الرئيس ويصر عليه، وبحيث يؤدى إلى مزيد من اطمئنان الناس وانبساطهم وشعورهم بالأمان، هو غرض تسعى إليه كل الحكومات الواعية.. الرئيس مبارك فى سوهاج فى يوليو 2005 أعلن عن هذا التوجه.. حين كان يفتتح أحد المستشفيات.. وأعلن عن ست نقاط يستهدفها التطوير فى الخدمات الصحية.. وقبل أيام وفى سوهاج أيضا ركز على ذلك حين كان يفتتح مستشفى آخر.. ويؤكد على ضرورة تلبية الخدمات الصحية التى يحتاجها الصعيد.. مع إشادته بنمو عدد المراكز الصحية المتخصصة التى توفر على الصعايدة الانتقال إلى العاصمة.
حلم أوباما
فى الولايات المتحدة، وقبل أن يُعاد تقييمه.. وتعرف قدراته، بنى الرئيس أوباما مجده التاريخى كرئيس يحظى بشعبية هائلة حين وصل إلى البيت الأبيض على أساس تعهده للناخبين بإصلاح جوهرى فى نظام التأمين الصحى.. وهو هدف يريده المواطنون فى الولايات المتحدة منذ خمسين عاما على الأقل.. ويواجهون تعثرا فى بلوغه حتى مع وضعه على أجندة أوباما باعتباره أمرا له أولوية لا مفر منها.
فى أمريكا الأمر مختلف. أولا لاتوجد تغطية حكومية للتأمين الصحى. المواطنون يدفعون نظير الخدمة عن طريق وظائفهم. ومن ثم فإن العاطلين عن العمل يجدون مشكلة رهيبة حيث لاتوجد قرارات علاج على نفقة الدولة. وما بين 46 مليون و50 مليون أمريكى بلا تغطية.. سواء كانوا بلا عمل أو كانوا من اللاتين والسود الذين يواجهون نوعا من العنت العنصرى. وفضلا عن سعيه إلى أن يشمل النظام إتاحة الفرص أمام هؤلاء.. فإن أوباما يريد نظاما للتأمين الصحى يؤدى إلى توفير عروض مختلفة بأسعار متنافسة أمام كل مواطن أمريكى لكى يختار ويقرر أيها أصلح له.
فى الولايات المتحدة الأمر معقد جدا. فضغوط شركات الأدوية والتأمين أقوى من أى نفوذ آخر. وهى جميعا مستفيدة من الوضع الحالى ولاتريد أن يحدث فيه تعديل. وجاءها على طبق من ذهب أن تعديلا قد جرى فى توزيعة النواب بما أفقد أوباما الأغلبية الديمقراطية فى الكونجرس.. فتعطل المشروع إلى حد ما.. مع العلم بأن الكثيرين كانوا يراهنون على أنه سوف يستغرق الأمر فترة رئاسية كاملة قبل أن يقر القانون ويجرى التعديل. ورغم ذلك فإن أوباما تعهد بإنفاق 650 مليار دولار على الخدمات الصحية خلال عشر سنوات.. علما بأن المبلغ الذى تنفقه الولايات المتحدة حاليا يبلغ 5،2 تريليون دولار سنويا. تعقيدات مصر
فى مصر ليس الأمر بهذا التعقيد، لكن له مصاعبه.. القوى التى تقاوم النظام المطروح للدراسة ليست لديها مصالح اقتصادية بقدر ما لها مصالح سياسية. بمعنى أنها لاتريد لهذا التوجه الجديد أن يتحقق حتى يبقى الحال على ما هو عليه ويظل نقيصة فى جدار النظام الاجتماعى. وفيها قوى تعود بخلفيتها الأيديولوجية إلى الستينيات.. وترى أى تطوير هو نوع من الخدمة للقطاع الخاص.. ومن ثم قال بعضهم إن هذا التطوير المستهدف إنما يؤدى إلى خصخصة التأمين الصحى.. وهذه الخصخصة ليس لها وجود على كل حال.
والقانون فى مصر لايواجه لوبى من شركات الأدوية. ولكنه يجد تعمقا من جهات إعداده، خاصة الحزب صاحب الأغلبية الذى سوف تقره أصوات نوابه، لكى لايكون القانون عبئا على الناس.. بل وسيلة لتغيير حياتهم.. وتخفيف وطأة المرض عليهم.. وكما قال جمال مبارك قبل نحو ثلاثة أعوام حين افتتح النقاش العام حول القانون مع ممثلى مقدمى الخدمات الصحية فى المجتمع: لايجب أن يواجه المواطن أزمة المرض التى قد تطيح بكل مدخراته وتجعله فى مهب الصعوبات.. وإنما يجب أن يكون آمنا على نفسه حين يتعرض لأى مرض مفاجئ.
فى الولايات المتحدة هناك سعى لأن يشمل التأمين الصحى من لايتمكنون من دخوله لارتفاع نفقاته. وهناك سعى لأن يجد المواطن عروضا متنوعة يفاضل بينها. لكن الهدف فى مصر أن يشمل القانون كل المواطنين الذين ينبغى أن يشملهم النظام بأقل الاشتراكات الشهرية.. وأن يكون هناك فصل بين نظام التمويل ونظام تقديم الخدمة.. وأن يتحمل القادر نفقات علاجه أو أن يدفع اشتراكا يتوازى مع حالته الاجتماعية.
ليس بعيدا فى هذا السياق أن يجد القانون إعاقة من فئة محددة سوف تتحمل قدرا أكبر من التكاليف.. وأعنى بها مؤسسات الأعمال التى قد تتحمل قدرا أكبر من المال فى اشتراكات الدخول فى النظام لصالح موظفيها والعاملين لديها.. هذه القوى هى التى تمارس ضغوطا كبيرة فى مواجهة إصلاحات هيكلية مالية مختلفة.. وذلك فى:
الأغنياء الذين عليهم أن يرضخوا لقانون الضرائب العقارية بحيث يدفعون الضريبة الأعلى على العقارات الأغلى.
الأغنياء الذين عليهم أن يدفعوا قيمة أكبر فى اشتراكات نظام التأمينات والمعاشات الجديد.. باعتبارهم أصحاب أعمال.
الأغنياء الذين عليهم أن يدفعوا قيمة تكلفة اشتراك عامليهم فى نظام التأمين الصحى الجديد الذى تجرى دراسته هذه الأيام.
أغنياء وفقراء
ما الذى أريد أن أقوله من وراء كل هذا العرض؟
هناك مجموعة من النقاط:
1 - إن مجموعة قوانين الإصلاح الاقتصادية ذات الطبيعة المالية.. تمضى قدما فى إطار منظومة متتالية.. تعالج أخطاء متراكمة من عشرات السنين.. وتحقق أهدافا اجتماعية بالموازاة لأهداف اقتصادية. على سبيل المثال فإن قانون الضريبة العقارية يوجه ريعه الأساسى إلى تمويل الخدمات فى المحليات.. وقانون التأمينات والمعاشات يحقق توازنا وأمانا للمواطن فى مواجهة التضخم وتبدل الأحوال الاقتصادية ويضمن له الاستقرار فى مختلف مراحل عمله وعمره.
2- إن تلك القوانين تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية فى وجوهها العملية.. وأن تحقيق العدالة ليس أمرا يسيرا كما يتخيل البعض.. فى ضوء السعى إلى حماية الاستقرار والعلاقة بين فئات المجتمع.. بل هى أمر شديد الصعوبة ويجد مقاومة رهيبة.. ومن المدهش أن المستفيدين من تلك العدالة الاجتماعية إنما يستخدمون لتحقيق أهداف من ينبغى عليهم الرضوخ لتحقيق العدالة.
3- إن الحزب الذى يمثل الأغلبية والحكومة التى تعبر عنه.. يواجه دعاية كاذبة فى أنه يدافع عن مصالح الأغنياء.. فى حين أن هذه المجموعة من القوانين أثبتت وتثبت عمليا أنه إنما يواجه أصحاب المصالح من الأغنياء.. الذين يخوضون التفاوض الشرس هذه المرات بذكاء أكبر.. من خلال الدفع بالفقراء إلى أتون المواجهة مع الحكومة.
4- إن القوانين لم تعد تصدر فى مصر بالطريقة التى كانت عليها الأمور فيما مضى. مجرد ورقة وقلم وبنود تكتب.. بل يخضع الأمر إلى دراسات متعمقة وحوارات مستفيضة.. واستماع إلى كافة وجهات النظر.. قد تؤدى إلى البطء فى بعض الأحيان.. ولكن الهدف هو تحقيق أقصى درجة من التوازن.. والأهم توفير مصادر تمويل القانون إذا كان يحتاج إلى تمويل.. وليس مؤديا إلى جلب موارد.
5 - إن التعهدات الرئاسية تنفذ خطوة تلو أخرى.. وفى المدى الزمنى لتحقيق برنامج الرئيس.. وهناك وقت وفير أمام قانون التأمين الصحى.. فبرنامج الرئيس لم يزل فى مداه عام ونصف العام.. إذا وجد دارسو هذا القانون أنه قد لايلحق بالدورة البرلمانية الحالية.؟
دعوات بالشفاء للرجل المحبوب
يمثل كمال الشاذلى، أمين التنظيم السابق للحزب الوطنى، والوزير السابق، والسياسى العتيد والمرموق، حالة لها تميزها فى التاريخ الحزبى بعد ثورة يوليو، باعتباره- أيا كان اختلافك معه- سياسيا عصاميا.. ومحنكا.. وصاحب موقف.. ومخلصا لتاريخه الشخصى..وانتمائه.. والنظام الذى ارتبط به وانتمى له.
لقد اختلف معه الكثيرون.. ولكنه رجل صاحب بصمة.. وله تأثير بين قطاعات عديدة من الناس.. خصوصا أبناء بلده.. وكثير من العائلات والشخصيات التى حفظ تاريخها وعرف مواقفها عن ظهر قلب وبطريقة مدهشة جدا.
نكرر له الدعاء بالشفاء.. وقد كنا أول من تمنى له ذلك صحفيا.. حين نشرت خبرا لم يكن معروفا وقتها يوم 29 يناير الماضى فى جريدة روزاليوسف عن مرضه وسفره إلى الولايات المتحدة لإجراء جراحة دقيقة فى الجهاز الهضمى.. حيث يتواجد معه عدد من أفراد أسرته يرعونه ويتمنون له الشفاء وهو ما نتمناه له أيضا.
إن ما لفت نظرى خلال الأيام القليلة الماضية خاصة بعد أن نشرنا الخبر ليس فقط المتابعة التى يلقاها إنسانيا من كافة من عمل معهم وعملوا معه، والسؤال المتكرر عن حالته من السيد الرئيس.. خاصة أننى عرفت الخبر يوم عيد العلم.. حين استفسر الرئيس من وزير الصحة عن موقف الشاذلى صحيا.. وهو ما أكد لى الدكتور الجبلى أنه أمر يتكرر بشكل شبه يومى.. الذى لفت نظرى هو التعليقات المختلفة التى وردت على موقع روزاليوسف على الخبر من قراء مختلفين يدعون للوزير السابق والنائب الحالى.. حيث يكررون وصفه باعتباره (الرجل المحبوب).
هو كذلك بالفعل محبوب بغض النظر عن رأى خصومه السياسيين. وقد دارت بينى وبينه حوارات ونقاشات كثيرة. وذات يوم دعانى إلى سحور رمضانى لطيف فى مطعم نيلى شهير.. حيث اشترط أن يكون على المائدة بيض بالزبدة وطعمية وخبز بلدى ساخن.. وبينما كان هذا الكرم الشاذلى يفرض أجواءه علينا.. كان الحوار يطول من ساعة إلى أخرى. وكنت ألتقيه فى المناسبات العامة من حين لآخر.. مذكرا إياه بهذا السحور الدسم والنقاش الطويل.
لقد كتب أحمد عبدالمطلب على موقع روزاليوسف: (ربنا يشفيك وترجع بالسلامة)، وكتب حمادة شعراوى: (ألف سلامة عليك ياأسد البرلمان)، وكتب هيثم من الباجور: (يارب تقوم بالسلامة)، وكتب يحيى عابدين: (الله يعطيك الصحة والعافية)، وكتبت مى مصطفى: (ترجع بالسلامة)، وكتب يحيى شعراوى: (ترجع بالخير يا رجل البر والتقوى).. وهناك أمثلة كثيرة أخرى.
ولابد أن هؤلاء ليسوا أصحاب مصلحة.. ولا هم مرتبطون بمنفعة ما من رجل مازال متصلا بالناس ومتواصلا معهم.. وبالتأكيد فإن قرون استشعارهم أدركت كنه الشاذلى وحقيقته.. ومن ثم عبروا عن مشاعرهم المخلصة له كمسيرة وعمل وتاريخ.
نتمنى له معهم الشفاء..
ونرجو الله أن يعود سالما.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.