نجح مسلحون عراقيون فى التسلل إلى نظام نقل المعلومات من طائرات التجسس الأمريكية التى تطاردهم، وتمكنوا من الاطلاع على جميع محتوياتها من الصور الجوية التى كانت تقوم بتصويرها.. هذا ما ورد فى تقارير صحفية أكد مسئولون عسكريون فى الولاياتالمتحدة صحتها. ذكر المسئولون أن اختراق نظام المعلومات اكتشفه الخبراء قبل عدة أشهر، وأن ذلك الاختراق تمت السيطرة عليه وإغلاق الثغرة الأمنية التى دخل منها القراصنة. قال أولئك المسئولون أيضا أن المعلومات والصور التى تسربت من الطائرات العاملة دون طيار لم تسبب أية خسائر فى صفوف الجيش الأمريكى، بالطبع لا يمكن أن يكون مثل ذلك التأكيد دقيقا لأن أقل الخسائر التى من المؤكد أنها لحقت بالقوات الأمريكية قد تكون إهدار قيمة المعلومات التى تجمعها طائرات التجسس بسبب انتباه المسلحين إليها وتغيير مواقعهم فى الوقت المناسب. بحسب المسئولين الأمريكيين، فإن قراصنة المعلوماتية التابعين للمجموعات المسلحة استخدموا فى عملية اختراق أنظمة الطائرات برنامجاً عادياً يمكن الحصول عليه من الأسواق حول العالم، ولكن خرقهم للأنظمة اقتصر على الاطلاع على المعلومات المنقولة عبر الشبكة التى تربط بين الطائرة وقاعدتها ولم يصل إلى حد يمكنهم من التحكم بالطائرات العاملة بالتوجيه عن بعد. ورد فى تقارير صحفية أخرى أن البرنامج المستخدم فى عملية القرصنة المعلوماتية هو برنامج «سكاى جرابر»، من تطوير شركة برمجيات روسية طرحته فى الأسواق بأسعار زهيدة لغرض آخر، لكن اكتشف القراصنة قدرته على اختراق شبكة الاتصالات بين الطائرات العاملة من دون طيار ومراكز المراقبة الأرضية التى توجهها وتحصل منها على المعلومات والصور أولا بأول. سهل عملية الاختراق تزايد حاجة القوات الأمريكية للصور التى تقدمها الطائرات بدون طيار التى تتولى عملية الرصد ومتابعة مراكز تجمع المسلحين، لذلك اضطر الفنيون إلى التخلى عن بعض برامج الحماية وإزالة بعض البرامج الأمنية لتسهيل بث الصورة بشكل مباشر إلى أكثر من جهة فى الوقت نفسه، سمح ذلك لمجموعات القرصنة التابعة للمسلحين باقتحام الشبكة. قالت مصادر الجيش الأمريكى إن هذه المسألة تعود إلى أشهر مضت، وقد تم حلها ولم توضح تلك المصادر الكيفية التى عالج من خلالها الجيش الأمريكى هذا الخلل التكنولوجى، إلا أنها أكدت أن الولاياتالمتحدة عادة ما تزود هذه الطائرات بأجهزة الاتصال العادية دون شعور بالقلق فى دول العالم الثالث، بسبب ثقتها بأن القوى الموجودة بتلك المنطقة تفتقر إلى التكنولوجيا اللازمة لتنفيذ الخرق، ورجحت المصادر أن تكون إيران طورت هذه التقنية ونقلتها لقوى موالية لها فى العراق للتجسس على المعلومات الموجودة بحوزة واشنطن. من جهته، رفض الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية التعليق على هذه المعلومات واكتفى بالقول إن وزارته تتعامل مع جميع الثغرات الأمنية وتقوم بحلها عند ظهورها. أحد خبراء تحليل التكنولوجيا العسكرية قال إن أجهزة الاتصال بين الطائرات الأمريكية ومراكز المتابعة الأرضية تعرضت للاختراق منذ عقدين، حيث تمكن الناس فى منطقة البلقان باستخدام الأطباق اللاقطة العادية من مراقبة عمليات القصف الجوى التى كانت تقوم بها المقاتلات فى البوسنة. أما برنامج «سكاى جرابر» فهو برنامج بسيط للغاية مصمم أساسا لاختراق ترددات الأطباق اللاقطة كى يتمكن الأشخاص الذين لا يمتلكونها من متابعة برامج التليفزيون الفضائية، ولكنه لايستطيع تحديد طبيعة المعلومات التى ينقلها. سبق أن أجرى فريق من الباحثين الأمريكيين فى مجال الفضاء الإلكترونى دراسة عن التكتيكات الحاسوبية التى استخدمها الروس فى حربهم ضد جورجيا عام ,2008 إذ تمكن المهاجمون الإلكترونيون الروس من إغلاق المواقع الإلكترونية الخاصة بالمؤسسات الرسمية الجورجية والبنوك والمؤسسات الإعلامية، وأكدوا أن الروس طوروا نموذجا فعالاً جداً خلال هذه الحرب، وتوقعوا أن يستخدموه فى المستقبل ضد دول أخرى. أظهرت الدراسة أن المهاجمين الإلكترونيين من المدنيين كانوا على علم بأوقات الهجمات العسكرية الروسية على الأرض فى جورجيا، وأن هناك عدة قرائن تشير إلى أن الهجوم الإلكترونى على جورجيا كان مخططا له منذ بعض الوقت، ولم يكن وليد ساعته، وأن المهاجمين الروس لم يقدموا على إلحاق أضرار مادية بالمعدات التقنية الجورجية ولكنهم اكتفوا بتعطيلها، رغم ظهور دلائل على قدرتهم على الإقدام على مثل هذا الأمر، مما يدل على وجود جهة ما فرضت عليهم عدم فعل ذلك. الواضح أن هذا النوع الجديد من الحرب يوفر الكثير من الجهد والمال، إذ إنه يعطل البنوك والإذاعات ومحطات الطاقة وكل ما يدخل الحاسب فى تشغيله من المرافق الحيوية فى الدول المستهدفة دون الحاجة إلى تدميرها بالصواريخ أو الطائرات ودون الحاجة إلى إرسال مخربين إلى عمق أراضى العدو، كما كان يحدث فى حرب الجواسيس التقليدية التى ظلت لعدة عقود مادة خصبة لصانعى الأفلام السينمائية الشهيرة. دعت الدراسة إلى ضرورة إنشاء منظمة دولية توفر مستشارين فى مجال تلك التقنية الخطرة التى أصبحت شائعة ليس بين الخبراء فحسب، وإنما برز فى هذا المجال حول العالم بعض الصبية من صغار السن استطاعوا عن طريق تبادل الألعاب مع أصدقائهم إرباك نظم الحماية فى المؤسسات العملاقة المالية والعسكرية والأمنية. المفترض الآن هو دراسة حجم المخاطر الناجمة عن مثل هذه الهجمات عندما يتم اكتشاف قيام حملة «اعتداء افتراضى» تقوم بها إحدى الدول أو إحدى الجماعات المتطرفة داخل دولة كبرى من ذلك النوع الذى يملك ترسانة نووية، والبحث فى إيجاد قوة من الخبراء القادرين على صد مثل هذه الهجمات، فقد تلجأ بعض الجماعات أو الأفراد إلى العبث بنظم الدول الأمنية والاقتصادية بفضل المهارات الخاصة فى اختراق نظم أمن الحواسب وضعف برامج الأمن المرتبطة ببرامج تشغيلها.