ببساطة يمكنك أن توجه سهام نقدك إلى »عمرو أديب«، وأنت مطمئن أنك لن تخطئه.. هو دور اختاره لنفسه ليصبح لوحة تنشين.. يشعل الحرائق..ويلقى بنفسه فيها أحياناً بانفعالاته اللحظية التى تقوده أحيانا إلى الندم وتقودنا كثيراً إلى الاستياء.. فهو مذاق »سبايس«.. منفعل.. ينحاز فى مواقفه إلى حد التطرف، بألفاظه اللاذعة والمتجاوزة أحيانا، وانفعالاته المفتعلة أو التلقائية، وتعبيرات وجهه المتوترة غالباً! كل ذلك و»عمرو« لا غبار عليه، فهو فى نهاية الأمر »كاركتر« إعلامى عادة ما يتم اللجوء إليه فى برامج التوك شو، حيث ينحاز كل مذيع لوجهة نظر مناقضة لزميله.. وعبر هذا التضاد يشتعل الموقف، تدعمه مداخلات الجمهور المتفاعل ويختار إلى أى طرف ينضم! »أديب« يجيد لعب هذا الدور، فهو ممثل يمتلك أدواته، ويذاكر دوره المرسوم جيدا قبل الظهور على الناس فى صورة مذيع.. يرتدى »ماسك« مهنى متقن تختفى خلفه شخصيته الحقيقية. يدفع عن نفسه تهمة المشاغبة، مع أنه أكثر المستفيدين من حالة الشغب السياسى والاجتماعى ومن حالة الحراك الاجتماعى والسياسى فى مصر.. وبصفته القابض على دفتر أحوال القاهرة اليوم، وكل يوم، أصبح »عمرو أديب« أكثر إثارة للجدل، وربما تهورا، وغالبا الأكثر جاذبية فى الإعلام والفن التليفزيونى ! ذلك بعد أن نجح فى فك شفرة محطة الأوربت، ليصبح برنامجه محطة انتظار لقطاع كبير من النخبة، زادت من شعبيته وصلات الدش.. كل ذلك إضافة إلى إعلام حكومى مترهل نقله من مقعد المذيع إلى دور بطولة يشعل منه حرائق لا يستطيع أن يطفئها.. يرتكب أخطاء ونزوات ويعتذر عنها.. لكنه فى جميع الأحوال حاضر وبقوة أكثر من الجميع . تصدر بمشاغباته، وانفلاتاته، بما أثاره من أزمات، سواء فى تغطيته عن خروج مهين من كأس القارات، وجد فيها منتخبنا وجهازه شماعة لتعليق إخفاقهم، وزايدوا على انفلاته وتجاوزه فى حقهم باتهامهم بالوقوع فى علاقات مع فتيات ليل فى »جنوب أفريقيا«! لم يكتف بذلك فقط، بل كعادته بدا لاذعا منفلت اللسان، حين وصفهم ب»النجاسة« فى لفظ لا يليق بأى حال من الأحوال أن يصدر عن شخص، المفترض فيه أنه قائد للرأى العام،فعاد واستحى واعتذر، لكن بعد فوات الأوان ! فى أزمة مباراة الجزائر، وما جرى فى السودان.. نجح الجزائريون فى إلصاق تهمة معاداة الجزائر له، استنادا لخروجه ليلة مباراتهم مع رواندا فى تصفيات كأس العالم، وقام بالدعاء الشهير »اللهم نكد على الجزائريين«، ورغم أنهم هم من خرجوا عن النص وفق سيناريو محكم وتطاولوا وتجاوزوا، لكن نظرا لمحدودية تأثير إعلامهم فى مقابل قوة تأثير فضائيته رغم أنها مشفرة إلا أنها تحظى بنسبة مشاهدة كبرى فى كل الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص.. كانت أن بقيت صورته وصوته فى أذهان المشاهدين، وبقينا نحن الجناة! »عمرو« عوض ما فات من انفلات ليلة مباراة السودان، وتحمل وحده وزميله »أحمد موسى« عبء الإخفاق الإعلامى الرسمى فى معاملة الأزمة، وتهرب »محمود سعد« من مسئوليته فى تلك الليلة، ليصبح ومحطته البديل الشرعى للإعلام المصرى ليخرج من خلاله الوزراء بمن فيهم وزير الإعلام لطمأنة الناس، وأصبح برنامجه جسرا إعلاميا بين الجماهير المصرية المذعورة فى السودان والمسئولين فى مصر. وظهر فى مشهد جديد مبشر »إبراهيم حجازى« عبر قناة النيل للرياضة وقدما خدمة جليلة، أعادت للإعلام رونقه ووظيفته وحسن استغلاله حينما استقبلا صرخات المصريين، ونجحا فى إنقاذ العشرات ! »أديب« يتساءل: لماذا يكرهنا الجزائريون، وهو سؤال فتح عليه أبواب جهنم، لكنه راهن على حس الشارع المصرى وزايد معه على نفس النغمة.. لكن إشكاليته أنه يسير دون أن يعرف متى تهدأ خطواته ومتى يتوقف ..»عمرو« على الشاشة لا ينفى انحيازه للمعارضة وهجومه الكاسح على الحكومة، ووراء الشاشة تربطه بأغلب المسئولين علاقات وثيقة، وإن كان قد وضع نفسه فى مواجهات عصيبة مع مسئولين، نجح فى تسويقها إعلاميا! كغيره استهوته موضة الاعتزال والعودة، فأعلن اعتزاله العمل الإعلامى بنهاية عقده مع أوربت، فى صدمة لمشاهديه، أما من يعرفونه جيدا فيعلمون أن الشاشة تمثل له جهاز تنفس وهو أيضا يمثل للكثيرين متنفساً عريضاً وجذاياً. يدخل عامه الإعلامى الجديد، وتسبقه شائعات غير صحيحة نهائياً عن اقترابه من الانتقال إلى تليفزيون الحياة.. وأيا كان، فإن هذا لا ينفى عنه كاريزما وجماهيرية يتمتع بها، وحضور طوال عام بأكمله، فسره البعض بأن أداءه نوع من أنواع تفريغ غضب الشارع وكسب تعاطف الجماهير، فلم يكن محايدا فى يوم من الأيام، ولن يكون ؟