عندما ذهبنا إلى السودان كنا نتوقع أن نجد تشجيعا غير عادى مليئا بالحماس و القوة من قبل الجماهير المصرية يزلزل أرض الملعب تحت أقدام المنافس.. ويخرجه عن تركيزه خلال ال90 دقيقة عمر «المباراة الفاصلة» بين منتخب مصر ونظيره الجزائرى على الصعود إلى كأس العالم 2010!.. إلا أننا صدمنا من مشهد الجماهير المصرية التى جلست وكأنها تشاهد فيلما سينمائيا وليس مباراة كرة قدم مصيرية تتطلب تشجيعا متواصلا حتى اللحظات الأخيرة! كانت تصرفات الحارس عصام الحضرى خير دليل على ذلك المشهد حيث كان يقوم كل خمس دقائق بالصياح لاستفزاز حماس الجماهير.. لدرجة أن صوته كاد يضيع من كثرة المناداة على الأقل ردا على الهتافات الجزائرية إلا أن الجماهير المصرية كانت تكتفى بالتصفيق أو التشجيع بحماس للحظات ثم العودة للمشاهدة فقط. لعل ذلك المشهد يدفعنا إلى القول بأن المسئولين عن الكرة المصرية دفعوا ثمن غياب أبرز وأهم سلاح لمنتخب أبناء شحاته فى معركته أمام الجزائر وهو الجمهور الحقيقى المتمثل فى الألتراس الأهلاوى والزمالكاوى والإسماعيلاوى وجمهور الدرجة الثالثة القادرعلى إلهاب حماس اللاعبين وقلب موازين المباراة ليخلو الطريق أمام الجزائريين ليتمكنوا من إرهاب لاعبينا قبل وأثناء المباراة، حتى تحقق لهم ما أرادوا وفازوا وصعدوا الى المونديال ليضيع حلم جيل بأكلمه، بل شعب يبلغ تعداده ما يزيد على 80 مليون مواطن فى بلوغ البطولة الأغلى، والأشهر فى التاريخ وهى كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.. وهى البطولة نفسها التى غابت عنها شمس الفراعنة منذ المشاركة الأخيرة فى مونديال إيطاليا 1990 من أصل مشاركتين فى تاريخ الكرة المصرية. معظم أعضاء روابط تشجيع الأندية المصرية وروابط «الألتراس» بكل انتماءاتها أكدوا أنهم سعوا جاهدين للدخول ضمن دائرة اهتمامات المسئولين ورجال الأعمال للسفر إلى السودان من أجل مؤازرة المنتخب المصرى إلا أن أحلامهم فى مساندة الفراعنة ذهبت أدراج الرياح.. ولم تحصل روابط المشجعين على أى اهتمام من قبل المسئولين ورجال الأعمال للمشاركة فى مساندة الفراعنة فى تلك المعركة! محمد أسامة عضو «الألتراس الأهلاوى» قال أنه أعد مع زملائه العدة لتشجيع المنتخب، وحضروا اللافتات والهتافات، وبذلوا محاولات عديدة للسفر إلى السودان ولكنهم لم يستطيعوا فى ظل الوساطة والمحسوبية التى سيطرت على عملية سفر المشجعين إلى السودان، مشيرا إلى أن مافعله الجزائريون بالجماهير المصرية لايمت بأى صلة لأصول التشجيع إنما ينم عن أنهم مجموعة من «الهمج» يحملون أحقادا كبيرة تجاه المصريين. واتفق كل من محمد حمادة ومحمد سرحان أعضاء الألتراس الزمالكاوى مع أسامه فى أن الجماهيرالتى سافرت الى السودان كان هدفها المشاهدة والمتعة والاحتفال مع المنتخب بالفوز و ليس للتشجيع الذى يتطلب مواصفات خاصة ومجهودات كبيرة وتنظيما وهتافات طوال المباراة بحماس لشد أزر اللاعبين فى الملعب وهو ما افتقدته الجماهير التى سافرت إلى السودان حيث افتقدوا الأهازيج والأغانى الخاصة بالتشجيع ولم يستطيعوا مجاراة الجماهير الجزائرية ولم يتمكنوا حتى من الرد عليهم. وأشار أعضاء الألتراس الزمالكاوى أنهم شعروا بالحزن والأسى لعدم تمكنهم من الحصول على شرف تشجيع منتخب بلادهم فى هذا الموقف الصعب محملين المسئولية لاتحاد الكرة لعدم اهتمامهم بتنظيم رحلات مجانية أو مخفضة لجماهير الألتراس والدرجة الثالثة التى تتفانى من أجل تشجيع منتخب بلادها فى الملعب. أما معظم أعضاء رابطة الإسماعيلى فأعربوا عن أسفهم لما حدث بعد انتهاء المباراة حيث يقول عمر مهران أحد أعضاء الرابطة: من الطبيعى أن تحدث بعض المناوشات أو تبادل الألفاظ لكن عندما يصل الأمر إلى أن يتم إرسال مسجلين خطر يتم إخراجهم من السجون الجزائرية ويتم نقلهم فى طائرات حربية إلى السودان ويتم إقامة معسكرات لهم حول استاد أم درمان فى الخرطوم وفى الطريق المؤدى إلى المطار ولا يحضرون المباراة وكل مهمتهم انتظار الجمهور المصرى أثناء خروجه منتصرا أو مهزوما تحت راية الحمية والحماس الرياضى.. فهذا أمر غير مقبول وخارج إطار التشجيع.. وكان يجب على المسئولين عن الكرة المصرية دعم راوبط الجماهير ومشجعى الدرجة الثالثة للسفر إلى السودان ولكنهم وجهوا كل دعمهم للممثلين والإعلاميين والأقارب والأصدقاء أو «كريمة المجتمع» وتركوا المشجعين الحقيقيين واتفق الجميع على أنهم لو تواجدوا فى الاستاد لكانت الأمور ستختلف نظرا لأن المشجعين الجزائريين كانوا سيجدون أمامهم «محاربين» مصريين لايكلون من الهتاف لتشجيع اللاعبين وهو ماكان سيصيب لاعبي وجماهير الجزائر بالارتباك إلا أنهم وجدوا جماهير تكتفى بالمشاهدة والتصفيق فقط مما جعلهم يتسيدون الموقف فى استاد «المريخ» ومنحوا لاعبيهم ثقة كبيرة فى الملعب رجحت كفتهم على أبناء شحاتة.