«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان.. مزيد من التطرف.. مزيد من السرية!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 14 - 11 - 2009

الفكرة هي محاولة استطلاع مستقبل جماعة الإخوان المسلمين، من وجهات نظر متباينة.
أجريت حوارات مع ثلاثة من المهتمين بالجماعة من مواقع مختلفة، فضلا عن حوارات أخري مع عدد من المقربين منها. جاءت النتيجة واحدة: المستقبل لا يحمل سوي مزيد من التطرف وإن شئنا تعبيرا آخر هو مستقبل أسود! التطورات الأخيرة التي شهدتها الجماعة في مكتب الإرشاد والتي نتج عنها فعليا إبعاد مجموعة من النظام الخاص لمرشد الجماعة مهدي عاكف أو ربما طرده فعليا من مكتب الإرشاد مع المحافظة علي الشكليات وما انطوت عليه نتائج المعركة من بقاء الدكتور عصام العريان الممثل الرمزي لمن يسمون تجاوزا ب الإصلاحيين داخل الجماعة خارج مكتب الإرشاد وخارج مركز صناعة القرار في الجماعة وسيطرة مجموعة التنظيم الخاص علي مقدرات الجماعة بالكامل بقيادة الأمين العام للجماعة محمود عزت واستعداد هذه المجموعة لاقتناص منصب المرشد العام للجماعة في الفترة المقبلة، كل هذه التطورات طرحت سيناريوهات مختلفة لمستقبل الجماعة سواء علي مستوي بنائها الداخلي أو علي مستوي علاقتها بالمجتمع وبالتفاعل السياسي داخله.
المتحدثون مع روزاليوسف والذين يرسمون السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الجماعة حسب تقديراتهم هم: الباحث المرموق د. وحيد عبدالمجيد والمحامي عصام سلطان القيادي السابق في الجماعة والحالي في حزب الوسط والمؤرخ أحمد رائف الذي كان لسنوات طويلة مقربا من الجماعة.
كان السيناريو الأول هو أن يتجه رموز الإصلاحيين أو تيار العمل العام الذين منيوا بالهزيمة القهرية في معركة مكتب الإرشاد للخروج من الجماعة لتكوين كتلة مستقلة علي غرار مجموعة حزب الوسط أو علي غرار الانقسام الذي شهدته حركة الإخوان نفسها في الجزائر أو الأردن، وكان السيناريو الثاني أن تبقي مجموعة الإصلاحيين نفسها داخل الجماعة مع تحقيق مكاسب أكبر بمضي الوقت، إذا ما تغيرت ظروف معينة، وكان السيناريو الثالث هو أن تتجه الجماعة نحو مزيد من الانغلاق والتطرف وسيطرة تيار النظام الخاص علي الجماعة مع تصفية العناصر المناوئة أو الإصلاحية تماما واتجاه الجماعة نحو مزيد من المخاصمة للعمل الوطني أو الاندماج في المجتمع وصعود تيار العداء للوطنية المصرية، وتعبير الجماعة عن ذلك بصور وتجليات مختلفة، والحقيقة أنه رغم اختلاف السيناريوهات إلا أن الثلاثة الذين حاورناهم انتهوا رغم اختلاف مواقفهم الفكرية ومنطلقاتهم في التحليل إلي نتيجة شبه واحدة وهي أن الجماعة تتجه في المستقبل إلي مزيد من الجمود والتطرف أو مزيد من سيطرة القوي المتطرفة علي جماعة متطرفة من الأساس.
بقاء الوضع علي ما هو عليه أحد السيناريوهات التي يتبناها د. وحيد عبدالمجيد الذي يري أن من يسمون بالإصلاحيين داخل الجماعة قد قبلوا بتهميشهم من المستويات القيادية للجماعة واستكانوا للوضع القائم، وبالتالي فالوضع سيبقي علي ما هو عليه ما لم تؤد انتخابات المرشد القادم لانقسام جديد، والأرجح أنها لن تؤدي لانقسام جديد.
وفق هذا السيناريو، الإصلاحيون لن يخرجوا من الجماعة لسببين: السبب الأول يتعلق بالجماعة نفسها ويفصله د. وحيد قائلا: كل انشقاقات الجماعة وانشطاراتها كانت في الفترة العلنية من حياة الجماعة، ومن 1932 إلي 1954 شهدت الجماعة خمسة انشقاقات كبيرة أدت لخروج كتل من أعضائها من داخلها، وكان آخر انشقاق هو الذي حدث احتجاجا علي تولي المستشار حسن الهضيبي لمنصب المرشد العام للجماعة، بعد ذلك وبمجرد دخول الجماعة في المرحلة السرية لم تحدث أي انشقاقات سوي خروج المجموعة التي شكلت حزب الوسط في منتصف التسعينيات، والمعني أن الوضع السري يفرض علي أعضاء الجماعة قبول القمع الذي يتعرضون له من قبل مجموعات النظام السري تحت دعوي أن الجماعة في محنة، وأنه لابد من تطبيق مبدأ السمع والطاقة علي ما عداه. وفق هذا السيناريو فإن المرشد القادم للإخوان سيكون مرشحا للكتلة المحافظة التي تسيطر علي مكتب الإرشاد مع ملاحظة أن من يسمون بالمحافظين داخل الجماعة ليسوا كتلة واحدة، لكن لهم انتماءات مختلفة، وإن كانت فكرة المحافظة هذه تجمعهم فنائب المرشد محمد حبيب بدا في الأزمة الأخيرة وكأنه واحد منهم ورفض تصعيد عصام العريان، لكنه في مواقف أخري يبدو قريبا من الإصلاحيين، وإذا كان السيناريو المستقبل علي المستوي الداخلي يتضمن سيطرة كتلة النظام الخاص علي الجماعة وعلي موقع المرشد وقبول العناصر المناوئة لهم بالأمر الواقع وبقاءهم في حالة كمون وتهميش دون أن يخرجوا من الجماعة لا كمجموعة ولا حتي كأفراد، فإن هذا سيكون له انعكاسه علي وضع الجماعة السياسي، حيث يري د. وحيد: علي المستوي الخارجي ستشهد الجماعة نوعا من أنواع انطفاء البريق السياسي الذي بدت فيه في فترة سابقة، لكن هذا لن يؤثر علي جسم الجماعة من الداخل، حيث ستظل قدرة الجماعة علي تجنيد عناصر جديدة وضمها لجسم الجماعة قائمة بنفس الدرجة، ويشرح: انطفاء البريق السياسي للجماعة يؤثر علي صورتها عند النخبة ووسائل الإعلام، لكنه لا يؤثر علي جسم الجماعة نفسه.
--
علي مستوي الانتخابات البرلمانية المقبلة هناك توقعات وربما تسريبات عن عملية إنعاش وانتعاش تشهدها أحزاب المعارضة المصرية بهدف تشجيعها علي أداء أفضل وترشيحات أكثر، وهناك أيضا توقعات بتراجع قدرة الجماعة علي الترشيح إما انشغالا بمعاركها الداخلية أو لأسباب أخري، وهو ما يعلق عليه د. وحيد قائلا: الإخوان سيسعون للترشيح، لكن الأرجح أنهم لن يصلوا للانتخابات من الأساس، حيث سيتم تطبيق نصوص معينة كما جري في انتخابات المحليات والتي عجز عدد كبير من أعضاء الجماعة فيها عن تقديم أوراق ترشيحهم من الأساس.
قبل أن ينتهي الحوار سألت د. وحيد عبدالمجيد أن نجري نوعا من ضبط المصطلحات، حيث تحدثنا عن هزيمة الإصلاحيين داخل الجماعة وكان سؤالي: لماذا هم إصلاحيون، وهل هناك أي أدبيات تعلن تمايزهم عن الأفكار السائدة في الجماعة بحيث يمكن أن يقال أن رؤيتهم هي رؤية (إصلاحية)؟ وكان السؤال الثاني عن مفاجأة المتابع غير المتخصص بهذا الضعف الذي تبدو عليه أسماء مثل عصام العريان، وعبدالمنعم أبوالفتوح بمعني أن التقديم الإعلامي لهذه الأسماء يوحي بأن لها نفوذا كبيرا علي قواعد الإخوان في حين أن مسارات الأمور أثبتت عكس ذلك؟ وأجاب: هذه هي مشكلتهم الأساسية، هم اهتموا كثيرا بالظهور خارج الجماعة وفي وسائل الإعلام، في حين أن من بيدهم اختيار المرشد العام للجماعة لا يهتمون بوسائل الإعلام أو بعلاقة الإصلاحيين بالقوي السياسية المختلفة والذين ربحوا هم الذين اهتموا بإحكام السيطرة علي الجماعة من الداخل وليس بتحسين صورتها في الخارج)، أما لماذا هم (إصلاحيون)؟ فيجيب: لا أسميهم إصلاحيين ولكن اسميهم (تيار العمل العام) بمعني أنهم يعملون في الحياة العامة ويهتمون بالانفتاح علي القوي السياسية المختلفة في مقابل التيار الآخر الذي أفضل تسميته بالتيار (التنظيمي)، ولكن فيما عدا ذلك لا توجد أدبيات واضحة تسجل مواقف إصلاحية لهؤلاء الأفراد وهم بشكل عام يبدون مؤشرات مرونة تجاه قضايا عامة مثل التعددية والمرأة والأقليات ولكنها مرونة (زئبقية) غير ملموسة.
وإذا عدنا لسؤال المستقبل يكرر د. وحيد عبدالمجيد اختياره: سيبقي الوضع علي ما هو عليه وستقبل العناصر (الإصلاحية) بالتهميش لأنه ليس لديهم اختيار آخر ولو خرجوا من الجماعة سيبقون في منازلهم ولن يكون لديهم بديل سياسي خاصة أن تجربة زملائهم في حزب الوسط لم تكن مشجعة ولم يستطيعوا الحصول علي رخصة حزب سياسي.
--
وإذا كان بقاء الوضع علي ما هو عليه هو السيناريو الأول فإن تصفية العناصر التي توصف بالإصلاحية وطردها خارج الجماعة وسيطرة التيار المحافظ أو تيار (القطبيين) هو السيناريو الذي يتبناه المحامي المعروف عصام سلطان - أحد قيادات الجماعة سابقا والقيادي في حزب الوسط تحت التأسيس حاليا - عصام سلطان يرسم ملامح هذا السيناريو قائلا: في الفترة القادمة لن يكون لأشخاص مثل عبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد علي بشر وعصام العريان أي وجود داخل الجماعة، وأتوقع أن يخرج الأول والثاني من عضوية مكتب الارشاد في الانتخابات القادمة، وأن يخرج العريان من عضوية مجلس شوري الإخوان أيضاً بدلا من تصعيده لمكتب الارشاد، ويشرح أسباب رسمه لهذا السيناريو قائلا: أعضاء النظام الخاص القديم والذين كان يعبر عنهم أشخاص مثل مصطفي مشهور - المرشد العام السابق - وأحمد حسنين، وأحمد الملط وآخرين كانوا يتبنون فكرة التعايش بين الأجيال والتيارات المختلفة داخل الجماعة، وكان آخر من يمثل النظام الخاص القديم أو الجيل الأقدم من قيادات التنظيم السري هو المرشد العام الحالي محمد مهدي عاكف الذي سعي لتطبيق نفس فكرة التعايش هذه، ولكن الحقيقة أن الجيل الأحدث من قادة التنظيم السري للجماعة دفعة 1965 بقيادة محمود عزت ليس لديهم فكرة التعايش هذه وليس لديهم خيال سياسي أو قابلية لاستيعاب أشخاص من خارج النظام الخاص لينافسوهم علي القيادة.
يتوقع عصام سلطان أن تنعكس سيطرة الجيل الأحدث من قيادات التنظيم السري للجماعة علي أدائها السياسي العام الذي سينحو نحو مزيد من المخاصمة لقيم العمل الوطني العام ومزيد من التطرف والجمود وهو ما يعبر عنه قائلاً: سنترحم علي يوم واحد من أيام مهدي عاكف، وكل التصريحات التي أثارت الرأي العام مثل الحديث عن ضرب الآخرين بال(جزم) وتفضيل حكم مسلم ماليزي لمصر، ستبدو مخففة جدا بالنسبة للمواقف التي ستتخذها الجماعة في المستقبل.
ولكن هل أحد الاحتمالات المطروحة أن تخرج هذه المجموعة (الإصلاحية) تجاوزا لتنضم لمجموعة حزب الوسط؟
هذا السيناريو يستبعده عصام سلطان نفسه قائلا: هذا الاحتمال مستبعد لأن مجموعة الوسط لم تختلف مع الإخوان تنظيميا، ولكن فكريا، وبالتالي هناك خلافات فكرية تمنع هذه العناصر من الانضمام لحزب الوسط، حيث إن خلافهم مع المجموعة المسيطرة الآن خلاف لائحي علي تفسير اللائحة في حين أن خلاف الوسط مع الجماعة هو خلاف فكري علي مجموعة قضايا مثل أننا نفصل الدعوة الدينية عن العمل السياسي، وهم يعتبرون الدمج بينهما واجبا دينيا، ونحن نفهم الدين فهما بشريا ونعتبر هذا الفهم قابلا للصواب والخطأ وهم يعتبرون فهمهم للدين فهما إلهيا وبالتالي هو الفهم السليم الذي لا يمكن قبول فهم غيره، فضلاً عن أن الوسط حزب مصري يلزم نفسه بالمصلحة الوطنية المصرية وهم يعتبرون أنفسهم جماعة عالمية لا تلتزم بفكرة الوطن، وبالتالي كل هذه الاختلافات الفكرية هي قائمة مع الجماعة وتمنع المجموعة (الإصلاحية) من الانضمام للوسط.
ويتوقع عصام سلطان أن من يسمون بالإصلاحيين داخل الجماعة يتميزون باختلافات فكرية عن مجموعة التنظيم السري لكن لا تتاح لهم الفرصة غالبا لتحويل أفكارهم إلي أمر واقع؛ فعلي سبيل المثال تم استبعادهم من المجموعة التي صاغت البرنامج السياسي للجماعة وبالتالي لم تظهر أفكارهم فيما يخص الولاية العظمي أو منع المرأة والأقباط من الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية! وهو يري أن لهم شعبية داخل الشارع الإخواني، لكن طبيعة الإخوان كجماعة غير ديمقراطية تجعل رأي الشارع لا يتحول لأمر واقع في النهاية فهناك طرق مختلفة تجعل مجموعة التنظيم السري تستطيع أن تحكم سيطرتها علي المناصب القيادية في الجماعة بغض النظر عما إذا كان هؤلاء الإصلاحيون لديهم شعبية في الشارع الإخواني أم لا؟
--
وإذا كانت تصفية الإصلاحيين ومزيد من سيطرة الجيل الأحدث من رجال التنظيم السري هما السيناريو الذي يتبناه عصام سلطان فإن المؤرخ أحمد رائف يعتبر أن سيطرة (النظام السري) علي الجماعة مرتبط شرطيا باستمرار حالة الحظر القانوني للجماعة، وهو يري أن وجهة النظر السائدة أن الجماعة لا يمكن أن تبقي وتستمر بغير وجود تنظيم سري لها يسير أمورها اليومية، وأن هذه هي القناعة التي يتم ترويجها بين قواعد الإخوان، وبالتالي تؤدي إلي سيطرة من يسمون برجال التنظيم السري، ويري رائف أن الجماعة لا تسير إلي انفجار أو انشطار وأنه من غير الوارد أن تتفكك أو تنحل داخليا، ويشرح رائف قائلا: (النظام السري) ليس مصطلحا تاريخيا، ولكنه ماض وحاضر ومستقبل وقد كان هناك جيل أقدم من رجال النظام السري كان آخرهم الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام الذي (طرد) من مكتب الارشاد تقريباً، لأنه عندما تكون رئيسا لهيئة وتطلب طلبا معينا ويرفض أعضاء هذه الهيئة بالإجماع تنفيذ هذا الطلب فالمعني أنك غير مرغوب في وجودك وغير مرحب بقيادتك).
وفقا لهذا التحليل فالمعركة الماضية لم تكن فقط أو لم تكن إطلاقا معركة بين (إصلاحيين) ومحافظين، كما بدا، ولكنها معركة بين جيلين من أعضاء التنظيم السري الذي يدير أمور الجماعة، أو إيذان بسيطرة جيل أحدث من السريين، حيث خرج مهدي عاكف رمز الجيل الأقدم دفعة 1948 وبقي محمود عزت قائد الدفعة الجديدة من التنظيم السري، ويشرح أحمد رائف: التنظيم السري ليس مصطلحا تاريخيا، لكنه أمر واقع، ومن الطبيعي أن تنضم له أجيال أحدث علي مدار السنوات الماضية لأن عدد العضوية في الجماعة تزايد، ومن الطبيعي أن يكون لهؤلاء ممثلون في التنظيم السري الذي يدير شئون الجماعة.
وفق هذا السيناريو فإن الإصلاحيين داخل الجماعة سيبقون ولن تتم تصفيتهم أو مزيد من التضييق عليهم، كما أنهم لن يبادروا بالخروج، لكن السيطرة الفعلية ستبقي لأعضاء التنظيم السري بشكل عام سواء كانوا دفعة 1965 أو غيرها، المهم أن يكونوا من قادة هذا التنظيم السري.
وعلي مستوي الوضع العام للجماعة يري رائف أن الجماعة قريبة جدا من الاستيلاء علي الحكم في مصر، حيث تراهن من خلال أعضائها الموجودين في الغرب علي اكتساب ثقة الولايات المتحدة الأمريكية والدوائر الغربية، ونعتبر أنه فور حدوث هذا، فإنها ستكون علي أهبة الاستعداد لاستلام الحكم، ويضيف: الذين سيحكمون في هذه الحالة أشخاص آخرون تماما غير الوجوه التي نراها الآن. وغالبا سيكونون من العناصر الإخوانية المقيمة في الغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.