خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    الآن رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 11 مايو 2024 بعد آخر انخفاض    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    عز ينخفض لأقل سعر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو بالمصانع والأسواق    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    حزب الله اللبناني يعلن استهدف مبنى لجنود إسرائيليين في مستعمرة المطلّة    الحصيلة 520 شهيدا .. مقبرة جماعية ثالثة في مجمع الشفاء الطبي والسابعة في مستشفيات غزة    نشرة التوك شو| أزمة قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية وانخفاض أسعار الدواجن والبيض    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    قبل ذكرى النكبة.. ماذا يعني تصويت الأمم المتحدة على منح فلسطين العضوية الكاملة؟    الإمارات تحرج نتنياهو وترفض دعوته بشأن غزة: لا صفة له    فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها في رفح بلا تأخير    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    حكام مباراة بلدية المحلة والأهلي.. ناصف حكم ساحة.. وطارق مجدي للVAR    محمد بركات: الأهلي أفضل من الترجي ويستطيع التتويج ب" أبطال إفريقيا"    ملف يلا كورة.. استمرار غياب الشناوي.. الأهلي لنهائي دوري السلة.. وجائزة تنتظر صلاح    أبرزها الأهلي أمام بلدية المحلة، حكام مباريات اليوم بالدوري الممتاز    مأمورية من قسم الطالبية لإلقاء القبض على عصام صاصا    وفاة شاب في حادث تصادم دراجة نارية وتروسيكل بالفيوم    بقلم ميري، معلمة تصفع طفلا من ذوي الهمم يهز ضمير الإنسانية في الأردن    برج الأسد.. حظك اليوم السبت 11 مايو: تقدم ملحوظ    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    محمد بركات يشيد بمستوى أكرم توفيق مع الأهلي    نائب بالشيوخ: موقف مصر ثابت تجاه القضية الفلسطينية    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن حالة الطقس اليوم: «أجلوا مشاويركم الغير ضرورية»    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    عمرو أديب: النور هيفضل يتقطع الفترة الجاية    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    حظك اليوم برج العقرب السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بتوقيع عزيز الشافعي.. الجمهور يشيد بأغنية هوب هوب ل ساندي    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    رد فعل غريب من ياسمين عبدالعزيز بعد نفي العوضي حقيقة عودتهما (فيديو)    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    «التحالف الوطني» يطلق قافلة جديدة ضمن مبادرة «عنيك في عنينا» للحد من مسببات العمى    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحفاد رسول الله "المزيفون"!

هل الماضى - بالفعل - صورة للحاضر؟!.. هل من الممكن أن تكون صفحاته التى اكتسبت اللون الأصفر داخل كتب التراث مرآة معاصرة للواقع ومتقاطعاته السياسية والاجتماعية والعقائدية المختلفة؟!
لن نتدخل نفيا أو إثباتا.. سنترك الأمر للسطور القليلة القادمة!.. وسنترك للقارئ حرية القرار والاختيار!
لكننا فى المقابل لن نخفى انحيازنا المهنى للمطبوعات الأخيرة لمكتبة الأسرة، التى شهدت تغيرا نوعيا وملموسا تحت رعاية السيدة الفاضلة قرينة الرئيس "سوزان مبارك".
لن نخفى - أيضا - أنه بقليل من الجهد والقراءة المتأنية لمطبوعات سلسلة التراث سوف نجد بين طياتها العديد من الدلائل والوقائع التى تفسر العديد من الأحداث وربما الخلافات السياسية والعقائدية المعاصرة رغم الفارق الزمنى الشاسع!
تكشف بوضوح كيف كان الدين مدخلا للعديد من التيارات السياسية والجماعات العرقية والإثنية لحياكة مؤامراتها وتمديد معتقداتها أيا ما كانت تحمله من أهداف!
تدق ناقوس الخطر أمام من احترفوا خلط الدين بالسياسة، وعزفوا على موجة هى أبعد ما تكون عن حقيقة أفكارهم ونواياهم الفعلية.. وعرفوا كيف يضللون البسطاء بغواية الالتزام الظاهرى والقشرى، ثم تركوهم وسط غياهب الحياة وهم لا يعرفون إلا القليل واليسير.. حولوا أنفسهم إلى آلهة تحكم بما تنزل وبما ترغب على البشر!.. ألا يمتلكون الدين؟!
فما نعرضه اليوم ليس إلا مجرد دعوة للتفكير وإعمال العقل.. فهل نحن - حقا - فاعلون؟!
المؤامرة ضمت أطرافاً فارسية ومجوسية و"شيعة رافضة" نسبوا أنفسهم إلى "آل البيت" وابتدعوا المذهب الاسماعيلى "الباطنى"!
خذى الدف ياهذى والعبى وغَنِّى هَزازيك ثم اطربى
تولى نَبِىُّ بنى هاشم وهذا نَبِىُّ بَنى يعرب
لكل نبى مضى شرعه وهذى شريعة هذا النبى
لقد حط عنا فروض الصلاة وحط الصيام ولم يتعب
إذا الناس صلوا فلا تنهضى وإن صاموا فكلى واشربى
ولا تطلبى السعى عند الصفا ولا زورة القبر فى يثرب
كانت هذه إحدى القصائد التى سخر فيها الشاعر البهاء الجندى من عقيدة أحد المنتسبين إلى فرقة "الإسماعيلية" ويدعى على بن فضل، بعد أن زعم النبوة، وأسقط عن أتباعه فى اليمن العديد من التكاليف!
وكانت مثل هذه الأقاويل والادعاءات التى ارتبطت بفرقة الإسماعيلية منذ ظهورها المبكر، السبب فى انتشار ما عرف بالتفسير الباطنى بين أتباع الفرقة لآيات القرآن!.. وهى التفسيرات التى أثارت بدورها الكثير من الجدل الدينى حول الفرقة ومذهبها، وانتهى فى كثير من الأحيان بتكفيرها وتبديعها واعتبارها فرقة خارجة عن الإسلام بكل ما تحمله الكلمة من دلالات مختلفة! كلمة السر.. شيعة!
وفقاً للروايات التاريخية، فقد كان للإمام جعفر الصادق أربعة أبناء أكبرهم إسماعيل، ثم عبدالله المعروف بالأفطح، وموسى، ومحمد الديباج.. وتذهب الرويات فى عدم مآل الإمامة لإسماعيل بعد أبيه "جعفر" إلى أكثر من طريق منها ما يقول بأن إسماعيل مات قبل أبيه بثلاث سنوات فى 541 هجرية، وهى رواية الشيعة الإمامية.. أما رواية "الإسماعيلية" أو فرقة "الباطنية"، فتذهب إلى أن إسماعيل كان لايزال حياً عندما مات أبوه، وأنه استمر حياً بعد ذلك 5 سنوات أخرى، ظهرت له خلالها العديد من الكرامات والبركات بين أهالى البصرة.. فأبرأ مقعداً ورد على أعمى بصره!
وبالتالى، فهو كان أحق بالإمامة من أخيه موسى الكاظم، لأنه أكبر منه سناً - لاحظ هنا أن مبدأ الأكبر سناً هو جزء من معتقدات الفرقة فى الإمامة، لكن الدول التى أسستها الفرقة فيما بعد لم تلتزم هذا الأمر وخالف الأئمة الذين نسبوا أنفسهم لآل البيت هذا الشرط جملة وتفصيلاً! - ولما مات إسماعيل انتقلت الإمامة إلى ولده محمد الذى كان شاباً فى حياة جده جعفر، وكان يكبر عمه موسى بسبعة أعوام - ولد محمد سنة 121ه وولد موسى سنة 821ه، وتوجه محمد آنذاك إلى جبال إيران، ومنها اتجه إلى الرى، وكان له - وفقاً لهذه الرواية - أبناء تواروا فى خراسان، ومنها اتجهوا إلى بلاد السند حيث اتخذوها مستقراً لهم!.
إلا أن الغزالى فى كتابه "فضائح الباطنية" يفجر مفاجأة لو صحت لنسفت الأساس الاعتقادى للفرقة من حيث الأصل، وهى أن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق قد مات ولا عقب له.. أى أنه لم ينجب!.. وهى الحلقة التى تسلل منها "مجوس" الفرس والمزدكية والثنوية على حد قوله لاختراق الإسلام والترويج إلى أفكارهم الخاصة بعد أن استقروا على استنباط تدبير يخفف عنهم ما طالهم، بعد أن دخل الإسلام بلادهم وأصبحت له الغلبة والسطوة!.. ولجأوا إلى المكر والاحتيال.. فتقربوا إلى الشيعة الرافضة - وهى فرقة كانت قد بايعت زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ثم تركته بعد أن طالبوه بالتبرؤ من أبى بكر وعمر.. فأبى وقال: كانا وزيرى جدى صلى الله عليه وسلم - وتحصنوا بالانتساب إليهم.. وعزوا أنفسهم إلى أهل البيت! الإمام المستور!
تتوازى فكرة الإمام المستور عند "الاسماعيلية" نسبياً مع فكرة الإمام الغائب عند "الاثنا عشرية".. إلا أن أئمة الاسماعيلية اختفوا لأكثر من قرن ونصف، ابتداء من وفاة جعفر الصادق سنة 841ه، وانتهاء بظهور عبيدالله المهدى "مؤسس الخلافة الفاطمية" فى شمال أفريقيا سنة 692ه!
وفترة الاختفاء هذه دفعت العديد من المؤرخين - إذا ما وضعنا فى الاعتبار ما ذكره "الغزالى" عن أن محمد بن إسماعيل لم ينجب - لأن يتشككوا فى حقيقة نسب الخلفاء الفاطميين، وأنهم لا ينتسبون من حيث الأصل إلى البيت النبوى الشريف!
إلا أن المؤرخين لم يتفقوا فى المقابل على حقيقة نسبهم، فمنهم من ذهب إلى أن عبيدالله المهدى كان ابنا لرجل يهودى كان يعمل حداداً فى سلمية، فلما مات الأب اليهودى، تزوجت أرملته - والدة عبيدالله - من أحد العلويين الذى قام بتربية الغلام الذى ادعى فيما بعد أنه علوى من بيت النبوة!
وذهب فريق آخر إلى أن عبيدالله من نسل عبدالله القداح مولى جعفر الصادق، مستندين إلى أن بعض الدعاة سألوا المعز لدين الله حين استقرت دولة "الفواطم" بمصر عن نسبته إلى القداح فقال لهم: نعم.. هو قادح زناد الفكر!
وكان للمغاربة الذين كان المهدى يعيش بينهم رأى آخر.. فقد قالوا إنه من نسل عبدالله ابن سالم البصرى، وكان يعرف عندما دخل القيروان ب"ابن البصرى"!
.. والفعل واحد!
بالعودة لما بين سطور الكتاب - نقصد فضائح الباطنية - نجد أن لهم بخلاف مسمى "الإسماعيلية" مجموعة من المسميات الأخرى هى الباطنية والقرامطة والقِرمطية والخرمية والخرمدينية والسبعية والبابكية والتعليمية!
فالقرامطة، نسبة إلى رجل يدعى حمدان قرمط.. وهو رجل من أهل الكوفة كان مائلاً للزهد.. صادفه أحد دعاة الباطنية فى الطريق، وهو متوجه إلى قريته وبين يديه بقر يسوقها.. فقال له حمدان: أراك سافرت من موضع بعيد.. فأين مقصدك؟! فذكر موضعاً هو قرية حمدان.. فقال له قرمط: اركب بقرة من هذه البقر لتستريح.. فلما رآه "الباطنى" مائلاً للزهد قال له: إنى لم أومر بذلك!.. فرد عليه قائلاً: ألا تتحرك إلا بأمر، فقال: نعم.. بأمر مالكى ومالكك ومالك الدنيا والآخرة.. فالله يهب ملكه لمن يشاء.. فسأله: وماذا تريد من قريتى؟!.. قال:
أمرت أن أدعو أهلها من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الشقاوة إلى السعادة!.. فرد حمدان: أنقذنى أنقذك الله.. فقال الداعى الباطنى: ما أمرت أن أخرج السر بدون عهد على الكتمان!.. فعاهده حمدان وأخذ عنه ما يقول به ثم أصبح أصلا من أصول الدعوة فيما بعد!
أما "الخرامية" فهو يأتى من لفظة "خرَّم"، وهى لفظة أعجمية - وفقاً للمصطلح اللغوى - وتعنى الشىء المستلذ الذى يرتاح الإنسان إليه ويهتز لرؤيته!.. وهى صفة لحقت بهم لما ينسب إليهم من إغواء الناس لاتباع الملذات وطلب الشهوات وقضاء الوطر من المباحات والمحرمات!.. وكانت هذه الصفة تطلق قبل ذلك على أتباع الديانة المزدكية والتى انتشرت - بحسب التراث العربى - فى بلاد فارس من أيام حكم أنوشروان، وكانت تنادى - بحسب هذا التراث - بإباحة النساء للجميع!
وانتقل هذا الوصف بالتبعية إلى الفرقة الباطنية التى نسب إليها أيضاً أن أباحت نفس الأمر بإيعاز من مجوس الفرس الذين كانوا أول من دعا إلى اعتناق هذه الأفكار - نقصد ظاهر النص وباطنه - نكاية فى الإسلام والمسلمين!.. وهو ما ينطبق بصورة أو بأخرى على وصف "البابكية" المنسوبة إلى بابك الخرمى الذى ظهر إبان حكم المعتصم بالله فى أذربيجان!
صراع سياسى!
ولقبوا ب"السبعية" لأنهم قالوا أن أدوار الإمامة سبعة.. وأن الوصول إلى الإمام السابع هو آخر الدور حيث تتعاقب الأدوار السباعية إلى مالا نهاية!
وهذا السبب تحديداً يعد أحد الأسباب الرئيسية للخلاف السياسى المعاصر بين كل من الاسماعيلية والشيعة الاثنا عشرية الذين يرون أن الإمام بعد جعفر الصادق هو موسى الكاظم وليس إسماعيل!
وهو الخلاف الذى امتد إلى العديد من مناطق نفوذ وتواجد "الباطنية" منذ نشوء دولة القرامطة وسيطرتهم على الشام والعراق.. وكذلك دولة العبيديون التى سيطرت على الشمال الأفريقى قبل أن تزول دولتهم على يد صلاح الدين الأيوبى!
ففى الوقت الحالى تتركز عناصر "الإسماعيلية" خاصة "البُهرة" فى نيروبى ودار السلام وزنجبار ومدغشقر والكنغو والهند وباكستان وسوريا.. ومركز قيادتهم بمدينة "كراتشى" بباكستان!
أما إسماعيلية الشام فلازال لهم بقايا مؤثرة فى مناطق: السلمية والخوابى والقدموس ومصياف وبانياس والكهف!
ورغم ذلك فإن تفاعلاتهم المذهبية أقوى بكثير من تحركاتهم السياسية على العكس من الشيعة الاثنا عشرية!
أما مسماهم التراثى الآخر - ونقصد التعليمية - فكان نسبة لإبطالهم العقل والرأى لصالح ما أسموه بالمعرفة والتعلم من الإمام المعصوم.
ويروى الغزالى فى كتابه أن هذه الفرقة تقول: "الحق إما أن يعرف بالرأى، وإما أن يعرف بالتعليم.. وقد بطل التعويل على الرأى لتعارض الآراء وتقابل الأهواء واختلاف ثمرات العقلاء.. فتعين الرجوع إلى التعليم والتعلم"!
استئناف معركة "التهافت"!
تحت عنوان لافت للفصل الثانى من الباب الثالث بالكتاب أخذ حجة الإسلام - بحسب التسمية التراثية - يفند ما أسماه "بيان السبب فى رواج حيلتهم وانتشار دعوتهم مع ركاكة حجتهم وفساد طريقتهم"!
وقال الغزالى أن هناك أصنافا مختلفة ساهمت فى الترويج لهذه الأفكار.
الصنف الأول: ضعاف العقول ومعدومو الرأى من العجم والعرب، وذلك لما جبلوا عليه من البلاهة!.. وهم على حد وصفه "أفجاج العرب والأكراد وجفاة الأعاجم وسفهاء الأحداث"، ويقصد بالأخيرة من لم يكونوا على صلة قوية بالإسلام منذ ظهوره!
والفئة الثانية: طائفة فقدت الملك بسبب الإسلام مثل: أبناء الأكاسرة، والدهاقين وأولاد المجوس.. فهؤلاء - أى أولاد المجوس - موتورون، سكن الحقد فى قلوبهم وفى صدورهم الداء الدفين فأذعنوا للثأر بأى وسيلة!
والصنف الثالث: المتطلعون للاستيلاء والطامحون للعلا مهما كانت الوسيلة أو الطريقة!.. والفصيل الرابع: هم من يرغبون فى المخالفة من أجل المخالفة وتشرفاً بالتحيز لفئة خاصة تزعم أنها مطلعة على الحقائق!
والمجموعة الخامسة: طائفة سلكت طريق النظر ولم تستكمل فيه رتبة الاستقلال.. متشوقون إلى التكاسل والتغافل وإظهار التفطن!
وآخرون غرر بهم.. وظنوا أن هذه الفرقة سوف تساعدهم فى تشيعهم ل"آل البيت".. فتورطت معهم فيما وراء مذهبهم!
لكن الغزالى مع كل هذا لم ينس معركته مع الفلاسفة والفلسفة.. وهى المعركة الشهيرة التى أثارها كتابه "تهافت الفلاسفة" وتصدى له ابن رشد فى كتابه "تهافت التهافت"!.. فكال الغزالى الاتهامات لأهل الفسلفة من جديد، واعتبرهم الطائفة السابعة التى ساهمت بشكل كبير فى انتشار هذه الفرقة، وذلك بما زينوه لهم بطرق استخراج الحجج، وأعطوا لهم مجالاً لتسوية ادعاءاتهم على شروط الجدل وحدود المنطق من حيث الظاهر.. وأخفوا مغالطات أفكارهم بعبارات كلية مبهمة!
الإله "السابق" والإله"التالى"!
يورد الغزالى أن من المعتقدات الشائعة عند هذه الفرقة هى القول بإلهين قديمين - لا أول لوجودهما من حيث الزمان! - أحدهما علة لوجود الآخر!.. والعلة يسمى الإله "السابق" والمعلول يسمى "التالى"!
و"السابق" هو الذى خلق العالم، ولكن عن طريق "التالى" لا بنفسه!
ويطلقون على الأول "عقلاً" وعلى الثانى "نفساً"، وذلك تأثراً بالاعتقاد المجوسى الذى كان يرى أن للعالم إلهين قديمين "النور والظلمة"!
واستدل "الباطنية" على ماقالوه بآيتين من القرآن!.. الأولى "إنا نحن نزلنا الذكر" - الحجر 9 - والثانية "نحن قسمنا بينهم" - الزخرف 23 - وقالوا إن الآيتين فيهما إشارة إلى "جمع" ولا يشيران إلى "واحد" فقط.. ولذلك - وفقاً لتفسيرهم - قال القرآن "سبح اسم ربك الأعلى" - الأعلى 1 - وهو إشارة إلى وجود إله أعلى هو "السابق" وإله لاحق هو "التالى"! وقالوا أن لكل نبى "سوس" أى "أصل" يعد الباب إلى علم النبى فى حياته، والوصى بعد وفاته، مثل على بالنسبة إلى النبى صلى الله عليه وسلم!
فعندما بعث الله إبراهيم كان وصيه إسحاق، ثم استمر الأمر إلى أن أتى الوصى "السابع"! فبعث الله موسى لينسخ شريعته، وكان وصيه هارون - مات فى حياة أخيه - فأصبح "يوشع بن نون" هو الوصى أو "السوس" ولما اكتمل "السبعة"، بعث الله عيسى لينسخ شريعة موسى، وكان "سوسه" شمعون، ولما أكمل دوره بالسابع، بعث الله محمداً، وكان "سوسه" على بن أبى طالب، وكان الثانى الحسن بن على، والثالث الحسين بن على، والرابع على بن الحسين، والخامس محمد بن على، والسادس جعفر بن محمد.. وهكذا يدور الأمر أبد الدهر!
إسقاط التكاليف!
يقول الغزالى: المنقول عنهم الإباحة المطلقة ورفع الحجاب واستباحة المحظورات واستحلالها وإنكار الشرائع.. إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب إليهم!، متابعاً: الذى يصح من معتقداتهم أنهم يقولون لابد من الانقياد للشرع فى تكاليفه على التفصيل الذى يقول به "الإمام" ولا يجوز الأخذ بآراء الشافعى أو أبى حنيفة أو غيرهما.. ومن أحاط بعلم بالتكاليف من قبل الإمام، وعلم حقائق الأمور واطلع على بواطن هذه الظواهر انحلت عنه هذه القيود ولم يعدله حاجة فى التكاليف العملية!
وهو التساهل الذى أخذ فى المقابل على الخلافة الفاطمية عندما اتخذت من مصر مركزاً لها، بعد أن نجح جوهر الصقلى قائد جيوش الإمام الإسماعيلى الرابع المعز لدين الله الفاطمى فى غزوها سنة 853 هجرية، وذلك بعد نصف قرن من محاولات جده عبيدالله المهدى!
لكن مرت السنون.. وخرج الفاطميون.. وليس فى مصر من أتباعهم أحد!
حكموها أكثر من قرنين من الزمان ولم تجد الدعوة "الاسماعيلية" بين أهلها رواجاً!.. لم يتذكروا رغم تجبر الحاكم بأمره وسيف المعز وذهبه إلا ما اقتبسوه من دولة "التفاريح والتباريح"!.. رفضوا إسقاط التكاليف وتمسكوا بسنتهم، ولم يتفاعلوا إلا مع ما يلائم طبيعتهم من حب الاحتفالات ومظاهر الابتهالات!
لكن المؤكد أيضاً أن الدعوة لم تخرج من مصر كما دخلت إليها!؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.