صدفة مدهشة أن تتقاطع رؤي «الجد» الدكتور محمد محمود الإمام وزير التخطيط السابق مع «حفيده» أحمد الإمام رئيس لجنة التنشيط السياحي بحزب الحرية والعدالة.. الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. بل لا أبالغ إذا أكدت أن كليهما يسير عكس اتجاه الآخر. فالأول الذي عاصر ثلاثة عهود مرت علي مصر- عبدالناصر- حيث عمل مع الدكتور عزيز صدقي في التخطيط لمشروع التصنيع في بدايات الثورة- السادات- في الاقتصاد حتي اختلف مع د. القيسوني في درجات الاستجابة لطلبات صندوق النقد الدولي الذي تعتزم حكومة الجنزوري الآن اقتراض ما يزيد علي ثلاثة مليارات دولار، أكد في أحد حواراته الصحفية قبل ثورة 25 يناير أنه يجب ألا نعطي للإخوان أكثر من حقهم.. محذرا من استيلائهم علي السلطة في مصر ليفعلوا كحماس التي ما إن وصلت للحكم حتي بطشت بمن سواها. ويضيف: نجاح الإخوان في الانتخابات لا يكفي للتغيير.. لأنهم لا يملكون مشروعا نهضويا.. ولن يمتلكوه.. وأثبتت التجربة- والكلام للدكتور الإمام- أن الذي يأتي بالصندوق «عاوز يرقد عليه» مئات السنين. الحوار مع أحمد الإمام مهدت له أحداث ساخنة أهمها حالة الهلع التي أصابت مجتمع رجال الأعمال من أصحاب شركات السياحة والأنشطة المرتبطة بها كالفنادق والغوص والأنشطة الترفيهية الشاطئية.. وهو ما دعا لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال المصريين لعقد اجتماعين متواليين مع ممثلي حزب الحرية والعدالة، شهد الأخير حضورا مكثفا من ممثلي وكالات الأنباء والسفارات، ووكلاء السياحة والسفر.. وهو اجتماع بدا وكأنه فخ لاقتناص تأكيد أن هذا الحزب الذي حصل علي الأغلبية البرلمانية لن يسن تشريعات من شأنها تصفية هذه الأنشطة السياحية. كان من غير المقبول أن يشدد أحمد بلبع رئيس لجنة السياحة- خلال اجتماع تمهيدي لوسائل الإعلام المصرية دون سواها- علي عدم إثارة أية أسئلة بشأن الخمور أو المايوهات قائلاً: «مش عايزين نستفزهم.. وحينما سألته: وماذا ستفعل إذا ما جاء السؤال من أحد ممثلي الصحف الأجنبية.. أجاب: وقتها يبقي فيها كلام. تفشل خطة بلبع فتأتيه اللطمة من زميل له سأل عن تعامل والحزب مع حريات السياح الشاطئية خاصة أن 90٪ من السياحة العالمية تسافر للمتعة لا للثقافة.. ويحذر آخر من أن التفكير في بديل عن السياحة الشاطئية بسياحة أخري لن يكون سليما مضيفا: السياحة في مصر تمر بأزمة عنيفة بسبب وصول الإسلاميين للبرلمان. يبتلع رجال الأعمال «ريقهم» مع تأكيد واضح ومبهم في ذات الوقت من د. أحمد سليمان الأمين العام المساعد لحزب الحرية والعدالة، أن السياحة في البحر الأحمر ستظل كما كانت عليه قبل الثورة.. لخمس سنوات قادمة.. ليس لأن هذا برنامجنا- والكلام مازال لسليمان- ولكن لأنها فترة مجلس الشعب، فلا مساس بالسياحة الشاطئية ولا تأثير علي المأكل والمشرب والملبس.. دون أن يوضح لماذا اختص البحر الأحمر، وإن جاء تصريحه متسقا مع البرنامج المعلن للحزب.. الذي تناول هذا النشاط إجمالا.. كحماية المناطق السياحية في المدن المصرية القديمة وعلي سواحل البحرين المتوسط والأحمر.. كيف؟ لا يعلم أحد.. تشجيع القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية لقطاع السياحة- تسويق المنتج السياحي علي المستويين العربي والدولي في الأسواق الرئيسية المصدرة لها- مضاعفة الطاقة الفندقية بتطوير المقاصد السياحية الحالية واستهداف أخري جديدة.. مع تنويع الخدمات السياحية- توفير خدمة متميزة للسائح ابتداء من استقباله بتيسير الإجراءات الجمركية.. فانتقاله إلي الفندق المناسب فبرامج الزيارات للمناطق السياحية وحتي مغادرته مصر- تشجيع سياحة المؤتمرات والسياحة العلمية والثقافية والدينية- رفع جميع الحواجز الجمركية والتأشيرات بين الدول العربية- سرعة إنشاء الجسر البري فوق خليج العقبة ليربط بين مصر والسعودية تسهيلا لحركة السياحة بين المشرق والمغرب مرورا بمصر. يصف أحمد الإمام رئيس لجنة التنشيط السياحي بحزب الحرية والعدالة- المولود في فرنسا مايو 1982 والمنضم لجماعة الإخوان المسلمين الكندية عام 2005- حالة الفزع المسيطرة علي القطاع السياحي المصري من وصول الإسلاميين للبرلمان أنه جزء من عدم وعي رجال الأعمال بما يدور داخل الجماعة التي ظل نشاطها محظورا لسنوات طويلة كان خلالها النظام السابق «كابس» علي فكر الإسلاميين.. فكنا نعمل في صمت يضيف: أنا الوحيد من أسرتي الذي انضممت للجماعة من بين أسرة مكونة من الأب الذي يعمل بالصندوق العربي للإنماء الكويتي وأم متدينة لا علاقة لها بالسياسة وشقيقة متزوجة وتعيش بالخارج وشقيق درس الماجستير بإحدي الجامعات السويسرية ويشاركه في شركة السياحة التي تتخذ من مصر مركزا لها منذ عام ونصف أما شريكهما الثالث ف«سلفي» بالإضافة إلي مجموعة من شباب الإخوان. يلخص علاقته بجماعة الإخوان قائلاً: علموني أن الدين حسن الخلق والمعاملات.. ولا يجب أن نحصره بين الحلال والحرام.. كما تعلمت أن أجتهد في عملي دون أن أنظر للمحيط السيئ. ويكشف عن توقيف أمن الدولة له حين كان يلقي محاضرة عن الإسلام بأحد فنادق الدقي علي مجموعة من أصدقائه الأمريكان كانوا في زيارة لمصر؟! مستطردا: أمن الدولة كانوا يحبون مصر.. ولكن بطريقتهم. يكشف أحمد الإمام عن خطة لتنشيط السياحة المصرية مكونة من 23 نقطة ستتم مناقشتها الشهر القادم بمدينة مرسي علم وحضور كبريات شركات السياحة في مصر ووكلاء السفر بهدف الوصول الي 25 مليون سائح بحلول ,.2016 ورفع مرتبة مصر السياحية العالمية لتكون ضمن قائمة ال20 TOP بدلاً من ترتيبها الحالي ال 30. تتضمن الخطة منح تيسيرات جديدة للحصول علي تأشيرة دخول مصر وتخفيض رسومها خاصة رحلات الترانزيت والطيران العارض. وحول تسهيل دخول بعض الجنسيات كالإسرائيلية والإيرانية يعترض علي التساؤل قائلاً: دعينا لا نتحدث عن السياحة الإسرائيلية، يطبق عليها ما يسري حاليا من قواعد دون تغيير وإن كنا لن نطالب بدخول جنسيات غير مرحب بها لمصر. يلقي الإمام علي الإعلام فيما يتم تداوله من تقارير وأخبار عن الحالة الأمنية بمسئولية خوف السياح من زيارة مصر ورسم صورة ذهنية سيئة عنه مما أدي إلي تراجع الحركة السياحية.. ويضيف لا أعفي أحدا مما وصلنا إليه فجميعنا مسئولون عما وصلنا إليه.. وإن كنا نتواصل مع جميع الأطراف المرتبطة بهذا القطاع مثل غرفة الغوص- الفنادق- هيئة الموانئ- المراكب العائمة وغيرها لتحديد قائمة الأولويات التي سننطلق منها لبناء نهضة سياحية حقيقية وهي خطة مبنية علي دراسات اقتصادية وتبادل للخبرات بين رجال الأعمال العاملين في السوق ليمنحنا كل منهم ما لديه من معلومات عن السوق الذي تخصص فيه.. ففي مصر تجربة رائعة.. تميزها عن غيرها.. فالمصري يعرف كيف يتصرف إذا واجهته مشكلة بينما الكندي «يهنج». يضيف: أجريت اتصالات ببعض الكليات السياحية السويسرية ومنها «لاروش» التي وافق أساتذتها علي إنشاء فروع لها بمصر لخلق كوادر سياحية قادرة علي تقديم خدمات سياحية تجذب سياح ال5 نجوم الذين يفضلون الآن قضاء إجازاتهم بدبي لما يتوافر بها من مستوي غير متاح للإقامة السياحية بإنشاء منتجعات سياحية فخمة نستطيع من خلالها اجتذاب النخبة، بالإضافة لتنشيط سياحة الموانئ وما يرتبط بها من نهضة متوقعة للمدن المحيطة بها. يختتم: كل هذه النقاط لن تري النور أو تتحقق علي أرض الواقع إلا لو وصلت رسالة إعلامية حقيقية عن الأوضاع الأمنية الداخلية فبدونها لا أمل في شيء.∎