عندما اعادت ثورة يناير اكتشاف الشعب المصري فهي ايضا اعادت اكتشاف امور اخرى وغيرت شكل الخريطة السياسية علي المستوي المحلي وعلي المستوى العربي ايضا ومع هذه التغيرات ظهرت شخصيات سياسية جديدة لم تكن موجودة من قبل بهذه القوة سواء من الاسلاميين أو الليبراليين والجديد ايضا ان الشباب اصبح له وجود سياسي ملحوظ بأكثلار من شخصية. فنجد أنه مع بداية الثورة ظهرت لنا شخصية «أسماء محفوظ» عضوة في حركة 6 أبريل وإحدي فتيات الثورة، قبل ذلك الوقت لم تكن معروفة إلا من خلال فئة ضئيلة جداً من الشباب، لكن بعد الثورة ظهرت في أكثر من برنامج تليفزيوني وكذلك العديد من الحوارات والتصريحات الصحفية واشتهرت بفيديوهاتها التي سجلتها بغرض إرسال الرسائل للسلطة الحاكمة سواء قبل خلع مبارك أو بعده وكذلك انتقادها لأداء المجلس العسكري. بدأت حملات تشويه أسماء محفوظ منذ بداية الثورة لكنها زادت بعد «موقعة العباسية» -23 يوليو- حتي أن العباسية وقتها امتلأت بلافتات تنتقد شخصية أسماء محفوظ بحجة أن أسماء انتقدت ما حدث للثوار في هذا اليوم من محاولات الاعتداء عليهم علي أيدي البلطجية، فكان رد أهل العباسية «إحنا مش بلطجية يا ست أسماء»! ثم وصل الأمر بعد ذلك إلي أن أمرت النيابة العسكرية بالقبض عليها بتهمة التحريض علي أعمال مسلحة! لم تستطع هذه الحملات القضاء علي هذه الفتاة،ولكن بالطبع كثير من الناس تأثر بهذه الحملات واعتبروا أسماء محفوظ ما هي إلا متآمرة تريد خراب مصر! ونسوا أنها كانت واحدة من ضمن الذين قالوا لا للديكتاتور.. واصلت أسماء طريقها وقررت خوض انتخابات مجلس الشعب - عن حزب التيار المصري - في محاولة لنقل مظاهر الثورة من الشارع إلي البرلمان، ولكنها سرعان ما انسحبت من هذا السباق قبل فتح باب الاقتراع، وذلك احتجاجاً علي الجريمة التي حدثت في شارع محمد محمود -19 نوفمبر- وقررت الاعتصام في التحرير. «علاء عبدالفتاح» أيضاً من الشباب الذي لم يكن له قوة قبل الثورة لكن في الفترة الأخيرة انتشر اسمه وأصبحت عباراته بمثابة أقوال مأثورة يتناقلها الشباب علي حساباتهم الإلكترونية بكل حماس باعتباره أحد رموز الحرية. لم تكن مشاركته في الثورة هي بداية علاقته بالسياسة، فقد تم اعتقاله في 2006 بسبب مشاركته في وقفة احتجاجية من أجل استقلال القضاء، وقضي في السجن أكثر من 45 يوماً.. وفي أكتوبر2011 أمرت النيابة العسكرية بالقبض عليه بتهمة التجمهر والتعدي علي أفراد الجيش في أحداث ماسبيرو، لكنه رفض الاعتراف بشرعية المحاكمة العسكرية! وامتنع عن الإجابة عن أي سؤال توجهه له النيابة العسكرية حتي تم نقله لنيابة أمن الدولة، وفي 25 ديسمبر قرر قاضي التحقيقات الإفراج عن علاء. اشتهر علاء بالمذكرات القصيرة التي كتبها وهو داخل السجن يحكي فيها عن ظلام الزنزانة وقلة النظافة وانعدام الحياة الآدمية داخل سجون النيابة وأصبحت تلك الكتابات هي الأشهر إعلامياً وأصبحت صورة علاء عبدالفتاح هي الأكثر انتشاراً علي المواقع الإلكترونية ومظاهرات التحرير. ومع كل هذا الزخم الثوري كان لابد أن يخرج من بين هؤلاء الثوار شخصية سياسية تكون أكثر حنكة وأكثر دراية بأمور السياسة، ولذلك ظهر د. «مصطفي النجار» أحد شباب الثورة وأحد شباب برلمان ما بعد الثورة. «النجار» طبيب أسنان في الأصل ومدون سياسي وأحد مؤسسي حزب العدل، تم اعتقاله أكثر من مرة قبل الثورة علي خلفية احتجاجات ومظاهرات ضد النظام، واعتقل أيضاً في 25 يناير أثناء مشاركته في الثورة.. ساند البرادعي في حملته وعمل كمنسق عام للحملة لشهور. في أكتوبر الماضي بدأت تهتز صورة مصطفي النجار أمام الثوار خاصة بعد توقيعه علي بيان المجلس العسكري الخاص بتحديد جدول زمني لنقل السلطة وهو ما رفضه الثوار واعتبروا كل من وقع علي البيان متخاذلاً ويعمل لمصالحه الحزبية، لكن بعد ضغط أعضاء حزب العدل علي رئيسه - مصطفي النجار - تم سحب التوقيع والالتزام بمطالب الثورة وتسليم السلطة قبل منتصف .2012 شارك النجار في انتخابات مجلس الشعب وفاز بمقعد مدينة نصر. ولأن ثورة يناير ثورة شعبية فهي تفتقد للقائد أو الرمز، ولكن بعضاً من شباب الثورة رأي أنه لابد من وجود فريق منظم يساهم في دعم مطالب الثورة عن طريق السياسة فتم تكوين «ائتلاف شباب الثورة» وهو الذي يضم شباباً من مختلف التيارت (6 أبريل، الجمعية الوطنية للتغيير، مستقلين، إخوان).. ونجد أن من أبرز أعضائه (مصطفي شوقي، شادي الغزالي، زياد العليمي، خالد السيد، سالي توما، إسلام لطفي، عبدالرحمن فارس، محمد القصاص). ظل هذا الائتلاف هو الأكثر نشاطاً، ودعا لأكثر من مليونية قبل وبعد رحيل مبارك، وطالبوا بإقالة شفيق وتعيين حكومة تكنوقراط، ولكن بعضهم انشغل بعد ذلك باللقاءات مع المجلس العسكري وابتعد بعضهم عن الميدان، وشعر الثوار بأن بعض هؤلاء الشباب وليس كلهم أصبحوا أقرب للسلطة من الشارع الذي صنعهم! ويبدو أن هذه كانت نقطة سقوطهم وفشل ائتلافهم، فزادت أعداد الائتلافات وأصبحوا مجرد عدد من ضمن عشرات الائتلافات الغامضة التي تكونت علي مدار الشهور الماضية تتحدث باسم الثوار. مع بداية الثورة بدأت تظهر علي الساحة الإعلامية شخصيات سياسية لديها أسلوب مختلف في الحوار، مثل «د. عمرو حمزاوي» السياسي الذي لم يكن له وجود حقيقي في مصر قبل الثورة، لكنه في الشهور الماضية أصبح محط أنظار الكثيرين سواء المعارضين له أو المؤيدين لأفكاره. «حمزاوي» باحث وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وسبق له التدريس في جامعة برلين، تتركّز اهتماماته البحثية حول أزمة الانتقال الديموقراطي والأنظمة السلطوية.. أول ظهور إعلامي له كان قبل الثورة بأسبوع واحد علي محطة البي بي سي مُعلقاً علي الثورة التونسية واعتبر أن ما حدث في تونس لا يمكن أن يحدث في مصر لقوة النظام المصري وقدرته علي مواجهة الاحتجاجات.. لكن بعدها بأيام قليلة قامت الثورة، وأصبح حمزاوي عضوا في لجنة حكمائها! وأسس مجموعة «الانتقال السلمي للسلطة» قبل تنحي مبارك وتم ترشيحه وزيراً للشباب بعد تنحي مبارك. واجه «حمزاوي» العديد من الانتقادات بسبب تقعيره للأمور وحذلقته في أحاديثه الإعلامية مما يصعب علي البعض استيعاب عباراته وبعض مصطلحاته السياسية، كذلك قال البعض إنه يؤيد حقوق المثليين جنسيا - وهو ما نفاه- ولكنه قال إنه يؤيد زواج المسلمة من مسيحي من خلال قانون مدني، وهو ما قوبل برفض كبير سواء علي المستوي الشعبي أو علي مستوي التيارات الدينية. أما علي مستوي التيارات والأحزاب الإسلامية، فنجد أنها أفرزت عددا ضخماً من السياسيين الذين لم يكن لهم وجود قبل الثورة.. مثل «نادر بكار» المتحدث الإعلامي الرسمي باسم حزب النور السلفي وأحد أعضاء الهيئة العليا للحزب، وذلك رغم أنه شاب حديث التخرج في كلية التجارة -2005- ولم يسبق له العمل السياسي، بل إن البعض كان يناديه ب«الشيخ نادر» لكن يبدو أن الثورة فتحت المجال للجميع للعمل في السياسية خاصة إذا كنت إسلامياً! ظهر «بكار» علي الساحة بعد تأسيس حزب النور وتوليه مسئولية أمانة الحزب بدائرة الرمل بالإسكندرية، فكانت أولي تصريحاته الإعلامية اتهامات للقوي الليبرالية بأنهم يريدون تقسيم البلاد! وأكد أن الشعب المصري يعرف جيداً كل أعضاء حزب النور ويريدهم وأنهم لم يظهروا علي الساحة السياسية فجأة! وفي يوليو الماضي وأثناء المؤتمر التأسيسي الأول للحزب، هاجم «بكار» بشدة الدعوات التي نادت بوضع الدستور قبل الانتخابات، واصفا إياها بأنها لا تحترم إرادة الشعب، واعتبر فتوي «عدم الخروج علي الحاكم» ميزة تميزهم، لأن السياسيين الآخرين تلوثت أيديهم بالسياسة - حسب تعبيره - وكذلك محاولة تأليه رئيس حزب النور عندما رفض «بكار» أي انتقاد لعماد عبدالغفور رئيس الحزب، بعد أن وقع علي بيان سامي عنان في أكتوبر الماضي بشأن المبادئ فوق الدستورية، واعتبر المنتقدين له «غير محترمين». وعلي مستوي القوي الإسلامية الأكثر خبرة في العمل السياسي نجد أن للإخوان رموزاً سياسية عديدة، بعضها معروف من قبل الثورة وله مواقفه، وبعضها ظهر بقوة أكثر بعد الثورة مثل «أحمد أبوبركة» القيادي بالحزب الذي أسسته الجماعة ومحامي الحزب.. وهو في الأصل أستاذ في الاقتصاد السياسي والسياسات المالية بكلية الحقوق جامعة أسيوط ونائب سابق عن الجماعة في برلمان قبل الثورة. ظهر بقوة كمتحدث باسم حزب الحرية والعدالة وقت الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، وذلك من خلال اللقاءات الصحفية والتليفزيونية خاصة لمحاولة تبرير ما قامت به الجماعة وحزبها من تأثير علي الناخبين أثناء التصويت علي تلك التعديلات ليقوموا بالتصويت ب«نعم». في أغسطس تم الاعتداء علي أبوبركة من أشخاص يستقلون سيارة «بي إم دبليو» حاولوا سرقة حقيبته وحين لم يتركها قادوا السيارة وسحلوه في الشارع في وسط القاهرة! ورغم أنه حمل الداخلية مسئولية الواقعة فإنه لم يتم التعرف علي مرتكبي هذا الاعتداء.. ومؤخراً كان لأبوبركة تصريح غريب تعليقاً علي المطالبة بثورة ثانية في 25 يناير القادم حيث قال «الثورات لا تقوم بالدعوات علي الإنترنت أو علي فيس بوك»! فيبدو أن د. أبوبركة كان نائماً أثناء قيام ثورة 25 يناير من خلال دعوة عبر «فيس بوك»! أيضاً من أهم الشخصيات السياسية التي ظهرت علي الساحة بعد الثورة د. «نبيل العربي»، فهو حاصل علي الدكتوراه في العلوم القضائية من مدرسة الحقوق بجامعة نيويورك وترأس وفد مصر في التفاوض، لإنهاء نزاع طابا مع إسرائيل (1985- 1989).. وكان مستشارًا قانونياً للوفد المصري أثناء مؤتمر كامب ديفيد للسلام في الشرق الأوسط عام .1978 وكان أحد أعضاء لجنة الحكماء. وفي مارس الماضي تم تعيينه وزيراً للخارجية وهو ما اعتبرته إسرائيل وقتها تطوراً مثيراً للقلق خوفاً من اتجاهات العربي الصارمة ضدها، أيضاً نال العربي شعبية سريعة وتأييداً من الثوار، خاصة بعد تصريحاته القوية ضد التدخلات الأمريكية والأوروبية في الشأن المصري وأيضاً تصريحاته ضد إسرائيل، وهو ما لم يعتد عليه المصريون من قبل، وكذلك تصريحاته عن دعم الثورة الليبية ودعم العلاقات مع السودان وأثيوبيا وفلسطين، فكان نشاطه قوياً ومؤثراً إلي حد ما في هذا المنصب. لم يستمر طويلاً في منصبه هذا وعين أمينا عاماً لجامعة الدول العربية خلفاً لعمرو موسي، ومنذ ذلك الوقت وهو يواجه العديد من الانتقادات بشأن تخاذل الجامعة العربية في الموقف السوري الحالي.