إلغاء المادة التي تنص علي أن الصحافة سلطة رابعة في مشروع الدستور القادم وأي صحفي يحكم القاضي بسجنه سوف ينفذ الحكم.. هذه هي هدية الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، لدرة الحريات العامة - الصحافة - والصحفيين بل ولكل الشعب المصري لأن الصحافة تدافع عن حقوقهم في كشف الفساد ومتابعة أداء الحكومة وهي التي كان لها الدور الأكبر في إبراز مساوئ النظام البائد ومساندة الشعب في ثورته. وبالرغم من مكافحة الصحفيين في إلغاء الحبس في 5 مواد متعلقة بالسب والقذف في العصر البائد ويناضلون من أجل البقية إلا أن الإخوان يبدو أنهم يسيرون في عكس خط سير الشعب المصري الذي تنفس نسائم الحرية ودفع من أجلها الغالي والنفيس ولن يقبل بأي استبداد أو تضييق للحرية فإذا لم يستفيدوا من دورس الثورات العربية فعليهم أن يراجعوا أنفسهم بأن الكبت يولد الانفجار. أكد صلاح عيسي أن المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين محمود غزلان ليس لديه معرفة كافية بقوانين تنظيم الصحافة لأنه لو قرأ الباب الذي يقول إن الصحافة سلطة رابعة سيكتشف أن الوصف أدبي وأنها سلطة شعبية، وليس له علاقة بالمفهوم القانوني للسلطة التي تحتاج إلي أدوات قوة مثل السلطات الثلاث - التشريعية والقضائية والتنفيذية - حتي صياغة نصوص المادة عندما أضافها السادات في الدستور، والتي رفضها الصحفيون أنفسهم، صياغة أدبية وبالتالي إلغاؤها لن يؤثر علي قوة الصحافة في الرقابة ومكانتها الشعبية. وأضاف عيسي، الصحفي والكاتب، أن من أهم شعارات ثورة 25 يناير هو تحرير الإعلام لكن ما نسمعه الآن من تصريحات بحبس الصحفيين بداية تنطوي علي الرغبة في التضييق علي الحريات فإذا كنا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك تمكنا من إلغاء الحبس في 5 مواد ونكافح من أجل إلغائها في 34 مادة - حسب قوله - في الدستور الجديد.. يأتي المتحدث باسم جماعة الإخوان الذين حصلوا علي أغلبية في البرلمان لكي يعيدنا إلي الخلف فهو مالم يقبله الصحفيون والرأي العام. واستطرد عيسي أن هذا الموقف ليس جديداً علي الإخوان فعندما تمت مناقشة تعديل إلغاء الحبس في المواد الخمس في برلمان 2005 طالب علي لبن عضو - مجلس الشعب عن الإخوان - بتطبيق الشريعة وهي جلد القاذف لكن الصحفيين رفعوا شعار النقابة وليس النيابة ولديهم مشروع في مجلس الشعب يطالب بإلغاء المواد السالبة للحريات وتبديلها بالغرامات المادية أو غيرها من الإجراءات النقابية مثل لفت النظر والوقف عن العمل أو الفصل ودستور 76 يقر بحق المهنيين أن يقيموا نقاباتهم. وحول تصفية المؤسسات الصحفية القومية قال عيسي إن هذا ليس جديداً وكان مطروحاً في النظام السابق وكانت الفكرة الأساسية أن هناك حقوقاً مكتسبة للعاملين بها عند التفكير في تصفية هذه المؤسسات وأن يتم بمنطق التدرج أي خطة لفترة طويلة وليس بين يوم وليلة ووضع ضوابط ومعايير مناسبة أما الآن فهناك وجهة نظر تري ضرورة تصحيح المسار وعودة الصحف ملك للشعب وليس ملك للحكومة أو رئيس الجمهورية هناك وجهة نظر تري أنه لا يجوز ترك الإعلام لملكية القطاع الخاص لأنه يمكن أن يسخره للحفاظ علي مصالحه. واعترض علي حل المجلس الأعلي للصحافة ونقل اختصاصات لنقابة الصحفيين لأنه ليس له أي أساس قانوني لأن هناك اختصاصات مثل إصدارات الصحف وتوفير رواتب الصحفيين لا يمكن أن تقوم بها النقابة وسيؤدي إلي اختلال العمل الصحفي خاصة في ظل التوجه لإلغاء ملكية الصحف القومية لمجلس الشوري لكن الأفضل هو إنشاء مجلس وطني للإعلام المرئي والمقروء يتكون من شخصيات عامة. وتساءل عيسي: كيف يتم مناقشة مثل هذه الموضوعات بعيدا عن المعنيين؟ فمثل هذه القضايا يجب أن تطرح علي مؤتمر عام للصحفيين يحضره خبراء في المجال.. لكن محاولة تفرد حزب بشئون البلاد وتمرير قوانين دون أخذ رأي الصحفيين سيزيد التوتر ويضر بمصلحة الوطن. سلامة أحمد سلامة، الصحفي والكاتب قال: بهذا سنعود إلي الخلف فما هي مبررات الإخوان في إلغاء السلطة الرابعة؟ ولماذا لا يريدون إلغاء المواد التي تضيق الحريات ويتم استبدالها بالغرامات! مؤكداً علي ضرورة أن تكون نقابة الصحفيين يقظة ولها موقف واضح معروف للرأي العام وتخرج ببيان تعترض فيه علي مثل هذه المحاولات لأن الإخوان عندما يجدون مقاومة يعودون عن موقفهم. وأضاف أن الإسلام كفل حرية الرأي والتعبير وأكبر رمز ديني في مصر شيخ الأزهر أكد علي ضرورة الحفاظ علي حرية الصحافة والإعلام باعتبارها جزءاً من حرية الإبداع وأساس المستقبل وعلي الإخوان أن ينصاعوا لما قاله شيخ الأزهر وتساءل: لماذا هم يتدخلون في أشياء ليس لهم فيها سابق خبرات وعلي من اعتمدوا في تصريحاتهم ودراساتهم من الخبراء؟ وأشار سلامة إلي أن إعادة النظر لن تكون مجدية بنقل اختصاصات المجلس الأعلي للصحافة إلي النقابة، لأنه يتدخل فيها بعض الأغراض الشخصية، وإنما من خلال مجلس فيه نوع من مراعاة الأوضاع الصحفية وفوق الأحزاب السياسية وليس للدولة أي سلطات عليه ويتكون من شخصيات عامة. فريدة النقاش قالت: «لا أثق في أن يدافع الإخوان عن الحريات العامة لأنهم يريدون أن يحتكموا لما يعتقد أنه من الشريعة.. فالحريات العامة لها معايير دولية يحتكم إليها مادمنا نختلف في تفسير الشريعة ونعتمد علي المواثيق الدولية التي لا يختلف عليها أحد ولا نحتكم بما يعتقدون أنه من الشريعة التي كفلت حرية الرأي والتعبير». وأعربت عن دهشتها من ذلك لأن مثل هذه التصريحات تسير عكس ما يطالب به الصحفيون بإلغاء الحبس في قضايا النشر التي نفذت في كل البلدان الديمقراطية في القرن التاسع عشر وهم يعرقلون المسيرة بدل التقدم للإمام بالعودة إلي الخلف وهذا ينذر بمعركة شرسة بين الإخوان والصحفيين إذا أقدموا علي إصدار تشريعات ضد حرية الصحافة والصحفيين. وطالبت بضرورة تكاتف كل قوي المجتمع من صحفيين وسياسيين وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني في مواجهة مثل هذه التعديات علي حرية الرأي والتعبير وتعبئة الرأي العام بمساندة الصحفيين في قضيتهم والاعتماد علي مشروع القانون الذي قدمته نقابة الصحفيين لأن «أهل مكة أدري بشعابها». واستطردت: الإخوان يحاولون أن يقحموا أنفسهم فيما ليس لهم به علم وما هي صلاحياتهم إذا كان الإعلان الدستوري يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات أكبر من البرلمان إلا إذا كان هناك مخطط لرئيس للإخوان. ورفضت بشدة تصفية المؤسسات القومية لأنها ملك للشعب وليست ملكاً لأحد ويجب أن تعود للشعب وهناك الكثير من الصيغ والوسائل لتنفيذ ذلك ويجب أن يكافح الصحفيون أن تكون لجنة صياغة الدستور لجنة قومية تعبر عن كل أطياف المجتمع.. وليس بناء علي رغبة الأغلبية التي ستتغير كل 4 سنوات وتحتاج إلي تغيير الدستور مع ظهورها. سعد هجرس، الصحفي والكاتب، أوضح أنه فيما يتعلق بأن الصحافة سلطة رابعة فهذا تحصيل حاصل لأنها سلطة معنوية ولا قيمة لها فإلغاؤها لن يعكس أي ضرر علي الصحفيين والصحافة أما فيما يتعلق بحبس الصحفيين فعلي المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين أن يراجع تجارب الدول الديمقراطية التي ألغت عقوبة الحبس بالغرامة. وطالب بضرورة مراجعة هذه السياسات إذا كانوا عازمين علي تنفيذها لأنها تتصادم مع الإرادة الصحفية التي ناضلت سنوات طويلة من أجل الحرية ولن تتواني في مسيرتها للنضال وعلي الإخوان أن يحرصوا علي التشاور مع المتخصصين والاستعانة بالمؤتمرات السابقة والدراسات لأن هذا الملف كبير وهم يبدأون من الصفر فيه. وأضاف أنه من أنصار إلغاء وزارة الإعلام وتحريره من قبضة الحكومة وتشكيل مجلس وطني مستقل استقلالا تاماً، يكون المرجعية ويمثل كل الأطياف دون استبعاد أحد. قال عبدالله السناوي، الصحفي والكاتب، إن الحبس في قضايا النشر وصمة عار في جبين دولة تقول إنها ديمقراطية لأن الحبس لا يوجد إلا في الدول الاستبدادية المتخلفة وعلي الإخوان أن يراجعوا أنفسهم لأن هذه رسالة سلبية ستؤدي إلي صدام مبكر مع الصحفيين والجميع سيعتبرهم قوي ديكتاتورية أسوأ من النظام السابق. وأضاف أن سلطة الصحافة جاءت من باب التقدير والتوقير فهي سلطة أدبية تمثل سلطة الضمير ومتابعة أعمال الحكومة وكشف أوجه الفساد والضمانة لاستقلال القضاء والدفاع عن حق المجتمع، ولو أن الصحفيين لديهم سلطة لأرسلوها للقبض علي المتحدث باسم جماعة الإخوان عندما بشرهم بإلغائها! وعلي غزلان أن يلم بالملفات التي يتحدث عنها ولا يعتبر نفسه خبيراً فيها. وأكد أن هذه بداية رائحة غير محببة من الإخوان وتؤدي إلي صدامات أخطر بكثير مما حدثت مع النظام السابق وستكون طامة كبري لو حصل الإخوان علي الأغلبية في البرلمان خاصة أن الصحف القومية مازالت خاضعة له. وأشار إلي أن ملف الإعلام هو الملف الوحيد الذي لم يفتح بعد وفيه الكثير من المشكلات والتعقيدات وعلي النقابة أن تطرح كل الرؤي وتناقش كل الملفات لأننا في حاجة إلي تحصين الحريات. وأضاف أنه مع إيجاد صيغة تمكن الصحفيين من حق تملك أسهم في مؤسساتهم وليس خصخصتها وبيعها للقطاع الخاص لأننا لا نريد أن نري وجهاً جديداً للفساد وكذلك نقل اختصاصات المجلس. ومن جانبه قال ممدوح الولي، نقيب الصحفيين، إن الصحافة سلطة شعبية تساهم في الرقابة المجتمعية نيابة عن المجتمع فهي ليست سلطة بالمعني المفهوم ويجب الاهتمام بجوهر الأمور وليس ظاهرها وهناك نصوص قانونية تجيز حبس الصحفيين نسعي لإلغائها واستبدالها بالغرامة لأن القانون أعطي للنقابة الحق في محاسبة أبنائها. وأضاف: نحن في انتظار انعقاد البرلمان وخروج المولود وهو اللجنة التأسيسية المنوط بها إعداد الدستور التي أعتقد أن التيارات الإسلامية لن تكرر حصولها علي الأغلبية البرلمانية في اللجنة الدستورية كرسالة طمأنة للشعب، وإذا كان هذا هو توجه حزب الحرية والعدالة الحاصل علي الأغلبية البرلمانية في إلغاء السلطة الرابعة وحبس الصحفيين فهذا يدعو للقلق ونحن كجهة منوط بها حماية الحريات سنتصدي لأي تصور يتعارض مع الحريات وإلا فما هو داعي وجودنا. وحول تصفية المؤسسات الصحفية القومية قال النقيب: لا أتصور أن مؤسسات بهذا التراث ولديها المقومات المادية والمهنية يتم تصفيتها رافضاً نقل اختصاصات المجلس الأعلي للصحافة لنقابة الصحفيين لأنه يقوم بأدوار لا تستطيع النقابة القيام بها مثل إصدار الصحف ولكن الأفضل هو تشكيل مجلس وطني للإعلام. وأشار إلي أنه من حق أي جهة أن تضع التصور الذي تراه مناسباً فهو ليس ملزماً لأحد لكن العبرة بالتشريع الذي سيكون ملزماً للجميع، ونحن في انتظار الإعلان عن تصور تشكيل اللجنة التأسيسية فبناء علي التصور القديم سيكون نقيب الصحفيين ممثلاً في اللجنة وهو ما سندافع عنه مؤكداً علي عمل مؤتمرات يطرح فيها كل وجهات نظر الصحفيين لكي يتم حملها إلي اللجنة التأسيسية لوضعها في الدستور الجديد.