سريعا انتقل الصراع في الانتخابات البرلمانية إلي تسابق للفوز بلجان مجلس الشعب الجديد، وخصوصا التشريعية لما لها من أهمية قصوي في المرحلة القادمة، وتكشفت نوايا وطموحات الأحزاب المختلفة في هذا الأمر، وحاولنا هنا أن نستكشف أكثر من القوي السياسية المشكلة لأول برلمان بعد ثورة 25 يناير، خاصة أن عدد مقاعد الأحزاب من العدد الكلي لمجلس الشعب كانت علي هذا النحو التالي : الحرية والعدالة 41٪- النور20٪ - الوفد 9٪- الكتلة 9٪ وعدد مقاعد النور 106 مقاعد وعدد مقاعد الوفد 45 مقعداً والكتلة المصرية 45 مقعداً والوسط 11 مقعداً والثورة مستمرة 9 مقاعد . وحصلت أحزاب الفلول: «الحرية»، «مصر القومي»، «المواطن المصري»، «الاتحاد المصري العربي»، «حزب المستقلين» علي 19 مقعداً. رؤساء أحزاب الكتلة المصرية «التجمع - المصريين الأحرار - المصري الديمقراطي الاجتماعي» عقدوا اجتماعا وأصدروا بياناً أكدوا فيه علي عدم صحة ما نشرته إحدي الصحف الخاصة من أن هناك اتجاها لعقد تحالف برلماني بين عدد من الأحزاب من بينها الكتلة المصرية من أجل اختيار رئيس مجلس الشعب والوكيلين، حيث إن هذا الخبر غير صحيح علي الإطلاق. مع تأكيدهم علي الترحيب بعقد أي تحالفات أو تفاهمات من أي من القوي الساعية لضمان تشكيل لجنة توافقية لوضع دستور يستند بالأساس إلي إقامة دولة مدنية تحمي حقوق مواطنيها علي قدم المساواة ويستهدف تحقيق أهداف ثورة 25 يناير. ويعملون من أجل تحول الكتلة المصرية من مجرد تحالف انتخابي إلي تحالف برلماني وسياسي يستهدف توسيع نطاقه ليضم كل القوي الساعية لإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة. «أحمد خيري» - عضو المكتب السياسي والمتحدث الرسمي لحزب المصريين الأحرار- قال : «التيار الليبرالي بصفة عامة حصل علي 45٪ من الأصوات، ولكن هذه النسبة لم تترجم لعدد مقاعد في البرلمان، حيث حصل علي 35 مقعداً فقط، مشيرا إلي أن الإشكالية هنا هي أن هذه المقاعد تنتمي إلي 7 كيانات ليبرالية مختلفة وهو ما يجعل التيار الليبرالي أمام تحد كبير، ولذلك عليه أن يطور من نفسه والعمل علي الوصول إلي الناس في الشارع، خاصة بعد أن نجح الإسلاميون في الوصول إليهم من خلال استخدام الدعاية الدينية في برامجهم الانتخابية، فضلا عن الحديث الدائم عن الجانب الخدمي الذي سيحققونه في المجلس الجديد. «خيري» لفت إلي أن الكتلة المصرية تهتم بشكل كبير بمجموعة لجان هي: لجنة الصناعة ولجنة الخطة والموازنة ولجنة الثقافة والسياحة والعلاقات الخارجية والإعلام، مؤكدا أن اهتمام الكتلة المصرية بهذه اللجان تحديدا نابع من وجود كفاءات علي مستوي عال من الخبرة والحرفية التي تمكنهم من إدارة هذه اللجان، وتحقيق الهدف المنشود منها لخدمة المواطن المصري، مؤكدا أن هذه الكفاءات ستنجح في هذه اللجان أكثر من التيارات الأخري، وخاصة التيارات الدينية التي ستدخل في صراع للحصول علي بعض هذه اللجان. وأضاف أن الكتلة المصرية لن تحارب من أجل الحصول علي هذه اللجان، حيث إن الكتلة تحتاج لتوافق وطني وليس حرب أو تقاتل علي اللجان المهمة داخل المجلس، مشيرا إلي أن من سيحاول الاستئثار بالسلطة سيظهر علي السطح بين القوي السياسية المختلفة وسيكون الوجه الآخر للحزب الوطني، مؤكدا أن الكتلة المصرية لديها تحد لإظهار نوايا حسنة داخل المجلس الجديد وليس الهدف هو السيطرة علي السلطة وإنما تحقيق المطالب التي حاول المواطن الحصول عليها طيلة السنوات الماضية. المتحدث الإعلامي باسم المصريين الأحرار نفي وجود أي تحالف مع أي من هذه القوي حتي الآن، ولكن أشار إلي وجود لقاءات تشاورية في القضايا والبرامج المختلفة، مشيرا إلي أن الكتلة المصرية هي الأقرب لحزب الحرية والعدالة، وخاصة في القضايا الاقتصادية، ومشيرا إلي أن هناك نقاط اتفاق مع الحزب الإخواني كما أن هناك نقاط خلاف وأهمها ملف الحريات والقضايا التشريعية كما أن الكتلة المصرية تتفق مع اليسار في قضايا ممارسة الحريات ومدنية الدولة وتتفق مع التيار السلفي في قضايا تطوير الصحة والعدالة الاجتماعية وتطوير الصناعة مثلهم مثل الإخوان، خاصة أنهم محل توافق وطني، مشيرا إلي أن نقاط الاختلاف مع الإسلاميين واحدة وهي التي تصب في الاختلاف حول مفهوم الهوية لأن التيار السلفي يريدها دينية ولذلك يختلف منظورهم للحريات وطبيعة الدولة عن منظور الليبراليين. «عصام شيحة» عضو الهيئة العليا لحزب الوفد قال إن حزب الوفد سيركز علي 3 لجان رئيسية وهي لجنة الدفاع والأمن القومي ولجنة الخطة والموازنة واللجنة التشريعية وربما يضاف إليها لجنة الاقتراحات والشكاوي، مشيرا إلي أن هذه اللجان ستشهد منافسة شديدة بين القوي السياسية المختلفة داخل المجلس الجديد، وخاصة لجنة الخطة والموازنة واللجنة التشريعية لأن لجنة الخطة والموازنة سوف تشكل منها لجنة مصغرة لمراجعة ميزانية القوات المسلحة، وهو ما يعني أهمية هذه اللجنة وسرية تعاملها مع هذا الملف، أما اللجنة التشريعية فسوف تقوم بإعادة النظر في التشريعات التي صدرت بالمواثيق الدولية وهو ما يعطي أهمية كبيرة لهذه اللجنة أيضا. «شيحة» أعرب عن موقفه الشخصي بتفضيله أن يظل حزب الوفد معارضا مستقلا خاصة أن تاريخه منذ ثورة 1919 مرتبط بالمعارضة والحزب يعمل بشكل أفضل وهو مستقل عن غيره من القوي السياسية المختلفة، مشيرا إلي أن هناك اتصالات بين القوي الوطنية المختلفة وحزب الوفد والتحالف ستتم وفقا لمميزات كل قوي علي حدة خاصة أن السمة الرئيسية لكل الأحزاب الموجودة هي الانتهازية السياسية، حيث إن كل القوي تبحث عن الفائدة التي ستعود عليها بعيدا عن الموقف الأيديولوجي وأضاف أن الإخوان يريدون حصر حزب النور السلفي في جانب المعارضة حتي يظهر علي أنه أكثر تصالحا وتسامحاً وإذا تحالف حزب الوفد مع النور السلفي ستصل نسبتهم إلي أكثر من 50٪ داخل المجلس مؤكدا أن الاتجاه العام لحزب الوفد حتي الآن هو أنه ضد التحالف مع الإخوان كما أنه لم يتم عرض الأمر علي حزب الوفد بشكل مؤسسي ولم يتخذ الحزب قرارا حتي الآن في هذا الشأن. وعن رئيس المجلس الجديد قال إنه سيكون شخصاً يتم التوافق عليه وليس بالضرورة أن يكون من الإخوان المسلمين، حيث إنه إذا لم يتحالف الإخوان مع حزب الوفد لن يستطيعوا الدخول في هذا الأمر بمفردهم، حيث إن حسم هذه القضية سيتم وفق التحالفات بين الأحزاب والقوي السياسية التي ستعلن الأسبوع المقبل، أما الوكيلان فأتوقع أن تكون «مارجريت عازر» للمجلس عن العمال خاصة أن هناك شبه إجماع عليها، حيث إنها تتميز بثلاث سمات رئيسية هي أنها سيدة وقبطية وهذه إضافة جديدة لم تكن موجودة في الماضي كما أنها امرأة عاملة وتمثل التيار الليبرالي. في حين أكد المهندس «سعد الحسيني» - القيادي الإخواني - علي أن الإخوان المسلمون يريدون برلماناً ناجحاً يعبر عن طموحات كل المصريين وتشترك فيه كل القوي السياسية ويتم توزيع اللجان داخل المجلس وهيئاته المختلفة عليها مؤكدا أن الإخوان لا يريدون إقصاء أي من القوي السياسية ولا الانفراد بأي سلطة داخل البرلمان مشيرا إلي أن الإخوان يسعون لخلق تحالفات تقود البرلمان لصالح مصر، وهناك تنسيق يتم الآن مع كل القوي المختلفة معبرا عن قبول التحالف مع حزب النور السلفي، خاصة لأنه الأقرب فكريا للإخوان المسلمين قائلا: ولكننا لا نريد تحالفا إسلاميا إسلاميا لأنه تقييم خاطئ وغير مناسب للمرحلة الحالية وليس في صالح أحد ولذلك يبحث الإخوان المسلمون عن التحالفات الواسعة، خاصة أن التباين الواسع بين كل القوي السياسية سيصب في المصلحة العامة، ولفت إلي أن اللجنة التشريعية من أهم اللجان التي سوف يهتم بها الحزب الإخواني ولن يتم الإفصاح عن باقي اللجان التي سيسعي الحزب للحصول عليها. وعن رئيس البرلمان المقبل قال إنه من الأفضل والمناسب أن يكون من الأغلبية الكبيرة والتي في الغالب ستكون إخوانية لأن المنطق والأعراف تقول هذا، إلا في حالة حدوث تكتلات، حيث ستمثل هذه التكتلات الأغلبية. «محمد نور» - المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي - قال إن هناك مؤشرات كثيرة تتجه نحو التحالف مع حزب الوفد والكتلة المصرية وكل القوي السياسية الموجودة بالمجلس، خاصة أن هناك ترحيباً مدهشاً ولم يكن متوقعا من قبل هذا التيارات، وأكد أن الحزب يسعي لطمأنة القوي المختلفة التي كانت رافضة لوجود حزب النور، مشيرا إلي أن الأمور الخلافية بين الحزب وغيره من القوي اختفت تماما، مؤكدا أنه لم تكن هناك مشاكل تعطل مسيرة الحزب. وأشار إلي أن رئيس المجلس كان متوقعاً أن يكون تابعا للإخوان المسلمين باعتباره من يمثل الأغلبية بالبرلمان الجديد، ولكن حزب النور الآن يحاول كسب التحالف مع أي فصيل أو تيار معلنا رفض الحزب احتكار الإخوان المسلمين للمجلس قائلا : «حزب النور يسعي للتكتل وليس للإقصاء، ومن الأفضل أن يكون رئيس المجلس شخصية يتم اتفاق كل التيارات عليها ولم نعلن حتي الآن عن اللجان التي يريدها حزب النور»!!