الوطن غير قابل للتجزئة وكذلك الأخلاق! الوطن غير قابل للمقايضة عليه بأى شىء فى الدنيا! وكذلك الأخلاق الكريمة لا تقبل المقايضة أو التغاضى عن الفعل الطيب والمحترم! الوطن هو البيت والأهل والأصدقاء والتاريخ، وهو كيان غير قابل للتجزئة - وغير قابل للمساومة عليه أو على مصالحه - مهما كانت المغريات! ولعل الوطن أضفى على محبيه وسكانه لفظ (مواطنيه)، ولعل درجة الانتماء لهؤلاء المواطنين تتفاوت لظروف اقتصادية أو سياسية أو حتى اجتماعية، ولعل اختلاف وجهات النظر مختلفة من مواطنى الوطن نحو مشاكل محددة تواجهه - تجعل الزوايا متعددة (من حادة إلى منفرجة) - إلا أن الوطن فى الأساس هو الهدف وهو المرجع، حينما يظلل تلك التصرفات المختلفة المبنية على وجهات نظر متعددة - نحو الأخلاق وكرمها وأصالتها، وفى هذه الأحوال نقبل جميعاً أسس الاختلاف، ولعل النظم السياسية فى الحياة البشرية، قد تعددت فيها وسائل ووسائط التحاور بشأن الوطن وما يواجهه من مشاكل، وكذلك كيفية إدارتها، ولعل ما نواجهه فى مصر، وطننا اليوم من مشاكل فى الإدارة المعنية بأصول وثروات هذا البلد، تجعلنا متعددى الآراء والأفكار، إلا أن فى أحاديثنا سواء فى أحزاب سياسية أو فى وسائط إعلامية، وطرح الأفكار ووضع البدائل، شىء مقبول- بل نسعى لدعمه وتوسيع رقعة الحوار عنه، كذلك ما نواجهه من أزمات فى مجال التعليم والبحث العلمى - وما نسعى إليه من تطوير آليات مستقبل هذا الوطن، سواء عن طريق تشريعات جديدة، أو تحسين حال إدارة هذا القطاع، وتطبيق سياسات تم الاتفاق عليها مجتمعياً أيضاً هذا مطلوب، وندعمه كمثقفين وسياسيين مصريين، وما يستجد على الساحة الوطنية اليوم من مفاجآت غير سارة، بتدخلات من عناصر أجنبية أو عربية لكى تثير قلاقل وجدلا فى الشارع المصرى - وهذا ليس بجديد على بلادنا، ففى التاريخ المعاصر، مئات الأحداث من هؤلاء الأشقاء (آبائهم) والآن جاء دور الأبناء لكى يعيدوا ويزيدوا فيما سبق لآبائهم بتصديره إلى مصر، فهذا قدرنا ونحن قادرون على التعامل معه، مع العلم بأن مصر، حسب ما جاءنى فى التاريخ، ستعود من غضبها وتتعامل مع الصغائر، بحكم دورها وموقعها فى التاريخ وأيضاً فى الجغرافية السياسية فى العالم وخاصة الإقليم الذى نعيش فيه! الوطن - هو هو، نفس الوطن منذ آلاف السنين، هو الشاطئان، والضفتان والجبلان، والصحراوان، والشمال، والجنوب، وسيناء، النهر يشق قلب الوطن من جنوبه إلى شماله، والقلب يتصدره (دلتا النيل)، هذا هو الوطن الذى نعيشه ويعيش فينا (الأنبا شنودة)، ومع ذلك هذا الوطن فى كل ما قدمه لمن سعى إليه، وحتى لمن لم يسع إليه، يتقبل الإساءة قبل الشكر، أحياناً، وفى الغالب يتنكر لجمائله الابن قبل الغريب، أخلاق الوطن، أخلاق كريمة، وأخلاقنا لا تتجزأ ولا يتجزأ الوطن ولن يكون! رغم كل ما يحدث فى الشارع المصرى اليوم، ورغم كل سحب التشاؤم من قلة عابثة فازت أغلبيتها بانتخابات برلمانية إلا أن كل هؤلاء لن يستطيعوا أبداً أن يقودوا الوطن «مصر» للخلف أبداً، لن يحدث فهذا ضد الطبيعة، ونعلم أن الطبيعة لها الغلبة فى نهاية الأمر!