الجدل حول البرلمان القادم مازال دائرا، ربما لأن الظروف غير عادية، وربما لأن الحزب الذي كان يسيطر علي البرلمان لعقود أصبح اليوم ليس له وجود «شرعي» وينافس مكانه تيارات كانت محظورة وأخري مسجونة، وأحزاب أخري كانت ضمن تمثيلية المعارضة التي استمر عرضها طوال 30عاما! قبل بدء المرحلة الأولي للانتخابات «يوم 26 نوفمبر الماضي» فاجأنا اللواء ممدوح شاهين بتصريحات خطيرة حول الأدوار التي سيتولاها البرلمان؛ حيث قال خلال حديثه علي قناة الحياة إن برلمان الثورة لن يكون له حق اختيار أو إقالة الحكومة أو سحب الثقة منها! مستند بذلك إلي الإعلان الدستوري، وهذا رغم أن المادة «33» بالإعلان الدستوري تعطي البرلمان حقه في التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، وكذلك الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية.. كما أن اللواء شاهين صرح من قبل بأن جميع الصلاحيات التشريعية ستنتقل إلي البرلمان تلقائيا فور انتخابه. إذن هل فعلاً يمكن أن يحدث ذلك ويصبح البرلمان مجرد صورة لإثبات أن مصر دولة ديمقراطية؟! أم أن ما قاله شاهين «مجرد تصريحات» ولن تتحقق؟! يقول د. وحيد عبدالمجيد: هذه الأمور ليست بالمزاج، صحيح أن مجلس الشعب القادم ليس له حق تشكيل الحكومة، لأننا حتي الآن لسنا في نظام برلماني.. لكن انتزاع حق البرلمان في سحب الثقة من الحكومة يعتبر تعطيلا للبرلمان، وذلك لأن الإعلان الدستوري نص علي أن البرلمان فور انتخابه يتولي عملية الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية، وهذه العملية تبدأ بتوجيه سؤال إلي السلطة التنفيذية، وتصل إلي مرحلة سحب الثقة منها إذا وجد البرلمان أن الحكومة انحرفت عن المسار الذي يحقق المصلحة الشعبية، وهذا يعتبر جزءا لا يتجزأ من الوظيفة الرقابية للمجلس، وغير ذلك سوف يعتبر البرلمان مثل برلمان الخديو إسماعيل «عام 1866» عندما قال الخديو إن المجلس وظيفته المداولة في المنافع العامة فيما تعرضه عليه الحكومة. ويضيف عبدالمجيد قائلا: تصريحات اللواء شاهين تمثل رأيا شخصيا له، والحديث عن وظائف البرلمان مسألة ليست بالآراء. أما المستشار أحمد مكي فقال: ما قاله اللواء ممدوح شاهين كلام محبط، ولايتلاءم مع مظاهر التغيير، فالشعب المصري خرج يوم الانتخابات ليعلن عن رغبته في الانتقال لمرحلة ديمقراطية.. ودائما ما يؤكد المجلس العسكري أنه ليس بديلا للشرعية، وعليه أن يستغل الفرصة ويستلهم إرادة الشعب من خلال نواب الشعب بالبرلمان.. ولو كنت مكان اللواء شاهين لكنت استقبلت هؤلاء النواب الذين سيتولون السلطة التشريعية، بكامل الاحترام والتقدير. ويضيف مكي قائلا: بهذه التصريحات يعتبر المجلس العسكري نفسه وصيا وليس أمينا مؤقتا.. ولابد أن يكون البرلمان القادم هو وكيل الشعب المصري، ولا أتخيل أن يرضي النواب بأن يكونوا غير قادرين علي رقابة الحكومة وممارسة حقهم في التشريع، لأنهم ممثلو الشعب، والشعب هو مصدر السلطة والصلاحيات. يقول د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع: صلاحيات مجلس الشعب وسحب الثقة من الحكومة لا يحددها اللواء ممدوح شاهين؛ إنما يحددها الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس العسكري، وغير ذلك يعتبر مصادرة ولا دليل عليه. المستشار محمد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق قال: المجلس العسكري يقوم الآن بدور رئيس الجمهورية ومن حق مجلس الشعب القادم أن يسحب الثقة من الحكومة، ويقوم المجلس العسكري بصفته الرئيس بتشكيل حكومة جديدة كما أقال حكومات سابقة في ظل الفترة الانتقالية.. وما قاله اللواء ممدوح شاهين رأي يخصه هو فقط، وأعتقد أن نواب مجلس الشعب القادم سيكون لهم رأي مختلف ردا علي هذه التصريحات ويساندهم في ذلك الإعلان الدستوري الذي يكفل للبرلمان القادم جميع صلاحيات مجلس الشعب المعروفة من قبل. أما جورج إسحاق فقال: هذا كلام مضحك!، فلماذا إذن بدأت الانتخابات؟! فإذا لم يتم منح البرلمان صلاحيات كاملة فهذا يعني أن ما بذلناه طوال الشهور الماضية أصبح سرابا، فمعروف أن البرلمان وظيفته التشريع والرقابة وسحب الثقة من الحكومة.. نحن في مرحلة ثورية لابد فيها أن يكون للبرلمان وجود حقيقي، فأنصح اللواء شاهين بأن يقرأ تعديلات الإعلان الدستوري جيدا! هذه كانت آراء البعض حول التصريحات الأخيرة للواء ممدوح شاهين، لكن قطعا الأمر لن يتوقف عند هذه النقطة، وربما تشهد الأيام المقبلة صراعا بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية حول صلاحيات وحدود كلتيهما!؟