ونحن علي وشك الإدلاء بأصواتنا في انتخابات برلمانية يقال عنها بأنها الأهم في تاريخ الحياة السياسية المصرية, حيث يأتي هذا الرلمان لكي يضع دستورا جديدا للبلاد, ورغم أن استفتاء قد تم عقب أحداث 25 يناير قد وافق فيه بالأغلبية علي إجراء الانتخابات البرلمانية سابقة لوضع دستور للبلاد! رغم ذلك - إلا أننا قد آمنا بالله وبإرادة الشعب، في ظل الشوق للحياة في النور والإمساك بمقود المستقبل عن طريق نواب حقيقيين عن الشعب، وليس بالتزوير والتدليس. ومع ذلك فإن القواعد المنظمة للانتخابات تهيئ لنسبة 50 % عمالا وفلاحين في القوائم الشعبية المقدمة من الأحزاب، وأيضاً في القوائم الفردية عن الدوائر، هذا الشرط القديم مازال قائما بناءً علي ذلك الاستفتاء الذي قد تم في باكورة أعمال المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وتوليه إدارة شئون البلاد! ولعلنا نعلم أن الفلاحين قد اندثروا منذ زمن طويل، فهذا الفلاح الذي جاء في قصة (عودة الروح) «توفيق الحكيم»، ذو الجلباب الأزرق، والذي «يعزق» الأرض من بعد صلاة الفجر، حتي صلاة العشاء، ويعيش في الغيط علي (فحل بصل) وقطعة (جبنة قريش) وشوية «جرجير وكرات»، تأتي بها زوجته لغدائه في منديل محلاوي مخطط أبيض في أحمر، هذا الفلاح التقليدي الذي كان يقصده «جمال عبد الناصر» والمشرع للدستور في زمنهم وضرورة تمثيله في البرلمان، هو وزميله العامل صاحب (العفريتة) الزرقاء أيضا، والملوثة بزيت الآلات والماكينات، والعرقان دائماً أمام الغلايات، ومصَّبَاتِ الأفران للصلب والحديد، والأسمنت، هذا العامل أيضاً اختفي من زمن طويل، ولم يجد طريقه أبداً لأخذ مقعد في البرلمان لكي يمثل العمال أو الفلاحين! ولكن جاء بديلاً عنهم، الأخ «محمد أنور عصمت السادات» (بصفة فلاح) الحاصل علي دكتوراه، ورجل الأعمال الشهير صاحب المنتجعات في شرم الشيخ وغيرها من أنشطة تجارية وبيزنس (وهذا ليس عيبا) أو لا سمح الله (سَّبًا) في شخص صديقي «السادات»، ولكن تصوروا هذا الرجل يجيء إلي الانتخابات البرلمانية، عضواً بصفة فلاح بأي أمارة، لأي أسباب يمكن أن نقبل الأستاذ «محمد أنور عصمت السادات» فلاحاً فصيحاً في البرلمان القادم، نيابة عن فلاحي مصر ؟ مجرد سؤال! وهنا واجب علي الأغلبية الساحقة من جموع الناخبين الذاهبين إلي صناديق الانتخابات يوم (28 نوفمبر) القادم أن يعلموا أن اختياراتهم سوف تحدد مستقبل البلاد وعليهم التفريق بين الغث والثمين والعامل والفلاح والانتهازي. نريد مجلسا نيابيا حقيقيا يعبر عن الشعب، مجلسا نيابيا يقوم باختيار اللجنة التأسيسية لوضع دستور دائم للبلاد، المسئولية عظيمة! وياريت نعود للفلاح الطيب، صاحب الجلباب الأزرق، فقد كان أذكي من هؤلاء المدعين بأنهم فلاحون ! كنا بالتأكيد سوف نطمئن علي مستقبلنا حيث هي في أيد أمينة، ولكنها الآن في يد الفنانة «يسرا»!