إن لم يكن من حقنا أن نعلق على أحكام القضاء - وهذا أمر مختلف عليه بين القانونيين - لكننا فى هذا السياق، نجد أنه لزاما علينا أن نعلق على المذكرة التى أودعتها لجنة بحوث السُنة والسيرة التابعة لمجمع البحوث الإسلامية بمحكمة «القضاء الإدارى» فى الدعوى المقامة ضد شيخ الأزهر، للمطالبة بتنقية «صحيح البخارى» وما يطلق عليه «الصحاح الست».. والتى قضت المحكمة برفضها أمس الأول. المذكرة التى استجابت لها المحكمة جاء فيها: «لا نعرف أين الخلل والشوائب التى يزعمها بعض «المخبولين».. ويطلبون من الأزهر وشيخه ومجمع البحوث الإسلامية أن ينقى صحيح البخارى منها؟.. وأن إثارة الشكوك والشبهات حول «أصح الكتب بعد كتاب الله» غرضها البلبلة والطعن فى الإسلام والسُنة النبوية»! وهو ما يعنى أن اللجنة أرادت أن تسد الباب أمام كل رأى يخالف مذهبها من حيث الابتداء، حتى وإن كان بوضعه فى خانة خصوم «السُنة النبوية» التى هى وحدها تمتلك حقيقتها! ولعله من المعلوم بالضرورة أن هذا «التفكير» وما سار على دربه، كان سببا رئيسيا فى أننا تخلفنا عن سائر التجارب الموازية.. تقدمت تركيا التى أمسكت بزمام التقدم العلمى والبحثى.. والتزمنا نحن مواقعنا لأننا نخشى أن «نغلط فى البخارى»! فماذا تقول اللجنة - إذا - عما ورد بأصح الكتب بعد كتاب الله - حسبما تقول اللجنة - بكتاب «التعبير» عن حديث انتحار النبى، رغم أن نخبة من العلماء ذهبوا إلى أن هذا الأمر غير صحيح بالمرة.. وهو ما أكده كذلك مؤلفو كتاب «حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين» - ومنهم مفتى الديار المصرية - الذى طبعته وزارة الأوقاف! وماذا عن إطلاق العنان للحديث عن قوته الجنسية، وأنه كان يطوف بنسائه بغسل واحد فى الليلة الواحدة؟! ثم ألم يقرأوا الحديث رقم 3636 الذى قال إن القرود مكلفون، وأنهم يقيمون حد الرجم على قردة زنت.. وأن صحابيا اسمه عمرو بن ميمون رجمها معهم! وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب، رغم أنه قال «دخلت امرأة النار فى هرة حبستها»!.. وغير هذا - بالتأكيد - الكثير، مما لا يتسع المجال لذكره الآن. لكل هذا نقول: نعم .. نحن آسفون.. فقد أخطأنا فى البخارى!