الاثنين القادم ومنذ الصباح الباكر سوف نشاهد الحلقة الثانية من المسلسل الأهم على كل الشاشات العربية والذى يحمل عنوان «مبارك فى القفص».. فى ثالث أيام رمضان شاهدنا الحلقة الأولى وربما قبل نهاية رمضان نشاهد الحلقة الثالثة ولا أتصورها بالمناسبة هى الحلقة الأخيرة لايزال هناك حلقات أخرى سوف تستحوذ على اهتمام الناس طوال الأسابيع القادمة!! فى لحظة دخول «مبارك» وابناه «جمال» و«علاء» ثم «حبيب العادلى» ومعاونوه إلى القفص كانت ذروة درامية فتنحت جانباً كل البرامج والمسلسلات طوال الأيام التالية.. لم يكن أبداً رمضان هذا العام هو شهر الدراما ولا البرامج الرمضانية حيث اتجهت مؤشرات الريموت كنترول لتبحث عن القنوات التليفزيونية التى نقلت على الهواء مباشرة محاكمة «حسنى مبارك».. القنوات التليفزيونية الأجنبية قدمت أيضاً هذا الحدث بكل لغات العالم فأصبحنا أمام حدث عالمى!! كانت مشاهدة «مبارك» داخل القفص هى المشهد الرئيسى «الماستر سين» الذى انتظره الكثيرون وتشكك فى حدوثه أيضاً الكثيرون الكل كان يتوقع أن يجد محامى «مبارك» عذرا قانونيا يحول دون مثوله أمام المحكمة العلنية التى حصل على بثها رسمياً وحصرياً التليفزيون المصرى الحكومى.. النيابة وجهت الاتهامات بالقتل وعلى رأس المتهمين كان «مبارك».. ويبقى أنه لأول مرة تحقق شاشة التليفزيون المصرى تلك الدرجة من كثافة المشاهدة لأن كل القنوات التى نقلت عن التليفزيون المصرى التزمت بالإشارة إليه!! بين الحين والآخر سوف يتابع الجمهور الأعمال الرمضانية ويعود بعدها إلى قناة إخبارية ليعرف آخر الأخبار فلن يخفت أبداً حضور «مبارك» ونجلاه.. سيشكل ذلك ولا شك نقطة جاذبة، سطوة البرامج السياسية ستظل لها سيطرتها وحضورها الرمضانى فى سابقة لم نتعود عليها أبداً فى تلك الأيام من شهر الياميش والبرامج والفوانيس والمسلسلات!! ومن الواضح أن المطالبات بمقاطعة عدد من النجوم قد أسفرت عن إحجام قطاع من الجمهور عن المشاهدة.. المؤكد أن تخفيض أجور أغلب النجوم إلى النصف يحمل دلالة على تراجع شعبيتهم وقدرتهم على الجذب الإعلانى.. ومن الممكن أن تجد مثلاً فى الاستعانة ب«نانسى عجرم» كنقطة جذب فى غناء تترات المقدمة والنهاية لمسلسل «سمارة» محاولة لجذب الجمهور المتعاطف والمنحاز إلى صوت «نانسى» ليشاهد المسلسل.. لاحظ البعض اختفاء اسم بطلة المسلسل «غادة عبدالرازق» من التترات واعتبروا ذلك دلالة على الخوف من المقاطعة.. الحقيقة هى أن «لوسى» التى تؤدى دور أم «سمارة» اشترطت أن تسبق الجميع فى مقدمة الحلقات وكان المقصود أن تسبق البطلة سمارة «غادة عبد الرازق» ولم توافق على ذلك «غادة» وفى نفس الوقت لا تستطيع أن تتحدى جهة إنتاجية تعاقدت مع «لوسى» طبقاً لهذا الشرط ولهذا قررت أن الحل هو ألا يكتب اسمها لا قبل ولا بعد «لوسى» إلا أنها - أقصد غادة - لقنتها درساً فهى بالاتفاق مع المخرج تسيطر تماماً على كل اللقطات فى التتر الغنائى ونادراً ما ترى «لوسى» وكأنها قد اشترت السلطانية فهى حتى كتابة هذه السطور لا تفعل شيئاً فى الدراما سوى التمهيد لكل مشاهد «غادة» والتى كالعادة تقدم دوراً يذكرنا بالحاجة «زهرة» وقبل ذلك فى مسلسل «الباطنية» المرأة التى لا تقاوم والكل يتمناها ويخضع لها كل الرجال.. وكأنها تنويعة أخرى يقدمها الكاتب «مصطفى محرم» لصناعة شخصية نمطية لغادة.. أتصور أن «غادة» وصلت هذا العام إلى مرحلة التشبع فى «سمارة» الجرعة تجاوزت المسموح كما أن حالة البرودة مع الجمهور بسبب موقفها ضد الثورة والثوار ولم تفلح معها محاولات تلطيف الأجواء التى لجأت إليها أو التقليل من حجم الغضب الشعبى حفل المسلسل بموسيقى وأغنيات تنتمى إلى الخمسينيات والستينيات ووصلنا إلى السبعينيات رغم أن زمن الأحداث درامياً لم يتجاوز مطلع الأربعينيات لا أحد يعنيه سوى ملء الزمن بتقديم أى مشاهد ما نراه على الشاشة يبدو وكأنه يلعب فى الوقت الضائع!! تستطيع أن ترى أيضاً «تامر حسنى» فى حالة مشابهة لما تعانيه «غادة» إلا أن «تامر» له أسلوب آخر فى اللعب على مشاعر الناس حيث إنه سوف يحيل المسلسل إلى عريضة دفاع لتبرئة ساحته من الاتهام الذى لاحقه ولا يزال بأنه واحد من ألد أعداء ثورة يناير ولهذا قرر أن يضع بعض مشاهد فى مسلسل «آدم» تعيد الثقة بينه وبين الجمهور.. فى الحلقات الأولى للمسلسل بدأ فى التمهيد بتقديم شخصية «آدم» باعتباره ثوريا وهو ما اتفق عليه مع مؤلف المسلسل «أحمد محمود أبو زيد» فى ثانى عمل له بعد «العار» الذى قدمه العام الماضى.. على العكس تماماً مما مارسه على أرض الواقع.. خط الوحدة الوطنية المتمثل فى الشخصية التى تؤديها «مى عز الدين» تمهدنا إلى وجبة مباشرة فى دروس الوحدة الوطنية!! مسلسل الشوارع الخلفية فى مسلسل «الشوارع الخلفية» المأخوذ عن رواية «عبدالرحمن الشرقاوى» العمل الفنى به حالة ألق وبرغم أن «جمال سليمان» وضعه الشباب السورى على قائمة المطلوب مقاطعتهم لارتباطهم ودفاعهم عن النظام السورى ولكن لا يزال المسلسل يقاوم فهو ليس فى بؤرة المقاطعة برغم أن «ليلى علوى» المرتبطة بصلة نسب مع عائلة «مبارك» حيث إنها متزوجة من شقيق والد «خديجة» زوجة «جمال».. ما يشفع للمسلسل هو أنه وحتى الآن يستند إلى قيمة إبداعية.. إنه المسلسل الذى تلمح فيه اهتماماً بتفاصيل الصورة وبناء الشخصيات وهناك اجتهاد فنى واضح من الكاتب «مدحت العدل» متكئاً على رواية «عبدالرحمن الشرقاوى» وحقق المخرج «جمال عبد الحميد» درجة عالية من الألق الفنى ولمع معه عدد من الوجوه الجديدة مثل «حورية فرغلى»!! فى مسلسل «كيد النسا» كان يبدو أن الصراع الدرامى الأساسى بين «فيفى عبده» و«سمية الخشاب» ليس للفوز بقلب «أحمد بدير» ولكن كل منهما تريد أن تؤكد أنها صاحبة المسلسل وبطلته. المفروض أن «أحمد بدير» يساوى نصف الحاج «متولى» الذى تزوج أربعة بينما «بدير» تزوج اثنتين فقط كل منهما تتحدى الأخرى فى الفوز به ليس بإغراء الجمال الأنثوى ولكن بعدد الكيلوجرامات التى صارت تتكدس فى ملامحهما.. «سمية» تعتقد أن هناك من يخطط لضربها فنياً وأشارت إلى عدد من المنافسات هن اللاتى يوجهن لها ضربات تحت الحزام.. حتى لو صح ذلك فإن الفاعل الأصلى لكل ما رأيناه هو «سمية» نفسها التى لم تستطع الحفاظ على ملامحها وفقدت بسبب انتفاخ وجهها قدرتها على التعبير. مسلسل «عابد كرمان» لعبت الثورة دوراً رئيسياً فى ظهوره للنور.. المسلسل مأخوذ من أوراق المخابرات العسكرية كانت الأجهزة الرقابية قد اعترضت على عرضه وبالفعل تم إلغاؤه من خريطة رمضان فى العام الماضى وقيل وقتها أن رئاسة الجمهورية تدخلت وحذفت مشاهد تثير غضب إسرائيل لأن المسلسل مأخوذ عن رواية كتبها الراحل «ماهر عبدالحميد» سيناريو وحوار «بشير الديك» وإخراج «نادر جلال» عن واقعة حقيقية لإسرائيلى عمل لحساب المخابرات المصرية.. فى هذا العام عادت المشاهد المحذوفة ويعرض المسلسل كاملاً طبقاً لتصريحات «نادر جلال» إلا أن المسلسل بالفعل كان بحاجة إلى رؤية أكثر تكثيفاً سواء على مستوى السيناريو أو الإخراج كما أنه لا يوجد عذر للمخرج إذا لم يستطع أن يحافظ على البعد الزمنى للستينيات!! «خالد صالح» فى «الريان» يلعب دراما الشخصية من خلال مفرداته الخاصة.. أما «كارول سماحة» فإن هناك ظلماً بيّناً وقع عليها من المخرج «أحمد شفيق» لأنها لا تستطيع أن تقترب شكلياً ولا نفسياً من «الشحرورة» كما أننى لم أستسغ المقدمة الغنائية التى كتبها «أيمن بهجت قمر» لأن الكلمات تبكى على حال «صباح» بينما أروع ما فى «صباح» أنها استطاعت أن تصالح الزمن بإقبالها على الحياة.. كما تعثر «فراس إبراهيم» فى أداء قصائد «محمود درويش» الذى كان لديه سحر خاص فى أدائه الشعرى من الصعوبة أن يقترب إليه أحد.. فى مسلسل «رجل لهذا الزمان» لايزال أسلوب السرد التقليدى المباشر هو منهج المخرجة «إنعام محمد على» وهو يفقدنا الكثير لأن الأمر يبدو أقرب إلى محاضرة وبالطبع هى مسئولة مع الكاتب «محمد السيد عيد» عن تلك الرؤية كما أننى لم أهضم هذا الحل الذى لجأت إليه المخرجة للتعبير عن الشخصيات الأجنبية بالحديث كلمتين بالإنجليزى ثم الباقى بالعربى كان ينبغى أن يتم الحوار كله بالعربية باعتبارها فى النهاية لغة افتراضية أما ما شاهدته فلقد ذكرنى بالمونولوجات «الفرانكو آراب» التى كان يقدمها «محمود شكوكو» على طريقة «أشوف وشك تومورو»!! «الحسن والحسين» عرضته العديد من القنوات برغم اعتراض الأزهر الشريف ومطالبة وزير الإعلام المصرى بالالتزام بهذا القرار إلا أن المحطات التليفزيونية ضربت عرض الحائط بتلك الاعتراضات وشاهدنا تجسيداً للحسن والحسين لأول مرة فى الدراما التليفزيونية.. ولكن المسلسل على المستوى الفنى أراه مخيباً للتوقع الذى انتظرناه خاصة من جسدا شخصية «الحسن» و«الحسين» كما أن المخرج كان تقليديا فى رؤيته.. ويبقى عدد من المسلسلات المهمة تستحق رؤية تفصيلية فى نهاية رمضان وهى «دوران شبرا» و«خاتم سليمان» و«المواطن إكس» إنها مع مسلسل «الشوارع الخلفية» هى الأهم هذا الموسم الرمضانى!! هذا إذا استثنيا الحلقة الثانية من مسلسل محاكمة «مبارك» يوم الاثنين القادم فهو المسلسل الأكثر جاذبية على كل الفضائيات ولا عزاء لكل المسلسلات والبرامج فى رمضان 2011!!.