رغم تنامي الدور الذي تلعبه الجمعيات الأهلية في السوق المصرية بين تقديم الدعم المالي والفني وتوعية المستثمرين والشركات، وبين حماية المستثمر الصغير للحفاظ علي حقوقه فإن هذا الدور يتلاشي مع تزايد عدد الجمعيات التي تفتقد للمؤهلات العلمية للقائمين عليها الأمر الذي أدي إلي عدم فهمهم لكيفية إصدار التقييمات والتحليلات التي توجه صغار المستثمرين بطريقة صحيحة يتمكنون من خلالها التحرك في السوق واختيار ما يناسبهم من أسهم، فضلا عن ظهور لوبي آخر من جمعيات حماية حقوق المستثمر لا يعرف مسئولوها قانون سوق المال كأدني تقدير للقيام بدورها.. مسئولو إحدي هذه الجمعيات أكد أكثر من مرة أن مؤشر السوق سيهبط إلي 3200 نقطة من 5500 نقطة خلال الأسابيع الماضية وهو ما لم يحصل، كما قام مسئولون آخرون بتوجيه المستثمرين ناحية أسهم بعينها من خلال توقعات مستقبلية وهو ما لم يحدث أيضا. •• مسئول بوزارة التضامن الاجتماعي أكد أن عدد الجمعيات المقيدة بالوزارة، والتي تعمل في السوق المصرية 4 شركات هي: الجمعية المصرية للأوراق المالية «أكيما».. جمعية خدمات العاملين بالبورصة الجمعية المصرية لمستثمري البورصة.. وجمعية خدمات العاملين ببورصة الأوراق المالية بالإسكندرية. ووفقا لما أكدته عزيزة يوسف - رئيس الإدارة المركزية للجمعيات بوزارة التضامن الاجتماعي - إنه وفقا لقانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002 لايتم منح أي رخصة للجمعيات الأهلية في السوق إلا شريطة أن تكون غير هادفة للربح، وإن ثبت عكس ذلك لا يمنح لها ترخيص في سوق المال. تضيف أن الجمعيات في السوق لابد أن تكون إما حقوقية تهدف إلي تقديم خدمة للمستثمر، أو جمعيات توعية للمستثمرين تقدم دورات تدريبية للعاملين في السوق. الوزارة تقوم بالرقابة علي هذه الجمعيات، من خلال المديريات التابعة للوزارات، فكل مديرية في كل منطقة تتولي الرقابة علي الجمعيات التابعة لها، وتقوم الوزارة بالرقابة علي الخطة السنوية الخاصة بميزانية هذه الجمعيات للوقوف علي أي مخالفات ترتكبها هذه الجمعيات. علي صعيد آخر، نفي د. أشرف الشرقاوي - رئيس هيئة الرقابة المالية - أي صلة بين الهيئة والجمعيات، مشيرا إلي أن وزارة التضامن الاجتماعي هي الجهة المخول لها الإشراف علي الجمعيات لأنها هي التي تمنح هذه الجمعيات رخصة العمل. وبالتالي فهي التي تتولي الرقابة عليها. د. هاني سري الدين - رئيس هيئة سوق المال الأسبق - يقول إنه لابد من تشجيع المجتمع المدني في تفعيل دوره في المجتمع، خاصة الذي يعمل علي رفع كفاءة العاملين في سوق المال ورفع كفاءة الكوادر العاملة بها. إنه لابد من تشجيع وجود نقابات مهنية تقوم علي حماية حقوق العاملين في سوق المال بشرط أن يكون هناك تنسيق مع هيئة الرقابة المالية لاعتماد برامج الجمعيات والنقابات. كما أن دور الهيئة ليس رقابيا، إنما تنسيقي فقط مع هذه الجمعيات، بهدف إعداد الدورات العلمية والتثقيفية للعاملين في السوق، لكن وزارة التضامن الاجتماعي هي فقط الجهة المنوط بها الإشراف علي هذه الجمعيات وعلي الهياكل الملكية لها لأنها الجهة المانحة لرخصة هذه الجمعيات إذ أن هناك جمعيات لها دور بارز في السوق أبرزها (كيما ) نظرا لما تقدمه من دور فعال في السوق، وكله يتم بالتنسيق مع الهيئة. خبراء أسواق المال وجهوا انتقادات حادة للجمعيات الأهلية العاملة في السوق المصرية، معتبرين أن أغلبها لا تقوم بدورها المنوط القيام به، وإن غيرت الأهداف التي تم تأسيسها من أجلها، في البداية يقول «محمد سعيد» خبير أسواق المال أن الجمعيات العاملة في السوق تختلف في أهدافها التي تم تأسيسها من أجلها في البداية عن نشاطها الحالي، كما تختلف في مدي فاعليتها داخل السوق. ويشير إلي أن هناك 3 أنواع من الجمعيات.. منها جمعيات تتولي عقد دورات تدريبية لمنافسة مهنة معينة وهي مهنة التحليل الفني، بدعم من البورصة والهيئة، فعلي الرغم من أن القانون ينص علي أن رخصة مزاولة ، لابد أن تأتي من النقابات وليس من الجمعيات، مثل جمعية أكيما التي تعقد دورات تدريبية لتمنح المحللين رخصة التحليل الفني وهي جهة غير مؤهلة لذلك. هناك نوع آخر من الجمعيات مثل الجمعية المصرية للمحللين الفنيين والجمعية العربية للمحللين الفنيين التي تقوم بدور تدريبي لممارسة مهنة التحليل الفني وهي جمعيات تهدف إلي الربح، لكن ليس لها دور في الترخيص لممارسة مهنة التحليل الفني أو لها دور فعال في ممارسة المهنة. وهناك نوع ثالث - الكلام ل«محمد سعيد» - من الجمعيات وهو الأقل فاعلية في السوق لأنه يجمع صغار المستثمرين، ونشاط هذه الجمعيات يحتاج إلي رقابة من السوق للحافظ علي دورها الذي أنشئت من أجله. وإن إدارة غالبية هذه الجمعيات تتم بشكل ودي مع البورصة والهيئة بدون أي رقابة من الطرفين، فضلا عن أن البورصة تدعم بعض الجمعيات علي الرغم من عدم قيامها بدور فعال في السوق وعلي رأسها جمعية أكيما.. وغالبية هذه الجمعيات تحصل علي التراخيص من وزارة التضامن الاجتماعي، وهي ليست جهة من المفترض أن تتولي الإشراف علي هذه الجمعيات أو منحها تراخيص، موضحا أن عدد أعضاء هذه الجمعيات يصل إلي المئات ولا يوجد لها دور فعال في السوق. ويؤكد ضرورة مراجعة الموارد المالية لهذه الجمعيات التي عادة ما تكون تحت إشراف مراقبي حسابات بالاسم ولا تكون هناك رقابة فعالة عليها، فميزانية هذه الشركات إما تكون من اشتراكات مدفوعة الأجر أو اشتراكات أعضاء وهي لا تخضع لرقيب فيتم فبركتها، والوزارة لا تقوم بدورها في الإشراف عليها. •• وحول آراء الجمعيات، يقول محمد ماهر - عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية - إن هناك تزايدا كبيرا في الفترة الأخيرة في ظهور العديد من الجمعيات التي تتولي حماية المستثمر، خاصة بعد الثورة والتي تتولي الفصل في الشكاوي.. فلو حدث صراع بين شركتين مقيدتين في البورصة، تتلقي الجمعية الشكوي ثم تتولي دراسة الشكوي وإحالتها إلي الجهة المختصة سواء البورصة أو الهيئة لفض هذه الشكوي، مشيرا إلي أن أغلب القائمين علي هذه الجمعيات غير دارسين لقوانين سوق المال، وتكون هذه المشكلة الكبيرة لذلك لابد أن يكون في هذه الجمعيات عضو أو عضوان علي الأقل من دارسي قوانين سوق المال، بالتعاون مع البورصة والهيئة. وأكد أن الجمعية بحكم نشاطها تتولي مهمة التكامل مع الجهات المسئولة في القيام بأي تعديلات علي اللوائح أو القوانين الخاصة بالمتعاملين في السوق. ويضيف: إن دور الجمعية لابد أن يرتكز علي السعي وراء توفير منبر للعاملين في مجال الأوراق المالية يتم فيه تبادل الآراء لما فيه مصلحة السوق والأعضاء، كما أنه لابد أن يكون القائمون عليها متخصصين في التحليل الفني والمالي ولديهم دراية واسعة في سوق المال، كذلك توفير قناة تربط بين الجهات الرقابية والحكومية من جهة وبين العاملين في مجال الأوراق المالية من جهة أخري، مشيرا إلي أن تمويل الجمعية يأتي من اشتراكات الأعضاء والدورات التدريبية رافضا الإفصاح عن أي تفاصيل تتعلق بقيمة اشتراكات الأعضاء أو أي تفاصيل تتعلق بالهيكل المالي للجمعية. ومن جانبه، كشف مدير عام الجمعية - عن أن إجمالي الأصول الثابتة بلغ عام 83 2009,964 جنيه مقابل 150,102 جنيه خلال عام 2008 وتعتمد الجمعية في التمويل علي تنظيم الدورات التدريبية لكل من فئتي (مديري حسابات العملاء والمنفذين ) وفئة (مسئولي خدمة العملاء) الخاصة بضوابط التراخيص بفروع شركات السمسرة وتبلغ رسوم الدورة التدريبية نحو 2700 جنيه لأعضاء الجمعية و4000 جنيه لغير الأعضاء بالنسبة لدورة ( مديري حسابات العملاء ومنفذي عمليات التداول ) وبالنسبة لدورة مسئولي خدمة العملاء فتبلغ قيمة الرسوم 1800 جنيه لأعضاء الجمعية و3000 جنيه لغير الأعضاء. كما تعتمد الجمعية في التمويل علي اشتراكات الأعضاء، حيث تبلغ قيمة الاشتراك نحو 1000 جنيه بالنسبة للأفراد، أما بالنسبة للمؤسسات فتبلغ 3000 جنيه. بينما يبلغ الاشتراك السنوي 1500 جنيه بالنسبة للأفراد و5000 جنيه للمؤسسات. فيما يري سامح أبوالعرايس- رئيس الجمعية العربية للتحليل الفني - أن الجمعيات في مصر مازالت تفتقد القيام بدورها، لأن هناك بعض الجمعيات التي لا يشرف عليها متخصصون في السوق. وهذا يضر بمصلحة المستثمر الذي يتحمل أعباء عدم صلاحية هذه الجمعيات وعدم قيامها بالدور المنوط به، خاصة الجمعيات التي تتولي دور حماية حقوق المستثمر الصغير، مشيرا إلي أن بعض هذه الجمعيات يكون له مصالحه الخاصة. وحول تمويل هذه الجمعيات يقول (أبوالعرايس) إن التمويل يأتي من خلال نشاط كورسات التحليل الفني للعاملين في السوق المصرية والتي تقيمها الجمعية خلال فترة معينة من كل عام، وتقوم الجمعية بتمويل نشاطها من حصيلة هذه الجمعيات، وتبلغ قيمة هذا الكورس الذي تقيمه الجمعية خلال شهر سبتمبر من كل عام الثلاثة آلاف جنيه. ويضيف: إن الفترة الأخيرة شهدت ظهور عدد من الجمعيات الأهلية، وتتنوع نشاطات هذه الجمعيات ما بين جمعيات تختص بمساندة الشركات بالدعم المالي والفني، وبين فئة أخري ظهرت من الجمعيات خاصة في الفترة الأخيرة والتي ازداد دورها ونشاطها بعد الثورة في حماية حقوق المستثمرين المتضررين من عملية الشطب التي تمت علي مدار العامين الماضيين، كذلك بعض المشاكل التي تتعلق بنصب بعض شركات السمسرة ومنها الجمعية العربية لتدعيم صغار المستثمرين، وجمعية حماية مصالح المستثمرين وغيرها من الجمعيات الأخري العاملة في هذا المجال. ويشير إلي أن هناك عدة أنواع من الجمعيات تتوقف علي حسب طبيعة كل جمعية.. فهناك جمعيات تتولي دور تقديم التحليل الفني لصغار المستثمرين، وهناك الجمعية المصرية لإدارة صناديق الاستثمار الخاصة بإدارة صناديق الاستثمار، وهناك جمعيات تختص بالشئون القانونية لحماية صغار المستثمرين. وحول طبيعة عمل هذه الجمعيات حمل (أبو العرايس ) المستثمر مسئولية فشل هذه الجمعيات في القيام بدورها، نتيجة ظهور لوبي من المستثمرين في السوق يميلون إلي المضاربة أكثر من الاستثمار طويل الأجل. ويشير إلي ضرورة أن يكون القائمون علي الجمعيات الخاصة بالتحليل الفني والمالي محللين متخصصين في البورصة وسوق المال، لأنه لا يقوم به أي شخص، ولكنه يحتاج إلي مؤهلات خاصة حتي يتمكن من توجيه المستثمر والسوق بشكل سليم. ويقول أيضا إن هناك تجربة رائدة في السوق الأمريكية للجمعيات الأهلية، حيث نجد في كل شركة جمعية تتولي حماية مصالح صغار المستثمرين والمطالبة بحقوقهم ومتابعة أعمال مجالس الإدارة، بالإضافة إلي عمل رقابة مستمرة علي الشركات بحيث يكون لهم ممثل يتولي رئاسة الجمعية يكون لديه خبرة في مجال أسواق المال بدرجة كبيرة لحماية استثماراتهم. وعلي صعيد آخر، تقول د. جيهان جمال - رئيس الجمعية العربية لدعم صغار المستثمرين - إن العديد من الجمعيات العاملة في هذا المجال لها تجارب من أجل وصول أصواتها إلي المسئولين في البورصة والهيئة، للتواصل معم وتوصيل أصوات المستثمرين ومشاكلهم وتجاربهم من أجل المساهمة في إيجاد حلول لمشاكل أعضائها لمحاولة الوصول إلي حقوقهم أو عرض رؤياهم فيما يحدث في السوق، لكن لا توجد المساحات الشرعية للتواصل أو إبداء الرأي، وإن وجدت أو كانت هناك مقترحات بإيجادها فإنها تظل قيد الدراسة والبحث لفترات طويلة. وتضيف إنه رغم وجود العديد من الجمعيات العاملة في هذا المجال فإن بعضا منها انحصر دوره فقط علي تقديم دورات للمستثمرين، سواء في المجال الفني أو المالي وكأن ما يعانيه المستثمر هو افتقاره إلي هذه الدورات، رغم أن هذا ليس الدور الأساسي لها وإن كان أحد أدوارها لتنمية مواردها التي يسمح بها القانون. وتتولي هذه الجمعيات العمل علي حل المشاكل التي يعاني منها المستثمر في السوق المصرية، كما تتولي مواجهة التلاعب الحادث في بعض شركات السمسرة.. كذلك التلاعب الحادث من أعضاء مجالس إدارات بعض الشركات، والتلاعب في حسابات العملاء وتوظيف أموالهم واستغلال عدم وعيهم ببعض أدوات التعاون بين الشركات المفروض علي الرغم من أنها وكيلتهم في قيامهم بعملياتهم الاستثمارية ومهاجمة وقف بعض الشركات وحبس أموال المستثمرين فيها بدون ذنب اقترفوه. وأشارت (جيهان) إلي أن الشكاوي التي تقدم مازالت لم ينظر فيها منذ شهور رغم مطالبتنا المستمرة لإيجاد حلول لها نظرا لبطء الإجراءات التي يتم اتخاذها سواء في البورصة أو الهيئة. بالإضافة إلي المعاناة النفسية التي يتعرضون لها إثر خسارتهم عقب الأزمة المالية الطاحنة التي يواجهها الاقتصاد المصري، بالإضافة إلي مواجهة الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات وطالبت المسئولين بضرورة إعادة النظر في رؤيتهم لدور الجمعيات الأهلية لدعم المستثمرين في البورصة، فهؤلاء دعامة الاقتصاد، كما هو مطلوب من الجمعيات النظر في إعادة دورها لدعم المستثمر بخلاف الدورات التي تقيمها لحماية المستثمرين من تعرضهم للخسائر. وأضافت إنه علي الرغم مما يتسم به المجتمع المدني في مصر من فتح الباب علي مصراعيه لتأسيس الجمعيات الأهلية في مختلف ميادين العمل العام، ورغم قوة هذه الجمعيات الأهلية في العالم بأسره علي التأثير علي الرأي العام ومساندة أفراد المجتمع لحل مشاكلهم ورغم ما يبرزه العالم من مساحة في مؤسساته للتعاون مع الجمعيات الأهلية، فإن هذا الدور في مصر مازال لا يجد هذه المساحة إلا في بعض الميادين التنموية وعلي رأسها الجمعيات الخاصة بدعم المستثمر في البورصة فمازال الطريق أمامها غير ممهد ليقوم بدوره علي أكمل وجه. من ناحية أخري، يري أحمد يونس - رئيس الجمعية العربية لأسواق المال - أن هناك العديد من الجمعيات التي توجد حاليا والتي لا يشرف عليها متخصصون في سوق المال، والتي تصدر التقييمات والتحليلات لتحقيق أهداف خاصة وتحقيق مصالح معينة خاصة أيام النظام السابق. وانتقد دور الهيئة والبورصة في دعم بعض الجمعيات العاملة في السوق والتي تهدف إلي خدمة السوق، مطالبا بضرورة وضع المشاريع التي تقدمها بعض الجمعيات لتطوير السوق عين الاعتبار، مشير إلي أنه قد قدم مشروعا يهدف إلي تعديل اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للرقابة المالية، إلا أن المشروع لم يجد الدعم الكافي من قبل الهيئة والبورصة. ويضيف إن تمويل الجمعية ذاتيا يأتي من خلال الأعضاء القائمين علي الجمعية.. وبلغ عدد أعضاء الجمعية حوالي 10 أعضاء، يقومون بتمويل الجمعية من أموالهم الخاصة، ووفقا لبند الاتفاق يتم توزيع الحصة بين الأعضاء بالتساوي، حيث بلغت مصاريف التأسيس حوالي 35 ألف جنيه، بينما باقي التمويل يتم حسابه وفق نسبة كل عضو من إجمالي العشرة أعضاء المؤسسين للجمعية، كما بلغ إجمالي تمويل إنشاء الجمعية حوالي 40 ألف جنيه.