في صباح غد الأحد سيتم تخريج الدفعة «87» من الضباط الجدد في القوات الجوية، وهذا ترتب عليه إجراء عدة بروفات لحفل التخرج الذي يتم عادة لكل الكليات العسكرية، وفي البروفة الأخيرة التي كانت يوم الأربعاء الماضي الذي كان غير عادي بكل المقاييس لاستضافة القوات الجوية المحررين العسكريين يوما كاملا بدأ بالتجمع في دار القوات الجوية بمصر الجديدة الثامنة صباحا. وبعد تناولنا وجبة الإفطار في صحبة القادة والضباط هناك، أقلتنا سيارات إلي مقر الكلية الجوية ببلبيس، حيث كان في انتظارنا القائد ال21 للقوات الجوية الفريق رضا حافظ الذي كان من المجموعة الأولي لمقاتلي «إف 16» ذات المهام الخاصة والدقيقة جدا وكان هذا في عام 1982 عندما انضمت هذه المقاتلة لقواتنا المسلحة، وقد شارك «حافظ» أيضا في حرب 1973 بعد تخرجه بعام ونصف العام في الكلية الجوية. انتقلنا بعد ذلك إلي ساحة عرض حفل التخرج للدفعة الجديدة بمقر الكلية التي أطلق عليها «دفعة الفريق محمد إبراهيم حسن سليم» وبدأ العرض بنشيد القوات الجوية «دع سمائي فسمائي محرقة»، وفي الوقت نفسه ظهرت خمس طائرات هليوكبتر تحمل بالترتيب علم القوات المسلحة، ثم أعلام القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي علي التوالي في تأكيد أن القوات الجوية أحد أفرع القوات المسلحة وجزء لا يتجزأ من هذه المنظومة والمؤسسة ذات التكامل المتفرد.. واستغرق الحفل 42 دقيقة تخلله مشاركة ل حوالي 60 طائرة من طرازات مختلفة من طائرات التدريب «جروب» وطائرات «توكانو» و«كيه 8» و«الألفا جيت» و«البيتشي كرافت» و«الإف 16» و«مي 17» و«الشنيوك» و«سي 130»، حيث قامت جميعا بمناورة جوية تم من خلالها إثبات أن قدرة الدولة اليوم تقاس بقوة أسلحتها الجوية التي تعد في مقدمة أسلحة الحرب الحديثة والوسيلة الفعالة لإقرار السلام. الفريق «حافظ» وأسئلة بدون خط أحمر بعد بروفة العرض عقد الفريق «رضا حافظ» مؤتمرا صحفيا قام من خلاله المحررون العسكريون بطرح أسئلتهم واستفساراتهم دون أدني خط أحمر، وقام الفريق «رضا» بالإجابة دون تحفظ. سألت «روزاليوسف» قائد القوات الجوية عن طلعات الطائرات «إف 16» في سماء مصر وتحديدا فوق ميدان التحرير في فبراير أيام الثورة وقبل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك.. ماذا كان الغرض منها.. وقد أفزعت الثوار في التحرير وقاطني منطقة وسط البلد بأجمعها؟ قال الفريق «رضا»: لماذا فزع الثوار من ال «إف 16» وهي كانت من أجل حمايتهم ورسالة لأي من تسول له نفسه أن يعبث بسماء مصر وهي في تلك الظروف الصعبة.. إنها رسالة واضحة لا تحتمل اللبس. - وفي سؤال آخر عن خفض عدد الطائرات المشاركة في حفل تخرج هذا العام عن كل حفلات التخرج السابقة.. قال «رضا»: إن جميع عناصر الاحتفال موجودة، لكن عدد الطائرات المشاركة هو الذي تم تقليله بنسبة 20% فقط من أجل أولا خفض التكاليف، وثانيا لأن المهام كثيرة جدا علي حدودنا وهي أهم بالنسبة للقوات الجوية عن الحفل، خاصة في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، فالمهم حماية الحدود والفضاء. - وعن دور القوات الجوية في ثورة 25 يناير.. قال الفريق «حافظ»: إن القوات الجوية أحد أفرع القوات المسلحة التي قامت ككل بحماية هذه الثورة، ومهمتنا الأساسية خلال هذه الفترة هي حماية سماء مصر، فقمنا بتكثيف طلعات الحماية كمظلات جوية ضد أي من تسول له نفسه أن يستغل الظروف التي تمر بها البلاد واعتبرها فرصة للإضرار بالبلد وفي الوقت نفسه كان هناك تكثيف لطلعات الحماية للحدود. ونتيجة للأحداث في ليبيا كانت تحدث عمليات تهريب أسلحة وذخائر وبالتعاون مع قوات حرس الحدود منعنا دخول كميات كبيرة من المخدرات والسلاح سواء من الحدود الغربية أو الجنوبية، وكانت طلعاتنا علي طول الحدود وطوال ال24 ساعة، كما قامت القوات الجوية بنقل الأموال من البنوك المختلفة للمحافظات بالطائرات وأيضا بنقل أسئلة الثانوية العامة، وقد شارك الإسعاف الطائر الذي يتبع القوات الجوية بنقل المصابين من المحافظات وعودة المصريين لأرض الوطن من ليبيا والحدود التونسية، هذا علاوة علي أن القوات الجوية مهمتها الأساسية حماية سماء مصر في كل وقت ليل نهار، إذن فمهمة القوات الجوية أثناء الثورة كانت متعددة. وأضاف «حافظ»: إن القوات الجوية بجميع أسلحتها ملك للشعب ووجود الجيش في ميدان التحرير من أجل حماية الوطن والشعب ومن أول يوم في الثورة والجيش منضم لمطالب الشعب ولم ولن نطلق رصاصة واحدة. وعن طلاب الكلية الجوية ومعرفتهم بثورة يناير قال الفريق «حافظ»: إن الطلاب قبل وبعد ثورة يناير يتعلمون في دورات ومحاضرات توعية تثقيفية، والطالب لابد أن يفهم لماذا قامت الثورة والمخاطر التي تهدد هذه الثورة ووضع البلد الأمني والاقتصادي وأن يكون علي دراية بمكتسبات الثورة. وبالنسبة لمسايرة القوات الجوية للتطور الذي يحدث لمن حولنا وفي العالم لتقنيات المقاتلات الجوية قال الفريق «رضا»: إن سياسة التطوير في القوات الجوية تواكب العصر والتحديات في المنطقة، والقوات الجوية كسائر أفرع أجهزة القوات المسلحة التطوير فيها مستمر خاصة أن السلاح الجوي في العالم لا يتوقف، ونتقدم بخطي سريعة نحن أيضا ونطور أسلحتنا بما يتلاءم مع أسلحة العالم، وكل عناصر القوات الجوية يتم تدريبها علي هذا سواء بالبعثات أو الدورات في مختلف البلدان علي أي شيء جديد، وأضاف: إن التدريب المهم للطيار هو في أسلوب معايشته مع المعدة المتطورة والمستخدمة وقد زارنا كثير من معاهد الطيران العالمية وانبهروا بالتطور في قواتنا، بل لم يتخيلوه، ويرجع ذلك لحرص الفرد نفسه علي استخدامه لأحدث التقنيات والتعرف علي التكنولوجيا الجديدة. وردا علي سؤال: هل لدينا عدد كبير من المقاتلات مثل الآخرين؟ قال الفريق «حافظ»: زيادة أعداد المقاتلات ونوعها لا تتوقف علي إمداد القوات الجوية بكل ما تحتاجه طبقا للمهام والدفاع لحماية سماء مصر وترابها بالتعاون مع الدفاع الجوي والجيوش والمناطق العسكرية.. ولن ندخل في سباق تسلح بلا داعٍ، ولكننا نحصل علي كل ما هو جديد لأداء مهمتنا والدفاع عن الوطن. - وفي سؤال للفريق «حافظ» عن ما هو رصدكم لوجهة نظر العدو؟ قال: هناك أجهزة مهمتها رصد العدو، ولكن مهمتنا هي التطوير والتدريب وتقديم المهام بكفاءة وكل عناصر القوات الجوية عقيدتها وإيمانها هو الدفاع عن بلادهم. وفي إجابته ل«روزاليوسف» عن أحوال حدودنا الشرقية قال الفريق «رضا»: إن حمايتنا لحدودنا الشرقية لا تنقطع ولا تتوقف ليل نهار. وفي سؤال آخر ل «روزاليوسف» أيضا عن استخدام الطائرة بدون طيار في مهام قتالية كبديل عن المقاتل البشري.. قال قائد القوات الجوية: الطائرة بدون طيار لها مهام محددة، حيث تتم برمجتها علي الفعل الذي ستقوم به وتنفذه وهي أرخص وتوفر في النفقات ولا تحتاج لعنصر بشري لأنها طيار آلي مزود بكمبيوتر وتسليح يقوم بأداء المهمة التي تحدد له. وعن مشروع تحضير «رجل فضاء» كان ضمن اهتمامات القوات الجوية في سنوات سابقة.. قال الفريق «حافظ»: لسنا في حاجة إلي رجل فضاء لأنه «شو إعلامي» ومهمتنا الأساسية التي تحتاجها البلاد هي الحماية وليس شيئا للدعاية. تكلفة المقاتل الجوي ملايين الجنيهات في أسئلة كثيرة ومتلاحقة للمحررين العسكريين عن تأهيل المقاتل الجوي.. قال قائد القوات الجوية: إن اختيار أي طالب يمر بعدة مراحل تبدأ باللياقة الصحية والطبية ثم بتدريبات تؤهله للحياة العسكرية تظهر قدراته وتأقلمه وهو في هذا يتدرب بشكل نظري وتأهيل رياضي وتدريب عسكري وفي السنة الثانية يتعلم فن الطيران العملي لإثبات قدرته، لذلك البعض لا يستوعب ذلك فيتم تحويله إلي ملاحة جوية، ومن هنا يكون التخصص، وفي العام الثالث والأخير بالكلية يكون تدريبه كمقاتل وقدراته علي التعامل مع أي من الأنواع في الطائرات هل طراز المقاتلة مثل «إف 16» التي تحتاج لعام كامل بعد التخرج كتأهيل خاص بها، أو يصير طيارا لطائرات النقل أو الهليوكبتر، وأضاف قائد القوات الجوية: إن كل طائرة لها إمكانياتها ومهامها وبالتالي يتم اختيار الطالب طبقا لمواصفاته ومهاراته المتوافقة، فمثلا الطائرة الأسرع من الصوت تحتاج مهارات خاصة ولياقة طبية فائقة وسرعة تفكير ورد فعل لأن المقاتل يكون بمفرده في الطائرة، ولكن طائرات النقل والهليوكبتر فإنها مجموعة عمل داخل الطائرة لكل واحد فيهم مهام. وفي إجابة عن استفسار للتكلفة التي تتحملها القوات الجوية لإعداد مقاتل قال الفريق حافظ: حوالي مليون جنيه كتجهيز للفرد، أما المعامل والمقلدات التي يتم تدريبه عليها في الفصول الدراسية فإن تكلفتها حوالي 3 ملايين دولار. وقد قام الفريق «حافظ» باصطحاب المحررين العسكريين في جولة داخل الكلية الجوية ليتعرفوا علي كيفية تأهيل «المقاتل الجوي» وليجدوا إجابة عملية عن أسئلتهم بخصوص التأهيل والتدريب ومسايرة جيوش العالم المتقدم. وفي أثناء الجولة تعرفنا علي قاعات المحاضرات والمعامل والمعدات، والأكثر من ذلك هو تلك المقلدات لمحاكاة نماذج الطائرات المختلفة وبرج المراقبة، ولكن لدواع أمنية ووطنية كان ممنوع التصوير والوصف، لكنه شيء مبهر حقيقة! «هيكل» والقوات الجوية سأل أحد الزملاء قائد القوات الجوية عما قاله الكاتب الكبير «هيكل» عن الطلعات الجوية التي اعتبرها قادة القوات الجوية السابقون والحاليون غير حقيقية وليس لها بناء معلوماتي صادق.. قال الفريق «حافظ»: أنا لست قائما بالرد علي كل شخص يدعي أشياء عن القوات الجوية، لكن يمكنني القول إن القوات الجوية في 14 و15 يوليو وبعد النكسة مباشرة عام 1967 قامت بهجمة في سيناء ب 24 طائرة، وكان الطيارون قد قاموا بهجمتين وأيضا كانوا جميعا يريدون الرد علي إسرائيل التي ضربت السرب الجوي. وفي الوقت نفسه يضعون الطائرات بعد هذه الهجمات في مكان آمن، ولكن ما حدث أنهم استشهدوا، وفي أغسطس عام 1968 قمنا بعمل كمين في الإسماعيلية وأوقعنا أربع طائرات للعدو، وفي 20 يوليو 1969 حرب الاستنزاف قمنا بهجمة ب 36 طائرة في سيناء، وقمنا بمعارك طوال حرب الاستنزاف، وكان في هذا الوقت لدينا 352 طائرة كل خمس منها قاموا بإيقاع طائرة للعدو في حين أن إسرائيل لديها 504 طائرات، وقد قامت كل ست طائرات ونصف من عندهم بإيقاع طائرة من عندنا مع العلم بأنه كان لديهم الطائرات الأكثر تكنولوجيا «الفانتوم والسكاي هوك والميراج» ونحن لدينا ال «ميج وسوخوي». ومع العلم أيضا أنه في حرب 73 البعض يقول إننا هجمنا ب 220 طائرة، لكن الحقيقة كان العدد أكثر ب 8 طائرات من الميج 17 جاءت من سرب لنا في سوريا وقد استشهد لنا في أول ضربة جوية عشرة شهداء. وانتهي اليوم وفي نهاية هذا اليوم الحافل تناولنا وجبة الغداء ب «ميس» أي مطعم الكلية الجوية.. وبعدها أقلتنا السيارات مرة أخري من بلبيس إلي مصر الجديدة لكي نختتم اليوم.