معلومات مدهشة وتفاصيل دقيقة ومواقف ووقائع مثيرة.. تحتفظ بها الخارجية المصرية ودبلوماسييها تكشف كيف كانت تدار مصر فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، . «روزاليوسف» تفتش فى الصفحات السرية للدبلوماسية المصرية بصفحات تخص السفير هشام النقيب قنصل مصر العام فى لوس أنجلوس والذى كانت زمالته لجمال مبارك فى الجامعة الأمريكية بمثابة نار جهنم ظلت تطارده على مدار أكثر من ثلاثين عاما . تحديدا منذ عام 1980 عندما التحق النقيب بالجامعة الأمريكية عن طريق «منحة» الأفعلى الرغم من الأصول الارستقراطية لعائلة النقيب إلا أن أباه كان ينتمى إلى الطبقة المتوسطة ووقتها التأمت هذه الطبقة داخل الجامعة الأمريكية عن طريق المنح الدراسية مع أبناء كبار المسئولين فى الدولة وكان من بينهم علاء وجمال أبنا مبارك الذى كان يشغل وقتها منصب نائب رئيس الجمهورية وكانوا يشاهدون أبنى نائب الرئيس وعرف عن علاء مبارك حينها شغفه بلعب كرة القدم وكان بسيطا فى تعاملاته بينما كان شقيقه الأصغر جمال مترفعا عن الاندماج مع مختلف زملائه مقصراً دائرة أصدقائه على مجموعة ضيقة من الأصدقاء لم يكن النقيب من بينهم الذى التحق بالسلك الدبلوماسى فور تخرجه ليكون أحد أعضاء مكتب وزير الخارجية الأسبق د. عصمت عبدالمجيد ثم طلب منه الدكتور أسامة الباز أن ينضم إلى مكتبه وكان وقتها أسامة الباز العقل السياسى لنظام مبارك، وفى هذه المرحلة تشبع النقيب من خبرة وحنكة أسامة الباز ليبدأ بعدها انطلاقته المهنية فى السفارة المصرية بواشنطن ليكون مشرفا على ملف العلاقات مع الكونجرس الأمريكى بجوار الدبلوماسى المرموق هشام بدر مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة فى جنيف حاليا، وفى عام 1194 ذهب مبارك إلى واشنطن وهى الزيارة السنوية التى اعتاد عليها طيلة حكمه باستثناء فترة حكم بوش الابن، وكان قد أوصى أسامة الباز الوفد المرافق للرئيس السابق بأن يستمعوا إلى تقييم الدبلوماسى هشام النقيب لوضع العلاقات مع أعضاء الكونجرس، وقال لهم أن النقيب أحد أبنائه المتميزين، وفى هذه الرحلة تعرف هشام النقيب على اللواء جمال عبد العزيز مدير مكتب الرئيس السابق، وكانت المفاجأة أن جمال مبارك صاحب أبيه فى هذه الرحلة وهو ما يؤشر أن عملية تقديم جمال للأمريكان لم تكن وليدة الألفية وأن مد الجسور بين الابن الذى كان يطمح لإرث حكم أبيه وبين الولاياتالمتحدة كانت ممنهجة منذ عقدين من الزمان، وخلال هذه الرحلة ذكر اللواء جمال عبد العزيز، جمال مبارك بأن النقيب كان زميله فى الجامعة الامريكية فتبادل مع سلام مقتضب يحمل رسالة بإقامة حواجز فى التعامل والحديث، وبعدها بعامين تعرضت سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق لأزمة صحية شديدة استدعت نقلها وعلاجها فى مستشفيات واشنطن وكان وقتها وزير الخارجية الأسبق الراحل أحمد ماهر سفيراً لمصر هناك فقام بتكليف كل من الدبلوماسى هشام النقيب والدبلوماسى علاء رشدى نائب السفير المصرى حاليا فى روما بالإشراف على المسائل اللوجيستيه فى علاج زوجة الرئيس السابق من حيث الإقامة واستئجار السيارات اللازمة وهكذا، وكان من الطبيعى أن يحضر جمال الابن الأصغر والأقرب إلى والدته معها فى رحلة العلاج وقام بدعوة الطاقم الدبلوماسى الذى أشرف على التجهيزات الخاصة بوالدته على العشاء كنوع من المجاملة ليشكرهم. بعدها عاد هشام النقيب إلى ديوان الخارجية ليكون مديرا لمكتب السفير سمير سيف اليزل وكيل وزارة الخارجية السابق، إلى أن هاتفه رئيس الهيئة العامة للاستعلامات الأسبق نبيل عثمان ليعرض عليه أن يكون رئيسا للمكتب الإعلامى المصرى فى واشنطن، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يتم الاستعانة بالدبلوماسيين فى رئاسة المكاتب الإعلامية وكانت هذه الواقعة قبل رحيل الوزير الأسبق عمرو موسى من الخارجية بثلاثة أشهر بعدما اشتد الضغط الرئاسى عليه، وعرض النقيب الأمر على موسى الذى تحمس بشدة للفكرة وكانت رؤيته أن الإعلام له دور رئيسى فى تعضيد السياسة الخارجية للدولة، وبالفعل انتقل النقيب إلى واشنطن وتزامن مع ذلك وقوع أحداث الحادى عشر من سبتمبر وخلال هذه الفترة تم تكليف المكتب الإعلامى بمحاولة تحسين صورة مصر وإبعاد المصريين عن وصمة الإرهاب التى كانت تطارد العرب والمسلمين فى هذا التوقيت بدفع ممنهج من جانب بعض الدوائر الأمريكية، الأمر الذى دعا بعض الدول الخليجية إلى دفع أموال طائلة لشركات الدعاية الأمريكية للقيام بتحسين صورتها أمام المجتمع الأمريكى، وهناك دول زعمت أن العقل المدبر لتفجيرات سبتمبر هو المصرى «أيمن الظواهرى» وأن أسامة بن لادن ما هو إلا واجهة !! وخلال هذه الفترة كانت اتصالات مباشرة تجرى بين النقيب وصفوت الشريف الذى كان وزيرا للإعلام وقتها وكان يتم ترتيب زيارات لكتاب ومثقفين مصريين من اتجاهات مختلفة إلى واشنطن للتواصل مع الدوائر الأمريكية بغرض تحسين صورة مصر وكان من بينهم الدكتور محمد السيد سعيد والدكتور عمرو عبد السميع والدكتور أسامة الغزالى حرب، وبالفعل نجحت هذه التجربة ولكن كان البرود السياسى بين القاهرةوواشنطن قد خيم على العلاقات مع سياسة بوش الابن ولم يعد مبارك يقوم بزيارته السنوية، ولم يذهب إلى واشنطن إلا ثلاث مرات فى ستة أعوام، وكان يصطحب معه جمال مبارك الذى كان يسعى للقائه هناك عدد من الصحفيين المحسوبين على معسكر المعارضة وكان النقيب يتولى الإشراف على التحضيرات الإعلامية للزيارات إلى أن هاتفه صفوت الشريف فى نهاية عام 2003 ليبلغه أننا فى مصر نقدر مجهودك و«الباشا» ويعنى بها الرئيس مبارك، سيقوم بزيارة كل من باريس ولندن فأذهب إلى هناك من أجل الإشراف على التجهيزات الإعلامية وبعدها ستعود إلى القاهرة لكى تتولى رئاسة الهيئة العامة للاستعلامات.. وبالفعل ذهب النقيب إلى باريس ولندن ولم يكن يدرك أنه جزء فى لعبة تكسير العظام بين الحرس القديم والفكر الجديد كما جرت التسميات بين أهل السلطة فى أيام حكم مبارك، وعاد بعدها إلى القاهرة ليلتقى بالدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق فإذا بعزمى يقول له أنت شغلك كويس، ولكن لسه صغير وما ينفعش مستشار يمسك الهيئة فعاد النقيب إلى واشنطن وهو فى حالة ذهول إلى أن أبلغه أحد أصدقائه داخل الرئاسة بأن ما تم كان لعبة غرضها «حرقك» لأنك محسوب على جمال مبارك وصفوت وزكريا بيقصقصوهم فزدات صدمة الرجل ليفاجأ بعدها بزميله المستشار أيمن القفاص يتولى الهيئة، وترك الشريف الإعلام وتولى ممدوح البلتاجى وارتفعت أسهم هشام النقيب لتولى وزارة الإعلام وبدأ الزج باسمه فى الترشيحات الصحفية وبعدها تولى أنس الفقى وزارة الإعلام ليحول حياة النقيب إلى جحيم لم ينته إلا مع سقوط النظام، كانت البداية باستدعاء أنس الفقى لهشام النقيب فى مكتبه واستقبله استقبالا حافلا ظنا منه أن النقيب صديق جمال مبارك وطلب منه إعداد بحث عن شركات العلاقات العامة فى أمريكا، وبالفعل تشاور النقيب مع الدكتور نبيل فهمى سفير مصر السابق فى واشنطن الذى استغرب الأمر، وبالفعل قدم النقيب البحث لأنس الفقى على عشاء فى أحد مطاعم مصر الجديدة، وكانت المفاجأة أن المطلوب من شركات العلاقات العامة ليس تحسين صورة مصر أو توصيل الرسالة المصرية، ولكن لخدمة أغراض الحزب الوطنى فقال النقيب للفقى يا معالى الوزير أنا راجل دبلوماسى ولست حزبيا وليست هذه مهمتى، فاشطاط الفقى غضبا وقام بتعنيف النقيب، وقال له أنا أنس الفقى مش محتاج لحد ولا لدعم حد وأنا هعرفك مين أنس الفقى.. وبعدها استدعاه إلى مكتبه وسأله مباشرة ما هى صلتك بجمال مبارك؟ فرد النقيب كنا زملاء من عشرين سنة فى كورس اقتصاد بالجامعة الأمريكية للدكتور عادل بشاى، فقال الفقى.. يعنى أنت مش صديق جمال ؟ فرد النقيب أنا عمرى ما كنت صديق جمال فقال الفقى.. أنا عارف ولكن كنت أعايز أتأكد منك، وبعد هذا اللقاء بثلاثة أشهر أنهى أنس الفقى انتداب هشام النقيب فى واشنطن واستدعاه فى مكتبه وقال له أنت كنت ماسك مكتب واشنطن وهو المكتب الأهم لمصر على مستوى العالم أرجو أن تحتفظ بكامل أسرار المكتب بالحرفية التى عهدناها فى عملك وطلب منه أن يقوم بتقديم برنامج تليفزيونى عن العلاقات المصرية الأمريكية فرحب النقيب بالفكرة وجلس مع الإعلامية هالة حشيش من أجل التجهيز للعمل والشكل الذى سيخرج به وذهب النقيب لأنس الفقى لمناقشته فى بعض الأمور، فقال له الفقى.. أوعى تصدق أنك مذيع أنا عملت الموضوع ده مجاملة فرد النقيب.. يعنى رشوة ؟ فقال الفقى اعتبرها رشوة، فقال له النقيب أنه من الصعب أن يستمر فى العمل بعد هذا الكلام وسيعود إلى وزارة الخارجية فقال له الفقى أوعى تفتكر أنك هتكون بعيد عنى أنا إيدى طايلة، فرد النقيب.. وأنا أعدك أنك سترانى قريبا سفيراً محترماً، فقال الفقى عمرك ما هاتخد سفير وأنا بقولهالك، فى هذه الفترة كانت أحاديث جرت بين الدكتور ياسر رضا سفير مصر لدى تل أبيب حاليا، وكان وقتها مديرا لمكتب وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيظ وأبلغه أنه سيتولى منصب المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية عندما يسافر السفير علاء الحديدى سفير مصر حاليا لدى موسكو والمتحدث الرسمى وقتها، فعاد النقيب إلى الخارجية ليتولى إدارة الإعلام والدبلوماسية العامة ليفاجأ بقرار تعيين السفير حسام زكى متحدثا رسميا باسم وزارة الخارجية، فذهب النقيب إلى الوزير أحمد أبو الغيط وقال له هل أخطأت فى شىء يا معالى الوزير فرد أبو الغيط أبدا، ولكن منصب المتحدث سيكبلك بأعباء وظيفية وأنا أريدك أن تنتشر بصورة أكبر فى وسائل الإعلام وتقبل النقيب الأمر وبعدها جاء التحضير لحركة تنقلات السفراء وخلالها أبلغ بأنه مرشح ليكون سفيرا لمصر فى كندا أو واشنطن ليفاجأً عند صدور الحركة أنه قنصل عام فى سان فرانسيسكو فذهب إلى الوزير أبو الغيط لكى يستفسر منه على الأمر فقال الوزير إن هناك رغبة بأن تكون هناك فى غرب أمريكا وخد وقتك وفكر فى الأمر، واتصل بعد ذلك صديق للنقيب من داخل رئاسة الجمهورية ليقول له ضبط أمورك مع أنس الفقى.. وكان الرسالة واضحة، وبالفعل تقبل النقيب الأمر وغادر إلى سان فرانسيسكو وابتعد عن الإعلام ولم يبتعد عنه أنس الفقى حتى مع لفظ النظام لأنفاسه الأخيرة فكان الخبر المفبرك فى مطلع فبراير الماضى بأن أحمد عز اشترى مقر القنصلية المصرية فى سان فرانسيسكو بمساعدة صديق جمال مبارك الدبلوماسى هشام النقيب فى حين أن مقر القنصلية لازال حتى هذه اللحظة ملكاً لمصر ويتصدره العلم المصرى.