الملف الشائك والمسكوت عنه وتتردد الداخلية من كشف تفاصيله هو الخاص بالاستقالات التي تقدم بها الضباط في أعقاب الثورة أو البت في أمره.. والذي يمثل أحد الأسباب في عدم عودة الأمن إلي الشارع خصوصا أن سيل الاستقالات انهمر، مما دفع الوزارة إلي عدم النظر في أغلبها فامتنع الضباط عن العمل خصوصا الذين قضوا أوقاتا عصيبة في محافظة شمال سيناء أثناء الثورة مما أخل بدولاب العمل وأحدث فجوة كبري في حجم القوات.. والذي استدعي إجراءات استثنائية كان أولها التبكير في تخريج الدفعة الأخيرة من كلية الشرطة. رغم أن ما يدور داخل إدارات الوزارة عن الأعداد الكبيرة من الضباط التي تقدمت باستقالتها أو امتنعت عن العمل فإن اللواء منصور العيسوي أكد لنا أنه بناء علي معلومات مؤكدة لديه ومنذ عام 2004 وحتي الآن لم يتقدم لوزارة الداخلية من ضباط الشرطة وبمختلف رتبهم سوي 804 استقالات منهم 350 ضابطا للالتحاق بالنيابة العامة والبعض للفوز بأحد مقاعد مجلس الشعب، والبقية للحصول علي فرصة عمل متميزة. « العيسوي» أوضح قائلا : « نفتح باب الرغبات في الاستقالة من رتبة عميد لمن يرغب في ذلك والإحالة في التقاعد لمن يرغب في ذلك.. أما بالنسبة للرتب الأقل فلها قواعد وإجراءات يجب أن تتبع». وأضاف : « أحب أن أؤكد أن ما تردد بذات الشأن أعتبره شائعات تم إطلاقها كجزء من الحرب النفسية.. لا أنكر أن هناك من تقدموا باستقالاتهم ولكن عددهم لا يتجاوز العشرات ولا ترقي لمستوي الظاهرة.. والسبب هو الاضطرابات التي ألمت بجهاز الشرطة وانعكس ذلك علي المواطن العادي غير المقرب أو العليم بالشأن الأمني الداخلي». وزير الداخلية قدم كشف حساب خسائر الشرطة منذ اندلاع الثورة والتي بلغت تدمير 100 قسم شرطة بالكامل واحتراق 4000 سيارة منها 1600 احترقت بشكل كامل والباقي جار إصلاحه.. واعتبر العيسوي أن الأخطر من كل ذلك انهيار معنويات ضباط الشرطة من ردة فعل المواطن تجاههم. كما أوضح أن القوات المسلحة لم تحم الدولة والثورة فقط، بل أيضا حافظت علي وزارة الداخلية من الانهيار بل ساندتها ماديا ومعنويا.. ووعد الشعب المصري بأمن عصري محترم في خدمة الوطن والمواطن تحت مظلة العدالة والقانون.. اللواء «أحمد جمال»- مساعد وزير الداخلية لمصلحة الأمن العام - هو الآخر قلل مما يتردد عن استقالات جماعية وقال : « هذه مبالغ فيها لدرجة لا يجب الالتفات إليها». وأضاف بقوله : النتائج علي الأرض تؤكد أن العمل الشرطي قائم ومستمر ولا يحتاج إلا للمساندة المعنوية فقط وأن يكون الفيصل والحكم العدل بين الأداء الأمني والانطباعات الشعبية القضاء العادل الذي نحتكم إليه جميعا ومن خلاله يكون الثواب والعقاب والمحاسبة. من حالات الضباط التي تقدمت باستقالتها ولم يبت فيها تلك التي تخص الملازم أول « أ. ت. م» الذي قال لروزاليوسف : « زادت قناعتي بالاستقالة بعد الثورة، لأن ضباط الشرطة خاصة صغار الرتب عديمي الصلاحية في اتخاذ القرار بحكم الرتبة هم أيضا من تعرضوا للمهانة دون وجه حق.. ورغم حداثة عهدي بالعمل الأمني فوجئت عقب الثورة وكأنني يهودي ! أضاف : تذوقنا طعم الحرية رغم المرارة التي تعايشنا معها حيث أري أن انطباع المصريين عن جهاز أمنهم الداخلي كان أسوأ ما في ثورة يناير، وكان أمن مصر وجبهتها الداخلية هي المستهدفة لإثارة الفزع والرعب وإذلال ضابط الشرطة والقضاء علي هيبته لنعيش الانفلات بكامل معانيه. سألناه إن كان لا يزال يباشر عمله الشرطي رغم تقديم استقالته ؟ فأجاب : للأسف لم يبت فيها حتي الآن يمكن القول بأنها معلقة وعلي الرغم من ذلك أباشر واجبي وأفضل من ذي قبل. الرائد « م. ع. ع» قدم استقاله بعد 16 عاما قضاها في الخدمة بعد أن قام أحد المواطنين بصفعه يوم 24 مارس 2011 أثناء عودته للشارع من جديد واستعادة الأمن وبث الطمأنينة في نفس المواطن. الضابط قال : يومها بكيت وشعرت بما لم أشعر به من قبل في حياتي، وكتبت استقالتي التي لم يتقبلها أحد من قياداتي ولا رؤسائي حتي الآن لأنهم يعرفوني جيدا لم أترك فرضا في حياتي ولم أظلم صاحب حق ولم أرتش الرائد « م. ع. ع» طلب من قياداته أداء أعمال بعيدة عن الاحتكاك بالمواطنين، وأضاف: « فضلت الأعمال المكتبية والإدارية لحين إنهاء خدمتي لأنني أتقاضي مرتبي من وزارة الداخلية ولهم حقوقهم وعلي واجبي نحوهم، وهناك وعد بإحالتي إلي التقاعد في الحركة القادمة مع حصولي علي رتبة مقدم وأتقاعد.