الهند وروسيا تفتحان صفحة اقتصادية جديدة باتفاق ممتد حتى 2030    ميرتس يدعو لتقاسم أوروبي موحّد لمخاطر الأصول الروسية المجمدة    ليفربول يسعى لتصحيح مساره في الدوري الإنجليزي أمام ليدز يونايتد    «توخيل» يطمئن جماهير إنجلترا: جاهزون لمواجهة كرواتيا وغانا وبنما في المونديال    منتخب مصر الأول يستعد لكأس للأمم الإفريقية بالمغرب    منتخب «طولان» جاهز للإمارات في كأس العرب اليوم    محاكمة كبرى لعمالقة السيارات الأوروبية في لندن.. بسبب التلاعب    البيت الأبيض: لقاء مثمر بين المسؤولين الأمريكيين والأوكرانيين في ميامي    بشرى سارة بشأن ضريبة التصرفات العقارية.. وزير المالية يكشف التفاصيل    أمواج تصل إلى 3 أمتار، تحذير من اضطراب كبير في الملاحة بالبحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة    إجراءات صارمة بعد فيديو السخرية من مدرسة الإسكندرية    اليوم، ضعف المياه عن 10 قرى بالأقصر بسبب انقطاع الكهرباء عن محطات العديسات    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    كشفتها الأجهزة الأمنيةl أساليب جديدة لغسيل الأموال عبر المنصات الرقمية    عائلة أم كلثوم يشاهدون العرض الخاص لفيلم "الست" مع صناعه وأبطاله، شاهد ماذا قالوا (فيديو)    في ذكرى رحيله.. «واحد من الناس» يحتفي بعمار الشريعي ويكشف أسرارًا لأول مرة    «آخرساعة» تكشف المفاجأة.. أم كلثوم تعلمت الإنجليزية قبل وفاتها ب22 عامًا!    آمال ماهر تتألق بأغانى من السنة للسنة ولو كان بخاطرى فى مهرجان الفسطاط.. صور    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    6 أفلام صنعت أسطورة أم كلثوم في السينما.. حكايات نادرة من رحلة الكوكبَة على الشاشة    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    شاهد لحظة نقل الطفل المتوفى بمرسى المعديات فى بورسعيد.. فيديو    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    قوات الاحتلال تعتقل عددا من الشبان الفلطسينيين خلال اقتحام بلدة بدو    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطلوب نقل تبعية دار المحفوظات العمومية إلي دار الكتب والوثائق فوراً
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 09 - 04 - 2011

مصر هى واحدة من أقدم الدول المؤسسية فى التاريخ، فمنذ فجر التاريخ نظمت فى مصر المؤسسات التى من خلالها تم حفظ وثائق الدولة المصرية، وإن كان الذى وصلنا من هذا التراث الوثائقى قليلا جدا، إلا أنه يعطينا ومضات لما كان عليه التنظيم الإدارى لمصر، ومع مرور الزمان وتوالى الحقب والفترات التاريخية تطورت نظم الحفظ فى مصر، وكانت سباقة فى هذا المضمار.
ففى العصر الإسلامى على سبيل المثال كانت دواوين مصر تنظم على قواعد ثابتة، وصلت لنا معالمها من مصدرين الأول: ما ألف من كتب مثل كتاب قوانين الدواوين لأسعد بن مماتى، وكتاب ديوان الرسائل لابن الصيرفى، أما المصدر الثانى فهو هذا الكم الوثائقى من حجج شرعية ووقفيات ووثائق بيع وشراء تعود إلى العصور الإسلامية كالعصر الفاطمى والعصر الأيوبى والعصر المملوكى، بالإضافة إلى هذا التراث الوثائقى المصرى المهم المعروف بوثائق الجنيزة، وهى مجموعة وثائقية خاصة بالطائفة اليهودية فى مصر، والتى تضمنت معلومات اجتماعية واقتصادية للطائفة اليهودية كإحدى طوائف الشعب المصرى فى العصر الإسلامى.
مع سقوط الدولة المصرية عام 1517 على يد العثمانيين، بدأ تنظيم جديد للإدارة فى مصر فبعد أن كانت مصر دولة إمبراطورية مستقلة، صارت ولاية عثمانية، ووجدت فيها ثلاث مؤسسات كانت مصدرا للوثائق فى مصر وهى: ديوان الباشا والديوان الدفترى وديوان الروزنامة، وقد أمدتنا هذه المؤسسات بملايين الوثائق التى أعطتنا صورة بانورامية للمجتمع المصرى آنذاك بل أدق تفاصيل حياة المواطنين ومعاملاتهم.
تكدس التراث الوثائقى لمصر وبدأ رحلة الضياع، نتيجة الفراغ الذى حدث عقب جلاء الحملة الفرنسية على مصر عام 1801 وتصارع القوى السياسية والعسكرية من أتراك ومماليك على حكم مصر، ودق ناقوس الخطر على التراث الوثائقى فى مصر عام 1807 عندما هاجم الجنود الدلاة بيت محمد على باشا بالأزبكية، ونهبوا ما فيه من وثائق، ومنها وثيقة معاهدة الصلح بين محمد على باشا والجنرال فريزر قائد الحملة الإنجليزية الشهيرة، وكانت الطامة الكبرى فى عام 1820 عندما اندلع حريق هائل استمر لمدة يومين فى ديوان الكتخدا ومجلس شريف باشا بقلعة الجبل فى القاهرة، مما أدى إلى تدمير جزء كبير من الأرشيف المصرى الخاص بوثائق الدولة.
كان محمد على باشا رجل دولة بما تحمله هذه الكلمة من معانى، لذا وجه اهتماماً خاصاً بحفظ ما تبقى من التراث الوثائقى للدولة المصرية، فكان إنشاء دار المحفوظات العمومية أو ما اصطلح على تسميتها آنذاك بالدفتر خانة واختار لذلك مكانا حصينا داخل قلعة الجبل كى تكون فى مأمن من الحريق وبمنأى عن أيدى اللصوص.
••
هذا ما أراده محمد على باشا لكن كان للزمان رأى آخر، ففقدت مصر الكثير من تراثها الوثائقى المحفوظ فى دار المحفوظات العمومية، لعدة أسباب نتيجة للتلف وسوء الحفظ أو أساليب الاستغناء عن تلك الوثائق كالبيع كورق دشت، أو السرقة وما وراءها من تجارة غير مشروعة ورابحة للوثائق المصرية ليس فى مصر وحسب بل فى العالم كله.
إن المشكلات التى يواجهها التراث الوثائقى لمصر والمحفوظ فى دار المحفوظات العمومية، كفيلة بضياع هذا التراث خلال العشر سنوات القادمة، فمخازن الدار غير صالحة بالمرة لحفظ هذا التراث، وقد اعترى دواليبها التهالك، مما أثر على حافظات الوثائق، كما أن هناك مخازن لا يستطيع المرء دخولها لتكدسها بالوثائق والدفاتر فلا يعلم القائمون عليها ما بها من وثائق إلا كتقسيم عام وبالتالى تهدر وثائق قيمة لا تقدر بمال، ويكون نتيجة ذلك أن يتم الاستغناء عن تلك الوثائق كورق دشت يباع لشركات الورق التى تقوم بفرمه وإعادة تصنيعه من جديد، فتفقد مصر ملايين الوثائق سنويا بهذا الأسلوب، وقد يذهب بعضها إلى مقالب القمامة فتلقى إلى الخنازير التى تلتهم تلك الوجبة الشهية من التراث الوثائقى فى مصر، أو ربما يكون حظ بعض تلك الوثائق أفضل فتقع فى يد اللصوص وتجار الوثائق، فتباع إلى من يقدر قيمتها، وتجارة الوثائق هى سوق رائجة فى مصر، وما يزيد على نسبة 90% من تلك الوثائق التى يتم المتاجرة بها مصدرها هو دار المحفوظات العمومية، وهى تجارة لها خبراؤها الذين يعرفون ما يريدون من وثائق من داخل الدار بل يعلمون ما بها أكثر مما يعلم هؤلاء الموظفون القائمين على حفظ هذا التراث.
••
إن تجارة الوثائق المصرية هى تجارة رائجة فى الأسواق الشعبية كسوق الجمعة فى الإسكندرية والبساتين بالقاهرة ومع بائعى الأوراق القديمة فى حى العطارين بالإسكندرية، وتدر هذه التجارة أرباحاً خيالية، فربما يصل ثمن وثيقة واحدة إلى عشرة آلاف دولار، كإحدى الوثائق التى عرضت للبيع وكانت تتناول شهادة شيخ الإسكندرية فى أحداث الثورة العرابية ودور أحمد عرابى فيها، كذلك يمكن للمرأ أن يقتنى رخصة قديمة لإحدى المهن كمهنة الساقى والعربجى ورخص تسيير المركبات كرخصة تسيير حمار وهى من أندر أنواع الرخص ويصل ثمنها فى السوق إلى ما يقارب الألف جنيه مصرى، ومما يزيد أسعار الأسواق اشتعالا دخول العرب والأجانب مجال الشراء فربما تسمع عن ظرف بريدى يقدر قيمته بألف دولار وهو قيمة خاتم مكتب البريد المطبوع عليه.
لقد فقدت دار المحفوظات العمومية مجموعات من وثائق البوستة الخديوية وترسانة بولاق وتحقيقات الجفالك وديوان الحربية ونظارة المالية ووزارة الأشغال العمومية ومجلس التجار والتقاسيط الديوانية ومجلس بلدى الإسكندرية والتى ألقيت كوليمة للخنازير أو وجدت طريقها للبيع على أرصفة الأسواق.
إن المحافظة على ما تبقى من التراث الوثائقى لمصر والمحفوظ فى دار المحفوظات العمومية هو دعامة مهمة من دعائم الأمن القومى المصرى، فهذا التراث يشتمل على محفوظات وزارة الداخلية، التى تضم دفاتر عتق الرقيق ودفاتر قيد العربان، وسجلات أحوال العمد والمشايخ وغيرها، وفيها أيضا دفاتر مكلفات الأطيان وكل ما يخص الأرض الزراعية، والعقارات، وما طرأ عليها من تغيرات، منذ أن كان الفلاح المصرى مكلفا وليس مخيرا فى زراعة أرضه، وملفات خدمة الموظفين وتقدر بحوالى 90 ألف ملف وتتباين أهميتها بأهمية الشخص صاحب الملف وتعد تلك الملفات من أهم وثائق الدار، حيث يتضمن كل ملف تاريخ حياة الموظف صاحب الملف وكل ما يتعلق بالوظائف التى شغلها خلال حياته وما ربط له أو لورثته من بعده من معاش ونجد من بين تلك الملفات ملف خدمة «الإمام محمد عبده، سعد زغلول، طلعت حرب، مصطفى النحاس، الدكتور طه حسين، مكرم عبيد، نبوية موسى، السير إلدون جورست، والمسيو ماسبيرو» وغيرهم الكثير والكثير، كما تضم الدار مجموعة أخرى من الوثائق المهمة ولكن على مستوى آخر من الأهمية ومن أمثال ذلك دفاتر الطب الشرعى، دفاتر قيد بيوت العاهرات، دفاتر رخص محلات مقلقة للراحة ومضرة بالصحة، أوراق الكتاتيب، أوراق الجبايات، أوراق السيرك، دفاتر رخص الموسيقى والغناء.
••
هذه المجموعات والوثائق هى بحق ذاكرة مصر الورقية التى يجب المحافظة عليها، من التلف والتدمير والسرقة؛ وقد قدرت مكتبة الإسكندرية ذلك التراث فعملت بالتعاون مع وزارة المالية وهى الجهة المسئولة عن دار المحفوظات العمومية، على المحافظة على ما تبقى من هذا التراث فى الدار.
لكن الأهم فى هذا المضمار هو نقل تبعية دار المحفوظات العمومية إلى دار الكتب والوثائق القومية؛ فوزير الثقافى الحالى الدكتور عماد أبوغازى خبير وثائق يدرك قيمة هذا التراث، ووجوده حاليا على رأس وزارة الثقافة فرصة ذهبية للحفاظ على وثائق دار المحفوظات، إذ أن مصر هى الدولة الوحيدة التى لديها داران للوثائق، كما أنه يجب سرعة إصدار قانون الوثائق الذى سبق وأن طرح على مجلس الشعب، عن طريق قانون يصدر عن المجلس العسكرى، إذ يكشف تسرب آلاف الوثائق فى مصر عن خطورة وضعها حاليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.