"القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    "صحح مفاهيمك".. "أوقاف الفيوم" تنظم ندوة توعوية حول التعصب الرياضي    رئيس جامعة بنها: محو أمية 4312 مواطنًا خلال شهر نوفمبر    وزير الزراعة يطلق مبادرة لطلاب الجامعات لزيارة المراكز البحثية لاكتساب الخبرات    القصة الكاملة لحادث إطلاق النار في سيدني    الإعلام الإسرائيلي يربط حادث إطلاق النار في سيدني بمعاداة السامية    ألمانيا تحبط هجوما إرهابيا على سوق عيد الميلاد واعتقال 5 أشخاص    السائق فرّ هاربًا.. طريق سنورس يبتلع براءة طفل بالفيوم    يرتدي غطاء رأس يعلوه تاج مزدوج.. تفاصيل التمثال الضخم للملك أمنحتب الثالث بعد إعادة نصبه بالأقصر    عبلة سلامة تتصدر التريند بحلقة عمرو يوسف وتوجه رسالة للجمهور    مدبولي يُتابع مع رئيس هيئة الرعاية الصحية استعدادات المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل    "صحة المنوفية" تتابع انتظام سير العمل بمستشفى أشمون العام    «الضرائب» تخصص مقر مركز ثان متوسطى الممولين بمبنى «الشركات المساهمة» بالقاهرة    جامعة أسيوط تبدأ تطوير داري الإقامة بالدقي وقصر العيني لتعزيز جودة الخدمات والتحول الرقمي    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    وزير الداخلية يعتمد نتيجة المقبولين في كلية الشرطة    الدوري السعودي يستعد لاستقبال محمد صلاح.. والهلال يفتح خزائنه    مانشستر سيتي في مواجهة صعبة أمام كريستال بالاس    تصحيح الأخطاء.. توروب يعقد محاضرة فنية بالفيديو للاعبي الأهلي    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    فليك: بيدري لاعب مذهل.. ولا أفكر في المنافسين    الإدارية العليا تواصل جلساتها للفصل في 31 طعنا على انتخابات 19 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    التنمية المحلية تقود حملات لرفع الإشغالات بشوارع وميادين مصر الجديدة والنزهة    نشوب حريق بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري بشبرا الخيمة    أسعار الذهب اليوم في مصر.. الجنيه الذهب يسجل 45،840 جنيهًا عقب ارتفاع عيار 21    وزير الكهرباء: التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة دعامة رئيسية لاستقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية    وفاة الفنان نبيل الغول بعد صراع مع المرض    «متحف الطفل» يستضيف معرضًا فنيًا عن رحلة العائلة المقدسة في مصر    أول تعليق لرسام "المليجي بالكمامة" على ظهور اللوحة خلف أحمد السقا    الخشت: الدين لم يفرض نظام حكم بعينه والسياسة ليست وحيًا إلهيًا    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    ضم الأبناء والزوجة للبطاقة التموينية إلكترونيًا.. خطوة بسيطة لتوسيع الدعم    وزير البترول: مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز أمن الطاقة العربي    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    مركز السيطرة بالتنمية المحلية يقود حملات لرفع الإشغالات بمصر الجديدة والنزهة    سعر الدولار الامريكى اليوم الأحد 14 ديسمبر 2025    القاهرة الإخبارية: مهرجان أيام قرطاج يحظى باهتمام واسع من الصحافة التونسية    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    سداسي التحكيم المصري يطير إلى المغرب للمشاركة في أمم إفريقيا    لماذا يرفض الأهلي إتمام صفقة انتقال حمزة عبدالكريم لبرشلونة ؟ اعرف الأسباب    فيروس أنفلونزا الخنازير يهدد المدارس| إجراءات هامة وعاجلة للوقاية منه    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام ألافيس في الدوري الإسباني    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    هام من الصحة بشأن حقيقة وجود فيروس ماربورغ في مصر.. تفاصيل    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    مصرع حداد سقطت عليه رأس سيارة نقل بالدقهلية    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فجر الوثائق العربية
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 04 - 2010

تعد الوثائق من المصادر الأساسية لدراسة التاريخ بشكل عام، وفى منطقتنا العربية قادت دراسة الوثائق والتعامل معها باعتبارها مصدرا تاريخيا إلى فتح مجالات جديدة فى الدراسات التاريخية حول العالم العربى لم تكن المادة المتاحة فى المصادر التقليدية لدراسة التاريخ تسمح بها، خاصة فى حقل دراسات التاريخ الاجتماعى والاقتصادى، وقد قدمت الوثائق تفاصيل جديدة عن حياة البشر فى تلك المنطقة من العالم، وإذا كانت الوثائق تقدم تفاصيل صغيرة جديدة متفرقة، فإن هذه التفاصيل الصغيرة المستنبطة من الوثائق عندما تتجمع جنبا إلى جنب وتتراكم فوق بعضها تغير فى النهاية كثيرا مما نعرفه عن تاريخنا.
لكن متى عرف العرب تدوين الوثائق؟
الواقع أن الثقافة العربية، حتى ظهور الإسلام، هى ثقافة يغلب عليها الطابع الشفهى. وهذا لا يعنى أن العرب لم يعرفوا التدوين، فهناك الإشارة إلى تدوين القصائد، التى كانت تفوز فى مسابقات الشعر بسوق عكاظ وتعليقها على جدران الكعبة (البيت المقدس للعرب منذ عصور قديمة قبل الإسلام) فى مكة، وكان يطلق عليها المعلقات، لو صح وجودها، بل حتى الوثيقة، بمعنى العقود والاتفاقات، عرفها العرب قبل الإسلام، ومثالها وثيقة المقاطعة التى دونها أهل مكة لمقاطعة المسلمين فى الفترة الأولى من البعثة النبوية، لكن التدوين والكتابة، قبل ظهور الإسلام، يظلان ظواهر هامشية فى المجتمع العربى.
ومع ظهور الإسلام بدأ الوضع يتغير تدريجيا؛ فقد ارتبط الدين الجديد بمجموعة من الظواهر الثقافية والسياسية، أدت إلى الاهتمام بالتدوين عموما. وتدوين الوثائق جاء فى سياق الاهتمام بالتدوين على عمومه.
وهناك ثلاثة أمور قادت إلى تدوين الوثائق العربية فى فجر العصر الإسلامى، يمكن إجمالها على النحو التالى:
الأمر الأول ظهور فكرة التدوين بشكل واضح، ورسوخها ثقافيا مع حضور نص دينى مدون بالعربية لأول مرة فى تاريخ العرب، أعنى النص القرآنى الذى بدأ تدوينه بشكل متفرق فى مرحلة البعثة النبوية، واكتمل فى صورته النهائية فى عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان.
الأمر الثانى النص على ضرورة كتابة بعض المعاملات فى شكل وثيقة بأمر قرآنى (كتابة الديون)، وهو الأمر الذى دفع إلى تطور تحرير وثائق المعاملات المختلفة تدريجيا، ثم ظهور باب فى الفقه الإسلامى فى مرحلة تالية هو علم الشروط، يعنى بصياغة الوثائق فى قالب شرعى وقانونى ولغوى سليم. ويعد من أبرز مؤسسى هذا الباب من أبواب الفقه الإسلامى، الفقيه الحنفى المصرى أبوجعفر الطحاوى، صاحب كتاب «الجامع الكبير فى الشروط»، وقد بدأ علم الشروط عند الأحناف وانتقل إلى المذاهب الأخرى.
الأمر الثالث ظهور الكيان السياسى الجديد للمسلمين عقب الهجرة النبوية من مكة إلى يثرب، وسط كيانات سياسية كبيرة محيطة به، الأمر الذى ولد الحاجة إلى تدوين الوثائق السياسية لهذه الدولة، مثل دستور المدينة، ووثيقة صلح الحديبية، والرسائل التى وجهها النبى عليه السلام إلى حكام الدول المجاورة وشيوخ القبائل وزعمائها يدعوهم فيها للدخول فى الإسلام.
وقد فرض العصر الذى نعرفه بعصر الفتوحات مقتضيات جديدة فيما يتعلق بالوثائق، فقد أصبحت هناك موارد مالية متدفقة تحتاج إلى تنظيم وضبط، وأصبحت للدولة الجديدة علاقات خارجية بدول الجوار، تترجم فى مراسلات ومعاهدات واتفاقات، كما غدت الدولة الإسلامية دولة مترامية الأطراف تدار من خلال أوامر مكتوبة، تصدر من الخليفة لعماله، ورسائل ترفع منهم إلى الخليفة، مع وجود جهاز إدارى متنام، فبدت الحاجة إلى ضبط الاتصال بين أرجاء الدولة من ناحية وبينها وبين الدول المجاورة من ناحية أخرى، وعلى مستوى آخر.
اتجهت العلاقات الاجتماعية من البساطة إلى التركيب والتداخل وباتت تحتاج إلى ضبط قانونى للمعاملات بين أفراد المجتمع الجديد متعدد الأعراق والأديان.
وقد انعكس ذلك الوضع فى ثلاثة تطورات مهمة فى مجالى تدوين الوثائق العربية وحفظها:
أولها: الواقعة التى نعرفها، فى التاريخ الإسلامى، باسم تدوين الدواوين، وبدء التقويم الهجرى فى عهد الخليفة الثانى عمر بن الخطاب. وتدوين الدواوين هو عبارة عن إنشاء دفاتر للإدارة المالية تحفظ لمدى زمنى محدد، تدون فيها موارد الدولة ونفقاتها. وارتبط بذلك، أيضا، تحويل التاريخ العربى إلى تقويم هجرى له سنوات مسلسلة ومتتابعة، بهدف الضبط الإدارى والمالى لأمور الدولة، وكان الاسترشاد فيها بالنموذج الفارسى.
ثانيها: إنشاء ديوان الرسائل، وديوان الخاتم فى عهد الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان، وإنشاء الديوانين عكس تطورا فى مفاهيم إنشاء الوثائق الرسمية للدولة وحفظها.
ثالثها: تحولات المجتمع واتجاهه للبعد عن البساطة البدوية الأولى، والتى اقتضت تدوين المعاملات وحفظها لحفظ الحقوق، ومن هنا، كانت ضرورة تسجيل أو عقد هذه العقود أمام القاضى، واحتياج القاضى، أيضا، إلى إنشاء سجلات قضائية، يدون فيها نسخا مما يحرره من وثائق تبقى فى أيدى أصحابها، فظهرت السجلات القضائية، التى تؤكد أول إشارة لها فى المصادر التاريخية أن ظهورها كان فى مصر فى القرن الثانى الهجرى.
إذا لم ينته القرن الأول الهجرى ويبدأ القرن الثانى إلا وكان لدى العرب نظما لتحرير الوثائق وحفظها، استفادوا فيها من أصحاب الحضارات القديمة، الذين عرفوا تدوين الوثائق قبل آلاف السنين، والذين ضمت الدولة العربية الجديدة بلادهم إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.