لا بد من اليقظة التامة لمحاولات الالتفاف والسيطرة على الثورة تحقيق هام نشرته الجارديان البريطانية عن مخاوف المصريين المزدوجة من عودة دولة مبارك ومخاوفهم الأخرى من الدولة الدينية.. ما بين دولة الفساد ودولة التطرف يعيش المصريون مخاوفهم.. روزاليوسف رصدت مدى دقة هذه المخاوف ليس خوفا، لكنه قلق مشروع.. فعقارب الساعة لا تعود للخلف! ربما عكست هذه الكلمات القليلة رؤية أغلب المراقبين السياسيين، الذين تصدوا للحديث معنا عن «الثورة المضادة».. وما إذا كانت تمثل خوفا حقيقيا لدى قطاع عريض من الشعب المصرى أم لا! لم يعتبروا الحديث عنها وهما مطلقا.. ولم ينحازوا إلى أنها حقيقة مجردة.. فنظام مبارك انتهى بالفعل، لكن لاتزال له جذور، تسعى جاهدة لأن تنمو من جديد.. ربما عبر تغيير شكلها، أو تضع «رتوشا» على وجهها! فمن جانبه، أكد لنا د. حسن نافعة - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة - أن الخوف من بقايا النظام شىء طبيعى، د حسن نافعة لأن له شبكة مستشرية، ومازال جسده مزروعا فى تربة الحياة السياسية، وجذور الاستبداد راسخة فى مصر، وإذا لم يتم اقتلاعها بالكامل ستعود وبقوة.. لذا يجب أن تكون هناك يقظة تامة من أساليب الالتفاف على الثورة، ويجب أن نصر على حل المجالس المحلية، وإجراء انتخاباتها قبل الانتخابات البرلمانية وإسقاط كل المحافظين ورؤساء الجامعات الذين كانوا موجودين فى عصر مبارك، وغيرها من مواقع النفوذ التى يشغلها كوادر من الحزب القديم.. إذ إن بقاءهم سيعيدنا إلى نظام يكون بنفس الديكتاتورية السابقة. الدكتورة لطيفة سالم - أستاذ علم التاريخ - قالت: إن ما يحدث من قلق شىء طبيعى، لأن كل ثورة ناجحة لها تداعيات، وثورة 25 يناير توافرت فيها كل عوامل النجاح، التى يأتى على رأسها توحد هدف كل القوى الوطنية الموجودة على الساحة تقريبا. د لطيفة سالم وانضم للساحة كل أطياف المجتمع من فقراء وأغنياء وفلاحين وتجار وصناع، لكن رغم ذلك هناك خوف من عودة نظام مبارك، بسبب أننا مقبلون على انتخابات برلمانية نريد أن تكون اللبنة الأولى فى البناء الديمقراطى فى مواجهة رجال الحزب الوطنى الذين لديهم خبرة فى هذا المجال ويمتلكون الكثير من الوسائل والأدوات التى تمكنهم من الوصول إلى المقاعد مرة أخرى! لذا يجب أن نسرع فى اتخاذ القرارات ومحاسبة الفاسدين بأقصى درجة، لأن البطء يؤدى إلى نتائج عكسية.. ويتيح الفرصة للجانب الآخر أو الثورة المضادة للعب وإعادة ترتيب صفوفها من جديد. أحمد حسن - أمين عام الحزب الناصرى - اعتبر أن إلصاق كل ما يحدث من تجاوزات ببقايا نظام مبارك هو نوع من المبالغة، لافتا إلى أن السبب الحقيقى هو غياب الانضباط والخلل الأمنى الذى يحدث فى مصر، رغم أن عودة الأمن على رأس الأولويات، فالثورة تحتاج إلى تأمينها خاصة فى ظل عدم القدرة على إقصاء أجزاء من المجتمع - سواء كانت تيارات دينية أو بقايا الحزب الوطنى - لها أهداف تسعى لتحقيقها.. وفى حالة خروجها عن المألوف يجب أن يكون القانون هو الرادع. أما أبوالعلا ماضى - وكيل مؤسسى حزب الوسط - فقد طالب بضرورة اتخاذ إجراءات سريعة مع كل رموز الفساد التى كانت موجودة فى دولة مبارك، لأنها مازالت تلعب فى الساحة السياسية خاصة فى ظل الخوف المسيطر على المصريين من عودتهم مرة أخرى! وأضاف ماضى: إن ربط ما يحدث من تجاوزات ببقايا الحزب الوطنى هو أمر مبالغ فيه، رغم أن هناك الكثير من الوقائع التى تتم بتخطيط من المستفيدين من النظام السابق.. فهناك الكثير من السلوكيات الخاطئة نحتاج إلى القضاء عليها، كانت هى السبب الأساسى فى العديد من الأزمات. ابو العلا ماضى ضياء رشوان - نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات - قال لنا: إنه لا توجد ثورة فى العالم بدون «ثورة مضادة» تسعى إليها الطبقات المستفيدة من النظام السابق، ومن الناحية النظرية ومن الممكن عودة الأنظمة السابقة، لكن من الناحية العملية من الصعب أن يتحقق هذا الأمر، خاصة أن جزءا كبيرا من أركان النظام القديم قد سقط وأهم ركن هو ظهور هذا الكم من الغضب الجماهيرى ضد نظام مبارك واكتشافهم الأعمال التى ارتكبها فى حقهم وحق الوطن.. ونحن - الآن - فى حاجة إلى بناء قواعد وأعمدة نظام جديد يحل محل النظام القديم «المنهار». وأضاف رشوان: إنه لكى يتم القضاء على الثورة المضادة خاصة أن كل رجال الحزب الوطنى يتأهبون للانتخابات المقبلة، فيجب أن تنتبه قوى الثورة لأهمية الانتخابات البرلمانية المقبلة، لأنها هى مفتاح كل ما هو قادم ومفتاح اللجنة التأسيسة لتشكيل الدستور ومفتاح انتخابات الرئاسة، لذا يجب أن تتشكل قائمة موحدة لمرشحى الثورة على مستوى الجمهورية، بحيث يتم اختيار من يصلحون كمرشحين للثورة، ومن القادرين على النجاح، بغض النظر عن ألوانهم السياسية. المستشار مصطفى الطويل - الرئيس الشرفى لحزب الوفد - أشار إلى أن هناك أشياء أخرى يجب أن توضع فى الحسبان من أجل نجاح ثورة 25 يناير، منها أن كل الدول العربية، التى هى عبارة عن أنظمة حكم فردية لا ترضى عن نجاح الثورة فى مصر، لأنه يهدد بقاءها.. لذا فهى تعمل بكل الوسائل على إفشال الثورة فى مصر، أما بقايا الحزب فليس من المعقول أن تكون هناك صورة باقية من النظام البغيض والكريه.. لذا يجب أن يكون هناك قرار بحل الحزب وإقصاء كل المستفيدين من النظام السابق.