اسعار اللحوم اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    السيسى يوجه بتوفير حوافز و تيسيرات لمستثمرى قطاعات البترول والغاز والتعدين    عاجل- الأمم المتحدة: 16 ألفًا و500 مريض بحاجة لرعاية طبية عاجلة خارج قطاع غزة    تصعيد قاسٍ في أوكرانيا... مسيّرات وصواريخ "كينجال" ومعارك برّية متواصلة    «متذيل الدرجة الثانية» بلدية المحلة يتحدى الزمالك في كأس مصر    ضبط 15 شخصًا لقيامهم باستغلال الأطفال الأحداث في أعمال التسول    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    تأجيل محاكمة المتهمة بتشويه وجه خطيبة طليقها بمصر القديمة ل20 نوفمبر    أحمد مالك: لم أعد متعطشا للسينما العالمية    الأعلى للثقافة: الحجز المسبق ينظم دخول المتحف الكبير ويضمن تجربة منظمة للزوار    عروض فنية وإبداعية للأطفال في ختام مشروع أهل مصر بالإسماعيلية    قافلة تنموية شاملة من جامعة القاهرة لقرية أم خنان بالحوامدية    مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة الوطن» بالدقهلية لدعم مرشحه في النواب 2025 | فيديو    فيريرا يغادر القاهرة بعد فشل مفاوضات الزمالك واتجاه لشكوى النادى فى فيفا    كاف يخطر بيراميدز بموعد وحكام مباراة ريفرز النيجيري فى دوري الأبطال    الموسيقار هاني مهنا يتعرض لأزمة صحية    محافظ أسوان يتابع الحالة الصحية لمصابى حادث إنقلاب أتوبيس الطلاب    المدير التنفيذي للهيئة: التأمين الصحي الشامل يغطي أكثر من 5 ملايين مواطن    الصحة العالمية: 900 وفاة في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    اتصال هاتفي بين وزير خارجية مصر ونظيره الباكستاني    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    استمرار رفع درجة الاستعداد القصوي للتعامل مع الطقس الغير مستقر بمطروح    انخفاض ملحوظ فى أسعار الطماطم بأسواق الأقصر اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    لاعب دورتموند يسعى للانتقال للدوري السعودي    معاش شهر ديسمبر 2025.. اعرف الموعد ومنافذ الصرف    «التخطيط» تطبق التصويت الإلكتروني في انتخابات مجلس إدارة نادي هليوبوليس    عمرو سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لشقيقه أحمد بعد حادث العين السخنة    «الطفولة والأمومة» يتدخل لإنقاذ طفلة من الاستغلال في التسول بالإسماعيلية    «حكايات من الصين المتطورة: لقاء مع جوان هو» في أيام القاهرة لصناعة السينما| اليوم    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    تجديد الاعتماد للمركز الدولي للتدريب بتمريض أسيوط من الجمعية الأمريكية للقلب (AHA)    أمريكي يعتدي على شباب مسلمين أثناء الصلاة في ولاية تكساس.. فيديو    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الدفاع السورية: تشكيل لجنة تحقيق لتحديد مكان إطلاق الصواريخ على دمشق    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة ومسيرة تطلق نيرانها شمال القطاع    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    طرق حماية الأطفال ودعم مناعتهم مع بداية الشتاء    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    في غياب الدوليين.. الأهلي يستأنف تدريباته استعدادا لمواجهة شبيبة القبائل    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    حبس عصابة استدرجت صاحب شركة واستولت على أمواله بالقاهرة    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جون برادلي : توقعت أن تنفجر الثورة في سبتمبر إذا رشح مبارك نجله للرئاسة


حوار : أحمد شوقي
أعدت الحوار للنشر : ديانا الضبع
«من الصعب حدوث ثورة في مصر». هذا كان رأي كثير من المحللين السياسيين مصريين وغير مصريين إلا أن الكاتب البريطاني والمؤرخ والمحلل السياسي (جون برادلي) توقع حدوث هذه الثورة في كتابه (دولة الفراعنة علي شفا ثورة) الذي أصدره عام 2008 ومنع من دخول مصر كما تسبب في طرد صاحبه من مصر.. عندما تعيد قراءة الكتاب بعد 3 سنوات تشعر وكأن (برادلي) كان يمتلك بللورة سحرية شاهد فيها مستقبل مصر لكنه توصل إلي هذه الحقيقة بالدراسة والتحليل والتنقيب. (جون برادلي) هو أيضا صاحب كتاب مهم جدا عن الاوضاع داخل المملكة العربية السعودية يحمل اسم (داخل السعودية.. مملكة في أزمة).
يصف برادلي في كتابه (دولة الفراعنة علي شفا ثورة) المجتمع المصري بأنه بدأ في التحلل بسبب دكتاتورية قاسية وسياسة أمريكية فاشلة في الشرق الأوسط. ويقول برادلي أيضا أن مصر اصبحت في انتظار ثورة مضادة لثورة الضباط الأحرار. عاش الكاتب البريطاني عدة سنوات في مصر أجاد خلالها اللغة العربية واحتك بكثير من طبقات المجتمع.. معلوماته وتحليلاته جاءت من خلال لقاءات عديدة بمفكرين ومحللين سياسيين ومجتمعيين ومواطنين مصريين عاديين. عاش وسط عائلات مصرية ووصفها بدقة. كما وصف جماعة الإخوان المسلمين بتحليل متعمق وقال إنها قابعة في الظل تنتظر الوقت المناسب لتقفز علي عرش مصر وأنها تستعد وتجهز لهذه اللحظة ويري أن الأقباط والصوفيين مستهدفون من النظام الحاكم ومن الإخوان في نفس الوقت.
وشرح تأثير الفكر الوهابي علي المجتمع وكيف أن العلاقة بين المسلمين و المسيحيين هادئة طالما اعترف المسيحيون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. ولم يغفل الحديث عن البدو الذين سلمتهم الدولة إلي أيدي الأمن يتصرف معهم كما يحلو له كما تطرق إلي ملفات التعذيب والفساد الذي وصفه بأنه أصبح متأصلاً في كل القطاعات الإدارية. وفي الفصل الأخير من الكتاب (مصر بعد مبارك) تحدث عن شائعة وفاة الرئيس عام 2007 وما شاهده في عيون المصريين من فرحة مكتومة وقلق واصفا شعور المصريين تجاه مبارك بأنهم لا يميلون له علي الرغم من قلقهم علي البلاد من بعده. ثم يتجه إلي جمال مبارك وطموحه في الخلافة ويوضح أن هناك ثمة قناعة بين الجميع في مصر أنه الرئيس القادم لا محالة.
و هكذا و بنظرة عميقة للأمر استطاع برادلي عرض المحاور الرئيسية التي ستتسبب من وجهة نظره في اندلاع الثورة في مصر.. الآن وبعد انفجار الثورة وعلي خلفية كتابه المتنبئ بها.. نحاور «جون برادلي».
هل عنوان كتابك «دولة الفراعنة علي شفا ثورة» كان تعبيرا عن أمنية أم كان اقتراحا أم إيمانا؟
أطلقت علي كتابي هذا الاسم لأنني كنت مقتنعا بشدة أن هناك ثورة قادمة لا محالة في مصر.
ما هي أسباب هذه القناعة؟
أثناء العقد الأخير قضيت معظم وقتي في أحياء فقيرة يعيش فيها مصريون عاديون وكنت أتحدث باللغة العربية المصرية. كنت شاهدا علي حالة تحلل المجتمع المصري وعلي تصاعد عنف ووحشية النظام وعلي اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وعلي الفساد المتوطن الذي استشري في كل جانب من جوانب الحياة في مصر. كان كل ذلك يحدث في ظل فقدان تام لثقة الناس في إمكانية النظام من أن يقوم بأي إصلاح. البلد كانت مثل الوقود الذي ينتظر أي شرارة لتشعل النيران. قلت في الكتاب إن هذه الشرارة لن تأتي لا من الإخوان المسلمين ولا من أي من المعارضة الشرعية لأن هذه ليست مؤسسات ثورية. بالعكس الشرارة سوف تكون من مكان لا يتوقعه أحد.. ونبوءتي تحققت وهذا المكان غير المتوقع أصبح تونس.
- هل توقعت أن تأتي الثورة في هذا التوقيت تحديدا؟
اعتقدت أن الثورة ستحدث هذا العام لكنني لم أكن متأكدا من التاريخ.. ربما كان لدي اعتقاد أن الثورة ستحدث قرابة الانتخابات الرئاسية في سبتمبر إذا تبين أن مبارك سيرشح ابنه جمال للرئاسة. الشعب المصري كره الابن أكثر من كراهيته لأبيه، وكانوا لا يمكن أن يقبلوا توريث الحكم في بلدهم.
- إلي أي مدي حقق الإخوان المسلمون مكاسب من الثورة؟
- الإخوان المسلمون مؤسسة مراوغة ومخادعة وغير صادقة. لم يساندوا هذه الثورة في البداية، بالتالي ليس من حقهم الآن ادعاء أي فضل في حدوثها. الإخوان المسلمون ليسوا منظمة ثورية. يفضلون الوضع الراهن لأن الجماعات الإسلامية دائما ما تزدهر عندما تلعب دور المعارضة. الموضوع تغير قليلا بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين فقد ازدهروا في معارضة الحكم المدني الدكتاتوري المسنود بالحكم العسكري لكن الآن وفي خلال فترة قصيرة سيستكملون دور المعارضة في مواجهة الحكام العسكريين.
- ما الذي سيجنيه المسيحيون؟
- المدهش أنه خلال العقد الماضي معظم المسيحيين الذين قابلتهم كانوا خائفين من حدوث أي تغيير راديكالي لأنهم يعتقدون دائما أن الإخوان المسلمين سيصلون للحكم وسيجدون أنفسهم يعيشون في دولة إسلامية مثل إيران. الآن عليهم أن يتخلصوا من هذه المخاوف. الإخوان المسلمون لن يصلوا لأي سلطة علي الأقل في المستقبل القريب والحكام العسكريون الجدد هم علمانيون لذلك فمن المفترض أن يكون الأقباط قد تخلصوا من عامل الخوف. في نفس الوقت المشادات الإسلامية المسيحية في مصر علي مدار العقود القليلة المادية كانت لها علاقة بالاقتصاد أكثر من الدين. النظام استغل هذه الانقسامات ليسود ويحكم ولكي يشتت الناس بعيدا عن المشاكل الحقيقية التي تسبب فيها مبارك والمقربون منه. أعتقد أن المصريين بعد الثورة سيركزون اهتماماتهم علي أمور أكثر حيوية وسيتوحدون من أجل مزيد من الحرية والديمقراطية. المسلمون والمسيحيون عاشوا في انسجام في مصر منذ دخول الإسلام فلماذا لا يبقون علي هذا التناغم في المستقبل؟
- لماذا تستبعد تمكن الإخوان من الوصول للحكم في المستقبل؟
- الإخوان المسلمون لن يترشحوا في الانتخابات الرئاسية القادمة. هم يعلمون أن مرشحهم لن يفوز وهم لا يريدون أن يواجهوا بالفشل والإهانة. كذلك كما سبق وذكرت الإخوان يزدهرون في دور المعارضة. لا يريدون السلطة فقط من أجل السلطة فمع السلطة تأتي المسئولية والمساءلة. هم لا يريدون أن يوضعوا في الاختبار أو أن يلاموا لعدم تمكنهم من حل كل مشاكل مصر الاجتماعية والسياسية خلال 5 سنوات مثلا من الحكم. بعد 3 عقود من حكم مبارك الدولة في حالة فوضوية لن تتمكن أي حكومة مهما كانت نظيفة من حل مشاكلها بشكل يرضي الأغلبية. لذلك فإن الإخوان المسلمين سيكونون أكثر سعادة لرفع شعارهم لكي يقولوا إن الإسلام هو الحل دون أن يوضعوا في اختبار حقيقي إنما سيكملون بناء تدعيمهم علي مستوي القاعدة في محاولة لتنفيذ أجندتهم الخاصة بالشمولية الثقافية من خلال البرلمان.
- كيف تري ما ينادون به من إنشاء حزب مدني بمرجعية دينية؟
- السؤال هو مدنيون إلي أي مدي؟ إما أن يكونوا مدنيين علمانيين أو إسلاميين. في رأيي لا يمكنهم أن يكونوا الاثنين.يقولون أنهم مدنيون لكن مرجعيتهم السياسية تقول إن رئيس الدولة لا يمكن أن يكون مسيحيا أو يكون امرأة وأن رئيس الجمهورية يجب أن تكون عليه رقابة من هيئة مكونة من رجال دين. هذا أمر مخز. الحقيقة هي أن الإخوان المسلمين يريدون أن يأخذوا مصر إلي العصور الوسطي. سيكذبون ويخدعون من أجل الوصول للسلطة ثم يغيرون القوانين لتتماشي مع أجندتهم. يجب ألا يمنحوا الثقة في أي كلمة يقولونها تحت أي ظرف من الظروف. المصريون متطورون ويحبون المرح والحياة والغالبية لا تؤيد الإخوان المسلمين. مصر تستحق أكثر بكثير من أن تحكم بهؤلاء الرجعيين.
- هل تعتقد أن الجدال حول المادة الثانية من الدستور يمكن أن يكون له مردود سلبي علي حالة التسامح والأخوة التي بثها حادث كنيسة القديسين؟
- الواقع يقول إن مصر دولة سنية مسلمة بغالبية تؤمن بهذا المعتقد. بالرغم من أن المصريين ليسوا متطرفين إلا أنه وبسبب حكم مبارك البربري علي مدار 30 عاما المجتمع المصري أصبح أكثر تحفظا. منذ فترة السبعينات المصريون بحثوا عن العزاء في دينهم.
هذا في اعتقادي سيتغير في المستقبل, علي المدي القصير أي دستور سيشهد تغيير المادة الثانية لن يجد إجماعا من الشعب المصري في الاستفتاء الشعبي ومحاولة تغيير هذه المادة الآن سيكون في صالح الإخوان المسلمين الذين سيبدأون في العويل والصراخ والتشكيك والتأكيد بأن هذه مؤامرة أمريكية صهيونية. لذلك فإن الاحتفاظ بالمادة الثانية من الدستور كما هي في الوقت الراهن سيتسبب بشكل أو آخر في تهميش المتطرفين وسيعطي مساحة أكبر للتسامح لأن الشعب المصري يمكن أن يركز الآن في تغييرات أخري للدستور.
وعموما التسامح يأتي من القلب وليس من النظام السياسي. وأيا ما يرسي عليه الدستور فإن المسئولية تقع علي عاتق المصريين المسلمين في احتواء وحماية إخوانهم المسيحيين ومعاملتهم بمساواة. غالبية المصريين فعلوا ذلك وسيظلون.
- ما ملامح الرئيس القادم في توقعك؟
- التنبؤ بملامح رئيس مصر القادم الآن هو أمر صعب لكنني أعتقد أنه سيكون شخصا شبيها بعمرو موسي. رجل شهير ومحبوب من الشعب المصري ولم يكن محبوبا من مبارك لهذا السبب مما يعطيه مصداقية. سيمثل أيضا الانتقال السلس من الماضي للمستقبل. المصريون مثلهم مثل غيرهم يقدرون الاستقرار والأمن وموسي يبدو أنه يستطيع أن يوفر هذين الأمرين. لا أعتقد أن محمد البرادعي لديه فرصة كبيرة. هو رجل استعراض يحاول الركوب علي موجة الشهرة. مثله مثل الإخوان المسلمين هو لم يشارك في المظاهرات منذ اليوم الأول لذلك فليس من حقه ادعاء أي فضل في نجاحها. علي أية حال هو لا يعرف مصر ولا يعرف الشعب المصري وهم لا يعرفونه.. وفي هذه النقطة تحديدا هو يشبه مبارك.
- هل تتوقع أن الرئيس القادم سيكون رئيسا قويا؟
- هذا يعتمد علي التعديلات الدستورية. منذ عام 1952 ومصر محكومة بحكم أساسه عسكري حتي ولو تم ذلك من الأبواب الخلفية. كل الرؤساء جاءوا من الجيش وهذا أعطي للجيش تأثيراً قوياً علي الرئيس وعلي شئون الدولة. الآن وللمرة الأولي يبدو أن هناك مدنياً سيتم انتخابه كرئيس. السؤال هو: هل سيوافق الجيش علي هذا الأمر؟ ماذا لو كان الرئيس القادم ضد معاهدة السلام مع إسرائيل وأراد إنهاءها؟ الأساس العسكري القوي لا يريد ذلك. ماذا لو أراد الرئيس القادم زعزعة الروابط التي تربط مصر بواشنطن التي تمنح الجيش الكثير من التمويل والتدريب؟ ماذا لو أراد الرئيس المدني تهميش دور الجيش في السياسة الداخلية وتحجيم تأثيره علي الاقتصاد؟ سيكون الأمر جديرا بالمشاهدة. شعوري في هذه المرحلة أن التغييرات الدستورية ستضعف من سلطة الرئيس وتزيد من سلطة البرلمان والقواعد الجديدة التي ستحكم البرلمان ستجعل من الصعب جدا إحداث أي تغيير مفاجيء.
- إلي متي ستظل حالة الفوضي التي تشهدها مصر الآن موجودة؟
- المظاهرات والإضرابات والفوضي هي مشكلة كلاسيكية في كل الثورات. ما الذي سيحدث؟ المصريون لديهم تظلمات مشروعة. ظلموا وتمت معاملتهم بإهانة علي مدار 3 عقود.
الآن كل واحد يريد العدل ووظيفة وراتباً معتدلاً. لكن من أين ستأتي الأموال؟
الاقتصاد تم تدميره علي الأقل علي المدي القصير بسبب الثورة. المستثمرون الأجانب يفرون هاربين لا يوجد أي سائحين في البلد تقريبا ولن يأتوا في أعداد كبيرة قريبا.
لذلك فإن هناك تناقضات: كلما طالت فترة الفوضي كلما ازداد الاقتصاد سوءا بالتالي لن تكون هناك فرصة أمام النظام الجديد لتلبية مطالب الشعب. المصريون عليهم أن يصبروا وأن يعودوا للعمل وأن يستعيدوا السمعة العالمية لبلدهم حتي يعود المستثمرون الأجانب والسائحون الحقيقة المؤسفة هو أنه لا توجد حلول سريعة للمشاكل التي تواجه الاقتصاد المصري وتواجه المجتمع ومزيد من الفوضي لن يؤدي إلي أي شيء غير جعل الموقف أكثر سوءا.
- الكل الآن تقريبا مؤمن أن الثورة ستكون لصالح هذا البلد.. لكن هل هناك أي سيناريو يحول الثورة لتكون نتائجها عكسية؟
- التاريخ مليء بالأمثلة. الثورة الفرنسية انتهت بحمامات من الدماء وحكومة من النبلاء خرجت من الفوضي. الثورة الروسية أدت إلي كابوس ستالين. في عام 1979 الثورة الإيرانية جلبت الملالي المجانين للحكم. وعلينا أن نتذكر أن ثورة 1952 في مصر جلبت الأساس العسكري للحكم. علي مدار العقد الأخير الأمور ازدادت رداءة في مصر حتي أنه أصبحت هناك حالة من الحنين إلي العهد الملكي وإلي الملك فاروق. لكنني لا أعتقد أنه سيكون هناك أي حنين من أي نوع لحسني مبارك. مهما حمل لنا المستقبل من أشياء لن يكون هناك أسوأ من حكم مبارك.
- البعض خائف من قيام ثورة مضادة تجهض ثورة الشباب؟
- الواضح جدا أنه حدث انقلاب عسكري. لم يكن ذلك أمرا مثاليا لكن لم يكن يوجد خيار آخر. إما كان يحدث ذلك أو فوضي سياسية تامة. الآن المسألة في يد الثوار الصغار الذين عليهم أن يبقوا علي الضغط علي الجيش لكي يحقق وعوده التاريخ مليء بالأمثلة حيث يتولي المجلس العسكري الحكم ويعد بأنه سيرحل بعد فترة مؤقتة وأنه موجود فقط لمصلحة الناس لكنهم يقررون أن يبقوا علي السلطة لأنفسهم حتي حدوث ثورة أخري تخرجهم. أتمني ألا يحدث ذلك في مصر. لا شك أن منظومة النظام السابق مازالت موجودة لكن بدلا من خلق فوضي جديدة أعتقد أن الثوار عليهم تقديم مطالب محددة مثل إنهاء قانون الطواريء والإفراج عن المعتقلين السياسيين. انتخابات حرة ونزيهة وإنهاء تام لنظام مبارك البربري. يجب أن يطالبوا بأن يكون لكل أكاديميات الشرطة برنامج تدريبي جديد يعلم الشرطة أنها خادم للشعب وليس سيدهم.
- لم يتوقع أحد أن تحدث هذه الصحوة للشباب المصري فجأة.. الشباب المصري كان متهما دائما بالسلبية وشرب الحشيش وقضاء الوقت في الثرثرة علي الإنترنت ومشاهدة الأفلام الجنسية.. ما الذي حدث؟
- هذا كان تصنيفاً غبياً للشباب المصري. طبعا أبناء الأثرياء المدللون عاشوا هذا النمط من الحياة لكن معظم الشباب المصري لا يتناول الحشيش وليس لديه مال ليصرفه علي الإنترنت. وما الذي يمنع الشباب من مشاهدة الأفلام الجنسية والقيام بثورة في نفس الوقت؟ معظم الشباب حول العالم يشاهدون الأفلام الجنسية وفي رأيي الشخصي هذا أمر صحي للنضوج ولن يكون هناك أسوأ للشباب من حالة الكبت الجنسي التي كانوا يعيشونها والتي كانت تؤدي إلي مزيد من النفاق والتفرقة بين الجنسين. لكن ولكي يكون كلامنا أكثر شمولا الكل يعرف أن الشباب المصري عصري جدا فلا يجب أن نفاجأ أن كان لهم دور حيوي في الثورة. يجب أن يدهشنا العكس وهو أن لا أحد تمكن من استيعاب قدراتهم من قبل. صناعة السينما المصرية عليها لوم كبير. ظلوا ينتجون أفلاما لا قيمة لها عن أبناء الطبقة العليا المدليين مما لم يعكس حقيقة معظم الشباب المصري.
- هل تعتقد أن الثورة الشبابية يمكن أن تنتقل من الشرق الأوسط إلي أوروبا والولايات المتحدة؟
- هذا أمر مهم جدا. أوروبا وأمريكا لديهما الكثير من المشاكل التي لا تختلف كثيرا عن مشاكل الشرق الأوسط. حالة من البطالة الكبيرة وفساد مستوطن وهجمات متزايدة علي الحريات الشخصية والمدنية خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا. هاتان الدولتان تحديدا كانتا منشغلتين بالترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط بالرغم من النفاق الذي يجعلهما يقولان شيئا ويمارسان شيئا آخر. وسيكون هناك مفارقة كبيرة إذا تمكن العرب الآن من إلهام شعوب الغرب لكي يتحكموا في مصيرهم.
- كيف تتوقع مستقبل المنطقة التي تشهد ثورات في كل مكان وكيف ستتعامل الولايات المتحدة مع الوضع الجديد؟
- واشنطن وتل أبيب لابد وأن يكونا في حالة من الخوف والصدمة. سياستها في الشرق الأوسط أنتجت حكاما طغاة قمعوا شعوبهم الذين كانوا متخوفين من الدعم الأمريكي لإسرائيل بكل أفعالها الإمبريالية في المنطقة. لذلك فإنهما حاولا تدعيم مبارك حتي اللحظة الأخيرة في حين أنهما ادعيا غير ذلك في العلن لأنهم كانوا يعرفون أنه إذا سقط مبارك سيكون هناك حركة «دوامية» في المنطقة كلها. الآن يبدو واضحا جدا أن الأنظمة في ليبيا والبحرين واليمن ستسقط أيضا. وإذا رحلت هذه الأنظمة فإن السعودية دمية الغرب الكبري ستشهد حالة من عدم الاستقرار. وكل هذا في صالح إيران. إسرائيل والولايات المتحدة لا يمكن أن يجترئا علي الاقتراب من إيران في المستقبل القريب. الشارع العربي سينفجر غضبا والأباطرة لن يكونوا هناك ليحتووا الوضع. لا تصدقوا كل ما يقال عن الصراعات السنية الشيعية فإن كل ذلك كان مجرد خطط من الأباطرة لتفريق انتباه الشعوب عن علاقاتهم الوطيدة مع تل أبيب وواشنطن. معظم العرب لا يعطون أي اهتمام بهذه الأمور لذلك أصبح الخيار الوحيد أمام واشنطن وتل أبيب هو فرض سياساتها القتالية في المنطقة حتي لا تخاطر بإمكانية طردها منها إلي الأبد.
- قبل أن ينتهي حوارنا مع «جون برادلي» سألناه: هل تفكر في العودة إلي مصر؟
- أجاب: إن شاء الله كتابي الذي منعه مبارك يقوم ناشر بالقاهرة بترجمته أخيرا إلي العربية وعندما يتم تجهيزه سآتي إلي القاهرة للترويج له ولكي ألتقي بأصدقائي القدامي. وأتمني أن أكون متحررا من قهر البوليس السري الذي أجبرني علي الرحيل بعد صدور النسخة الإنجليزية من كتابي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.