بعد إعلان بكين عن «الذهب الصيني الخالص».. خبراء: «المصري الأضمن»    توقيع اتفاقية مصرية - إيطالية لإنتاج الغاز الحيوي ودعم الطاقة النظيفة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا وتثمن جهود ترامب لحل النزاع    فيديو متداول ل«افتتاح ملعب بالعراق من إهداء الملك سلمان».. ما حقيقته؟    البطل فى مأزق.. الأزمات تحاصر ليفربول قبل مواجهة ريال مدريد النارية    تقرير: سلوت يفكر في قرار جديد بشأن صلاح    نجم النصر يقترب من المشاركة أمام اتحاد جدة    سائق سيارة نقل ذكي يسرق حقيبة أجنبية بمدينة نصر والنيابة تحقق    المخرج سعد هنداوى يطالب بتكريم عادل إمام ببناء دار عرض تحمل اسمه    طب المناطق الحارة والجهاز الهضمي بجامعة أسيوط ينظم مؤتمره الرابع والعشرون الاربعاء    انتخابات مجلس النواب 2025| 7 سيدات يواجهن 122 مرشحًا في قنا    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان روما الاعتراف بدولة فلسطين (صور)    الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة بتروجيت وسط تركيز عالٍ وتظلم رسمي ضد الكاف    رئيس المركزي للمحاسبات يفتتح أعمال المجلس التنفيذي ال79 للإنتوساي بشرم الشيخ    النيابة تصرح بدفن جثمان طفل شبرا الخيمة بعد انتشاله من بلاعة    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في كنائس قبرص    المتحف الكبير.. ذاكرة الحضارة ووجدان التاريخ!    إيهاب فهمى ووفاء مكى يقدمان واجب العزاء فى شقيق فريدة سيف النصر    مكتبة مصر العامة تحتفي بالتراث الفلبيني في احتفالية ومعرض فني بعنوان باجكيلالا – الاعتراف    هل على العقارات المؤجَّرة زكاة؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح    ملك الأردن: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لدعم الشرطة الفلسطينية    وفاة طفل أردني بعد لدغة "ذبابة الرمل السوداء"    طريق جديدة لجرارات القصب لتخفيف الزحام بأرمنت والمحافظ يتابع التنفيذ    بدء صرف معاشات نوفمبر الأسبوع القادم.. «التأمينات» تعلن الجدول الرسمي للمستفيدين    الفائز بجائزة النجمة البرونزية بمهرجان الجونة..الفيلم المصري المستعمرة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    محمد سلام: عودة مفاجئة ومسيرة صعود صنعت حب الجمهور.. وانتقال للبطولة بمسلسل كارثة طبيعية    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    جولة ترامب الآسيوية.. باكستان تسعى لإغراء واشنطن وقطع الطريق على الهند    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بمحافظات الصعيد    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    بث مباشر.. الفتح في ضيافة الرياض الليلة الساعة 5.35 في دوري روشن السعودي 2025    «فنانون ومبدعون».. ما هي الأبراج التي تتمتع بخيال واسع؟    متي يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025؟    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    حين تصير شجرة الزيتون شاهدة على الحرب.. كيف استهدفت إسرائيل ذاكرة فلسطين الخضراء؟    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    قنا: تحرير 330 مخالفة تموينية وإحباط تهريب 50 طن أسمدة مدعمة خلال أسبوع    4 أساسيات للانش بوكس المثالي للمدرسة.. لفطار رايق وصحي    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    أسعار اللحوم اليوم الاثنين في شمال سيناء    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة الدار والإصدار

منذ صغرى وأنا أخت الصبيان، حبيبة الكبار وكبيرة الأصغر مني عمرًا، كنت الخامسة بين ثمانية أنجبهم والدى رحمة الله عليه فضيلة الشيخ العالم عبد الوهاب زرمبة أحد علماء الأزهر الشريف.. ولدنا جميعا ونشأنا فى بيتنا الذى يطل على النيل فى مدينة دمياط العاصمة.. اثنان من الكبار ضابطان فى الجيش «حسين» سلاح المركبات وشقيقى توأم الروح الشهيد ملازم أول صاعقة أحمد كمال.
أنا أخت كمال ونجيب
أخى الأكبر الذى اعتبرنى أخته وصديقته وابنته الكبرى والذى لم يترك وجهه الجميل أى نهار أو مساء لى منذ استشهاده فى اليمن عام 1966 وحتى الآن.

تخرجت فى كلية الآداب قسم التاريخ وأنا شغوفة بالسياسة والصحافة وحب جمال عبدالناصر، طالما عرفنى الزملاء والأصدقاء بالشغب وقول الحق فى وجه أى أحد، كسرنا جميعا مع خبر استشهاد أخى وطعنت كرامتنا مع نكسة 1967، تظاهرت مع الملايين لعودة عبد الناصر عن قرار التنحى.. خرجت مع طلبة جامعة عين شمس نطالب بالحرب، تمر السنوات علينا بين قاعات المحاضرات وحدائق الجامعة ونحن نتناقش ونبكى أحيانًا ونهتف باسم الزعيم أحيانًا أخرى.

مات جمال ومات معه الحلم بالنصر واسترداد الحق والأرض والحياة.. أو هكذا كنا نظن، دخلت روزاليوسف لأصبح تحية الصحفية لينتقل معى الشغب بين محيط الأسرة ثم قاعات الجامعة إلى مكاتب روزاليوسف كى أمشى بين الكبار وأستمع لمناقشات الجيل الذهبى فى الصحافة المصرية عن الحرب والسياسة، أجلس صامتة مأخوذة فى بعض الأحوال من عمق ما أسمع مبهورة كصحفية تحت التمرين بكم الثقافة والتواضع التى يملكها كل من رحلوا عن هذا العالم.

نجلس فى غرفة صغيرة هى مكتب رسام الكاريكاتير العبقرى صلاح الليثى لنسمع مناقشات الأستاذ صلاح حافظ وتعليقات الأستاذ أحمد حمروش وتحليل الأستاذ مصطفى الحسينى.. أشاغب بأسئلة مباغتة سريعة وأنا أحاول أن أطرد من ذهنى خوفى على أخى الأصغر الملازم أول قوات بحرية محمد نجيب كنا فى عام 1973.. عام الحسم .

استدعاء نجيب أخى لقاعدة مكافحة الغواصات، هل سنحارب ؟ فيجيب : أكيد هييجى يوم ونحارب.. ويضحك كعادته وبصوت عالٍ « ما تخافيش يا تحية».

نجيب كان أخى وصديقى بل وتربية أيدى رغم أنه لا تفصلنا سوى سنتين فقط.6 أكتوبر 1973 نجلس فى روزا ونتساءل متى الحرب هل سيتركنا السادات ننظر فى الساعات ونعد الأيام، نستمع إلى موجات الإذاعة بينما تعلو أصوات النقاش وفجأة وعند الساعة 2:17 تقريبا نسمع صوت الأستاذ حلمى البلك تاليًا البيان رقم سبعة.. عبرت قواتنا المسلحة المصرية قناة السويس، وكأن الزمن توقف كثيرا..لا أحد ينطق والأنظار تتجه للراديو وكأننا نشاهد عبور الجيش، كل من فى الغرفة يكاد لا يصدق ثم بدأ التهليل والفرحة وبعد دقائق تسلل شيء من الشك، لا نريد أن نشعر بما شعرنا به بعد بيانات النصر قبل إعلان النكسة فى 1967.

شرعنا فى إدارة بكرات الراديو لعلنا نلتقط بثًا من أوروبا أو حتى إذاعة العدو.. تبدد الشك إلى غير رجعة وتأكدت لحظات الانتصار الأولى.

أما أنا فأفكر فى نجيب أخى وأمى التى يكفيها أن تكون أمًا لشهيد واحد.

أما عن نجيب نفسه فقد كان رحمة الله عليه وكما عرفنا فيما بعد، أنه ضمن التشكيل الضارب رقم(202) بقيادة اللواء الثانى لنشات صواريخ والذى كان مكونًا من ستة لنشات صواريخ، وملحقًا عليه لنشا طوربيد مجهزان بصواريخBM-21 غير الموجهة،

أما المهمة التى تم تكليفهم بها فقد كانت من اكثر المهام حساسية والتى تمثلت فى إطار تأمين النطاق التعبوى للقوات البحرية بمسرح عمليات البحر الأبيض المتوسط، والاستعداد لصد الإبرار البحرى الإسرائيلى على مدينة دمياط ( مدينتنا) غربًا، وقصف ميناء أشدود بالصواريخ الموجهة، والاستعداد لقصف ميناء رأس بيرون بالصواريخ الموجهة وغير الموجهة ليلة ي1/ ي2 كمهمة بديلة فى حالة تعذر قصف ميناء أشدود، ومعاونة أعمال قتال قاعدة الإسكندرية بالمرور واتخاذ أوضاع إطلاق الصواريخ من داخل الميناء والاستعداد لتنفيذ أى مهام طارئة طبقًا للموقف.

لمنطقة رأس بيرون أهمية كبيرة فهى تقع على الساحل الشمالى لشبه جزيرة سيناء، وترجع أهمية قصفها طبقًا لما ورد فى حديث اللواء.أ.ح/ يسرى قنديل رئيس فرع الاستطلاع بالقوات البحرية سابقًا بوصفه أنها كانت منطقة شئون إدارية ومستشفى ميدانى ومخزن إمداد وتموين، كما تواجد بها عدد 2 سرية مشاه، وسرية ناحال,وسرية دبابات إسرائيلية, وفصيلة مدفعية إسرائيلية عيار 175مم.

وعلمنا من نجيب فيما بعد أن الإبحار كان فى تمام الساعة 17:30 يوم 6 أكتوبر 1973م من أبو قير بالإسكندرية لتنفيذ القصف، مع استخدام الكلمة الكودية رمضان.

لكن ما حدث ليلتها اختلف ولو قليلا ؛ ففى ليلة 6 - 7 أكتوبر 1973م وبالتحديد فى تمام الساعة 23:10 صدرت الأوامر إلى التشكيل الضارب رقم 202 والمكون آنذاك من ست لنشات صواريخ ولنشى طوربيد بتنفيذ مهمة قصف المنطقة بالصواريخ غير الموجهة BM-21، وكان قد سبقه فى تمام الساعة 16:25 فى اليوم السادس من أكتوبر عام 1973م أن غادر التشكيل من منطقة أبو قير بالإسكندرية، وتم إعطاء الأمر للوحدات المنفذة للهجوم ببدء الفتح التكتيكى وانفصل لنش الطوربيد المجهز بالمدفعية الصاروخية 1BM-2 المكلف بمهمة القصف عن التشكيل فى تمام الساعة 23:10, واتخذ موقعه من الهدف على مسافة عشرة أميال ونفذ الرمى حوالى الساعة 00:30 فى اليوم السابع من أكتوبر عام 1973م حيث تم إطلاق عدد 80 صاروخًا BM-21 على المنطقة.

بعد مضى 6 دقائق من القصف وأثناء عودة التشكيل قامت طائرات هليكوبتر إسرائيلية بإلقاء مشاعل مضيئة خلف التشكيل، مما دفع بالتشكيل إلى زيادة سرعته للخروج من منطقة المشاعل, وفى تمام الساعة 00:50 أى بعد 20 دقيقة اندفع الطيران الإسرائيلى تجاه التشكيل البحرى المصري، فما كان من التشكيل إلا أن قام أحد لنشات الطوربيد وعليه نجيب أخى بالاتجاه شمالًا، وانسحاب باقى التشكيل ناحية الغرب فى مناورة لتشتيت طيران العدو ؛ فى تمام الساعة 00:55 اشتبك أحد لنشات الصواريخ من المجموعة التكتيكية المنوطة بتأمين خط سير عودة التشكيل مع هدفين إسرائيليين بحريين، وطائرة هليكوبتر، وأثناء الاشتباك قام التشكيل الضارب رقم 303 المتمركز بقاعدة بورسعيد بدفع لنشى صواريخ لدعم أعمال قتال المجموعة التكتيكية، كما قامت القوات الجوية المصرية بتنفيذ طلعة خداعية شمال الإسكندرية، وبعمق مائة ميل بالبحر لجذب انتباه التشكيل الجوى الإسرائيلى ناحية تأمين ميناء حيفا على البحر المتوسط، مما أجبر التشكيل الجوى الإسرائيلى على ترك التشكيل البحرى المصرى، وفى تمام الساعة 07:35 من صباح اليوم السابع وصل التشكيل رقم(202) إلى قاعدته بالإسكندرية.

نجح لنشا الطوربيد طراز 183 المطوران محليا من التشكيل الضارب رقم (202) فى قصف منطقة رأس بيرون بعدد 80 صاروخًا BM-21، تم إسقاط طائرة هليكوبتر إسرائيلية من قبل أحد لنشات الصواريخ أثناء الاشتباك مع التشكيل الضارب والمجموعة التكتيكية المنوطة بتأمين خط سير التشكيل الضارب، تدمير عدد 2 لنش فئة سعر من القوات البحرية الإسرائيلية، تدمير عدد 1 لنش صواريخ من المجموعة التكتيكية المنوطة بتأمين الانسحاب للتشكيل البحرى المصرى الضارب رقم (202) ولكن لم يعد نجيب مع من عادوا إلى ميناء الإسكندرية ونحن لا نعلم شيئا ولم تصلنا أى أخبار، حتى عرفنا أن رفاق نجيب قد نالوا الشهادة بعد أن كبدوا العدو أفدح الخسائر وأن الله قد امد فى عمره ليعود سباحة حتى شواطئ دمياط ويقوم بتسليم نفسه لأول وحدة عسكرية مصرية بعد أن ساهم فى تدمير مناطق تخزين ذخيرة العدو وأسقطوا طائرته وأغرقوا سفنه.

نعم وبعد 52 عامًا على هذا النصر العظيم أشعر بفخر عظيم أننى أخت الشهيد ملازم أول صاعقة أحمد كمال والعميد بحرى مكافحة غواصات محمد نجيب رحمه الله. عاشت مصر و عاش الجيش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.