لا نصر من دون قادة حقيقيين مؤمنين بأنفسهم وبمقاتليهم، وقبل كل ذلك مؤمنون بعدالة قضية وطنهم تدفعهم الحمية الوطنية للثأر من الهزيمة ومحو عار النكسة رافعين راية النصر عائدين من الجبهة وفى انتظارهم أكاليل الغار. وما أكثر هؤلاء القادة النبلاء فى حرب أكتوبر المجيدة، كل منهم حفر اسمه فى تاريخ العسكرية المصرية، تاركاً خلفه إرثًا جليلًا تتعلم منه الأجيال الجديدة. فى السطور التالية نستعرض أسماء أبرز هؤلاء القادة الذين شاركوا فى صنع النصر والعودة مظفرين بعدما استعادوا سيناء، وقبلها استعادوا كرامة الوطن وضمدوا جراح الهزيمة على رأس قادة النصر كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام، ومعه كان العديد من القادة الذين حفروا أسماءهم فى تاريخ المجد.
أحمد إسماعيل
وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، فى حرب أكتوبر 73، الذى شهد مرحلة التخطيط للحرب، وإدارة عملياتها، ليشارك فى جميع الحروب الحديثة التى خاضتها مصر، بدءا من الحرب العالمية الثانية، وحرب فلسطين، ثم العدوان الثلاثى فى 1956، وحرب 67، وما تلاها من حرب الاستنزاف، ليتوج مسيرته العسكرية بنصر أكتوبر 73، بعدما قادته خبراته العلمية والعملية لقيادة القوات المسلحة المصرية فى تلك الفترة الحاسمة من عمر الوطن، فاستحق أن يكون أحد أبطالها العظماء.
محمد عبدالغنى الجمسى
ترأس هيئة العمليات، بالقوات المسلحة، فى يناير 72، فى أثناء التخطيط والإعداد لحرب أكتوبر 73، كما تولى إدارة المخابرات الحربية فى فترة التحضير للحرب، وتولى رئاسة الأركان خلال أحداث حرب أكتوبر. اشترك فى الحرب العالمية الثانية، والعدوان الثلاثى، وحرب 67، والاستنزاف، ثم فى حرب أكتوبر 73، التى شارك فيها بالتخطيط النهائى للخطة جرانيت، للهجوم واقتحام خط بارليف، وكان رئيسا للوفد المصرى فى المفاوضات العسكرية مع إسرائيل فى نهاية حرب أكتوبر، فكان نجما لامعا فى سماء الوطن.
محمد على فهمى
أول قائد لقوات الدفاع الجوى، الذى كلفه الرئيس عبدالناصر بتأسيسها، وتولى قيادتها فى فترة حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر. شارك فى حروب فلسطين، والعدوان الثلاثى، ثم حرب 67، وحرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 73. وستظل مصر وقواتها المسلحة تدين له بالفضل لإنشاء حائط الصواريخ، الذى لولاه ما عبرت قواتنا قناة السويس، دون تدخل القوات الجوية الإسرائيلية، بعدما حيد قدرتها، ومنعها من الاقتراب من القناة لمسافة 15 كم، وهو ما كان مفتاح النصر فى حرب أكتوبر.
محمد حسنى مبارك
قائد القوات الجوية فى حرب 73، يعود الفضل له فى تخطيط وإدارة ونجاح عمليات القتال الجوى فيها، بعدما نجح فى أثناء إدارته للكلية الجوية فى تخريج دفعات من الضباط لتعويض النقص العددى بين صفوفهم بعد هزيمة 67. شارك فى حروب العدوان الثلاثى، واليمن، وحرب 67، وحرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 73. نفذ العديد من المعارك الجوية ضد العدو الإسرائيلى، كان أشهرها معركة المنصورة الجوية، التى سُجلت فى المراجع العسكرية كأعظم المعارك الجوية فى التاريخ الحديث على مستوى العالم.
سعد الدين الشاذلى
رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر 73، صاحب التوجيه 41، وهى الخطة الحقيقية لعبور قناة السويس فى 12 موجة، واقتحام خط بارليف. شارك فى الحرب العالمية الثانية، وفى حرب فلسطين عام 48 وفى حرب 67 أصدرت القيادة العامة قرارا بتكوين مجموعة خاصة، تحمل اسمه، فكانت الوحدة الوحيدة التى عادت من سيناء بكامل أسلحتها. حصل على بعثة متقدمة من الولاياتالمتحدة عام 1953، وأول من حصل على فرقة رينجرز من أمريكا، وأهلته بطولاته لأن يكون علما من أعلام قواتنا المسلحة.
محمد سعيد الماحى
من دمياط الساحلية جاء صاحب أضخم تمهيد نيرانى بالمدفعية فى تاريخ العسكرية الحديثة، محمد سعيد الماحى، تخرج فى الكُلية الحربيّة عام 1942، ويُدشن مسيرته العسكرية ضابطًا فى سلاح المدفعية الذى استمر فيه طوال مُدة خدمته بالعسكرية المصرية، بداية من ضابط ضمن مئات بالسلاح، وصولاً لمدير سلاح المدفعية إبان فترة حرب العُبور. خلال حرب الاستنزاف فى الفترة ما بين 1968 و1970، كان سلاح المدفعية أحد الأسلحة الأنشط، والذى استطاع تكبيد العدو الإسرائيلى القسم الأكبر من العتاد والمعدات والقوة البشرية، الأمر الذى دفع الجيش الإسرائيلى للهرولة لبناء المانع العسكرى الأضخم خط بارليف، فور مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار، لصدّ تصويبات المدفعية المصرية، والتى عمل اللواء محمد سعيد الماحى على بناء وحداتها، وتسليحها بالمعدات الحربية الأحدث وتدريب أعضاء السلاح عليها لإصابة أكبر نسبة من فاعلية السلاح، ليُعين فى عام 1971 على رأسه مُديرًا لسلاح المدفعية المصرية. فى الثانية وخمس دقائق من ظهر السادس من أكتوبر عام 1937، كانت شارة التمهيد النيرانى قد بدأت فى الانطلاق، مصداقًا لنداء اللواء الماحى «مدافع النيل.. اضرب»، ليؤدى السلاح دوره على وجه تام فى المباغتة الأولية لا يتوقف عندها دوره فى معركة العبور، حيث قام السلاح تحت قيادته بالذود عن الإسماعيلية بانتقال المعركة لغرب القناة، قُبيل وقف إطلاق النار.
نوال سعيد
كان لرئيس هيئة الإمداد والتموين الأسبق للقوات المسلحة تاريخ كبير فى التدرج العسكرى، حيث ترأس رئيس فرع التخطيط الإدارى بالشعبة الرابعة بالجيش الأول فى دمشق بسوريا فى الفترة من أكتوبر 1957 حتى إبريل 1961، كما أنه أصبح رئيس هيئة إمداد وتموين القوات المسلحة فى الفترة من 15 مايو 1971 حتى 24 يونيو 1975. عمل اللواء نوال الشافعى، على توفير كافة الاحتياجات الإدارية واللوجستية والقتالية لأفراد القوات المسلحة قبل وأثناء وبعد معركة النصر الكبرى فى عام 1973، حيث عمل على توفير المهمات الخاصة بكل مقاتل، وتعيينه القتالى من: «مياه – طعام – ذخيرة»، كما عمل على توفير الأدوية ورفع درجة استعداد المستشفيات لاستقبال الجرحى من المعركة. كما نجح اللواء نوال وأبطال سلاح الإمداد والتموين والشئون الإدارية حينها بتوفير كل ما يحتاجه المقاتل فى معركة النصر.
عبدالمنعم واصل
كان الفريق عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث الميدانى فى حرب أكتوبر، وفى يوم 6 أكتوبر، هاتفه المشير الجمسى رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة إبان حرب أكتوبر، وطلب منه أن يرسل إليه ضابطا برتبة كبيرة لاستلام مظروف سرى ومختوم بالختم الأحمر، وبالفعل ذهب الضابط ورجع إلى قيادة الجيش ومعه المظروف الذى كان فيه موعد الحرب، بعدها قام الفريق واصل بإحضار قادة الجيش والفرق لإبلاغهم بالموعد. وأثناء عبور القوات الرئيسية لقناة السويس واجهت صعوبات كبيرة فى إنشاء كبارى الجيش الثالث الميدانى، إلا أن الفريق عبدالمنعم واصل كان يشجع رجال المهندسين العسكريين وحثهم على سرعة الانتهاء وقد أقيمت جميع الكبارى وعبرت جميع القوات.
جمال محمود على
لعب سلاح المهندسين دورا تاريخيا فى معارك أكتوبر عام 1973م ففى الوقت الذى احتدم فيه سعير القتال كان اللواء مهندس جمال محمود على مدير سلاح المهندسين يشرف بنفسه على مد جسور العبور أمام الجيش الثالث، بينما كان نائبه اللواء مهندس أحمد حمدى يمد الجسور مع جنوده فى منطقة أخرى وعندما أصيب أحد كبارى الجيش الثالث بإصابات جسيمة اتجه البطل أحمد حمدى إلى جنوده. وبرغم من شدة الأهوال ظل فوق الكوبرى يباشر مهامه، وقبل أن يتكرر القصف للمرة الثالثة سقطت دانة ثقيلة على الكوبرى ليصاب البطل بشظية فاستشهد فى الحال يوم الرابع عشر من شهر أكتوبر 1973م الثامن عشر من رمضان 1393 ه ولقى ربه كأنبل ما يمضى الرجل فى لحظات أداء واجبه. قال عنه البطل المشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973م فى مذكراته : (تكبد رجال المهندسين نسبة عالية من الخسائر أثناء فتح الممرات فى الساتر الترابى وإنشاء الكبارى إلا أنهم ضربوا المثل فى الإصرار على تنفيذ المهام والتضحية بالنفس فى سبيل الواجب واستشهد منهم أحد قادة المهندسين البارزين هو العميد أحمد حمدى الذى أطلق اسمه على نفق قناة السويس بعد الحرب).
فؤاد نصار
مدير المخابرات الحربية خلال حرب 73، كان له الفضل الأكبر فى الحصول على المعلومات الدقيقة عن أوضاع وتمركز القوات الإسرائيلية، وهو ما اعتمدت عليه خطة الهجوم. أنشأ منظمة تحرير سيناء، وتم تدريب عدد كبير من أهل سيناء، وتزويدهم بالأجهزة اللاسلكية، فاستطاعت مصر تتبع جميع التحركات الإسرائيلية فى سيناء، ووضع خطة خداع الجانب الإسرائيلى، التى ضللتهم عن الوصول لخطة مصر للهجوم.
كمال حسن على
كان قائدًا لسلاح المدرعات خلال حرب أكتوبر، وشغل عدة مناصب أبرزها رئيسًا لجهاز المخابرات العامة، ثم وزيرًا للدفاع والإنتاج الحربى فنائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للخارجية حتى عين رئيسًا لمجلس الوزراء، ولد فى حى عابدين، وكان أبوه من عائله عريقة فى أسيوط. كان قائد عمليات القوات المسلحة المصرية فى حرب اليمن.
محمد عبدالمنعم الوكيل
ولد عام 1925 بسمخراط - البحيرة، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1946 شارك فى حرب فلسطين سنة 1948 . وحرب السويس سنة 1956 وكان قائدا لمنطقة الجوف فى حرب اليمن وشارك فى أقوى وأشرس الحروب ضد العدو وهى حرب الاستنزاف ثم تولى بعد ذلك إدارة سلاح المشاة فى حرب أكتوبر.
نبيل شكرى
لعب اللواء نبيل شكرى دورًا بارزًا فى حرب الاستنزاف، حيث تولى رئاسة أركان القوات الخاصة عقب نكسة يونيو 1967، وهى الفترة التى نفذت خلالها القوات المصرية عددًا من الكمائن لتعطيل قوات العدو فى سيناء. وضمن استعدادات مصر للعبور العظيم فى 6 أكتوبر 1973، عُين اللواء نبيل شكرى قائدًا لقوات الصاعقة المصرية، وهى الفترة التى تم خلالها بناء قواعد الصواريخ بغرض صد الغارات الإسرائيلية على مصر، وخلال الحرب، لعبت القوات الخاصة تحت قيادة «شكرى» دورًا بطوليًا حيث كانت المهمة تأمين قوات العبور وتعطيل القوات الإسرائيلية من الاقتراب إلى قوات النسق الأول والموجة الأولى للعبور، فضلًا عن دورها فى سد الثغرة أثناء الحرب.
سعد الدين مأمون
اللواء سعد الدين مأمون قائد الجيش الثانى تخرج فى الكلية الحربية عام 1942 وعمل بسلاح المدرعات وتدرج فى كافة المناصب القيادية بالقوات المسلحة المصرية، وحصل مأمون على دورة من الأكاديمية العسكرية العليا بالاتحاد السوفييتى السابق، وهو زميل أكاديمية ناصر العسكرية (كلية الحرب العليا). وعمل رئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة 701971 وقائدا للجيش الثانى الميدانى عام 1972 وخاض حرب أكتوبر على رأس الجيش. ثم عمل مساعدا لوزير الحربية فمحافظا لمطروح ثم المنوفية فالقاهرة، وآخر منصب شغله هو وزير الحكم المحلى.
فؤاد ذكرى
قائد القوات البحرية فى حرب أكتوبر 73، شارك فى حروب فلسطين، والعدوان الثلاثى، وحرب 67، وحرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 73. أحد أبرز قادة القوات البحرية فى مصر، الذى وصل لرتبة المشير، تولى رئاسة شعبة العمليات البحرية بعد أسبوع من هزيمة يونيو 67، فخطط لأعظم العمليات البحرية ضد العدو الإسرائيلى، وأصدر أوامره لقاعدة بورسعيد البحرية لتدمير المدمرة إيلات فى أكتوبر 67. خلال حرب أكتوبر 73 خطط لعملية حصار باب المندب، والتى كانت ضربة مفاجئة لإسرائيل، حول بها ميناء إيلات إلى جثة هامدة خلال حرب أكتوبر 73، فضلا عن نجاحه فى تأمين جميع الموانئ المصرية خلال الحرب ضد أى تدخل من القوات البحرية الإسرائيلية.