فى سطورعن الوفاء والتضحية، تسترجع السيدة نوال محمود سليم الشامى، زوجة البطل الشهيد عبدالله مصباح فرحات البابلى، قصة حب وعشق لوطن، دفع ثمنه زوجها روحه الغالية. من أيام الدراسة والعمل المشترك فى القوات المسلحة، إلى ليلة الزفاف التى لم تكتمل، وصولًا إلى نبأ استشهاده الذى وصلها بعد أشهر من الانتصار، تروى أرملة البطل كيف كان حب الوطن يسرى فى عروقه، وكيف كان شغفه بالعودة إلى الجبهة أكبر من إصابته، لينال أسمى درجات الشرف فى أرض المعركة. شهادة من الرئيس روت نوال الشامى، التى كانت تعمل فى القوات المسلحة، قصة لقائها بالبطل الشهيد عبدالله مصباح فرحات البابلى، فقالت: «كان عمرى 24 عامًا بينما كان هو فى عمر 25، وتعرفنا على بعضنا من خلال العمل». وأضافت أن زوجها تخرج في الكلية عام 1968 وذهب إلى الجبهة مباشرة، وأصيب فى حرب الاستنزاف عام 1969. بعدها حصل على نوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى من الرئيس جمال عبدالناصر بسبب إصابته. ورغم ذلك، كان حبه لمصر وعمله وجيشه غير طبيعى، لدرجة أن الرئيس جمال عبدالناصر أعطاه ترقية استثنائية من ملازم أول إلى نقيب، وذلك رغم صغر سنه. وشرحت السبب: «لأنه أصرّ على العودة إلى الجبهة مرة أخرى بعد إصابته، ولم يقبل بالأعمال الإدارية، كان يقول: «لازم أبقى موجود فى الجبهة وأعمل شيئًا». ورغم أن إصابته فى عام 1969 كانت تمنحه الحق فى عدم الذهاب للحرب مرة أخرى، حيث كانت الإصابة من ذراعه إلى صدره وأجرى أكثر من عملية، إلا أن حبه للشهادة وفداء بلده بروحه كان كبيرًا. حصل مرة أخرى على نوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى من الرئيس السادات نتيجة استشهاده فى 25 أكتوبر 1973. «قولى لابنى إننا أبطال» عندما جاءت حرب أكتوبر 1973، كان البطل عبدالله لا يزال عريسًا، وكانت زوجته لم تكمل بضعة أشهر، فكان لا ينزل إلا ليومين أو ثلاثة ويعود إلى الجبهة. لم يكن هناك استقرار فى حياتهما نهائيًا. تتابع نوال: «انتصرنا وكان فرحان جدًا وقال لى: «انتصرنا.. قولى لخالد ابنى إننا أبطال»، وأرسل لى هدايا كثيرة وجوابات». وكشفت أن «جواب النصر» هذا كان قبل ولادة ابنهما خالد، حيث كانت لا تزال حاملًا، ولكن من شدة فرحته كتب لها تفاصيل النصر وأوصاها بأن تحكى لابنه وكأنه يعرف أنه لن يراه، وعندما جاءت ساعة ولادتها، كان الجميع يعرف خالدًا من وصايا أبيه ورسائله له. «لا أقل عنه وطنية» وأكدت أنها لو عاد بها الزمن وقيل لها إنه سيحارب حتى يحرر أرضه، كانت ستشجعه ولن تمنعه، لأنها لا تقل عنه وطنية، فهى مثله تخدم فى الجيش. وقالت: «كنت سأقول له: أنت بطل ولديك الرغبة فى النصر وستنتصر». وأضافت موجهة رسالة لكل شاب: «وطنك غالٍ، يجب أن تشعر بقيمته وقيمة التراب الذى تمشى عليه والهواء الذى تتنفسه، فلا توجد بلد أفضل من الوطن مهما تغرب الشاب، لكن يظل الوطن هو الحب والأمان يشعر فيه بالدفء والارتياح. لا بد أن يتعلم الشباب اليوم من الشهداء والأبطال السابقين قيمة الوطن وقدر التضحية من أجله للعيش بعزة وكرامة». وأضافت: «ربنا يعلى قدر مصر كثيرًا». «أقول لكل أم شهيد: ربنا يعوض صبرك» وأضافت: «فى كل عام فى احتفالات أكتوبر أشعر بمزيج من الفخر والحزن معًا، فأشعر بألم الفراق، ألم فقدان الزوج والأب، مشاعر صعبة. وقالت: «لدى صورة لابنه وهو فى عمر سنتين عندما حصل على تكريم أبيه». وأكدت أن عمه وزملاء والده كانوا يحكون له دائمًا عن بطولات والده. وحصلت على وثيقة شرف له من الرئيس السادات، وآخر تكريم حصلوا عليه كان قبل تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الرئاسة ب3 أشهر. وفى ختام حديثها، قالت: «أقول لكل أم شهيد وكل زوجة شهيد، ربنا يعوض صبرك ويعوضك فى أبنائك، وأنت تعلمين أن مكانهم فى الجنة فلا تحزنى، فالشهيد له مكانة خاصة ولولا أنه يستحق الشهادة لم يكن ينالها، لكننا كبشر، ألم الفراق صعب خصوصًا لما يكون عزيز، فهو لا يعوض».