حصل الشيخ أبوالعينين شعيشع على لقب أمير دولة التلاوة فى مصر بين قراء القرآن الكريم، باعتباره أحد أعلام دولة التلاوة المصرية، بعد أن عاصر عمالقة قراء القرآن، وكان أحد مؤسسى نقابة قراء القرآن، التى بدأت فى السبعينيات حين اجتمع عدد من قراء القرآن الكريم؛ لبحث إمكانية إنشاء نقابة خاصة بهم تكون مظلة حماية لهم وتدافع عن المهنة من المندسين. كان إنشاء أول نقابة للقراء عام 1984، ووقع الاختيار وقتها على الشيخ عبدالباسط عبدالصمد ليكون نقيبًا للقراء، وبعد وفاة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، عام 1988، اختار قراء القرآن الكريم الشيخ أبوالعينين شعيشع نقيبًا لهم. وُلِدَ الشيخ أبوالعينين شعيشع فى 22 أغسطس 1922 وتوفى فى 23 يونيو 2011 عن عمر يناهز ال88 عامًا، وذاع صيته بعدما حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة، وكانت نقطة انطلاقته من كُتّاب «الشيخ يوسف شتا»، بمدينة بيلا فى محافظة كفر الشيخ، وذاع صيته صبيًا من خلال حفل أُقيم بمدينة المنصورة سنة 1936. دخل الإذاعة المصرية سنة 1939م، وكان وقتئذ متأثّرًا بمحمد رفعت وكان على علاقة وطيدة به، واستعانت به الإذاعة لإصلاح الأجزاء التالفة من تسجيلات محمد رفعت؛ فقد كان من أبرع من استطاع تقليد الكبير محمد رفعت، وكان الشيخ شعيشع عاشقا لمقام الصبا، وهو المقام الذى اشتهر به كقارئ قرآن، وهو مقام حزين لا ينافسه أى مقام آخر فى الشجن. أول قارئ مصرى بالقدس تدفقت على الشيخ شعيشع الدعوات من الدول العربية والإسلامية لإحياء ليالى شهر رمضان بها، ومنها دعوة من فلسطين ليكون قارئًا بإذاعة الشرق الأدنى، التى كان مقرها يافا لمدة 6 أشهر، والاتفاق كان عن طريق المدير الإنجليزى فى الإذاعة المصرية فسافر عام 1940 وبدأ القراءة كل يوم يفتتح الإذاعة ويختتم إرسالها بتلاوة القرآن الكريم؛ ليصبح أول قارئ مصرى يقرأ بالمسجد الأقصى. وكان أبوالعينين شعيشع هو الوحيد الذى يقرأ القرآن وهو يرتدى البدلة والطربوش، وفى إحدى المرات ذهب إلى تركيا لإحياء ليالى رمضان وقابله القنصل العام المصرى ليخبره أن الطربوش ممنوع فى تركيا حتى على أئمة المساجد إلا فى وقت الصلاة، فلف شالًا أبيض كان فى جيبه حول الطربوش، وعندما عاد إلى مصر، طلب منه عبدالعزيز كامل وزير الأوقاف ألا يخلع العمامة بعد ذلك. يُعد «شعيشع» أول من سَجّل القرآن على أسطوانات مدبلجة فى الخمسينيات، وفى شهر رمضان، وكان يقيم حتى يؤذن لصلاة الظهر والعصر والمغرب ثم يتناول قليلاً من التمر حتى يحين موعد العِشاء فيؤذن للصلاة ثم يعود لمنزله ليفطر. كان عام 1969 فارقًا فى حياته؛ حيث عُين قارئًا لمسجد عمر مكرم بميدان التحرير، وسط القاهرة، ثم قارئًا لمسجد السيدة زينب عام 1992. ولم تتوقف مسيرة القارئ الراحل عند هذا الحد؛ بل عُين «شعيشع» عضوًا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعميدًا للمعهد الدولى لتحفيظ القرآن الكريم، وعضوًا للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وعضوًا باللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف، وعضوًا بلجنة عمارة المساجد بالقاهرة، وحصل على وسام الرافدين من العراق، ووسام الأرز من لبنان، ووسام الاستحقاق من سورياوفلسطين، وأوسمة من تركيا والصومال وباكستان والإمارات العربية المتحدة، وبعض الدول الإسلامية. علاقته بالفن لم تمنع نشأة الشيخ شعيشع فى أسرة دينية من قيامه بالعزف على العود والبيانو أو الاستماع لهما، وهذا أعطاه الفرصة للتعرف على المخرج «حسن الإمام» الذى كان السبب فى ظهور الشيخ فى عدد من الأفلام السينمائية ليرفع فى بعضها الأذان ويتلو فى بعضها القرآن الكريم، وكان أول ظهور له فى فيلم (التائب) عام 1946 كقارئ وطالب أزهرى وأرسلت له مشيخة الأزهر برئاسة الشيخ مصطفى عبدالرازق خطاب شكر على دوره فى ذلك الفيلم، كما شارك فى فيلمىّ (آمنت بالله) و(غضب الوالدين) عام 1952، كما شارك فى فيلم (ابن عنتر) و(المرأة) عام 1949، و(بلد المحبوب) عام 1951، و(صحتك) عام 1955، وأصبح له صداقات كثيرة مع أهل الفن، ويتبادل السهرات مع إسماعيل يس، ويحرص على حضور تصوير أول لقطة فى أفلام «أحمد سالم» و«يوسف وهبى». وكان الشيخ شعيشع عاشقا للموسيقى، فقد تصادف أن يكون جارًا للملحن رياض السنباطى بالعباسية، وسرعان ما أصبحا صديقين؛ حيث ترك منزله ليقيم بصحبة رياض لما يقارب عامًا لكى ليتعلم العزف على العود مقابل أن يُحفظ الشيخ الملحنَ الكبيرَ القرآنَ الكريم، فأصبح الشيخ عازفًا جيدًا على العود وعلى البيانو، وتوطدت علاقة الشيخ بالموسيقار محمد عبدالوهاب؛ حيث حكى عن هذه العلاقة قائلاً: «كنت أسكن جواره فى العباسية، وكان يحب الاستماع إلى القرآن بصوتى». وسام الجمهورية وعُرِفَ عن الشيخ أبوالعينين، أنه كان يبنى مساجد ومعاهد دينية، من دون أن يعرف أحد، كما كان الشيخ الراحل متواضعًا حتى فى جلساته مع أهل بلدته، كان يجلس أرضًا ويتناول الجبنة القديمة والعيش الناشف، بعيدًا عن الولائم، «كان متواضعًا، رغم أن الملوك والأمراء كانوا يستقبلونه بشكل رسمى». ومن المواقف التى يتذكرها أفراد عائلة الشيخ أبوالعينين شعيشع للرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، حين كرّمه ومنحه وسام الجمهورية، ومنحه لقب نقيب القراء حتى مماته، أن «الرئيس مبارك كان بيحب الشيخ أبوالعينين، وهو أيضًا كان يحبه، وعندما كرّمه منحه لقب نقيب القراء حتى الممات، وفعلاً كان نقيبًا، لحين رحيله فى 23 يونيو 2011 ليدفن فى المقابر المُجاورة لكلية البنات بجامعة الأزهر بالقاهرة».