يعد موسم الحج هذا العام، واحدا من أكثر المواسم تنظيماً، بفضل استخدام التقنيات الحديثة، والجهود الأمنية والتنظيمية الكبيرة التى اتبعتها الجهات التنفيذية فى المملكة العربية السعودية، إذ لم تشهد مناسك الحج، تسجيل أى حوادث أو حالات تكدس، بفضل التنظيم المحكم، والخدمات الصحية المتقدمة، والانسيابية العالية فى التنقل، التخطيط المسبق، والتقنيات الذكية، والجاهزية الأمنية العالية التى سبقت موسم الحج التى شاركت فيها مختلف القطاعات الأمنية والعسكرية استعدادا لاستقبال أكثر من 1.6 مليون حاج من 171 جنسية. حققت السلطات السعودية فى موسم حج هذا العام العلامة الكاملة واستخدمت أحدث التقنيات العالمية أدوات لتأمين الموسم، وتوفير ظروف الراحة الكاملة للحجيج، وجعلت ضيوف الرحمن فى حالة من التفرغ التام لأداء المناسك دون الانشغال بغيرها. من جهته أكد الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى، على أن ما شاهدناه من نجاح متواصل فى خدمة ضيوف الرحمن، يأتى نتيجة لجهود المملكة المباركة فى خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، كما أن المملكة سوف تواصل، بذل جميع الجهود لتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن، مشددا أن المملكة وضعت ذلك فى مقدمة اهتماماتها، وسخرت كافة قدراتها لخدمة ضيوف الرحمن وتيسير أداء مناسكهم بيسر وسهولة. ومن جانبه، أكد الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، وزير الداخلية السعودى، أن الحج هذا العام لم يشهد وقوع أى حوادث تعكّر صفوه أو تمس أمن وسلامة الحجيج، وفق انضباطية تامة ومراقبة دقيقة لأوضاعهم، لافتًا إلى أن الجهات المعنية نجحت فى تنفيذ الخطط بما يتوافق مع أعداد الحجاج لهذا العام التى بلغت 1.673.230 حاجًا، وتقديم الرعاية والخدمات لهم بأعلى المعايير، فضلاً عن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعى، وتطوير برنامج تقنى للحرمين بخوارزميات سعودية، واستخدام التقنيات المتقدمة للرصد والتنبؤ بالمواقع الحرجة بما يساعد على إدارة الحشود؛ ما يسّر أداء ضيوف الرحمن مناسكهم بكل سهولة. وأعلن الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير مكة، البدء فورًا فى التحضير لموسم حج العام المقبل، بعد نجاح حج هذا العام، مشيرًا إلى أن الحجاج شركاء فى النجاح لالتزامهم بالتعليمات. وأوضح توفيق الربيعة، وزير الحج والعمرة ورئيس لجنة برنامج خدمة ضيوف الرحمن، أن السعودية نفذت 46 مشروعًا جديدًا فى مجال الطاقة لتعزيز المنظومة الكهربائية فى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، ما أدى إلى زيادة السعة الكهربائية فى المشاعر بنسبة 75 فى المئة، موضحا أن تكلفة هذه المشروعات بلغت نحو 800 مليون دولار. وأضاف: إن المملكة استقبلت فى موسم الحج أكثر من 7 آلاف رحلة طيران من 238 وجهة عالمية، كما جرى تشغيل 4700 رحلة عبر قطار الحرمين و2500 رحلة عبر قطار المشاعر، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من 20 ألف حافلة نقل. وكشف الفريق محمد البسامى مدير الأمن العام ورئيس اللجنة الأمنية فى الحج، عن طرد أكثر من 205 آلاف شخص من مكة لمحاولتهم الحج بلا تصريح، إعادة أكثر من 269 ألفاً لا يحملون تصاريح الحج، بفضل تطبيق القوانين والتشريعات الصارمة فى التعامل مع المخالفين أثناء موسم الحج. وأشار إلى أن الأمن العام السعودى استطاع توظيف الذكاء الاصطناعى من أجل خدمة الخطط الأمنية، وأنه تم ضبط أكثر من 415 مكتب حج وهمى، ولدينا فرق ميدانية مزودة بحقائب متنقلة تقدم الخدمات فى جميع المواقع تساعد فى التعرف على مجهولى الهوية، وإنه تم تطبيق العقوبات بحق مخالفى أنظمة الحج ضد أكثر من 75 ألفاً، كما تم ضبط 1239 شخصاً حاولوا نقل حجاج غير نظاميين. وذكر البسامى، أن الأمن العام أعاد 110 آلاف سيارة من مداخل مكة لحملهم حجاجاً غير مصرح لهم، حجز 5 آلاف مركبة مخالفة كانت تخطط لنقل حجاج دون تصريح، موضحاً أن الأمن العام السعودى فعّل نقاط أمنية ثابتة على مداخل مكة من أجل ضبط المخالفين. وشهد موسم الحج هذا العام تعزيز الإجراءات الوقائية من الحرّ، بعدما سُجّلت فى موسم العام الماضى 1301 حالة وفاة، مع وصول درجات الحرارة إلى 51.8 مئوية، وفق السلطات السعودية. وأعلنت السلطات تجنيد أكثر من 250 ألف موظف وتنسيق الجهود بين أكثر من أربعين جهة حكومية لمواجهة موجات الحرّ وفق ما أفاد وزير الحج توفيق الربيعة. ومن بين الإجراءات التى اتخذتها السلطات السعودية، هذا العام زيادة المساحات المظللة بخمسين ألف متر مربع ونشر الآلاف من الطواقم الطبية وتوفير أكثر من 400 وحدة تبريد. وتُعد منظومة التبريد داخل الحرم المكّى الأكبر من نوعها فى العالم، ويتم تنقية هواء التكييف داخل المسجد الحرام تسع مرات يوميا. ووفرت السلطات السعودية ممرات مُبرّدة للمشاة، بما فيها مسار اكتمل قبيل موسم الحج مباشرة بطول أربعة كيلومترات يؤدى إلى جبل عرفات، استعانت بتقنيات الذكاء الاصطناعى لمراقبة تدفّق الحشود وتحليل البيانات والصور، بما يشمل فيديوهات تلتقطها طائرات مسيّرة جديدة بهدف تعزيز الإدارة الميدانية للحشود فى مكة. وشنت حملة واسعة ضد الحج غير النظامى، تضمنّت مداهمات متكررة، ومراقبة عبر طائرات مسيّرة، وإرسال تنبيهات نصية. وفى شوارع مكة، وضعت السلطات على لوحات إعلانية كبيرة لافتة كُتب عليها بخط عريض لا حج بلا تصريح. ومن جهتها أكدت الهيئة العامة للإحصاء، أن إجمالى عدد الحجاج لهذا العام 1446 هجرى بلغ 1,673,230 حاجا وحاجة، من بينهم 1,506,576 حاجا وحاجة قدموا من خارج المملكة عبر مختلف المنافذ، بينما بلغ عدد حجاج الداخل من المواطنين والمقيمين 166,654 حاجًا وحاجة. وأشارت الهيئة فى نتائجها الإحصائية لموسم حج هذا العام، إلى أن عدد الذكور من إجمالى حجاج الداخل والخارج بلغ 877,841 حاجا، فى حين بلغ عدد الإناث 795,389 حاجة. كما بيّنت الهيئة تفاصيل طرق قدوم الحجاج من خارج المملكة، حيث وصل 1,435,017 حاجا وحاجة عبر المنافذ الجوية، فيما قدم عبر المنافذ البرية 66,465 حاجًا وحاجة، فى حين بلغ عدد القادمين عبر المنافذ البحرية 5,094 حاجًا وحاجة. وللمرة الأولى بعد اختتام موسم حج هذا العام، أطلقت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوى الشريف مبادرة إحرام مستدام لتعزيز الاستدامة البيئية فى المسجد الحرام وتقليل التلوث والتثقيف بأهمية إعادة التدوير والاستخدام، بالتعاون مع المركز الوطنى لإدارة النفايات، وتعمل هذه المبادرة على الاستفادة من فائض ملابس الإحرام والسجاد والشنط عبر جمع وفرز مخلفات منسوجات الحجاج، ثم إعادة تدويرها وتوزيعها وتأتي هذه المبادرة فى إطار الجهود المستمرة للحد من إنتاج النفايات، وتعزيز الوعى بأهمية الاستدامة والمحافظة على البيئة من قبل فرق متخصصة تعمل على تنفيذ هذه العمليات بطرق مبتكرة تسهم فى تقليل النفايات وتحويلها إلى منتجات مستدامة.