مسيرته الفنية قد تكون ليست بالطويلة بمقياس الزمن.. ولكنه استطاع أن يثبت أن العمل (الخالد) هو الأهم.. وترك لنا إرثا إبداعيا (صالح) للمشاهدة طوال الوقت.. فى كل مرة ينجح فى إبهارنا وكأنها أول مرة نشاهده على الشاشة.. إنه العملاق خالد صالح..الفنان الذى يحل علينا يوم 25 سبتمبر ذكرى وفاته الثامنة.. ولأنه ممثل صاحب بصمة (غير تقليدية) وعلامة مميزة فى تاريخ الفن المصرى والعربى.. فهو يستحق أن نتذكره ونسترجع سيرته ومسيرته. ولد الفنان خالد صالح فى أبو النمرس، محافظة الجيزة، ونشأ يتيمًا، حيث توفيت والدته وهو صغير ليلحق بها والده، تولى شقيقه تربيته وتخرج فى كلية الحقوق عام 1987، التى كان يمثل فى مسرحها أثناء دراسته ثم عمل سائق تاكسى بعد تخرجه فى كلية الحقوق، ثم سافر إلى الخليج لأجل العمل، وكان صالح يحلم أن ينشئ مصنع حلويات شرقية، حيث كانت له تجربة سابقة فى العمل بالحلويات مع شقيقه، وقام شقيقه برفده من المصنع لأنه لم يكن ملتزمًا بمواعيد العمل. بداية مشوار التمثيل عاد من الخليج ليعمل أدوار كومبارس فى المسرح من خلال المعهد العالى للفنون المسرحية، وكان يقوم بدور شخص يمر فى خلفية المسرح أثناء حديث الأبطال من دون أن يتحدث. ثم عمل فى مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية كمساعد مخرج. بدأ التمثيل من خلال مسرح الجامعة حيث درس الحقوق وتخرج فى جامعة القاهرة عام 1987 كما مثل فى مسارح الهواة مثل مسرح الهناجر فى دار الأوبرا المصرية لفترة طويلة، وكان هذا فى الوقت الذى كان يمارس فيه أعماله التجارية الخاصة، أول فيلم شارك فيه كان جمال عبدالناصر، من إخراج أنور القوادرى عام 1999، حيث جسد دور رجل المخابرات صلاح نصر بإتقان كبير ونجح فيه. وفى نفس العام، جسد شخصية مأمون الشناوى فى مسلسل أم كلثوم، إخراج إنعام محمد على ولاقى أصداء كبيرة. احتراف الفن نجاحاته فى هذه الأدوار جعلته يفكر باحتراف الفن جديًا والتفرغ له وهذا ما قام به منذ عام 2000 هو فى سن السادسة والثلاثين ولمع نجمه سريعًا وبرع فى أداء الأدوار المعقدة. شارك عام 2000 فى فيلم النمس مع الفنان محمود عبدالعزيز ونهلة سلامة ومن إخراج على عبدالخالق، عام 2001 قدم أربعة أفلام هي الحب مسرحية من 3 فصول، كرسى فى الكلوب، خلى الدماغ صاحى وشرم برم. كما قدم مسلسل نجوم فى سماء الحضارة الإسلامية ومسلسل الرقص على سلالم متحركة، وعام 2002 شارك فى فيلم النعامة والطاووس وفيلم محامى خلع كما قدم شباب أون لاين وهو سيت كوم، وفى العام التالى شارك فى فيلم ميدو مشاكل مع الفنان أحمد حلمى ومسلسل حكايات زوج معاصر. مسلسل محمود المصرى عام 2004 شارك فى مسلسل محمود المصرى ومسلسل الدم والنار كما شارك فى فيلم أحلى الأوقات، فى نفس العام شارك فى فيلم تيتو مع الفنان أحمد السقا ومن إخراج طارق العريان. تجاوزت إيرادات الفيلم فى دور العرض خلال ال16 أسبوعًا التى عرض فيها الفيلم حاجز ال11 مليون جنيه ليصبح بذلك الفيلم رقم 14 فى قائمة الأفلام المصرية من حيث الإيرادات. كما حصل خالد صالح على جائزة أفضل دور ثان فى فيلم تيتو من المهرجان القومى الحادى عشر للسينما عام 2005 وفى هذا الفيلم كانت انطلاقة الفنان خالد صالح الحقيقية. عام 2005 شارك فى مسلسل أحلام عادية كما قدم خمسة أفلام هى خالى من الكوليسترول، فتح عينيك، ملاكى إسكندرية وحرب إيطاليا، وفى العام التالى شارك فى 4 أفلام هى عن العشق والهوى، ثمن دستة أشرار، أحلام حقيقية وعمارة يعقوبيان، وعام 2007 قدم أول مسلسل كبطولة مطلقة وهو سلطان الغرام من إخراج شيرين عادل. وفى نفس العام لعب الدور الرئيسى فى فيلم هى فوضى من إخراج يوسف شاهين وخالد يوسف ونال استحسان النقاد لأدائه المتميز. كما ظهر فى فيلم حين ميسرة. تاجر السعادة عام 2008 قدم مسلسل بعد الفراق بالاشتراك مع الفنانة هند صبرى فى ثانى تعاون له مع المخرجة شيرين عادل كما قدم فيلم الريس عمر حرب من إخراج خالد يوسف، وقدم فيلم آخر أيام الأرض ومسلسل تاجر السعادة حصل على جائزة أحسن ممثل عن دوره فيه من مهرجان الإعلام عام 2009 وقد أهدى هذه الجائزة إلى زوجته هالة، وعام 2010 قدم مسلسل موعد مع الوحوش وفيلم ابن القنصل مع الفنان أحمد السقا وغادة عادل ومن إخراج عمرو عرفة. عام 2011 قدم مسلسل الريان وفيلم كف القمر من إخراج خالد يوسف. وكانت هذه هى المرة الثانية التى يقدّم فيها خالد دور صعيدى بعد تجربته فى مسلسل «موعد مع الوحوش»، شارك فى فيلم فبراير الأسود عام 2013 بالإضافة إلى مسلسل مشوار فرعون الذى عرض فى رمضان 2013، وعام 2014 شارك فى مسلسل «حلاوة الروح» وفى فيلم «الجزيرة 2» الذى عرض بعد وفاته. ورغم قصر المشوار الفنى لخالد صالح فإن أدواره تعتبر علامات مميزة ومن بينها «رفعت السكرى» فى فيلم «تيتو».. ضابط الشرطة الفاسد، الذى يحاول استغلال منصبه واستخدام «تيتو» فى تخليص صفقات غير مشروعة له، وكان هذا الدور هو البوابة الحقيقية للتعارف بين النجم الراحل خالد صالح وجمهوره الذى أشاد به فى تجسيد أدوار الشر. عمارة يعقوبيان «كمال الفولى» فى فيلم «عمارة يعقوبيان»..لعب شخصية وزير يرمز لفساد السلطة فى النظام السياسى السابق، بما فيها من السطوة والنفوذ، واعتبر الكثيرون ملامحه التى ظهر بها فى العمل تشبه أحد رموز نظام مبارك السابقين، ودور «ذكرى» فى فيلم «كف القمر.. «الابن الأكبر ل«قمر» ضمن أربعة أبناء أخرى، ترك بلدته وذهب للعمل فى القاهرة، ليعمل فى تجارة السلاح والمقاولات، وبرغم وصية الأم له برعاية إخوته خلال عملهم معًا، إلا أنه لا يدرك قيمة الوصية بسبب انشغاله بحصد المال. «فتحى» فى فيلم «الحرامى والعبيط»..لعب الراحل دور المُعاق العبيط الذى يستغله صديقه «صلاح روسى» الذى قدم دوره الفنان خالد الصاوى، فى الحصول على قرنيته ثم يبيع أعضاءه البشرية للكسب من ورائه، وتألق الراحل فى تقديم شخصية العبيط بما تحويها من لغة جسد خاصة كرعشة الأيدى أو «حول عينيه» وابتسامته البلهاء، وكأنه معاق حقيقى وليس مجرد فنان يؤدى دوره. فبراير الأسود قدم أيضا دور حسن فى «فبراير الأسود» وهو نوع من الكوميديا السوداء التى ترصد مأساة أسرة مكونة من أستاذ جامعى وعالم كيمائى يضيق بهما الحال، إلى أن يفكرا فى الهجرة خارج البلاد بسبب سوء الأوضاع بها،وقدم صالح الشخصية ب«أريحية» كبيرة جعلت من يشاهدها لا يشعر أنها مشاهد لتمثيلية بل إن حسن هو المواطن الذى يجلس بجواره فى الأماكن العامة. أمين الشرطة «حاتم أمين» فى فيلم «هى فوضى».. يعتبر الدور الأبرز للفنان خالد صالح فكان الشخصية المحورية التى تدور حولها الأحداث يستغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية له، ورغم امتلاكه لكل شىء لكنه يظل بعيدًا عن قلب جارته «نور» التى تفضل رجلًا آخر عليه يعمل وكيل نيابة، وبرغم ما سببته الشخصية من كره الكثيرين له بسبب وحشيتها إلا أنها زادت فى ميزان نجومية خالد صالح، هناك أيضا دور عادل القنصل» فى فيلم «ابن القنصل».. المزور الشهير الذى يحترف فى مجال تزوير الأوراق الرسمية، لكنه يقع فى قبضة الشرطة، ليخرج من سجنه رجلًا عجوزًا بعد سنوات عدة ويقع فى فخ ابن صديقه. سلطان الغرام على مستوى الدراما أبدع فى دور أحمد الريان فى مسلسل (الريان)..الشخصية الثرية صاحبة البلاط الاقتصادى الضخم فى الثمانينيات من القرن المنصرم «أحمد الريان»، فقد نجح الراحل فى تقديم الشخصية مانحًا إياها مذاقًا خاصًا بأدائه الذى جعل الكثيرين يتعاطفون مع صاحب القصة الحقيقة ويقعون فى غرامه، وكذلك دور سلطان فى مسلسل «سلطان الغرام».. الرجل المكافح الذى يبدأ من الصفر بعد عمله كسواق نقل، وينجح فى تكوين ثروة هائلة، ليتزوج بعدها 3 مرات، لكنه يتلقى ضربة قوية من زوجته الأخيرة بعد استيلائها على جميع أمواله وممتلكاته ويعود لنقطة الصفر. ونجح خالد فى هذا العمل فى خلق كيمياء، خاصة بينه وبين النجمات الثلاث التى قدمن أدوار زوجاته «لوسى، روجينا، مايا نصرى». أبدع أيضا فى تقديم دور «مصباح» تاجر الخواتم فى مسلسل «تاجر السعادة» جيث قدم شخصية الكفيف الذى فقد بصره وتحول بعد ذلك لصاحب كرامات مما يجعل الجميع يلتف حوله، وهو أحد الأدوار الصعبة شديدة الإتقان التى تنصب فى قائمة الشخصيات غير التقليدية التى قدمها الراحل، وبذل فيها جهدًا كبيرًا، الشيخ «جعفر» فيلم «الجزيرة2»..يعد آخر أدوار الراحل سينمائيًا، ولم يحالفه الحظ بمشاهدة فيلمه قبل الرحيل، جسد من خلاله شخصية «الشيخ جعفر» الجهادى التكفيرى الذى يتخفى فى ثوب رجل الدين، يتاجر بالسلاح ويريد احتلال الجزيرة بأى وسيلة. العمل الخيرى من المعروف أن الفنان خالد صالح يهتم جدًا بزيارة الجمعيات الخيرية ومراكز ذوى الاحتياجات الخاصة والمستشفيات، وكان يحرص فى كل بلد يزوره على زيارة إحدى الجمعيات الخيرية أو مراكز ذوى الاحتياجات الخاصة أو ما شبه حيث إنه يجد فى ذلك واجبا عليه أداؤه يمنحه راحة نفسية لا يجدها فى أى مكان آخر، ويرجع اهتمامه هذا بالأعمال الخيرية بفضل والده سيد صالح مدرس اللغة العربية الذى نشأه وإخوته تنشأة دينية إنسانية يحاول أن يخلدها عرفانًا لفضل والده كما يعمل جاهدًا فى السير على نهجه مع أبنائه حيث إنه يحرص على أن يقوم معهم بزيارات لملاجئ الأيتام أو مراكز ذوى الاحتياجات الخاصة كلما سنحت الفرصة وإن لم يشاركهم أحيانًا لانشغاله فهو دائمًا يحثهم على هذا. وتوفى الفنان الكبير صاحب المقولة الشهيرة «أنا بابا يلا» فى 25 سبتمبر 2014 على إثر مضاعفات عملية القلب المفتوح التى أجراها تاركًا رصيدا فنيا ومحبة فى قلوب الناس لا تمحى. 1 3
