رئيس جامعة طنطا: الجامعة تقدمت 103 مركزا في تصنيف US News    مواهب ذوى القدرات تحتفى ب «السيد المسيح» بالأوبرا    غداً.. خبر يسعد 4.5 مليون موظف من العاملين بالدولة لشهر يونيو 2025    وزير البترول يشارك في قمة «تحول الطاقة» في أثينا ويؤكد على أهمية التعاون الإقليمي    إعلام إيراني: تفعيل المضادات الجوية ضد أهداف معادية في سماء طهران    إيران تشيد بمبادرة مصر فى إصدار بيان عربي إسلامي يدين اعتداءات إسرائيل على طهران    ضربة موجعة للأهلي قبل مواجهة بالميراس.. إصابة جديدة تربك حسابات ريبيرو    محافظ الإسماعيلية يتابع أعمال إزالة عمارة آيلة للسقوط بمنطقة هدى شعراوي    هددتها بالهرب من المنزل.. أم تقتل ابنتها في إحدى قرى كفر الشيخ    شيرين رضا: أحب أغاني الهضبة التي كتبها لي.. وهذا شرطي للزواج مجدداً    أكاديمية الفنون تعرض الفيلم المصري الغنائي «أنشودة الفؤاد»    «من المخلفات.. فن» بالقومى للحضارة    مصطفى كامل يطرح رابع أغاني ألبومه الجديد «دنيا وقلابة» (فيديو)    القصة الكاملة لأزمة هند صبري بعد مطالبات ترحيلها من مصر    أستاذ علوم سياسية: الصراع الإسرائيلى الإيرانى قديم والتدخل الأمريكى "ورقة تهديد"    أول ظهور للفنانة إلهام شاهين فى المركز الكاثوليكى عقب عودتها من العراق    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الصحة: 20 % من عدد المواليد في مصر ناتجين عن حمل غير مخطط له من الأسرة    احذر| 3 ليال من قلة النوم قد تهدد قلبك دراسة تكشف آثارا مقلقة في الدم    بيريرا: لم أختر كل شيء في وجودي بلجنة الحكام.. والمجاملات كانت معيارًا أساسيًا    حسام حسن: "العميد" أسطورة يستحيل تكرارها.. ومصر تملك مهاجمين جيدين    تشكيل كأس العالم للأندية - مونتييل أساسي مع ريفر بليت.. ومهاجم وحيد ل أوراوا    نائبة التنسيقية: انتشار حفر الآبار العشوائي يهدد التربة والمحاصيل وثروات الدولة    وزير الصحة يعقد اجتماعا لمتابعة الموقف التنفيذي لميكنة منظومة التأمين الشامل    القوات المسلحة الإيرانية: سيتم تنفيذ العملية العقابية قريبًا    محافظ الفيوم يعتمد أكبر حركة تنقلات في الإدارة المحلية    واشنطن تحشد طائرات التزود بالوقود جوًا في الشرق الأوسط استعدادًا لتصعيد محتمل    براءة الفنان محمد غنيم بعد التصالح مع طليقته    هل تشتعل «حرب» عالمية ؟    "قصر العيني" يستقبل سفير الكونغو لتعزيز التعاون الأكاديمي في إطار تدشين البرنامج الفرنسي    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    مبابي مهدد بالغياب عن مباراة ريال مدريد ضد الهلال.. تقرير يكشف السبب    مجلس النواب يوافق علي خمسة مشروعات قوانين للتنقيب عن البترول    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    درة تحتفل بتكريمها من كلية إعلام الشروق    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    في أقل من شهر.. «المشروع X» يفرض نفسه في شباك التذاكر    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    شملت افتتاح نافورة ميدان بيرتي.. جولة ميدانية لمحافظ القاهرة لمتابعة أعمال تطوير حى السلام أول    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 16 ألف طالب وتدمير 111 مدرسة منذ بداية العدوان    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    الجيش الإسرائيلى يعلن مقتل رئيس الأركان الجديد فى إيران على شادمانى    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    مصر تبحث مع وفد مؤسسة التمويل الدولية (IFC) تعزيز التعاون ودعم أولويات الحكومة    الغردقة.. وجهة مفضلة للعرب المهاجرين في أوروبا لقضاء إجازاتهم    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء فى حياة الأنبياء النبى محمد.. وأول من صدَّقته: السيدة خديجة ثبات فى المواقف! "14"
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 10 - 10 - 2021

يرى البعضُ أن تعاليم الإسلام تنظر للأنثى نظرة دونية مقارنة بالذكر، وهى رؤية تأسَّست على فهم غير صحيح لآيات قرآنية، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف 19، (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) الطور 39، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى) النجم 21.
كانت خديجة بنت خويلد سيدة ذات شرف ومال، وكانت تعمل بالتجارة، وكان النبى محمد عليه الصلاة والسلام يرعى الغنم، ولكنه عمل معها وخرج فى تجارة لها إلى الشام مع غلامها مَيسرة، والذى رأى ما كان يتحلى به النبى من الصدق والأمانة والأخلاق، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى من أخلاق النبى، فرأت أنه الزوج المناسب لها، ولم يتزوج النبى غيرها فى حياتها، وقد توفيت السيدة خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين.
والروايات لا يمكن الاعتماد على الأعمار أو التواريخ التى جاءت بها، فالعرب لم يكن عندهم وقتها توثيق للمواليد ولا للزواج.
والتأريخ به الكثير من المبالغات؛ حيث بدأ التاريخ شفهيًا فى مجالس قصص يتداولها الناس تعتمد على الغريب والعجيب لإبهار المستمعين، وبمرور الزمن من عصر الصحابة إلى عصر الأمويين والتابعين تكاثرت الروايات وتناقضت، ثم جاء العصر العباسى بالتدوين لكل ما يقال.

سن السيدة خديجة
فمثلاً عن سنّ السيدة خديجة عندما تزوجها النبى عليه الصلاة والسلام، لم يكن هناك تسجيل للمواليد فى مكة حتى نعرف تاريخ ميلاد الطفلة خديجة بنت خويلد، ولذلك اختلفت الروايات فى تحديد عمرها عندما تزوجت النبى عليه الصلاة والسلام.
قال ابن هشام فى «السيرة»: «فلما بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمسًا وعشرين سَنة تزوج خديجة بنت خويلد»، ولم يذكر هنا سن السيدة خديجة، وقال ابن سعد فى «الطبقات الكبرى» أنها كانت فى الأربعين حين تزوجها النبى: «عن أبى حبيبة مولى الزبير قال سمعت حكيم بن حزام يقول تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وهى ابنة أربعين سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة».
ثم يذكر ابن سعد أن عمرها كان 28 سنة حين تزوجها النبى: «عن ابن عباس قال كانت خديجة يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة ثمانٍ وعشرين سنة»، ثم ينفى هذا الخبر ويقول أنها كانت فى الأربعين: «قال محمد بن عمر ونحن نقول ومن عندنا من أهل العلم إن خديجة وُلدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وإنها كانت يوم تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة».
فالروايات اختلفت فى سن أمّ المؤمنين السيدة خديجة عند زواجها بالنبى عليه الصلاة والسلام وأن عمرها كان بين 28 و40 سنة، ومع أنه توجد روايات للبيهقى والنيسابورى تدل على أنها كانت فى أواخر العشرينيات، إلا أن المفسرين أخذوا بروايات أوائل الأربعينيات.
زواج النبى من خديجة
وعن بداية تعامُل النبى مع السيدة خديجة فى الروايات نقل ابن هشام: (قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَمَالٍ. مَالِهَا وَتُضَارِبُهُمْ إيّاهُ بِشَيْءٍ تَجْعَلُهُ لَهُمْ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَوْمًا تُجّارًا؛ فَلَمّا بَلَغَهَا عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا بَلَغَهَا، مِنْ صَدْقِ حَدِيثِهِ وَعِظَمِ أَمَانَتِهِ وَكَرَمِ أَخْلَاقِهِ بَعَثَتْ إلَيْهِ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فِى مَالٍ لَهَا إلَى الشّامِ تَاجِرًا، وَتُعْطِيهِ أَفَضْلَ مَا كَانَتْ تُعْطِى غَيْرَهُ مِنْ التّجّارِ مَعَ غُلَامٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ مَيْسَرَةَ فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهَا، وَخَرَجَ فِى مَالِهَا ذَلِكَ وَخَرَجَ مَعَهُ غُلَامُهَا مَيْسَرَةُ حَتّى قَدِمَ الشّامَ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِى ظِلّ شَجَرَةٍ قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ مِنْ الرّهْبَانِ فَاطّلَعَ الرّاهِبُ إلَى مَيْسَرَةَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا الرّجُلُ الّذِى نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ؟ قَالَ لَهُ مَيْسَرَةُ هَذَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ؛ فَقَالَ لَهُ الرّاهِبُ مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ قَطّ إلّا نَبِيّ). ونقل الطبرى هذه الرواية عن ابن إسحاق.
الغريب فى الرواية قوله: (مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ قَطّ إلّا نَبِىّ)، فهل أدرك هذا الراهب كل الأنبياء؟، وهل كل الأنبياء جلسوا تحت هذه الشجرة؟، وماذا إذا جلس تحتها غير الأنبياء؟.
وتستمر الرواية: (فَلَمّا قَدِمَ مَكّةَ عَلَى خَدِيجَةَ بِمَالِهَا، بَاعَتْ مَا جَاءَ بِهِ فَأَضْعَفَ أَوْ قَرِيبًا. وَعَمّا كَانَ يَرَى مِنْ إظْلَالِ الْمَلَكَيْنِ إيّاهُ. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ امْرَأَةً حَازِمَةً شَرِيفَةً لَبِيبَةً مَعَ مَا أَرَادَ اللّهُ بِهَا مِنْ كَرَامَتِهِ فَلَمّا أَخْبَرَهَا مَيْسَرَةُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ بَعَثَتْ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ لَهُ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- يَا ابْنَ عَمّ. إنّى قَدْ رَغِبْتُ فِيك لِقَرَابَتِك، وَسِطَتِكَ فِى قَوْمِك وَأَمَانَتِك وَحُسْنِ خُلُقِك، وَصِدْقِ حَدِيثِك، ثُمّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ يَوْمئِذٍ أَوْسَطَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ نَسَبًا، وَأَعْظَمَهُنّ شَرَفًا، وَأَكْثَرَهُنّ مَالًا؛ كُلّ قَوْمِهَا كَانَ حَرِيصًا عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا لَوْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ)، هذه الرواية هى التى تمهد للزواج قبل النبوة، وكان وكيلا السيدة خديجة فى الزواج، عمّها عمرو بن أسد، وابن عمّها ورقة بن نوفل، ووكيل النبى عمّه أبو طالب.
سيرة السيدة خديجة
لأنها ماتت قبل الهجرة ولم تشهد دولة النبى محمد فى المدينة ثم الأحداث التى غيرت تاريخ العرب والعالم فيما بعد فإن التأريخ لها شابه الكثير من الأكاذيب التى تعكس ثقافة عصرها وغرام القُصّاص بالغريب والعجيب لإبهار المستمعين.
هى التى وَلدت كل أولاد النبى وبناته عدا ابنه إبراهيم.. قال ابن سعد: «فولدت له ولده كلهم إلا إبراهيم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وعبدالله، فأمّا القاسم وعبدالله فماتا فى الجاهلية وأمّا بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه».
ما فعلته خديجة جدير بسيدة اختارها القدر لتكون قرينة للنبى محمد عليه الصلاة والسلام، وموقف السيدة خديجة حين جاءها زوجها من غار حراء، حائرًا غريب النظرات، فترد إليه السَّكينة، وتضمه إلى صدرها قائلة: «إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضعيف، وتعين على نوائب الحق، فلن يخزيك الله أبدًا»، فاقت السيدة خديجة النساء والرجال إيمانًا.
تتفق كتب السيرة النبوية على أنها طلبت من الشاب محمد العمل فى تجارتها، ولما رأت حُسن أخلاقه وأمانته، تزوجته رُغم فقره لإعجابها بشخصه، فضّلته على أغنياء قريش الراغبين بالزواج منها، ثم كانت أول من آمن بدعوة النبى إلى الإسلام، صدّقته حين كذبه الناس، وأنفقت من مالها حين تفرغ لأمر الرسالة، لا يسمع شيئًا يكرهه أو يحزنه إلا فرج الله عنه بها.
حب حقيقى
وقفت خديجة مع النبى، وشاهدت ثباته وإصراره على الحق، فوقفت وعمّه أبوطالب مع الرسول بكل ما لديها من مال وجاه واقتدار، قاطعت قريش المسلمين وحاصرتهم، فلم تتوانَ خديجة فى الوقوف معهم، تخلت عن دارها لتمضى فى الشعب ثلاث سنين صابرة، تكابد الجوع والفقر والظمأ، وهى الغنية الشريفة، حتى تهاوَى الحصار.
خديجة هى الحب الأول الذى مازج قلب محمد، عاشت أيامه حلوها ومُرّها، قال عنها النبى الكريم: «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون».
لم يتزوج الرسول عليها غيرها حتى وفاتها، سُمّى العام الذى رحلت فيه هى وعمّه أبوطالب عام الحزن، كان يذكرها ويفضلها على سائر زوجاته، حتى إن السيدة عائشة قالت: «ما غرت من أحد من نساء النبى كما غرت من خديجة وما رأيتها، ولكن النبى يكثر من ذكرها»، قالت له يومًا: «كأنه لم يكن فى الدنيا إلا خديجة، قال النبى: إنها كانت وكانت، وكان لى منها ولد»، ورغم حبه الشديد لعائشة فإنه كان أشد حبًا لخديجة، صحيح أنها فارقت الحياة لكنها ما فارقته.
يروى ابن هشام فى سيرته، أنه عقب غزوة بدر أراد المشركون أن يفتدوا أسراهم، وكان منهم العاص بن الربيع زوج السيدة زينب ابنة الرسول، فأرادت زينب أن تفتدى زوجها، لعل الله يشرح صدره للإسلام، وبعثت فى فدائه بقلادة السيدة خديجة، فلما وقعت عينا النبى على القلادة استسمح أصحابه: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها مالها فافعلوا، فقالوا نعم يا رسول الله، ففعلوا».
أحيت قلادةُ السيدة خديجة ذكرياته عليه الصلاة والسلام، فهى قلادة لامست يومًا المرأة التى أعطته كل شىء، نفسها وجهدها ومالها، وتركت له كل شىء، فصارت رضى الله عنها قدوة لنساء العالمين.
فى السنة الثامنة من الهجرة، دخل النبى عليه الصلاة والسلام مكة، وأقام خيمته إلى جوار قبر زوجته خديجة، وكأنما يستعيد ذكرياته معها عندما قالت له: «لن يخزيك الله أبداً»، وقت أن كانا هما الاثنان فقط المسلمين، فهى أول من سجد لله بعد النبى.
لقد بلغ النبى عليه الصلاة والسلام الرسالة، وكان للنساء والرجال من حوله عونًا فى تبليغ الرسالة، وقبل كل هؤلاء تأتى السيدة خديجة زوجته، فقد كانت علاقتهما من الحب الراقى القادر على تحدّى الصعاب وصُنع المعجزات؛ للخروج من ظلام الكفر إلى نور الإيمان، ومن يأس الماضى إلى أمل المستقبل.
5


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.