كم ساءنى هذا الموقف وأشعرنى بالغضب والحرن.. حدث أمام ماكينة البنك الأهلى حين كنت أقوم بسحب مبلغ مالى.. ثم تحضُر سيدة مسنة عمرها يتجاوز ال 70عامًا.. ترتدى عباءة سوداء متواضعة وفى قدميها حذاء قديم متآكل.. بينما تقف بجوارها سيدة أربعينية جميلة طويلة تلفت انتباهى ملابسها الأنيقة المتناسقة وحقيبة يدها (البراند) مثل تلك الحقيبة التى رأيتها بالأمس فى أحد محلات الجلود الشهيرة وأردت أن أشتريها، لكننى تراجعت حين أخبرنى البائع أن ثمنها 800 جنيه بعد التخفيض؛ حيث تجاوز سعرها الأصلى الألف جنيه.. تقترب السيدة المسنة من ماكينة الصرف، بينما المرأة الجميلة الأنيقة التى تصطحبها كانت تبتسم لى وتقول: من فضلك ساعديها تسحب الفلوس من الماكينة.. أبادلها الابتسامة وأنا مندهشة فلماذا لم تساعدها هى؟!.. يبدو أنها تتعمد ألا ترى الرقم السرى الخاص بكريدت البنك ولا تريد أن تكون بجوارها وهى تسحب المال. فى البداية اعتقدت أنها ابنة السيدة المسنة، ولكن ربما الفارق فى مستوى الملابس جعلنى أنصرف عن هذا الاعتقاد.. من المحتمل أن تكون معرفة لها أو أن هذه السيدة كانت تعمل مربية لديها مثلاً لا أعلم ولكن أدهشنى موقفها. ساعدت السيدة على سحب المبلغ المالى الذى تريده والتى أخبرتنى أنه معاشها وقيمته 1600 جنيه.. وتشكرنى بحياء.. يذكرنى بحياء أمى رحمة الله عليها. وتنصرف السيدة المسنة بصحبة المرأة الأنيقة.. بينما يلفت انتباهى أنها لا تمسك بيد المسنة ولا تحمل عنها حقيبة سوق كانت تحملها ولا تساعدها رغم تعثر خطواتها.. أغادر الماكينة وأتجول قليلاً فى السوق التى تجاورها.. حيث كان الجو حارًا.. فأتوجه لمحل عصير وأطلب عصير القصب الذى أحبه.. كنت أجلس على مقعد أمام المحل حين لمحت السيدة المسنة التى كانت معى أمام ماكينة البنك منذ قليل تتوجه تجاه المحل وتبتسم لى وهى تقول: منورة يا بنتى.