«بناء الإنسان المصرى».. هو الشعار الأهم الذى وضعته الدولة فى خطتها الاستراتيجية «مصر 2030»، للارتقاء بالمواطن المصرى، وإعادة تغيير الأنماط الحياتية من خلال العديد من المحاور الرئيسية من أجل بناء أجيال قادرة على التعلُّم وإنتاج المعرفة؛ للنهوض بمصر ووضعها فى مصاف الدول الكبرى؛ معرفيًا، وإبداعيًا، واقتصاديًا. التعليم واحد من أهم المحاور التى تعول عليها الدول فى إعادة بناء الإنسان المصرى، ورغم قطع الحكومة شوطًا مهمًا فى تنفيذ مخططها الهادف إلى إحداث تغييرات جذرية فى منظومة التعليم فى مصر؛ سواء كان الأساسى أو الثانوى أوالفنى أوالجامعى فإن هناك العديد من التحديات لا تزال قائمة وتمثل عقبات، لعل من أبرزها الفهم المجتمعى لما يجرى تنفيذه فى واحد من أهم القطاعات المجتمعية. المناهج التعليمية «ثورة شاملة».. هو الوصف الأدق لما يحدث فى نظام التعليم المصرى، من خلال تنفيذ مشروعات متعددة لجميع مراحل المنظومة التعليمية، ولعل أبرزها نظام التعليم الجديد المطبق على مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثالث الابتدائى، بإجمالى عدد طلاب يصل إلى 8 ملايين، والذى تقوم فكرة تطوير المناهج فيه على 4 أبعاد: (تعلم لتكون- تعلم لتعرف- تعلم للعمل- تعلم لتتعايش مع الآخر)، فضلاً عن المهارات الحياتية والتحديات التى تواجه المجتمع المصرى والعربى والعالمى، والاتجاهات التربوية الحديثة، بهدف الارتقاء بشخصية المتعلم وإعداده للحياة. المشروع القومى للتعليم، الذى يجرى تنفيذه على مراحل التعليم، يشمل عملية تحوُّل كبيرة، ليس فقط مجرد تحديث لقطاع التعليم؛ وإنما صياغة تصور جديد للمجتمع التعليمى ككل ليصبح الطالب أكثر إقبالًا على التعلُّم والابتكار، وتهدف المناهج الجديدة فى المراحل الأولى من سنوات الدراسة التى وصلت للصف الثالث الابتدائى خلال العام الدراسى الجديد، لوضع النشء على بداية الطريق نحو مهارات المستقبل وتطوير الشخصية، من خلال تنمية مهارات الطلاب. وتركز مناهج النظام الجديد على مهارات الريادة، وتعزيز القيم الإيجابية، والنمو الشامل للمتعلم معرفيًا ومهاريًا، والتركيز على مهارات التفكير الناقد، وإتقان مهارات التعلم الذاتى المستمر، والتوازن بين تقييم المعارف، وإدماج التكنولوجيا فى المنهج الدراسى، وتعزيز المهارات الحياتية، وتعتزم وزارة التربية والتعليم تقييم التجربة، مع بلوغ الطلاب الصف الرابع بإخضاعهم لامتحانات دولية «osd» لمعرفة مستواهم الدراسى. الثانوية العامة التطوير لا يشمل المراحل الأولى فقط من التعليم؛ حيث تشهد المرحلة الثانوية تغيرات كبرى، فلأول مرة يتم لن يتم طباعة كتب للطلاب، من الصف من الأول حتى الثالث الثانوى، وسيتم إتاحة جميع الكتب والمواد التعليمية على التابلت (تم توفير ما يقرب من 1.8 مليون جهاز تابلت)، وإتاحة عدد من الوسائل التعليمية الأساسية وهى «نظام إدارة التعلم LMS.EKB.EG، مع إتاحة العديد من الوسائل المساعدة مثل: «القنوات التليفزيونية التعليمية، منصة البث المباشر للحصص الافتراضية، المكتبة الإلكترونية study.ekb.eg، منصة إدمودو Edmodo.org، ومكتبة الدروس الإلكترونية، وبرنامج اسأل المعلم، والكتب التفاعلية الإلكترونية». الثانوية العامة ستشهد كذلك عودة نظام التحسين بدءًا من العام الجديد، بما يتيح للطالب تحسين مجموعه مرة أخرى إذا لم يحصل على الدرجات من أجل الالتحاق بالكلية التى يرغب فيها، وفضلاً عن وضع نظم جديدة بديلًا عن شكل مكتب التنسيق الحالى، من خلال التوسُّع فى اختبارات القدارات المؤهلة لدخول الكليات. مدارس جديدة بالتوازى مع عملية تطوير المناهج، أطلقت الحكومة عددًا من المدارس الدولية، بأسعار مخفضة لتنافس بها المدارس الدولية، ومنها مدارس النيل، فضلًا عن افتتاح عشرات المدارس القائمة على تطبيق أنشطة التوكاتسو «المدارس المصرىة اليابانية»، والتى تعمل على بناء شخصية الطفل. وتتضمن مستهداف رؤية 2030 فى قطاع التعليم، حتى عام 2021 و2022 بناء 40 ألف فصل، و62 مدرسة يابانية، وتطوير 22 مدرسة من مدارس النيل كنموذج آخر من المدارس الحكومية المتميزة. ولم يتوقف التطوير عند فقط التعليم الأساسى والثانوى، بل شمل التعليم الفنى، من خلال إطلاق منظومة مدارس التكنولوجيا التطبيقية لربط الخريجين بسوق العمل؛ حيث تم البدء فى أكثر من 10 مدارس مرتبطة بشركات وقطاعات الصناعة تعمل على تدريب الطلاب بشكل فعلى ومنحهم فرصًا للالتحاق بسوق العمل. كثافات الفصول من أهم التحديات التى تواجه منظومة التعليم الجديدة، هى الكثافات الطلابية، فرغم قيام الدولة ببناء ما يزيد على 75 ألف فصل دراسى فى السنوات الست الماضية بتكلفة وصلت إلى 24 مليار جنيه؛ فإن التحدى لايزال قائما، خاصة مع تنامى البناء العشوائى. رئيس الوزراء أكد أنه لتقليل الكثافات الموروثة فى الفصول نحتاج لإنشاء 73 ألف فصل جديد بتكلفة 40 مليار جنيه حتى تكون الكثافة 40 طالبًا فى الفصل، مرجعًا الإشكالية فى العمران العشوائى فى مصر هو الذى يوجد به عجز المدارس ومشكلة الكثافة الكبيرة، مشيرًا إلى أن مصر لديها ما يقرب من 30 ألف مدرسة، تضم ما يقرب من نصف مليون فصل، ونتيجة للكثافة والتكدس، قد نجد مدرستين تتشاركان فى مبنى واحد لحل مشكلة الكثافات الموجودة، لافتًا إلى أنه طبقًا للعام المالى المنتهى 2019/2020 فإن لدينا أكثر من 23.5 مليون تلميذ فى مراحل التعليم قبل الجامعى. وأوضح رئيس الوزراء أن المشكلة الحقيقية لا تكمُن فى البناء فقط، فالدولة تستطيع إنجاز بناء 73 ألف فصل جديد وتوفير مبلغ ال 40 مليار جنيه المطلوبة لتنفيذ العدد من الفصول، ولكن الإشكالية الحقيقية تكمن فى ظاهرة حجم البناء العشوائى غير الرسمى الذى تم فى مصر على مدار ال 40 سنة الماضية، والذى يمثل نحو 50 % من العمران القائم فى مصر. القائمون على التعليم الحكومة فى إطار خطتها لتطوير التعليم، لم تغفل القائمين على المنظومة الذين يتجاوز عددهم ما يزيد على مليون معلم، من خلال التأهيل والتدريب على أحدث الحقائب التدريبية من خلال عدة برامج، منها برنامج المعلمون أولًا وتدريبهم على بنك المعرفة المصرى والتنمية المهنية واستخدام التكنولوجيا من خلال التابلت، بل تحسين المستوى المعيشى لهم. الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد خلال الأسبوع الماضى، أن المعلم والطبيب يقومان بأقدس مهمة تجاه الإنسان؛ المعلم يهتم بتعليم ووعى الإنسان، والطبيب بصحة الإنسان، ودعا الحكومة للعمل على تحسين أوضاع المعلمين قائلًا: «الإعفاء الضريبى هيكون 60 % للمعلم، وهيتحقق الكادر وهيزيد 12 %.. هل ده كفاية؟ ادرسوا الموضوع ده لتحسين أوضاع المعلمين لاتخاذ إجراء». المعلم، بحسب خطة وزارة التربية والتعليم، فى العام الدراسى الجديد أو منظومة التعليم الجديدة هو أساس العملية؛ حيث جرى تنفيذ 2,3 مليون دورة تدريبية للمعملين، إلى جانب تأهيل الكوادر من خلال شهادات دولية لرفع مستوى أدائه باعتباره الركن الأساسى فى العملية التعليمية. التعليم الجامعى لم يتوقف اهتمام الدولة عند التعليم الأساسى والثانوى بنوعيه فقط؛ بل وصل الأمر إلى التعليم الجامعى، باعتبار أن قضية التعليم والمعرفة تمثل الأمن القومى من أجل بناء أجيال قادرة على التعلم وإنتاج المعرفة لتنهض بالبلاد لتنضم لمصاف الدول الكبرى معرفيًا وإبداعيًا واقتصاديًا، وأن أبناء مصر يستحقون تعليمًا راقيًا يمكنهم من اكتشاف مهاراتهم، ما يساعدهم على العيش فى حياة ومستقبل كريم، لذا عملت الدولة على تحسين جودة نظام التعليم القائم بما يتوافق مع النظم العالمية. وتسعى الدولة لإنشاء 8 جامعات تكنولوجية حديثة كنموذج جديد ندخل به مجال التعليم الفنى، واستكمال إنشاء 10 جامعات حكومية وأهلية ، و100 كلية ومعهد حكومى والتوسع فى إنشاء أفرع للجامعات الدولية فى مصر. السنوات الست الماضية، شهدت تنفيذ أكثر من 45 مشروعًا لتطوير منظومة التعليم العالى من خلال التوسع فى الجامعات الحكومية والتكنولوجية والأهلية، بحيث يتوافر فى كل محافظة جامعة واحدة على الأقل، حيث أصبح لدينا الآن 27 جامعة حكومية فى 27 محافظة. وبدأت مصر فى إنشاء الجامعات الأهلية، التى تقوم فكرتها على تقديم أعلى مستوى من التعليم الجامعى، بالتنسيق والتوأمة مع جامعات دولية أخرى. سوق العمل بالإضافة إلى جميع البرامج التى تتضمنها البرامج التعليمية من أجل تأهيل الشباب لسوق العمل، تعمل الدولة على إطلاق العديد من المبادرات، وهو ما كشفه عمرو طلعت وزير الاتصالات الذى أكد تنفيذ الوزارة عددًا من المبادرات والمشروعات فى مجال التنمية البشرية والذى تسعى من خلالها للاضطلاع بمسئوليتها فى بناء الإنسان المصرى، من أجل تأهيل الشباب فى المنافسة بفاعلية فى سوق العمل المحلية والعالمية من خلال فرص تدريبة وتعليمية تؤهله لكى ينافس بفاعلية وبقوة وبكفاءة فى سوق العمل. المبادرات تسعى لبناء قاعدة عريضة متعمقة فى تخصصاتها فى جميع أطياف علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ بحيث تبنى مجتمعًا رقميًا مؤسسًا على العلم والتكنولوجيا وتحقيق (مصر الرقمية) التى نصبو جميعًا إلى بنائها، حيث تم تدريب 115 ألف شاب بتكلفة إجمالية تصل إلى 400 مليون جنيه.