يلعب الفن دورًا كبيرًا فى نشر الوعى ودعم الثقافة المجتمعية؛ بل إنه يعيد تشكيل الصورة الذهنية للعديد من فئات المجتمع؛ لذلك انطلقت العديد من الدعوات حول إبراز دور الفن فى تمكين المرأة وتغيير نظرة المجتمع، وهو ما بدأته «ساندار منير»، التى أطلقت تحدى الرسم بالريشة والألوان، دعت فيه الفنانين والفنانات لرسم صورة إيجابية للمرأة المصرية وهى تمارس حياتها طبيعية، من حيث ركوب المواصلات، العمل على تاكسى، أو كمديرة أحد التخصصات. شارك فى التحدى العديد من الفنانات، من خلال عرض لوحاتهن عبر «هاشتاج» خاص حمل عنوان «معًا لتمكين المرأة»، تمكنت ساندرا من خلاله بعمل معرض فنى «أون لاين» للفنانين والفنانات المشاركين بعرض أعمالهم الخاصة بالمشروع. ساندرا التى تبلغ من العمر 22 عامًا. تدرس فى كلية الفنون الجميلة، وتعمل فى صناعة الرسوم المتحركة منذ أن كان عمرها 18 عامًا، شاركت العام الماضى فى ورشة عمل لصناعة البوسترات posters حول تمكين المرأة مع الفنانة «نوريا تمارت» فى مكتب التعاون الإسبانى بالقاهرة وكذلك بمهرجان كايرو كوميكس. تمكّنت ساندرا خلال تلك الفترة، من تصميم بوسترات مميزة تم عرضها فى مارس 2019 بالمركز الثقافى الإسبانى «سرفانتس» فى يوم المرأة، الذى حضره السفير الإسبانى بالقاهرة، كما شاركت فى حلقة نقاشية حول الفن وكيفية تمكين المرأة؛ حيث ألهمها الحدث على اتخاذ خطوات نحو التغيير وتمكين المرأة، خاصة خلال الأحداث الأخيرة فى مصر، وتسعى بعد انتهاء التحدى إلى عرض اللوحات على موقع Behance ماجدة تحلُم بالطيران اللوحة الأولى فى المعرض، كانت تعبر عن ماجدة مالك، أول فتاة مصرية مُصرح لها قيادة طائرة ضخمة من طراز 777-300، وهى كبرى طائرات الأسطول المصرى للطيران، ولا تنافسها سوى 20 فتاة أخرى، فرغم عمل والدها كطيار؛ فإنه كان رافضًا لعمل ماجدة فى المجال لفترة طويلة، وطلب منها الالتحاق بأى كلية تقليدية، لكنها لم تهتم بالرفض، وقررت خوض المجال الذى حلمت به منذ الصغر، فالتحقت بمجال إدارة الأعمال، ثم معهد الطيران، وخلال سنوات قليلة تمكنت من تحقيق حلمها، والتحليق لمدة 3400 ساعة، ولاتزال تستمر فى كسر حواجز الخوف حولها. هياباتيا السكندرية لوحة ساكنة، ذات ملامح بسيطة، وتعبيرات هادئة، كانت تحمل عنوان «هياباتيا السكندرية»، أول امرأة فى التاريخ يلمع اسمها كعالمة رياضيات، كما كانت كاتبة ومخترعة وفيلسوفة وعالمة فلك ورياضيات؛ حيث عاشت هيباتيا فى مصر الرومانية، وتحديدًا بالإسكندرية، وتوفيت على يد حشد من الأقباط، إعدامًا بالسلخ بعد اتهامها بممارسة السحر والإلحاد والصراع الدينى ومقتلها يُعدّ نهاية العصر الكلاسيكى القديم. ندعم الجميع شيرين أحمد – إحدى الفنانات المشاركات فى التحدي- أرادت التعبير عن الفتيات اللاتى تنتمى إليهن، وهن المحجبات، وعما يواجهنه فى حياتهن اليومية، تقول: «لم يكن مجرد تحدى رسم بالنسبة لى، لكنها فرصة للتعبير عن معيشة الفتيات والسيدات يوميًا، ولا يتحدث عنهن أحد، إضافة لانتشار صور خاطئة عن الفتاة المصرية، وهى صورة لا تشبهنا، فأردت أن أظهر الشكل الأقرب للبنت المصرية». رسمت شيرين فتيات محجبات، ذوات ملابس تشبه الشارع المصرى دون تأثيرات أو ألوان على الوجه تخفى حقيقة ما قد تعانى منه الفتاة، فقط قررت أن تظهر الشكل العادى البسيط للفتيات، بعيدًا عن تلون السوشيال ميديا. سيدة تشبهنى أما رنا محمود فحاولت المشاركة فى التحدى منذ الانطلاقة الأولى، لكنها لم تكن على دراية كافية بالفكرة التى يمكن أن تقدمها عن السيدة المصرية: «حاولت البحث عن تعبيرات مصرية، أشارك بها، بحثت فى الوجوه حولى، لكننى تعثرت قليلًا». وتابعت: بدأت بالمباردة فى الرسم، وحاولت مرارًا، حتى تمكنت من رسم وجه سيدة، شعرت أنها تشبهنى، أو أريد أن أكون أنا أشبهها، لكننى سعيدة بالنتيجة النهائية للرسمة. هبة راشد تقديرًا لما قدمته خلال فترة ذروة انتشار مرض كورونا، قرر لؤى أحمد رسم «هبة راشد» مؤسسة إحدى الجمعيات الخيرية، التى ساعدت مرضى كورونا المنعزلين فى منازلهم خلال الفترة الماضية، إضافة للمساعدات العادية التى قدمتها لمن لا مأوى لهم، والمشردين. يقول لؤى: «الفتاة مكانها ليس المطبخ، الفتاة لها مكانة عظيمة، دورها أعظم بكثير مما يحاول البعض حصرها فيه، السيدات قادرات على المشاركة فى كل شيء، وحتى إن دخلت الفتاة المطبخ مثلما يُشاع، فهو من أجل إطعام الآخرين، وهو عمل عظيم أيضًا لا يقلل من شأنها». سارة عصام اللوحة الأبرز من بين اللوحات المعروضة، كانت لوحة لاعبة كرة القدم المحترفة فى الدورى الإنجليزى سارة عصام، أو كما لُقبت «محمد صلاح فريق السيدات»، تقول ساندرا منير عن اللوحة: «سارة كان نفسها تلعب كرة مع أخيها، وبدأت تلعب ضربات الجزاء مع مجموعة من الأولاد. مع الوقت اكتسبت مهارات جديدة فى التنافس مع الأولاد لغاية ما بقت أشطر منهم، بتقول سارة إنه كان شعورًا جميلًا إن الأولاد يعترفون بقدرتها فى كرة القدم، خاصةً فى مجتمع يعتبر كرة القدم «لعبة للأولاد». وتابعت: «واجهت سارة بعض الصعوبات مع أهلها اللى كانوا بيعتقدوا إن بيئة كرة القدم مش هتكون مناسبة لها. سارة بذلت جهدا كبيرا فى كرة القدم بس متخلتش عن دراستها الجامعية. مع إن ناس كتير بيقولوا صعب إنها توفق ما بين كرة القدم والجامعة بس هى خدت التحدى وبتدرس حاليًا هندسة مدنية فى إنجلترا.» فاطمة إسماعيل الفنانة سلمى محمود، شاركت فى المعرض برسم الأميرة فاطمة إسماعيل، وعرضت لوحتها، وتقول عن سبب الاختيار: «كانت لا بُد من تكريمها بشكل ما، فهى اهتمت بالثقافة والعلم لكنها لم تتمكن من دخول الجامعة لمنع الفتيات فى هذا الوقت من الالتحاق بالجامعة، إلا أن الحلم تحقق بطريقة أخرى عندما قررت الأميرة فاطمة إسماعيل التبرع بقطعة أرض لبناء أول جامعة مصرية. وتابعت: ترجع النهضة التى شهدتها مصر فى النصف الأول من القرن العشرين لتأسيس أول جامعة بها. تعود القصة حين حاول المصريون تأسيس جامعة، ففى البداية تم عمل اكتتاب شعبى لجمع التبرعات من أفراد الشعب المصرى، بدءًا بالأثرياء والوجهاء وانتهاءً بتلاميذ المدارس إلى جانب بعض الدعم المقدم من خديو مصر عباس الثانى، وبالفعل تم استئجار مبنى مؤقت ولما عجزوا عن سداد إيجاره، تم استبداله بمبنى آخر كمقر مؤقت للجامعة، وظل المشروع يعانى من مصاعب مالية لما يفوق السنوات العشر. وقررت الأميرة فاطمة إسماعيل التبرُّع بقطعة أرض شاسعة تملكها فى الجيزة لبناء مقر دائم للجامعة عليها، وتبرعت أيضا بمعظم ما تملكه من مجوهرات للإنفاق على إنشاءات الجامعة، ولكى تضمن الأميرة فاطمة استدامة المشروع أوقفت عليه 600 فدان من أطيانها لتغطية نفقاته السنوية.