تلقت جماعة الإخوان الإرهابية عددًا من الضربات الموجعة خلال الساعات الماضية إقليميًا وعالميًا.. ففى تونس تم سحب الثقة من رئيس البرلمان الإخوانى راشد الغنوشى، كما أقال رئيس الوزراء التونسى إلياس الفخفاخ جميع وزراء حركة النهضة الإخوانية، فيما قررت الأردن حل الجماعة بشكل نهائى وفق حكم قضائى، بينما أعلنت النمسا عن خطة لمراقبة وملاحقة الإخوان والتنظيمات الإرهابية.. تلك الصفعات المتتالية على وجه المشروع الإخوانى وتنظيمه الدولى جعلته أمام مجموعة من الانكسارات القوية لم يتلقها التنظيم منذ الإطاحة به فى مصر عقب ثورة 30 يونيو المجيدة 2013، ما يبشر بسقوط مدوٍ للإخوان فى عدد من الدول. عزلة وانهيار فى تونس، قرر رئيس الحكومة التونسية المستقيل، إلياس الفخفاخ، مساء الأربعاء الماضى، وباعتباره رئيسا لحكومة تصريف الأعمال، إقالة جميع وزراء حركة النهضة وإعفاءهم من مناصبهم.. وهم وزير الدولة للنقل واللوجستيك، ووزير الصحة، ووزير الشئون المحلية، ووزير التجهيز، ووزير التعليم العالى والبحث العلمى، ووزير الشباب والرياضة.. الأمر الذى يزيد من عزلة وانهيار حركة النهضة الإخوانية فى تونس، حيث تتصاعد المعارضة السياسية لها، بعد توحيد كلمة الجبهات السياسية المعارضة لتوجهاتها الفكرية ولأداء رئيسها راشد الغنوشى على رأس البرلمان التونسى.
وبالفعل وجدت حركة النهضة نفسها مؤخرًا فى وضعية الكيان السياسى المنبوذ من جميع الأطراف الفاعلة فى تونس، بدءا من رئاسة الجمهورية، فالأحزاب البرلمانية، ثم المنظمات التونسية الكبرى، وهو ما تم تتويجه بإيداع لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسى راشد الغنوشى، أول أمس الخميس، بمكتب مجلس النواب، وذلك بعد وصولها للنصاب القانونى اللازم لمثل هذا الإجراء.
وأودعت عريضة سحب الثقة من الغنوشى، من قبل ثلاث كتل هى: تحيا تونس والكتلة الديمقراطية وكتلة الإصلاح، إلى جانب الحصول على تواقيع من نواب كتل أخرى ومستقلين، ليصل تعداد الإمضاءات إلى 73 صوتًا، ليؤكد العديد من النواب فى البلمان التونسى أن المشهد السياسى بدأ يتبدل ضد حركة النهضة، وأن المستقبل فى تونس يجب أن يبنى دون مشاركة النهضة، حتى أن رئيسة كتلة الدستورى الحر التونسية عبير موسى، أكدت أن تحرير تونس مما أسمته «أخطبوط الإخوان» ينطلق بسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشى، وقالت فى فيديو نشرته على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك»، إن «أجمل هدية نقدمها للتونسيين فى عيد الجمهورية يوم 25 يوليو القادم هى «ألا يكون راشد الغنوشى رئيسا للبرلمان»، وذلك عن طريق سحب الثقة منه. ووصفته ب«زعيم الإخوان والداعم الرئيسى للإرهاب».
وكان الغنوشى قد خضع فى أقل من عام على انتخابه لقيادة برلمان تونس، إلى جلستين للمساءلة حول تحركاته الخارجية فى محيط الدول الداعمة والموالية لتنظيم الإخوان ومحاولاته الزج بالبلاد فى لعبة المحاور، وتعمقت خلال تلك الفترة الأزمة السياسية وتوسعت دائرة الخلافات الحزبية والصراعات، خاصة بعد تكرار تجاوزات الغنوشى وفشله فى إدارة المؤسسة التشريعية الأولى بالبلاد، وتحوله إلى مصدر توتر وخلافات داخلها، بل وقفزة على صلاحيات رئيس الجمهورية ومحاولته لعب دور خارجى لتنفيذ أجندة تنظيم الإخوان.
وكعادتها فى التهديد والتلويح بممارسة العنف، ومع اتساع رقعة العزلة الإخوانية فى تونس، بدأت قيادات النهضة التلويح باستخدام العنف والنزول للشارع، حيث دعا نور الدين البحيرى، رئيس كتلة الإخوان البرلمانية، أنصاره إلى الاستعداد للمواجهة، وهو ما اعتبره مراقبون دعوة إلى استخدام العنف ضد خصوم النهضة بعد تضييق الخناق عليها ونبذها، ووصولها لحافة الهاوية.
حل الجماعة
ضربة ثانية فى نفس التوقيت تلقتها الجماعة الإرهابية وكانت هذه المرة فى الأردن، حيث قررت السلطات القضائية الأردنية، الأربعاء الماضى، حل جماعة «الإخوان المسلمين» فى المملكة بسبب «عدم تصويب أوضاعها القانونية» فى البلاد.. وأصدرت محكمة التمييز الأردنية، وهى أعلى سلطة قضائية فى البلاد، «قرارا حاسما يقضى باعتبار جماعة الإخوان منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين الأردنية».
ويأتى قرار حل إخوان الأردن بمثابة ضربة سياسية قاضية للجماعة، خاصة أنه يأتى قبل موعد إجراء الانتخابات البرلمانية الأردنية حيث ان ما حدث فى تونسوالأردن وفى توقيت متزامن يشير إلى أن الشعوب العربية باتت تلفظ هذا التنظيم وتكشف زيفه وأنهم يطبقون مبدأ مغالبة لا مشاركة ما يعنى هزيمتهم فى أى استحقاق انتخابى قادم.
خطة مراقبة
أعلنت - كذلك - الحكومة النمساوية، الأربعاء الماضى، عن خطة لمراقبة وملاحقة الإخوان والتنظيمات الإرهابية، وغيرها فى البلاد.. وأسست النمسا مركز توثيق الإسلام السياسى، على غرار مركز توثيق اليمين المتطرف، وخصصت ميزانية مبدئية نصف مليون يورو للمركز الذى يتولى المراقبة، بما يشمل المساجد ومواقع التواصل الاجتماعى، ويأتى ذلك بعد أسابيع من مهاجمة مجموعة من تنظيم الذئاب الرمادية المتطرف، ذراع رجب طيب أردوغان، مظاهرة للأكراد واليساريين كانت تندد بالفاشية، فى فيينا، ما أدى لاندلاع اشتباكات بالحجارة وزجاجات المياه، وأحداث شغب واسعة، أصيب خلالها عنصرى شرطة.
ويخضع مركز توثيق الإسلام المتطرف لإدارة وزارة الاندماج، ويحظى بدعمها الكامل، وبهيئة استشارية تضم خبراء أبرزهم لورينزو فيدينو، أهم باحث غربى فى شؤون تنظيم الإخوان ورئيس مركز التطرف بجامعة جورج واشنطنالأمريكية، وفق ما أعلنته وزيرة الاندماج سوزان راب، ووفق راب، تشمل مهام المركز الجديد البحث العلمى فى ملف الإسلام السياسى، وتسليط الضوء على الجمعيات والتنظيمات المتطرفة، ورسم خرائط واضحة لشبكاتها، والكشف عن المنظمات التى تتبع «أيديولوجيات خطرة» أو تخضع لتأثير محتمل من الخارج، وأوضحت راب أنه «من المقرر أن يراقب مركز التوثيق الجديد الأيديولوجيات الراديكالية فى المساجد وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعى».
وأضافت أن هذا المركز «نقطة تحول فارقة فى مواجهة التطرف»، مضيفة: «الأمر لا يتعلق بالإسلام كدين، وإنما بالأيدلوجيات المتطرفة التى تهدد المجتمع تحت ستار الحرية الدينية». ومن المقرر أن يبدأ المركز عمله الخريف المقبل على أبعد تقدير أى فى خلال أقل من شهرين، وعلى غرار «أرشيف وثائق المقاومة النمساوية» المعنى بتوثيق جرائم وتحركات اليمين المتطرف والنازيين الجدد، فإن مركز توثيق الإسلام السياسى سيكون مؤسسة مستقلة مدعومة مباشرة من الحكومة النمساوية، ويتولى نشر كتب ومقالات وأبحاث جديدة، وأرشفة المنشورات الحالية، المتعلقة بالإسلام السياسى، والتنظيمات الإسلامية المتطرفة، ومن المنتظر أن يركز المركز عمله على جماعات الإخوان، وحزب الله اللبنانى، والذئاب الرمادية التركية وغيرها من التنظيمات المتطرفة.
وفى فرنسا أكدت وسائل الإعلام الفرنسية أن جماعة الإخوان يتنامى نشاطها بشكل ملحوظ، وباتت تمثل خطرًا داهما على أمن فرنسا، موضحة أن سلوكيات تنظيم جماعة الإخوان والمنظمات التابعة له فى باريس تمس جميع الأقاليم الفرنسية وخاصة فى الغرب، الذى خرجت بعض المناطق من سيطرة الحكومة، بحسب محطة «بى.إف.إم» الفرنسية، كما سلطت صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، الضوء على أن جماعة الإخوان فى فرنسا يقدر عددهم بما يقارب 50 ألفًا، مشيرة إلى أنهم جماعة متطرفة ورفضوا المثول أمام البرلمان للرد على اتهاماتهم بالإرهاب، لافتة إلى أن الهجمات الإرهابية التى نفذت فى فرنسا منذ العام 2015 قدر أعداد الضحايا بما يقارب 250 شخصًا.