الكوميديان ليس بالضرورة ألا يكون فنانا جادا. بل من المفترص أن يكون هو الأكثر جدية بين الفنانين الآخرين. السبب أنه يصنع إبداعه فى المنطقة الأخطر والأصعب بين كل النوعيات الدرامية.. فصناعة الضحك أمر ليس بالهين. واستمرار نجومية الكوميديان دائما ما تكون على المحك، كما لو أنه يسير على حبل مشدود، فأى خطوة غير محسوبة من الممكن أن تسقط به إلى الهاوية.. «شيكو» أحد نجوم الثلاثى الكوميدى «هشام وفهمى وشيكو» والذين ظهروا منذ أكثر من عشرة أعوام.. «شيكو» تحديدا يمتلك المواصفات الشكلية للممثل الكوميدي. ومع ذلك فإنه لم يستخدم هذا الشكل فى أعماله ليكون وسيلة للضحك.. كما أنه يتمتع بأهم مميزات الكوميديان الناجح. خاصة فى عدم محاولته لخطف الأضواء لحسابه أو الاستحواذ على المساحة الأكبر فى الأعمال التى يقدمها. أيضا يعتبر من فنانى الكوميديا القلائل الذين لا يعتمدون على إلقاء الافيهات.. عن سر هذا وأسرار أخرى يتحدث الكوميديان الجاد «شيكو» فى السطور القادمة..
تعود بمسلسل (اللعبة) منذ آخر ظهور لك عام 2017 فى مسلسل (خلصانة بشياكة).. لماذا غبت هذه الفترة رغم أن الأعمال الكوميدية أصبحت هى الأكثر انتظارا من الجمهور؟
- تغيبنا عام 2018 لانشغالنا بفيلم (قلب أمه). أما فى 2019 فقد كان من المفترض عرض مسلسل (اللعبة) فى رمضان. لكن لأسباب أو مشاكل لا أعرفها بالتحديد تم استبعاد المسلسل من العرض فى رمضان.. طبعا تسبب هذا فى إزعاج وحزن شديدين. وكان شيئا سخيفا، لأننا كنا نعمل على أساس أنه سيتم العرض فى توقيت معين وكان هناك ضغط فى العمل وفجأة قبل رمضان بخمسة عشر يوما علمنا أن المسلسل لن يعرض لدرجة أنه كان متبقى 10 أيام تصوير من شدة استيائنا لم نستكملها، وفى شهر أغسطس الماضى استكملنا التصوير وأصبح المسلسل جاهزا للعرض. الغياب أيضا يعود لسبب آخر هو أن كتابة أعمالنا سواء للسينما أو التليفزيون تأخذ وقتا طويلا جدا، سواء كنت و «هشام ماجد» نكتب بأنفسنا أو يقوم بالكتابة آخرون. لكننا بحكم أننا كُتاب نحاول أن يخرج النص فى أفضل صورة ممكنة للناس.. بمعنى أن معظم الفنانين يقدمون أعمالهم من المسودة الأولى أو الثانية لكننا ندخل التصوير بالمسودة السادسة مثلا أو السابعة لأن النص يأخذ وقتا طويلا حتى يكون منضبطا تماما لذلك نكون متأخرين فى خطواتنا لكننا نحسبها دائما بشكل صحيح.
هل أزعجك عرض المسلسل على منصة قبل عرضه فى رمضان، وما رأيك فى أن المسلسل رغم عرضه من قبل تمكن من المنافسة فى رمضان هذا العام؟
- من حُسن حظنا أن ربنا عوضنا لأننا شعرنا بالظلم العام الماضي. فعندما عرض المسلسل على منصة (شاهد)، «كسر الدنيا» لدرجة أنهم أعادوا افتتاح التطبيق الجديد به. كما أن ظروف العرض كانت غريبة وجاءت فى صالحنا حيث نال المسلسل نسبة مشاهدة عالية جدا بسبب ظروف الكورونا والحظر فالناس كانت فى البيوت طوال الوقت فحتى المنصة التى كانت باشتراك تم إتاحتها مجانا. فتمت مشاهدة المسلسل بشكل غير طبيعي. وعند عرض المسلسل فى رمضان حقق نسب مشاهدة عالية جدا وأصبح من الخمسة الأوائل. ورقم واحد فى الكوميدى وهذا شيء جميل أسعدنا جدا.
على غير عادة المسلسلات الكوميدية يبتعد مضمون (اللعبة) عن استخدام الإيفيهات ويعتمد أكثر على كوميديا الموقف. هل كان هذا متعمدا؟
- كل أعمالنا تكون بهذا الشكل، أنا كممثل كوميدى أخاف من إلقاء الإفيهات حتى الآن. لأن الإفيهات لا تعيش كما يعيش الموقف الكوميدى الذى يجعل الناس تشاهد العمل مرة واثنين وعشرة وتضحك فى كل مرة. فالموقف لا يبنى على كلمة من الممكن أن تصير قديمة بعد فترة قصيرة، ولهذا يسير مسلسل (اللعبة) بشكل جيد لأنه لو كان يعتمد على الإفيه، وتم تصويره العام الماضى أو مكتوب بطريقة الاسكتشات «كان بقى فضيحة» لأنها كانت ستكون قديمة والضحك بها مرتبط بلحظة معينة. مثل هذه الاشياء ليست مدرستنا منذ بداية ظهورنا، فنحن نرسم الشخصيات والمواقف ولو الجمهور صدق الشخصية سيضحك عندما يتم وضعها فى موقف غريب أو خاطئ. مثلا شخصية «وسيم» فى (اللعبة) هو شخص سمج، يفصل بين علاقته بزوجته فى العمل والبيت وهذا وحده يدفع للضحك. مثل هذه المواقف تجعل الكوميديا أعلى وأفضل وتستمر أطول.. والجمهور يرتبط بالأشياء التى لها خط درامى حتى وإن لم يضحك الجمهور طوال الوقت فهو فى النهاية يشاهد شيئا مشوقا، له بداية ونهاية ودراما منضبطة وشخصيات تتعرض لمختلف المواقف وعلاقات تتطور وهذا ما سوف يجعل الناس تشاهد المسلسل أكثر من مرة. وهذا نفس ما حدث مثلا فى أفلام (سمير وشهير وبهير والحرب العالمية الثالثة) فقد استمرت لأنها لم تعتمد على حدث ما فى وقتها. وإنما اعتمدت على المواقف والشخصيات وهذه هى الكوميديا الصحيحة والمدرسة التى أحب أن أنتمى إليها.
كانت الألعاب سببا فى إزعاج للناس فى فترة ما. هل فكرة (اللعبة) جاءت بهدف توجيه تحذيرا لجمهوركم وأغلبه شباب وأطفال؟ وهل الأعمال الكوميدية من الممكن أن تبعث رسائل توعية للجمهور؟
- المسلسل لا يهدف لتوجيه تحذير للجمهور، (اللعبة) هنا بدأت بين اثنين واستخدام فكرة الجهاز الإلكترونى جاءت لأسباب درامية وفيما بعد سنجد أن (اللعبة) أثرت فى وأفسدت حياتهم إلى حد ما. وطبعا الأعمال الكوميدية التى تحمل رسائل يكون لها تأثير أقوى من الدراما العادية. وإن كان الجمهور المصرى لديه وجهة نظر عن الممثلين بأنهم لا يصلح أن يعطوا رسائل. بسبب فكرة الناس عن حياة الممثلين أنها رغدة ويعيشون فى ثراء وربما حدث هذا بسبب بعض نماذج من الممثلين الذين يصدروا صورة عن حياتهم بهذا الشكل للناس. لكن هناك ممثلون حياتهم عادية وأخلاقهم جيدة وعائلاتهم محافظة. لذلك الأعمال الكوميدية – تحديدا – هى التى تصلح أكثر من غيرها لأن يكون بها توعية. فقد قدمت مع «أحمد فهمى وهشام ماجد» برنامج كوميدى اسمه (الفرنجة) وكان يحمل رسائل توعية كبيرة للجمهور، من خلال مناقشتنا لسلوكيات خاطئة ومقارنتها بالدول الأوروبية بهدف دعم الوعى والحفاظ على بلدنا لتكون فى أفضل صورة.
قبل دخولك عالم الفن كنت تعتمد مع «هشام ماجد وأحمد فهمى» على نوعية كوميديا «البارودى» أو إعادة تقديم المشاهد الجادة فى الأفلام والمسلسلات بشكل كوميدي. رغم ذلك لم نر فى أعمالكم اللاحقة للسينما أوالتليفزيون هذا الشكل رغم انتشاره الكبير فى الأعمال الكوميدية مؤخرا. لماذا؟
- «البارودى» فعلا هو النوع الذى قمنا بالتمثيل من خلاله فى أعمالنا المبكرة التى سبقت احترافنا للتمثيل. فهو الأسلوب الذى كان يعبر عن «دماغنا وطريقة هزارنا». لكنه كان فى الماضي. وبعدما أصبح الموضوع احترافيا أكثر أصبح من الصعب تقديم هذا فى السينما أو التليفزيون. فمثلا لو قدمت «بارودى» لمشهد فى فيلم شاهده من بين مائة متفرج، ثمانين، هنا سوف نجد أن العشرين متفرج الآخرين مستاءون. ليس فقط لا يضحكون بل مستاءون من ضحك من حولهم. عامة، قدمنا «البارودى» فى فترات مبكرة ولم يكن من الضرورة الاستمرار فى نفس المدرسة. لأنها ليست دراما، هى مجرد «اسكتشات». لذلك تجاوزنا هذه المرحلة فى التفكير وتطورنا لنستطيع أن نقدم أشياء تعيش أكثر.
نلاحظ أنك لا تعتمد كذلك على الارتجال فى الكوميديا التى تقدمها وهو ما انتشر أيضا فى الأعمال الكوميدية مؤخرا. هل تعتبر أن الارتجال لا يصلح على الشاشة وأن مكانه الأفضل هو المسرح؟
- مبدئيا، أنا جديد على المسرح. ولكن الارتجال بالنسبة للممثل الكوميدى مطلوب وهو شيء جيد لكنى لا أحب أن تُفسد الدراما. فنحن نبدأ التصوير والنص منتهى تماما ولا يحتمل إضافة. ولا أفضل أبدا أن يتغير شيء فى التصوير. لأنه لو أخذت الممثل «الجلالة» وألقى إيفيه فمن الممكن أن يفسد الشخصية أو الدراما. لذلك نكون حريصين جدا والارتجال يكون فى أضيق الحدود. مثلا لو ظهرت «لازمة» معينة لم تكن مكتوبة وهذا حدث مؤخرا فى مسلسل (اللعبة) من خلال الفنان «محمد ثروت» لأنه كوميديان هائل. لكن لو كان الارتجال هنا مفسدا للدراما أو الشخصيات أو سيجعل الناس تخرج من الحالة التى يقدمها العمل وتدرك أننا «بنهزر» كنا سنرفضها فورا. أما فى المسرح، فالأمر مختلف لأن الناس تأتى خصيصا لتشاهد الممثل شخصيا بشكل حى ومجسم وبالتالى شيء ظريف أن يمزح الممثل فى شيء خارج النص ويعود مرة أخرى. لكن عامة كسر الإيهام شيء صعب.
بما أنك مؤلف لأى مدى تتدخل فى نصوص الأعمال التى تقدمها؟
- بالنسبة التى لا تسبب الضيق للمؤلفين الذين نتعاون معهم. والأمر سهل لأن معظم من يكتبون لنا إما أصدقاء لنا أو كُتاب تعاونا معهم من قبل. فالفكرة هنا أننا نكون فريق عمل، نعقد جلسة عمل كبيرة جدا يتواجد بها المؤلفون والمخرج والمنتج ونحن كممثلين، ونقدم من خلالها اقتراحات. وهذا ليس تدخل بقدر ما هو جلسة تفكير فى السيناريو والحوار والبناء وتلك الجلسات توفر وقتا وجهدا والذين يعملون معنا دائما محترفون جدا ولديهم قابلية للمناقشة معى أنا و «هشام» لأننا أساسا مؤلفون. وهذا يكون إضافة للعمل ومن يستوعب أن هذا لصالح العمل لا يستاء.
بعد هذا الانتشار للأعمال الكوميدية هل أصبح الإضحاك أصعب؟
- الصعوبة ليست فى انتشار الأعمال الكوميدية وإنما فى هذا الكم من «الكوميكس» والنكات المنتشرة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والتى كشفت عن خفة ظل عدد هائل من الجمهور العادى الذين أصبحوا يصنعون الضحك وهذا ما نحاول أن نتجاوزه ونبتعد عنه. لأن إضحكاك هؤلاء صعب. والإضحكاك أساسا من أصعب الأشياء، كتابة وتمثيلا وإخراجا.
دائما نجدك مهتمًا بالتفاصيل الشكلية للشخصيات التى تقدمها من ملابس وإكسسوارات وحتى تصفيف الشعر. كيف تتمكن من عمل مظهر مختلف لكل شخصية جديدة؟
- أنا أحب دائما فى الشخصيات التى أقدمها أن تكون قريبة من الشكل الكارتونى أو تكون شخصية صالحة للرسم. وهذا يفيد الممثل جدا ويستخدم هذه الأدوات فى التمثيل. فأنا أفضل ذلك عن ابتكار طريقة معينة فى الكلام أو الحركة. لذلك أحرص على أن تكون للشخصية التى أمثلها ملابس وقصة شعر مميزة، حتى أصل للمرحلة التى يتمكن فيها المشاهد من التعرف عليه فى الظلام أو إذا كانت ملابسه وإكسسواراته موجودة فى مكان ما يعرف أنه كان هنا. وهذه الأشياء تجعل الناس ترتبط أكثر بالشخصية.
فى العام الماضى شاهدنا «هشام ماجد» فى إحدى قصص مسلسل (بدل الحدوتة 3). هل من الممكن أن تقدم أنت أيضا عملا بدونه؟
- «هشام» فعلا سيقدم فيلما بدونى مع «دنيا سمير غانم» وأنا سأقدم فيلما بدونه. ونحن الاثنان سنقدم فيلما معا بعد انتهائنا من تصوير هذين الفيلمين.
هل أصبح الجمهور متقبلا لفكرة انفصال الثلاثى «فهمى وهشام وشيكو» أم أنكم مازلتم تواجهون السؤال حول أسباب الانفصال وإمكانية العودة؟
- نعم، مازلنا نواجه هذا السؤال رغم أن الانفصال حدث منذ عام 2014. لكن الناس مازالت مصممة تسألنا.
هل من الممكن أن نجد عملا يجمعكم من جديد؟
- ممكن طبعا لو هناك عمل جيد يجمعنا نحن الثلاثة.
ما هى الشروط؟
- بدون شروط، فقط أن يكون العمل ملائما لثلاثتنا.
فى رأيك لماذا أصبحت فكرة الدويتوهات أو الثلاثيات التمثيلة قليلة ولماذا دائما تنتهى بالانفصال؟
- لأن الفنانين فى الدويتوهات أو الثلاثيات لا يكون لديهم نفس الطموح أو الأهداف أو الرؤية. أحيانا ينجح فنان أكثر من الباقين وأحيانا فنان يشعر بعدم راحة نفسية.. أو أن يكون لكل فنان حلم مختلف عن الآخر.