فى رواية (مزرعة الحيوانات) للكاتب الإنجليزى الشهير «جورج أورويل»، التى نُشرت عام 1945م، والتى كانت تتحدث عن حيوانات تعيش فى مزرعة بَشرى مستبد عديم الرحمة يُدعى «السيد جونز»، وكانت تصرفاته سببًا فى ثورة الحيوانات ضده بقيادة الخنازير التى وضعت قواعد للمساواة بين الحيوانات وتولت هى إدارة المزرعة من بعده، ولكن سرعان ما تخدع الخنازير باقى الحيوانات وتمارس نفس أفعال الاستبداد البشرى، بل تهدد باقى الحيوانات إذا لم تلتزم بالقواعد التى وضعوها فإن «السيد جونز» المستبد عديم الرحمة سيعود إليهم من جديد.
هذه الرواية كانت ملهمة لفريق الروك الإنجليزى «Coldplay» فى تنفيذ أحدث أغانيهم المصورة على طريقة ال«فيديو كليب»، التى كانت بعنوان (Trouble In Town)، صحيح أن هناك اختلافات بين قصة «الكليب» ورواية (مزرعة الحيوانات)، ولكن تظل الرواية هى المصدر الرئيسى لرسم أبطال الأغنية، التى ظهرت فيها «الخنازير» فى هيئة السياسيين الذين يتحكمون فى مصائر الشعوب، وتقوم الحيوانات المفترسة «الشرطة» بحماية نظامهم الاستبدادى من ثورة الحيوانات المستضعفة.
الأغنية بعنوان (مشاكل فى المدينة)، وشعور القلق الذى رواه «كريس مارتن» مغنى الفريق على إيقاعات ال»Alternative/Indie»، سببه قانون الغابة وممارسة القتل العشوائى بقوة القانون، وهو ما أدى إلى شعور الكثيرين بعدم الطمأنينة وغياب العدل والسلام والافتقاد لمعنى الحرية، أيضًا الإيقاع الموسيقى مُعَبر بشكل كبير عن محتوى الكلمات، فأثناء الحديث عن تفاصيل قصة الأغنية يظل الإيقاع الموسيقى محافظا على هدوئه حتى يقول «كريس مارتن»: «استمرار مثل هذه التصرفات سيقودنا للغضب»؛ لينقلب إيقاع الأغنية إلى حالة من الضجيج والحماس لكى تكون الموسيقى مُعبرة عن رسالة الأغنية بأن الظلم سيؤدى فى النهاية إلى ثورة غاضبة!.
هذه ليست المرّة الأولى التى تكون فيها رواية (مزرعة الحيوانات) ملهمة لصناع الموسيقى، فالأمر نفسه تكرّر فى ألبوم فريق الروك الشهير «Pink Floyd» الصادر عام 1977م بعنوان (Animals)، وأيضًا فى أغنية (Optimistic) لفريق «Radiohead» من ألبومهم (Kid A)، وكذلك فى أغنية «Bob Dylan» الشهيرة (Balad of a Thin Man) التى كانت تشير إلى شخصية «السيد جونز» البشرى المستبد المسيطر على مزرعة الحيوانات، والكثير من الأغنيات الأخرى التى تحتاج لمقالات عديدة لسرد تفاصيلها.
أمّا عن فريق Coldplay، فهذه ليست المرّة الأولى التى يقوم فيها بالاستعانة بالحيوانات فى رسم تفاصيل أبطال أغنياتهم المصورة، فعلى سبيل المثال فى كليب (Paradise) الصادر فى 2011م كانت الأفيال أبطال الكليب، وحققت الأغنية انتشارًا كبيرًا على مستوى العالم؛ حيث تخطت نسبة مشاهدتها على «يوتيوب» أكثر من مليار و200 مليون مشاهدة، والأمر نفسه فى كليب (Adventure Of A Lifetime) الصادر فى عام 2015م وكانت القرود أبطال الكليب الذى حقق أكثر من مليار مشاهدة على مستوى العالم.
ولكن يظل قرار استخدام الحيوانات فى تنفيذ كليب أغنية «Trouble In Town» فى غاية الحكمة؛ خصوصًا إذا كانت الأغنية تتحدث عن أوضاع سياسية ربما تعانى البشرية بأكملها منها، وكانت هذه الطريقة مَخرجًا مناسبًا لعدم التضييق على انتشار الأغنية، ومن ثم تصل رسالتها إلى شرائح أوسع فى مختلف البِلدان، وهذا هو الغرض الأساسى من ألبوم (everyday life) الذى قمنا بتحليل أغانيه كاملة على صفحات هذه المجلة من قبل، والذى يحمل الكثير من الرسائل الإنسانية لمختلف الشعوب على مستوى العالم، وهو واحد من أهم الأعمال الفنية التى تُذكرنا بضرورة التمسك بقيمنا البشرية والتوحد خلفها بعيدًا عن أى اختلافات أخرى، والدليل على ذلك هو تخصيص كل العائدات المادية من أرباح الأغنية لصالح تغذية الأطفال الأفارقة.
