مع تساقط رموز الفساد، وتجديد الدولة المصرية لدمائها، وتصحيح الاتجاه، لايزال شباب ثورة 52 يناير يرون أن البطولة لم تكتمل والأهم أن يتغير المجتمع ككل، محددين خلال حواراتهم معنا رفضهم لمن يركبون الموجة من الإخوان والأبطال المزيفين مثل وائل غنيم وإسراء عبدالفتاح وفق بعضهم وليس نحن، وأضافوا أن الثورة أعادتنا للحياة بعد موت طويل رغم أننا كنا نتنفس الهواء، بعدما سرقة تزوير الانتخابات وتعذيب جهاز العادلي أحلامنا في مستقبل بلدنا. وهناك مشاعر خوف تتغلب علي أكثر من حاورناهم من شباب الثورة من ضياع ثورتهم بل سرقتها بسبق وإصرار وترصد من جهات بعينها، مؤكدين أنها ليست ثورة شباب ثورة شعب، رافضين تحويلها واختصارها في مجموعة أفراد، وقالوا إنهم يركزون الآن علي قيادة ثورات صغيرة.. كل في مجتمعه.. أفضل من التلميع التليفزيوني الذي يهتم به البعض. هبة غريب إحدي عضوات بوابة الجبهة التي كانت في مواجهة قادة موقعة الأحصنة والجمال تقول إن الثورة لم تكتمل وعلينا كمجموعات أن نكمل نجاحها لنحقق أهدافنا فالهدف لم يكن إسقاط نظام بقدر ما هو تغيير جذري وشامل في مصر، وأول ما يجب أن نغيره هو المجتمع والناس بسلوكياتهم، ومشاركتهم في بناء مصر وعندما تعرفنا علي بعضنا وشاركنا في الثورة كان اتفاقنا هو الوقوف أمام حاكم ظالم وأن من يستشهد ويسقط فهو شهيد الوطن وهذه اللغة ليست لغة إخوان مسلمين فأنا فتاة أري في نفسي التحرر والليبرالية. وتستكمل هبة بأن مجموعتها الشبابية تتكون من 40 فردا وكنا نعمل طوال هذه الفترة بهدف واحد دون أن يكون لدينا اتجاه سياسي لدرجة أن بعض الأفراد ينتمون لجماعة الإخوان ولم نكتشف ذلك إلا بعد انتهاء الثورة وهذا يدل علي أن أهداف الثورة كانت شعبية موحدة ولم يكن لها أي أيديولوجيات أما من لم يكن لديهم أهداف سياسية فكان اندفاعهم بسبب التزوير السافر للانتخابات فتسرب لهم شعور بأنهم كشباب «ميتين» في وطنهم مادام الحزب الوطني متواجدا بهذه السياسات التي سرقت أحلام شباب البلد أو رغبتهم في الحياة بكرامة دون تعذيب أو إساءات أو قمع جهاز الشرطة في عهد حبيب العادلي. وتري «هبة» أن هناك بعض الأفراد الذين ركبوا علي الثورة.. وتقول: مجموعتنا كانت مسئولة عن البوابات ونجد أن بطل الثورة هو وائل غنيم مع أنه لم يمكث في الميدان سوي بضع ساعات ووقت تنحي مبارك كان في المنزل وجاء بعد سماع الخبر إلي الميدان ليعلن أنه البطل.. وأيضا لا نعرف إسراء عبدالفتاح وأسماء محفوظ.. هؤلاء الأفراد يتحدثون باسم الثورة.. فأين الوجوه التي رأيناها من عمال ومثقفين.. هؤلاء الأشخاص ظهروا بعد جمعة الغضب بعد أن سقط معظم الشهداء وأصبحنا المنتصرين في المعركة. هناك أفراد تعبوا ورأوا الموت في تأمين البوابات والمستشفيات وهناك من يظهرون علي التليفزيون لا تجد في وجههم إصابة مثلاً، ولذلك هناك مجموعات شبابية تواجدت أكثر من 18 يوماً يشعرون بضياع الثورة وذهابها لأشخاص آخرين هذه الثورة ليست ثورة شباب فقط ولكنها ثورة شعب، كنت أحلم أن يشارك في التفاوض أو الائتلاف عمال أو فلاحون أو بسطاء.. هؤلاء أيضاً لهم أحلام ولكن من يتفاوض الآن أصحاب البدل والملابس الراقية ونخشي من أن تتحول الثورة لمجموعة أفراد. وتقول هبة إن معظم الشباب في مجموعات التحرير عادوا بعد الثورة للقري والمدن ليقوم كل فرد بثورة للتغيير في مجتمعه الصغير، هناك من أقام حزبا صغيرا مع أصدقائه يحدثون الأهالي عن أهمية صوتهم في الانتخابات وضرورة المشاركة مثلاً.. هذه أهداف أفضل من الظهور في التليفزيون. -- «إياد داوود» أحد شباب الثورة - وهو مذيع أحد البرامج الشبابية يؤكد في البداية أنه لا يوجد شخص أو تيار نجح حتي الآن في احتكار الثورة أو ركوبها، نحن نعي ذلك جيداً والمتحدثون باسم الثورة من الشباب سواء وائل غنيم أو زملاؤه مازالوا ملتزمين بالسياق. وعن استمرار مطالبات الشباب الثوار يقول إياد أن هناك مطالبات مشروعة ومطالبات أخري ليس وقتها الآن والطلبات المشروعة هي مستمرة بعد أن تحولت ثورة الشباب للرغبة في إسقاط النظام واستمرارها هي تذكير دائم لطلباتنا بإقامة نظام ديمقراطي في هذه الفترة الانتقالية ولكن يجب ألا نزيد سقف الطلبات وعلي كل شخص سواء شارك في الثورة أو لم يشارك العودة للتطوير في المجال المتخصص فيه مع مراقبة التعديلات الدستورية وإقامة حملات توعية سياسية في هذه الفترة تتعلق بأهمية صوت الناخب وضرورة المشاركة في التصويت بداية من الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في الأسبوع الأول من مارس. ويتحدث إياد عن رمزية ميدان التحرير فيقول إنه كخريج الجامعة الأمريكية كان ينظر إلي الميدان كحلم في إسقاط النظام والقضاء علي الفساد بعد أن كان تظاهرهم في الجامعة لحل مشكلة العراق وفلسطين ولكن وجدنا في النهاية أننا لن نساعد هذه الدول إلا بعد تحرير أنفسنا وتحرير بلدنا من أشخاص أخذوها ضيعة أو عزبة، وتحرير البلد ليس في إسقاط نظام أو أشخاص ولكن بالقضاء علي مشاكل مثل الجهل والفقر والعشوائيات وإيجاد الوعي السياسي وعمل دستور محترم يليق بالمصريين. -- أما كريم نجيب وهو طالب جامعي من أسرة متوسطة الحال، وهو معظم حال المشاركين في الثورة، فيقول أنه لم يكن معنيا بالسياسة قبل الثورة وكان يعرف أن الفساد موجود ولكن لم يلمسه في حياته الشخصية، ويقول: الآن أراقب كل ما يحدث وخاصة التعديلات الدستورية ونراقب ائتلاف الثورة في تحقيق الأهداف والمكتسبات بشكل عام في الأساسيات وأتفاءل بأسلوب تعامل الجيش خاصة أن صوتنا مازال مسموعا وطلباتنا تنفذ وهناك حرية تعبير لأبعد الحدود ولكن في ظل النضوج السياسي الذي تكون خلال 18 يوما عرفنا من خلالها الخط الصحيح. وعن تصوره للرئيس الجديد ومواصفاته يقول بلغة شاب: نريد رئيسا يتواصل مع مشاكل الشعب ويعمل علي حلها ويفهم رؤية الشباب وطموحاتهم ولا يكون رئيس جمهورية كبيرا في السن ولا يكون مغيبا ولا يعتمد علي تقارير الحاشية التي تحمل فحواها «تمام وزي الفل». أما عبدالرحمن المصري فهو عرف السياسة من مشاهدات والده المنضم لجماعة الإخوان المسلمين في الإسكندرية ولكنه يرفض تماما أن تصل الجماعة إلي الحكم لاعتراضه علي إقامة دولة دينية علي أرض مصر، عبدالرحمن شارك في ثورة 25 يناير لمدة يومين في مظاهرات الإسكندرية ثم انتقل إلي مظاهرات ميدان التحرير في جمعة الغضب 28 يناير. -- عبدالرحمن طالب في الصف الثالث الثانوي يري أن الفترة الانتقالية التي يحكم فيها الجيش وتمتد إلي 6 أشهر هي فترة صعبة وستشهد الكثير من المشاكل الاقتصادية ومن المؤكد أنه ستكون هناك أزمات سياسية وذلك بسبب عملية الإصلاح التي من الممكن أن تضعف موقف ودور مصر ولكن بعد ذلك سترجع مصر لمكانها الطبيعي وستدخلها الديمقراطية والمناخ السياسي الصحي كما نري في الدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية، وما جعلنا نتحمل 30 عاما من الفساد سيجعلنا نتحمل 6 أشهر لتحقيق مطالب وأهداف الثورة. ويثق عبدالرحمن في ائتلاف الثورة ولكنه يخشي عليه من اندساس من أسماهم شباب الحزب الوطني لإثارة الفتنة وتفتيت المطالب من أهداف عامة إلي أهداف شخصية، مؤكدا أن الفترة المقبلة تتطلب من شباب الثورة إزالة الخوف الموجود عند رجل الشارع من الحديث في السياسة، لابد أن نزيل هذا الحاجز حتي نعرف جيدا كيف تسير أمور البلد بعد ذلك، لنستطيع محاسبة المسئولين نهاية برئيس الجمهورية. ويقول عبدالرحمن إن التعديلات الدستورية يجب ألا تقف عند المواد الخمس التي يتم تعديلها حاليا لإجراء انتخابات بعد هذه المرحلة يجب إعادة النظر في بعض المواد وملاءمة المواد مع بعضها... فمثلا هناك تناقض بين المادة الأولي والثانية، نريد أن نطبق الشريعة وفي الوقت نفسه أن نعمل بمادة المواطنة ونتيح حرية العقيدة. ويقول عبدالرحمن إن هناك بعض الأفراد يحاولون ركوب الثورة والتسلق فوقها، وأرفض أيضا تعامل وائل غنيم بهذا النموذج أو الحديث باسمي وهناك كثيرون رافضون لهذه الفكرة، وائل جاء الميدان مرتين ولم أره إلا دقائق وفي النهاية لا نعرف ماذا يفعل وقتها ولا نعرف دوره الآن. -- «زياد شريف» طالب في حاسبات ومعلومات يقول إنه كشاب كان يشعر بأنه يعيش في بلد غير بلده، ولكنه الآن أصبح مسئولا في المراقبة والمحاسبة لافتاً إلي أن دور الشباب لا يتعلق بنجاح الثورة في إسقاط النظام، ولكن هناك الجهاد الأكبر وهو الثورة في القري والمناطق النائية بعمل حملات تعرف الناس «يعني إيه سياسة» و«إيه دور الحكومة» و«ما هو الدستور» و«إزاي أنتخب عشان مبيعش صوتي»، كل هذه أهداف يجب أن ندرسها وننفذها، ويقول إنه يتابع حاليًا أعمال لجنة الدستور التي يثق فيها بعيدًا عما يقال عن ميلها السياسي مثلاً لجماعة أو تيار، كل ما أريده من تعديل الدستور هو أن يتيح للشعب محاسبة ومحاكمة رئيس الجمهورية ولا يكون صاحب سلطة مطلقة حتي لا يجلس في برج عال، وأن يحدد عمره من 40 إلي 70 عامًا، وألا تزيد الفترة الواحدة عن 4 سنوات حتي تستطيع أن تأتي يغير إذا لم ينجح في فترته الأولي. ويطالب زياد بإلغاء الأحزاب في مصر لأن وضعها الحالي سييء جدًا أو عمل أحزاب جديدة، لأن مشاركتي في الثورة أوضحت لي فساد هذه الأحزاب، فمثلاً تعاملت مع أعضاء من حزب الوفد ووجدت أنهم حاقدون علي بعضهم البعض، وحزب التجمع يحتاج لإعادة الصياغة ورأيت أحزاباً أخري تشارك للمنظرة! وفي الوقت الذي يرفض فيه «زياد» وجود الأحزاب السياسية نجد عددا كبيرا من شباب الثورة يعملون الآن علي إطلاق أحزاب مثل ثورة 25 يناير وحزب الأمل. حزب الأمل الذي يتحدث عنه وكيل المؤسسين «سعيد زينهم» البالغ من العمر 42 عامًا وشارك لأوقات قليلة في الثورة، يقول إن فكرة الحزب منطلقة من 10 سنوات لافتًا إلي أنه يملك 3 آلاف توكيل.