لم تتوقف هوجة «الكارير شيفت»، عند فئة أو مهنة بعينها؛ بل امتدت لجميع فئات المجتمع، ومن بين هؤلاء خريجو كليات القمة الذين كانوا حتى وقت قصير - أمل العيلة- فى تبوؤ مكانة مرموقة فى المجتمع بعد أن اجتازوا سنوات الدراسة الصعبة فى الطب أو الهندسة وغيرهما، إلا أن بعضهم وجد نفسه بين ليلة وضحاها غير سعيد بالوظيفة التى طالما يحلم بها الكثيرون، ليقرر تغيير مساره الوظيفى، متخذًا القرار الصعب بترك مهنته حتى لا تضيع سنوات عمره فى مجال لا يجد فيه الشغف ويرى أنه لن يحقق فيه النجاح، ولا يشعر بالسعادة أثناء القيام به. دكتور وثائقي
صبرى خالد - صاحب ال 32 عامًا - بعد تخرجه فى كلية طب أسنان، عمل فى مجال الطب لمدة سنة واحدة، كانت كافية لاتخاذ قرار اعتزال الطب نهائيًا: «فى يوم قررت إنى مش هروح العيادة تانى»، فلم يشعر بالرضا الوظيفى يومًا أثناء عمله كطبيب أسنان، ما دفعه لتعلُّم ودراسة أكثر من مجال، مفضلًا بالنسبة له «التصوير». صبرى شرع فى تعلم التصوير، وبدأ رحلته للبحث عن كل ما هو جديد و«الوقوف أمام الموج» وإخبار أسرته باعتزال الطب للعمل كمصور: «أهلى وصحابى لحد النهاردة بيتعاملوا معايا على إنى مجنون». رفض أهل صبرى وأصدقاؤه قرار ترك المجال الطبي، ما وضعه أمام العديد من المشاكل والصراعات، ولم يكن أمامه بُد من الثبات على قراره والتميُّز فى مجال عمله الجديد؛ حيث بدأ تصوير الشارع ما دفعه للعمل كمصور صحفى لسنوات بالإضافة للتصوير الوثائقى الذى يعمل به إلى الآن، ورغم النجاح الذى وصل إليه؛ فإن أسرته مازالت تنتظر عودته للطب: «لحد النهاردة بيعتبرونى مجنون.. كلهم مستنيين اليوم إلى هرجع فيه لعقلى وأشتغل دكتور أسنان». واجه صبرى عدة عقبات فى البداية، بسبب عدم معرفته واختلاطه بالمجال الفنى أو الإعلامى، ما صعَّب عليه الدخول فى مجال التصوير، إلا أنه الآن يعمل فى تدريس التصوير للمبتدئين، ونجح فى الحصول على منحة لدراسة التصوير فى الدنمارك: «لم أشعر يومًا بالندم على ترك الطب، ولكن أمر بلحظات من الإحباط واليأس».
المشمهندس أنس أنس كمال - ذو ال 24 عامًا - تخرج فى كلية الهندسة قسم الكهرباء، ولم ينضم لسوق العمل الهندسى، وقرر منذ اليوم الأول هجر مجال دراسته فى الهندسة لإكمال طريقه فى التصوير، الذى بدأه كهواية فى 2016، وقتها لم يعتقد أنه سيترك الهندسة من أجل التقاط الصور، ولكن بعد فوزه بالمركز الثالث فى مسابقة للتصوير الصحفى فى روسيا قرر التخلى عن الهندسة وإكمال طريقه كمصور وثائقى، بعد عودته من مسابقة روسيا، سافر إلى غانا ليقوم ببعض المشاريع الخاصة فى مجال التوثيق، تأكد له حينها أنه لا بد من دراسة التصوير ونجح فى الحصول على منحة لدراسة التصوير. الصدمة، كانت فى انتظار الأسرة عندما أخبرهم أنس برغبته فى تغيير مجال دراسته للتصوير، إلا أن معرفتهم بحبه للتصوير وشغفه بالتقاط الصور، كانت السبيل لتقبُّل فكرة «Career Shift»، التى انقسمت حولها ردود فعل الأصدقاء، فمنهم من شجَّعه على سلك الدرب وتثبيت أقدامه فى المجال، وآخرون نظروا إليه بتعجب لتركه الهندسة. لم يشعر أنس بالندم على ابتعاده عن الهندسة؛ حيث تخصص فى التصوير الوثائقي، محاولًا رصد مشاكل وأشكال حياة الكثيرين من مختلف البلاد والجنسيات. واجه أنس عدة صعوبات منها، الدخل المادي، فالتصوير الوثائق لا يقدم أى دخل مادى فى البداية، ولكن بعد فوزه بالمسابقة تغلب على أولى العقبات التى تواجهه، لتصبح المسابقات والمشاركة بالمعارض مصدر دخله من التصوير الوثائقى، فضلا على أن التصوير والبحث عن أفكار جديدة ليس أمرًا سهلًا.ناهيك على أن العمل بالهندسة أبسط من مجال التصوير: «التصوير مش مريح ده متعب اكتر من الشغل العادي، بس عشان انا بحب اللى بعمله مش بهتم بالصعوبات».
مهندس حفلات زفاف عمار شادي - ذو ال 24 عامًا - تخرج فى كلية الهندسة قسم مدني، التى كان دخوله لها برغبة من أسرته لضمان النجاح المهنى وإيجاد عمل بعد تخرجه؛ حيث كان يرغب فى الالتحاق بكلية الإعلام، وبدأ تعلُّم التصوير كهواية وصور الشارع والبورتريه، وعمل فى وظائف صغيرة ليتمكن من شراء معدات التصوير أثناء دراسته، ما تسبب فى مشاكل مع والديه. قرر عمار منذ 4 سنوات أن يكون التصوير فى الأفراح وظيفته التى يكسب منها دخله، ويترك الهندسة وراء ظهره ويكمل طريقه فى التصوير، وتسبب ذلك فى مشاكل أسرية، لكنهم فى النهاية وافقوا على ما أقدم عليه، بعدما وجدوه يعتمد على نفسه. استغل عمار إمكانياته ومهاراته فى التصوير من أجل الحصول على أجر عالٍ فى حفلات الزفاف، وذلك من أجل كسب قوته وتطوير معداته، وبجانب عمله كمصور زفاف، يسعى لإيجاد فرصة لدراسة التصوير.
محاسب مصور منتجات الأمر نفسه، تكرر مع محمد مندور، ذى ال28 عامًا، فبعد تخرجه فى كلية تجارة الشعبة الإنجليزية، استمر بالعمل فى مجال المحاسبة 4 سنوات وحصل على وظيفة بأحد البنوك، ولكنه لم يستمر، وسرعان ما قدم استقالته ليبدأ فى العمل فى التصوير. بدأ مندور تعلُّم التصوير منذ 6 سنوات فى وقت فراغه، وبدأ بتصوير الحياة اليومية فى الشارع والمناظر الطبيعية واستمر فى الدراسة والتعليم وحصل على 3 دورات تدريبية فى التصوير، وفى 2016 بدأ العمل فى التصوير بجانب عمله كمحاسب، وفى 2017، قرر الاستقالة من مجال المحاسب والتفرغ للتصوير، فى البداية لم تعارضه والدته فى القرار، لكنه رفض الإفصاح عن قراره لوالده حتى لا يحبطه أو يعارضه، أما عن أصدقائه فأتهموه بالجنون. يعمل محمد الآن فى مجال تصوير المنتجات وتصوير حفلات الزفاف، ونجح فى تحقيق حلمه وتثبيت قدمه فى مجال التصوير، ليبدأ مشروعًا مع أحد أصدقائه من خلال «أرابسيك ستوديوز» لتصوير الحفلات والمنتجات.
Part Time هادى المسدى صاحب ال 26 عامًا تخرج فى كلية طب أسنان وبدأ التصوير منذ عامين، كهواية واستمر لفترة من دون أجر فى محاولة لتثبيت قدمه فى المجال، وكانت فترة أدائه الخدمة العسكرية نقطة التحوُّل، حيث قرر استمراره بالعمل كمصور بجانب عمله كطبيب أسنان. تفاجأ هادى من ردود أفعال والديه، فلم يعارضه أحد على العكس دعماه على الاستمرار فى التصوير لتنمية موهبته، وشجعه بعض الأصدقاء على ترك الطب للاهتمام بالتصوير ودراسته، ويحاول حاليًا الموازنة بين المجالين: «بعمل أكتر حاجتين بحبهم، وشايف انى قادر أوفق بينهم، الروتين بيخوفني، فلجأت للتصوير عشان أهرب من الوظائف الاعتيادية». بدأ هادى التصوير منذ صغره، واشترى أول كاميرا احترافية فى 2011، وبدأ بتعلم التصوير الاحترافى من خلال الدورات التدريبية والإنترنت، ويسعى لدراسة التصوير والإضاءة بشكل متعمق ونيل دراسة معتمدة فى التصوير، ونجح فى تحقيق حلمه والعمل فى مجال تصوير الأزياء وحفلات الزفاف والبورتريه، لتكون العقبة الوحيدة التى تواجهه الآن الجمع بين مهنتين مختلفتين: «أكتر حاجة صعبة فى اللى بعمله، إنى أستحمل إنى شغال فى عالمين مختلفين تماما». أما شادى عساف صاحب ال 25 عامًا تخرج فى كلية الطب، واتجه لمجال التصوير كهواية يمارسها أثناء دراسته فى الجامعة، فبدأ بالتصوير من خلال كاميرات الأفلام وتعلّم تحميض أفلامه بنفسه واستمر قرابة ال5 سنوات فى تحميض أفلامه فى منزله، ومنذ عام طُلب منه بأنه يعمل بتحميض الأفلام فى مركز الصورة المعاصر، وبدأ بالعمل مع المركز كدوام جزئى بجانب عمله كطبيب بشرى. يفضل شادى التصوير الوثائقى وتصوير الشارع والمناظر الطبيعية والبورتريهات، ويلاقى عدة عقبات أثناء استمراره فى عمل التحميض بجانب الطب، فيجد أن الوقت لا يسمح له بالتركيز فى التصوير أكثر بشكل متعمق، ما يؤثر عليه فى دراسة التصوير. 9_copy